تراجع زراعة الأفيون 95 بالمئة بعد حظر طالبان.. ما تأثيره اقتصاديا؟
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
أفاد تقرير جديد، صادر عن مجموعة الأزمات الدولية، الخميس، بأن الحملة التي تقودها حركة طالبان، ضد زراعة المخدرات قد نجحت في تقليص زراعة نبات الخشخاش بشكل كبير، لكنّها أدّت إلى تداعيات اقتصادية خطيرة على العديد من الأفغان.
وأوضحت المنظمة، التي تتّخذ من بروكسل مقراً لها، أن الحظر أثّر بشكل خاص على الفقراء والنساء في المناطق الريفية، الذين يعتمدون بشكل كبير على هذه النوعية من الزراعة، كمصدر رئيس للدخل.
ومنذ عودتها إلى السلطة، تبنّت طالبان، بشكل تدريجي، سياسات متنوعة، بما في ذلك برامج إعادة التأهيل، والقضاء على زراعة الخشخاش، وإغلاق الأسواق الخاصة بتجارة المخدرات.
وفي السياق نفسه، أشار التقرير إلى أن "التجار الأثرياء قد حقّقوا أرباحًا كبيرة من ارتفاع أسعار المخزونات، في حين يعاني العديد من المزارعين نتيجة انخفاض الدّخل بعد تحولهم إلى زراعة محاصيل أخرى".
وأوضح محلّل شؤون أفغانستان، في مجموعة الأزمات الدولية، أهمّية توفير فرص اقتصادية بديلة من أجل منع النزوح والهجرة. فيما دعا إلى نهج تعاوني بين أفغانستان والمجتمع الدولي، مقترحًا على طالبان تنفيذ الحظر بشكل تدريجي، فضلا عن تبنّي سياسات مرنة تجاه المزارعين الأكثر فقرًا.
وفي فعالية أقيمت في كابول، صرّح عبد الكبير، وهو نائب رئيس الوزراء في طالبان، بأن إنتاج المخدرات ارتفع خلال فترة الغزو الأمريكي لأفغانستان.
من جهته، أكد مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، في تقرير، صدر في تشرين الثاني/نوفمبر، أن "زراعة الأفيون تراجعت بنحو 95 في المئة، بعد تطبيق طالبان لحظرها".
إلى ذلك، يُعاني نحو 3.5 مليون شخص في أفغانستان من إدمان المخدرات، حسبما أفادت تقارير الأمم المتحدة. وتُنتج أفغانستان حوالي 80 في المئة من الأفيون في العالم، وفقًا لتقارير دولية.
في نيسان/ أبريل 2022، أصدر زعيم طالبان، هبة الله أخوند زاده، مرسوماً، يرمي إلى حظر زراعة الخشخاش، الذي يُستخدم في استخراج الأفيون، وهي المادة الرئيسية لإنتاج الهيروين.
وبحسب هذا المرسوم، سوف يتمّ تدمير حقول المخالفين وتطبيق عقوبات إضافية بموجب أحكام الشريعة الإسلامية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي طالبان الخشخاش الأفيون افغانستان ادمان طالبان الأفيون الخشخاش المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
أهم مظاهر الوعي السياسي والاستراتيجي لحركة طالبان
المتابع لنشأة ونمو الحركات الإسلامية في المنطقة منذ سبعينيات القرن الماضي يلمس بوضوح مدى تطور مدركاتها السياسية، ومن ثم قدرتها على التكيف مع التحديات والتغيرات المتلاحقة وصولا لتحولها لظاهرة سياسية أصيلة في المنطقة يصعب تجاهلها أو تجاوزها، وذلك برغم عمليات التجريف السياسي المستمر وإغلاق كل منافذ الاعتراض أو التعبير السياسي فضلا عن تداول السلطة، وهو ما تواطأت عليه قوى الاستبداد والاستعمار على السواء.
ولعل حركة طالبان نموذج بارز في ذلك، فحركة طالبان التي تأسست في تسعينيات القرن الماضي مرت بمراحل تطور سياسي كبيرة، بدءا من سيطرتها الأولى على أفغانستان (1996-2001) دون سابق ممارستها للسياسة والحكم، وصولا إلى عودتها إلى الحكم في آب/ أغسطس 2021 بعد انسحاب القوات الأمريكية، فقد أظهرت الحركة نضجا سياسيا ملحوظا مقارنة بفترتها الأولى، حيث تعلمت من الأخطاء السابقة وطورت استراتيجياتها للتعامل مع التحديات المحلية والإقليمية والدولية.
خلال فترة حكمها الأولى (1996-2001)، اتسمت طالبان بعزلة شبه تامة نتيجة تبنيها سياسات متشددة تجاه المجتمع الدولي، أما في مرحلة العودة إلى الحكم (2021)، فقد أظهرت وعيا متزايدا بأهمية بناء جسور مع الدول الإقليمية والدولية، حيث بدأت بمفاوضات مع الولايات المتحدة في اتفاق الدوحة 2020 الذي مهد الطريق لانسحاب القوات الأمريكية.
تعلمت الحركة كيفية التفاوض وإعطاء التنازلات التكتيكية دون المساس بجوهر أيديولوجيتها، وأبرز مثال على ذلك هو قبولها بالتفاوض مع الولايات المتحدة رغم العداء التاريخي، وكذلك محاولاتها طمأنة المجتمع الدولي بشأن ملفات مثل حقوق المرأة والتعليم، لتجنب العزلة التامة
تعلمت الحركة كيفية التفاوض وإعطاء التنازلات التكتيكية دون المساس بجوهر أيديولوجيتها، وأبرز مثال على ذلك هو قبولها بالتفاوض مع الولايات المتحدة رغم العداء التاريخي، وكذلك محاولاتها طمأنة المجتمع الدولي بشأن ملفات مثل حقوق المرأة والتعليم، لتجنب العزلة التامة.
كما أظهرت طالبان نضجا داخليا من خلال ضبط جناحيها السياسي والعسكري، في فترات الجهاد، ومنع أي انقسامات بينهما، حيث استطاعت الحفاظ على قيادة موحدة حتى بعد مقتل عدد من كبار قادتها، كما تمكنت من معالجة الخلافات الداخلية وتجنب الصدامات التي يمكن أن تهدد استقرارها.
وإذا كانت في تجربتها الأولى قد افتقرت طالبان إلى خبرة في إدارة الدولة، حيث ركزت على فرض القوانين الصارمة دون تطوير البنية التحتية أو الخدمات، فإنها في تجربتها الحالية، أظهرت قدرة أكبر على إدارة الملفات المعقدة، حيث شكلت حكومة انتقالية تسعى لفرض الأمن وإدارة الموارد الطبيعية والاستفادة منها اقتصاديا رغم العقوبات الدولية.
كما أظهرت طالبان نضجا سياسيا من خلال بناء علاقات قوية مع قوى إقليمية مثل الصين وروسيا وإيران وباكستان، كما سعت إلى استغلال هذه العلاقات لتعزيز الاقتصاد المحلي والحصول على دعم سياسي يمنع محاصرتها دوليا، وركزت أيضا على تطوير العلاقات الاقتصادية، خاصة مع الصين التي ترى في أفغانستان بوابة مهمة لمشروع الحزام والطريق.
رغم تمسكها بالأيديولوجيا الإسلامية، أظهرت طالبان مرونة في بعض الملفات، مثل السماح لبعض الأنشطة الاقتصادية والقبول بالتفاوض مع أطراف دولية، وهذه البراغماتية ساعدتها في التكيف مع الضغوط الدولية والداخلية، حيث تعمل على إظهار صورة أكثر "اعتدالا" مقارنة بالماضي.
أدركت الحركة أهمية التوازن الداخلي في بلد متعدد الأعراق والطوائف مثل أفغانستان، وحاولت احتواء قوى محلية مثل الطاجيك والأوزبك عبر إشراك شخصيات من هذه الجماعات في الحكومة، مع الاعتماد على القمع العسكري لاحتواء أي تمرد من تنظيمات مثل "الدولة الإسلامية- ولاية خراسان".
وإذا كانت في تجربتها الأولى، اعتمدت طالبان بشكل شبه كامل على القوة العسكرية، فإنها في تجربتها الحالية، أظهرت نضجا باستخدام أدوات أخرى مثل الخطاب السياسي والإعلامي، والتأكيد على أنها تسعى لتحقيق الأمن والاستقرار بعد سنوات من الحرب.
قبل 2001، كانت طالبان تعتمد على فرض السيطرة بالقوة دون التفكير في التفاوض مع الخصوم، وبعد عودتها للحكم طورت استراتيجية للتفاوض مع القوى الداخلية والخارجية، حيث شاركت في عدة جولات حوار مع الفصائل الأفغانية المعارضة في محاولة لإيجاد حلول سياسية بدلا من الانزلاق إلى حروب أهلية.
أظهرت طالبان نضجا في استغلال الموارد الطبيعية الهائلة لأفغانستان مثل المعادن النادرة والليثيوم، وبدأت بالتفاوض مع دول مثل الصين لاجتذاب الاستثمارات في التعدين والطاقة، مما يعكس إدراكها لأهمية الاقتصاد في تثبيت حكمها.
طورت طالبان أدواتها الإعلامية لترويج صورة أكثر اعتدالا مقارنة بفترة التسعينيات، فأنشأت قنوات إعلامية رسمية وغير رسمية للتواصل مع الداخل والخارج، ولتحسين صورتها أمام المجتمع الدولي.
النضج السياسي لا ينمو في الفراغ أو داخل سراديب الاستبداد أو تحت وطأة الاستعمار، بل رغما عنهما وفي أطار مراغمتهما
أدركت طالبان أهمية التفاهم مع بعض الزعامات القبلية والفصائل السياسية المؤثرة، وعقدت اتفاقيات محلية مع زعماء القبائل لضمان ولائهم أو على الأقل تحييدهم، مما ساعدها في تعزيز سيطرتها على المناطق الريفية، كما ركزت طالبان على كسب تأييد الشرائح الفقيرة من الشعب من خلال تقديم الخدمات الاجتماعية والتعليم، مما وسع من دوائر شعبيتها خصوصا في المناطق الريفية.
نجحت طالبان في تخفيض العديد من الضغوط المتعلقة بحقوق المرأة والتعليم، كما كان التجاوب مع القضايا الإنسانية من خلال التعاون مع المنظمات الدولية في توزيع المساعدات، أمر لافت مقارنة بفترة حكمها الأولى، كما استفادت طالبان من أخطائها السابقة، التي تسببت في العزلة الدولية الكاملة، وتعلمت أهمية المرونة السياسية وضرورة التكيف مع الواقع المتجدد.
وختاما.. فإن انتقال حركة طالبان لهذه المساحات من السياسة، تؤكد أن النضج السياسي لا ينمو في الفراغ أو داخل سراديب الاستبداد أو تحت وطأة الاستعمار، بل رغما عنهما وفي أطار مراغمتهما.