مراكش- "اهربوا بسرعة، اخرجوا إلى أعالي الجبل، انجوا بحياتكم"، كان ذلك هو آخر تحذير وصل إلى أهالي دوار أوكرضا إسموغن بجماعة تمنارت بإقليم طاطا (نحو 550 كيلومترا جنوبي مراكش)، قبل أن تقع الكارثة المدمرة.

تلك الوديان الصغيرة التي تعيش جفافا منذ سنوات طويلة، سرعان ما شربت من مياه الأمطار الطوفانية التي ضربت المنطقة خلال ساعات قليلة يوم السبت، وامتلأت عن آخرها بشكل غير مسبوق، فجاست خلال الديار.

تفجرت الشلالات الجارفة من بين فجاج الجبال، وحملت السيول كل ما وجدته في طريقها من أحجار ضخمة وأشجار، وتجمعت في مجرى الوادي الكبير، وتقدمت لا يحبسها حابس، بحيث تجاوزت الحد الذي شهده الشيوخ الكبار في أعوام مضت، وكانوا يروون تفاصيله المرعبة للأجيال اللاحقة.

لكن لا أحد من أولئك الشيوخ، أو غيرهم، كان يظن أن هذا السيل القادم سيكون الأقسى والأكثر تدميرا في تاريخ المنطقة، بحيث لم يشهد له مثيلا.

لذلك عندما وصل تحذير ساكنة دوار أكجكال -الذين يمر السيل الجارف أمام أعينهم- لمعارفهم في الدوار القريب أوكرضا إسموغن، ظن الأهالي في الدوار المنكوب أنه مجرد سيل قد يكون قويا، لكنه ليس بتلك الخطورة، فلجؤوا إلى بيوتهم الإسمنتية في انتظار أن يمر، وربما يصعدون إلى أسطح منازلهم، ويلتقطون له صورا يرسلونها لأحبابهم.

لكن مستوى المياه الغاضبة العنيفة كان مرتفعا جدا، ولم تبق ضمن ما عهده الأهالي، بل وصل إلى علو نحو 40 مترا كما أكد لنا في اتصالات هاتفية أكثر من مصدر من عين المكان، وصاحب ذلك هبوب رياح قوية كانت قد حذرت منها هيئة الأرصاد الجوية المغربية، مما زاد الوضع سوءا.

خلال ثوان قليلة، أصبح دوار أوكرضا إسموغن معزولا، من دون كهرباء ومن دون اتصالات، فانفردت المياه الجارفة بالبيوت الإسمنتية وأصحابها فانقضت عليهم، وجرفتهم معها بحيث أصبحوا مجرد أثر بعد عين.

فرق الوقاية المدنية والجيش بذلت جهودا كبيرة للبحث عن الضحايا (مواقع التواصل) تعايش مرعب

في العديد من المناطق الجبلية المغربية، وخاصة تلك التي توجد جنوبي مدينة مراكش، مثل الحوز وتارودانت وطاطا، اعتاد الأهالي على بناء منازلهم على جنبات الوادي، حيث يتركون المنطقة السفلى للوادي الذي قد يعود إلى طريقه في أي يوم مطير.

فيما يصعدون هم إلى الأعلى لبناء مساكنهم معتقدين أنها معادلة تعايش عادلة تضمن للوادي خلو طريقه من البشر، فيما يضمن لهم هو مروره بسلام في طريقه المنخفض، دون أن يجرف معه فلذات أكبادهم أو ممتلكاتهم في الأعلى.

لكن "الوادي لا ينسى طريقه ولو بعد قرن"، كما يردد الشيوخ الكبار، ولا يرضى عن طريقه بديلا، ولا يقبل بأي معادلة يفرضها البشر لوحدهم، دون استشارته، ودون فهم قوانينه رغم أنها واضحة كل الوضوح.

يحكي رئيس جمعية فاعل خير بإقليم طاطا محمد علي واحمان لنا أن سكان أوكرضا إسموغن سارعوا -كالعادة- للاحتماء بمنازلهم بالأعلى بعدما وصلتهم تحذيرات الدواوير المجاورة، لكن المياه الجارفة كانت بمستوى غير مسبوق فجرفت كل شيء أمامها.

وتابع أن وجود هذا الدوار المنكوب وسط أخدود عميق بين جبلين جعل من إمكانية تقديم المساعدة العاجلة مسألة شبه مستحيلة، خاصة مع تواصل هطول الأمطار العنيفة، وهبوب الرياح القوية.

ذلك ما أكده لنا عمر بوهوش رئيس جماعة تمنارت التي يتبعها إداريا الدوار المنكوب، حيث أوضح أنه مع نزول الظلام، استحال الوصول إلى دوار أوكرضا إسموغن، حيث انقطعت الطرق، ومنعت العاصفة والأمطار القوية الجارفة طواقم الإنقاذ من القيام بأي خطوة لإنقاذ المنكوبين.

السيل الجارف خلف دمارا هائلا بدواوير تمنارت وخاصة أوكرضا إسموغن (مواقع التواصل)

ووصف ناجون من الكارثة ما جرى بأنه فوق التصور، حيث اختطفت مياه الوادي العنيفة عددا من أحبابهم عندما كانوا يسرعون للبيت للاحتماء بجدرانه.

هذه فقدت أختها، وتلك فقدت أباها وأمها، وفي هذا المكان مسح السيل العنيف أسرتين بمنازلهما. "وأن نفقد هذا العدد من الأحباب والجيران في دوارنا الصغير فهي مأساة فوق التصور"، يحكي شهود عيان.

ويقول حسن أقمصي، رئيس جمعية محلية بدوار أوكرضا لنا إن السيل اجتث أكثر من 12 منزلا من مكانه، إلى جانب مدرسة الدوار.

ولحدود الآن، بلغت حصيلة الضحايا في دواري أوكرضا وإغمير 18 قتيلا، بينهم 3 أجانب، فيما يستمر البحث عن بضعة مفقودين. قد يبدو الرقم صغيرا في أعين كثيرين، لكن عندما تعلم أن عدد الأسر في أوكرضا إسموغن لا يتجاوز الـ60 أسرة، عندئذ تتضح فداحة الكارثة التي مسحت الدوار من الخريطة.

رئيس بلدية تمنارت عمر بوهوش أكد أن كارثة دوار أوكرضا إسموغن غير مسبوقة (مواقع التواصل) هل ينسى الوادي طريقه؟

يشرح رئيس جماعة تمنارت بوهوش أن السكان في هذه الدواوير ومثيلاتها في مختلف مناطق المغرب دأبوا على بناء منازلهم في الأرض التي سكنها أجدادهم، ولديهم ارتباط قوي بها ولا يفكرون البتة في مغادرتها رغم كوارث مثل الطوفان الأخير.

وتابع أن بعض السكان طلبوا -بعد الكارثة- من والي الإقليم ومسؤولي المنطقة إيجاد حلول قد تقيهم شر كوارث مماثلة، مما يعني بشكل واضح أنهم لا يفكرون بتاتا في مغادرة المكان. علما أن السلطات المختصة -إدارية ومنتخبة- اجتهدت في إيصال مختلف الخدمات لهذه المناطق النائية من طرق وكهرباء ومياه صالحة للشرب برغم وعورة التضاريس، يوضح عمر بوهوش.

وبحسب هذا المسؤول الذي لا يكاد يستريح منذ اليوم الحزين فإن "الوادي لا ينسى طريقه أبدا"، ويجب التعامل مع هذه الحقيقة بشكل يقي وقوع ضحايا مستقبلا.

السكن إلى جانب ضفاف الوديان الجافة خطر محدق (مواقع التواصل) أخطار قادمة؟

ولا تقتصر هذه المشكلة على جماعة تمنارت، بل عاينا في مناطق الحوز وجود المشكلة نفسها، إذ يبني الأهالي بيوتا بين فجاج الجبال، ويزرعون بعضا من الزراعات المعيشية في المنطقة المحاذية للوادي.

بل إن بعض المتاجر والمقاهي البسيطة القريبة من الوديان تضع كراسي وطاولات بمجرى الوادي لاستقطاب الزبناء وخاصة السياح منهم، وعندما تُحدّث هؤلاء وأولئك عن مخاطر أن يأتي السيل الخطر -الذي يعرف محليا بـ"الحملة"- ويجرف كل ما في طريقه، يردّون عليك بجواب واحد برغم اختلاف الزمان والمكان: "السيل لم يأت قويا منذ عقود، ومتاجرنا ومنازلنا بعيدة عن مجراه في الأسفل، ونحن نتخذ كل الاحتياطات ولم تحدث أي مشاكل منذ عقود"!.

بالنسبة لعمر بوهوش، رئيس الجماعة التي تضم دوار أوكرضا إسموغن، لا احتياطات مع الوادي ولو كان جافا، وشرح لنا أن اتخاذ حلول جذرية هو أكبر من الجماعات المنتخبة، ويستلزم تدخلا من الدولة بمقدراتها الكبيرة.

يحكي لنا أحمد أوبلا، من أبناء منطقة أوكرضا إسموغن أن شيخا ثمانينيا يعيش بالدوار أخبرهم أنه لم يسمع ولم ير طيلة حياته بهذا المكان -الذي لا يكاد يغادره- مشهدا عظيما مثل هذا المشهد. أما الآن فقد رآه، وشاهد بأم عينه كيف جُرف أبناء بلدته مع الأشجار والأحجار والسيارات القليلة بالدوار.

وهو مشهد لم تُظهر بعض ملامحه سوى نحو 3 مقاطع فيديو قصيرة، يؤكد لنا أوبلا أنه من المحتمل أن بعض ضحايا الوادي هم من صوروها قبل وفاتهم، لتبقى أهوال الكارثة عالقة في أذهان من رأوها لوحدهم، وإلى الأبد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مواقع التواصل

إقرأ أيضاً:

قصة الوادي الكبير (32)

الكاتب حمد الناصري

 
قاطع رجل قصير القامة من الوادي الصغير رسالة " فلوع " والتي عرّفها بالحكاية السوداء، ناصحاً بقية الذين انصتوا واستمعوا إلى رسالة زعيم المُتحد الغائب وأردف:
 
ـ لا خير في قائد وزعيم يتخلّى عن الثقة التي مُنحت له.. وسردية الحكايات السوداء غير مقبولة بتاتاً، فالقائد الفذّ لا يَفرّ ولا يَهرب ولا يترك الرجال في أوجّ الحاجة إليه وإلى قيادته ورُشده، وأيّما قائد أو زعيم أو شجاع يختفي فجأة ولا يَظهر إلا بعد شهور أو سنين، فإنّي أراهُ قائدًا خائنًا، وما أكثر الخائنين في بلاد الأعراب بعد دخول القوّتين الغربية والشرقية، والقوة الحادية عشرة الأجدُّ على الخيانة والتفاهة، والخيانة نقص وانحراف وكل من خان قومه ووطنه وجب قتله تعزيراً.
 
قال قصير القامة من رجال الوادي مقاطعاً زعيم وفد بن زهران والذي قرأ رسالة طلب "فلوع" بالعودة إلى سيح المالح والتفت إلى السيد محسن الشيخ قائد تحالف الوادي:
 
ـ لماذا؟
 
ـ لأنّه خانَ أمانة ربّه والناس ومن عاهدهم عليها، فخالف بذلك موثقاً ونقض عهداً هو مُلزم به. والخائن لا عهد له، وكل شرائع السماء وقوانين الكون تنبذ مثل تلك الأفعال القبيحة، وكفى بالخائنين حقارةً ولعنةً وغضباً من السماء والناس.
 
ـ وإن لم يُكشف سرّه أو بدا شكّاً في أمره، فما الذي يُمكن أن تكون عقوبته؟
 
ـ لا عقوبة بدون فِعل مُجَرّم ولا فِعل مُجَرّم بلا عقوبة فشرائع السماء نصّت عليها بالعقوبة الآثمة وشرائع البشر حدّدت القتل عقوبة نافذة.. وتبقى مسألة الشكّ واليقين، فلا عقوبة بدون فِعل مُجَرّم، والشكّ لا عقوبة له، ومن كُشِف سرّه لا يُساوم في أمره.

التفت الرجل القصير إلى حامل رسالة " فلوع " وقال:
 
ـ إذن.. نحن نعِي ثعلبة اللُعبة الشرقية والغربية معاً، وأنّ مكرهم على رمالنا وعلى بحرنا لشديد، فقد مكروا بنا مكراً وكان مكرهم أشدّ من البحر هولاً. إنّهُ مكرٌ لتزول منه الجبال الصمّاء القاسية، وأنتم اتبعتم "فلوع" الخائن، هرب من قومه وهم في أمسّ الحاجة إليه، وفرّ ولم يخلف عنه أحداً وهذا جُرم ثالث.. ثمّ كذبتم من قبل هُروب صاحبكم وقلتم أنّكم تحملون مسؤولية الوادي والرمال والبحر الكبير والساكنين على رمال الأعراب وعاندتم شُعوباً بقبضة حديدية، لها عِزّة وكرامة وأذلّيتموها بتقاربكم للغرب تارة وللشرق تارة أخرى.
 
رجل يُشبه قصير القامة من الوادي الصغير، صرخ بأعلى صوته:
 
ـ الموت لمن قتل الشعوب وفرّ هارباً.. الموت لمن خان واختفى ، الموت لابن الأعور، ولا غرابة في خيانته لرجالنا فأبوه قد خان من قبل رجال الوادي الصغير وتخلّى عنهم ، ونادى بالانفصال وسعى لتكوين بلدة مالحة لا صِفة لها ولا لون وكانت تُعرف بإسمها بـ الحارات المالحة في وقت ما، ومن ثمّ ضُمّت إلى حارات الساحل الطويل وعُرفت وقتئذ بـ سيح المالح، وهذه البلدة المالحة أو سيح المالح أنشأها الغربيون على أو وفق تقسيمات مشروعهم الخبيث " البحر والرمال"، والمشروع الغربي هو ردّة فعل ساخنة لذوي العيون الزرقاء ومشروع حرب باردة على أرض الأعراب ، وحارات الساحل الطويل أو الحارات العشر المُهادنة ، عُرفت بـ سيح المالح بعد اتحادها بأمر من الغربيين حُلفاؤهم في رمال الأعراب وفي بحرهم ، وسُمّيت بـ سيح المالح نظراً لوجود مساحة خلفها مالحة غير مسكونة وأهل الوادي والساحل الطويل يُسَمّون المساحات الخالية من الناس بـ السيح.
والبلدات العشر ـ حارات السيح المالح ـ تخلّقت من بعضها، وأبقاها الغرب على اسمها، لم يُغيّروا فيها شيء ولم يُطوّروا مُلوحتها وارتفاع رطوبة ساحلها المُقطّع إلى عشر حارات، وملوحتها ورطوبة أجوائها العالية ترتفع في القيض إلى حدّ التقزّز. فالتطوّر الذي لحقَ أعراب الساحل الطويل من الغُرباء ذوي الوجوه الحُمر المُكتنزة هو ضعفهم وانقسامهم، واستهلكوا ثمارهم ونقلوها إلى غربهم ثم أحرقوا الزرع والثمار والنخل والشجر وغدت كوجهٍ قبيح لا زروع ولا ثمار ولا نخل غير سطح يطفوا عليه آثار الملوحة العالية، ثمّ ما الذي حدث؟ أتعلمون ماذا؟ نهبوا خيراتهم ومات أكثرهم جوعاً ولم يجد الرجل منهم دابّة يركب عليها.
حتّى انتفض الناس وفضّلوا الموت على الهوان والذلّ، فنهض رجل مُهاب تعود جذوره إلى الوادي الصغير، فطارد الغربيون في البحر حتّى تواروا عن البحر الكبير، وقاتل الشرقيون في الرمال وأطراف الكثبان وأتبعوهم إلى شرقهم عبر بحر العميق وبحر الظلمات وفي ذلك الشرق البعيد أشرقت شمس الأعراب وقد وصفهُ قومنا الأعراب بالشرق الأخضر، واتخذوه مُلكاً وتسلطنوا في أمكنته لقرون خلتْ ولم يَبرحوا مكانهم إلى يومنا هذا. وأكثر الأمكنة التي اتخذها أعراب الوادي الصغير لتكون مملكة عامرة بالألفة الآمنة والسلام والإطمئنان تقع على واجهة البحر وقد عُرف عند أهل الشرق بالساحل الذهبي.
ولا ريب فإنّ حارات سيح المالح تقع على ساحل طويل تعود أصوله الحقيقية وجُذوره الأساسية إلى الوادي الصغير أيضاً، وقديماً قِيْل: لا ساحل غير الساحل الطويل ولا وادٍ غير الوادي الصغير.
وقد أثبت هذا القول الغربيون والشرقيون في كتبهم وفي رسومات مُدوّناتهم ومعالم اتجاهاتهم الفكرية وجغرافية الأرض والبحر. رغم اختلاف المصالح بين الشرق والغرب ورغم تضارب المنافع في ذلك الشرق البعيد إلا أنّ ديموغرافية رمال الأعراب وامتدادها إلى بحر الشرق كانت الأقرب إلى نفوس أقوام ذلك الشرق، وتجذّرت علاقة أعراب الوادي وأقوام رمال الأعراب والكثبان والساحل الطويل وأضحت علاقة حتمية، واعْتُبر شرق أقصى أو شرقًا ذهبيّا كما هو حال الرمال الذهبية.
 
قال رجل ذو لحية طويلة وقد وضع قبضة في راحة يده اليُسرى وأخذ يُمسّدها بهدوء وتارة يُصفّفها ويُفرّقها بأصابعه، وتلك الحركة اعتاد عليها أقوام الوادي الصغير إذا ما همّوا بأمر كبير وشغل بالهم:
 
ـ صدق" مرهون " في كلامه، وأضيف قليلاً، وحين تلاقت الجغرافيا السوداء بظروف الجغرافية السمراء وتمازجت البشرة اجتماعياً وارتقت بشرة الأعراب بلونيها الخُمرية والحِنطية المتدرّجة إلى داكنة ذات اصفرار غير مُبهر، وألفتْ البشرة السوداء اخضرار بعضها، فتحوّلت إلى بُنية داكنة مائلة إلى السواد بملامح الجغرافيا السوداء التي أوقفت تدرّجات الألوان ومُنحنيات الملامح لتستقرّ البشرة السوداء الغالبة أو تنحني إلى الشديدة الداكنة، وأطلق عليها الأعراب بالبشرة الخضراء.
 
قال "مرهون" معقباً وهو يهزّ رأسه إيجاباً:
 
ـ صدق "فلاح" في قوله وهو من أعراب الساحل الطويل.. ونحن في رمال أعراب رمال الوادي نزيد عليها ، أنهّ الظروف في الرمال قد تأطّرت وتقاربت المصالح واستوت ونضجت وأنبتت وازدهرت ازدهاراً اقتصادياً واجتماعياً ولكن، ويا للأسف على ما فرّطنا في ازدهارنا، وكان التفريط في ذلك الشرق الذهبي تقصير وعجز وصل حدّ الإفراط ، ومن فرّط تضرّر  ، ويا حسرتنا على ما أثقل علينا ولم نقدر على الأوغاد الذين أساؤوا إلى كرامتنا ، فحملنا أوزارنا على أكتافنا ومَشينا خائبين ، ذلك التحسّر نستحقّه لأنّنا ضيّعنا ما أقمناه من عجائب خالدة على وجودنا ، شاهدة بثقافتها العالية، إذ كان لها الأثر الجميل على ذلك الشرق ، وتركنا وراءنا ما خوّلناه للغُرباء ليعيثوا به فساداً، وتركنا صلة باقية والدموع تملأ العيون الخالية من الألم.. تركنا وصيّة اقتسام الإرث العظيم، تركنا البحر الشرقي عامراً بالعجائب وزاخراً بالوجه الجميل، وصار الناس في الشرق البعيد سِرّاً يحكي سيرتنا وتفاصيل آدميّتنا المحمودة، شِعاراً يُقاوم مشهد الغُروب وهو يتغلغل في أعماق البحر فيكسوه حُلّة سوداء، وتكون الجُزر على ذلك المشهد، روعة لا تُقاوم.. ولكن الغُرباء لم يعمروها وعاثوا في الشرق الذهبي فساداً وغباء، وتنافسوا على تدميره، وكان كميراث بينهم، نهبوا ثرواته وحملوا كنوزه إلى أسواقهم وتوغّلوا في أرجائه الطبيعية وكانت تلك النقطة نظرة تحوّل حاقدة ونفوذ لم يُشركوا معهم فيه أحد من الأعراب، غنيمة شرقية سوداء كالحة استعرّت بالغباء والجوع وازدادوا جوعاً وفقراً وهم أغنياء بقوتهم وصلابتهم وبُنيتهم وزروعهم وثمارهم وكنوز بحرهم وساحلهم الذي هو أشبه بساحل الوادي الطويل.
واسْتعرت التنافسات على أشدّها، وتحالفت قوّة الغرباء الحاقدة فدمّرت الأقوام السوداء على أسس استعمارية مُقيتة وطبقية مُقزّزة وسادت اللعبة الصامتة في أرجاء معمورة الشرق السوداء، وأذنتْ بالتخلّف والرجعية، ودارت رحى حرب باردة صامتة بين قوتين شرقية وغربية، وتصاعدت تحالفاتها في الصمت وفي العلن تارة أخرى ولعبَ مُخبريها بماكيناتها، وحرّكت السكون، وكشفت عن ضرر بالغ، وأحدثت شقّاً كبيراً، ورسمت نفوذاً جديداً آذنة ببدء لُعبة الاستبداد بقمع أهوج وعنصرية بَلْهاء، وميراث أعوج باسْم "شرق جديد ".
 
تململ "فلاح" في جلسته، ثم عقّب مُقاطعاُ حديث ابن الوادي الصغير:
 
ـ صدقت القول، وكان أول الغيث قطرة، وكانت قطرتها الأولى تفتيت قوة الأعراب وتشتيت تقاربهم وتفريق وحدتهم، وحلول صراع كبير بين الشرق والغرب في منطقة البحر الكبير والبحر العميق وبحر المرجان، وفي رمال الأعراب وضعفت قوة الأعراب بحراً ورمالاً وساحلاً وجبلاً، وامتدت القطرة شديدة الألم، انفجار جُموع من أعراب الرمال وسيح المالح ورمال بحر المرجان على قياداتها وزعمائها واندلعت موجة غاضبة، عارمة في بحار الأعراب، ونادت الأصوات بالتغيير..  وأخرجت تغييراً على الساحل الطويل، فظهرت تسميات وتعديلات في تركيبة حارات الساحل الطويل وبحر الممرّ العميق وقرية الجبل والقرية الأعلى، ولم تنجُ أعراب بحر المرجان والرمال الذهبية من ذلك المدّ المُشين بالفوضى الخلاّقة، ومسّتها ضعضعة غربية طاغية وشرقية حاقدة ومحلية طامعة كـ ـ فلوع وأخوه فالع ـ وشخصيات أخرى أوجدتها مطامع شرقية وهيمنة غربية.
 وهرعَ رجال كُنّا نعدّهم أقوياء ببسطتهم وخيراتهم، وفزعوا إلى رجال الوادي الصغير واستجاروا بهم، وطالبوا في الحال بحكمة تُنجيهم ورأي سديد يُنقذهم، وإعادة توازن الأعراب لتبقى الرمال وبحر الأعراب عصِيّتين على كل مُعتد أثيم.. وكان الردّ السليم، ترحيب مكين وسلام أمين، وشرعوا معاً بجعل الساحل الطويل مشروع وِحْدة وألْفة مع رمال الوادي وتأتلف رمال الأعراب الذهبية والكثبان وساحل المرجان ويُدْعَون إلى تحالف واحد وكلمتهم الأعلى الوادي سماء لبحر المرجان والرمال والكثبان حياة للأعراب وقرية التراث والقرية العتيقة ثبات وقرار مكين.. ومن يفرّ أو يهرب لا مردّ له غير التراب.
 
التفت "فلاح" إلى الرجل قصير القامة من قوم أعراب الوادي الصغير ويُعرف باسم شاع بين الناس" مرهون " فأردف الرجل القصير مرهون:
 
ـ نحن في الوادي الصغير سنقف بشموخ، مُتحدين ضدّ الغربيين ومُناهضين لمشروعهم "البحر والرمال" وسنقاوم هيمنتهم على بحرنا الكبير، وسنعلن بأنّنا ضِدّ غوغائية الشرقيين وتمسّكهم بأطراف الرمال والكثبان، ونحن في رمالنا وبحرنا نعلم ما لا يعلمون ونُدرك ما يفعلون، وإنْ فرّقوا رجالنا فلن ينجحوا، لقد تفرّقنا وتمزّقنا وتشتّت حالنا وعُدنا إلى أمة خير من الأمة السابقة؛ أمة واحدة، أمة جمعت بين الكفاءة والاعتدال، وكانت خير أمة أُخرجت للناس.. وقديماً قال حكيم بحر المرجان، ما أضيق العيش لولا فُسحة الأمل.
نعم بالأمل سنجمع تشتّتنا وسنقول كلمتنا وسنخلق نواة لمُستقبلنا ونتحدّى الصّعاب وظروف العيش الضيّقة.. ويُقال: إنّ الفقر ليس عيباً والخداع ليس شجاعة، والبطش ليس قوة، ومن يخسر الكِبْرياء خسر الرجولة.
يسعدني أن أحكي حكاية المرأة الشامخة، امرأة من أهل الوادي الصغير، كانت قد جمعت ثلة من رجال وصاحت فيهم بعزة وكبرياء وشجاعة.. يا أيها الذين كانوا على العزة والإباء لا يمكر بكم الذين هادنوا ساحلكم وبحركم ورمالكم ولا الذين اشتدّوا عليكم وقويت شوكتهم بالمنافع التي يُمنونها لكم، كونوا أنتم الغالبون بالرّفعة والشدّة واغلظوا عليهم فإنّهم غُرباء ماكرون."

سكتت قليلاً ثم أردفت:
 
ـ هل أنتم معي وتُبايعونني على المنشط والمكره؟
 
ـ قالوا جميعاً بصوت واحد، نعم.. رجالنا عزّة ونساؤنا شموخ وصِبْيتنا رِفْعة، فانظري ماذا تأمرين.؟

   وأشارت إليهم بيدها ، وتمتمت هلمّ بي ، فكانت النسوة وراءها وعلى جانبيها رجال صدقوا ما عاهدوها عليه ، وصِبْية قد جمعوا بأمرها معادن صغيرة وعملوا على تفاصيل دقيقة ، وقلبوا المعادن ودقّوها دقاً لا يفهمه غير العارفين بما يصنعون ، ومشتْ خطوة فتبعها الرجال وعملوا كومة من المعادن وقسموها على قطع صغيرة ، وألقموها في فوهات البنادق التقليدية والمدافع القديمة ، واندفعت ومن معها تُقاتل الغُرباء بشراسة ولم يلبث الغرباء إلا أياما معدودة ، رجال حين تعدّهم وقوم لا يكفّون عن قتالهم ولا يهدأون ، رجال عُرفوا بصدقهم ، ونقاء معدنهم ، مواقفهم شُموخ وحقيقتهم عِزة، وعند النائبات كثرٌ وفي مُقدمة الرجال لا يتخلّفون ولا يفرّون ، أولئك هم رجال الوادي الصغير، رمالاً وبحراً وساحلاً ، ولم يستطع الغُرباء أن يصلوا إلى أعماق رمالهم ، رجال يُعتدّ بهم ، هيّابون بمواقفهم الصلبة ، وكلمتهم في وجه الطُغيان ثابتة ، رجال ملؤوا البحر حياةً وديمومة وأثاروا الكون وعمروا الرمال والكثبان بجمال ما اتصفوا به من كبرياء وشُموخ وعِزّة نفس.
أيّها الاخوة ، الغُرباء ، لا خير فيهم وإن تقاربوا معكم ، فمردّهم إلى الخيانة التي عمرت بها  أنفسهم واسودّت قلوبهم ، يحيكون مُؤامراتهم ولا يكفّون عن طرقهم المُلتوية ، يحملوا أوزاراً مُلئت بها أجنداتهم وعقولهم وأنفسهم وفي مراكبهم مُخبروهم بطرائق قِدداً ، حاقدة على رمالكم وبحركم وأمّتكم ومن سُوء حقارة الغُرباء ، أحرقوا كل ما ينتفع به الأعراب ، فمات الناس والنساء والولدان ، وجعلوا بيوتهم تحترق ومزارعهم تحت رحمة نارهم المُشتعلة ولكن العزّة باقية لم تذهب والكبرياء لم يمُت وأنّ الوَهْن وإنْ بلغ ، فإنّ الرجال قوة في تماسكهم وشجاعتهم وائتلافهم لا يَقدر عليهم أحد ، ولا يكسر شوكتهم الغرباء ، الشرقيون منهم والغربيون ، فالأعراب أهل كرامة ورِفْعَة رضعوا الموت فأنجب لهم ما يرفعهم إلى المَجد والشرف.
 
قال رجل عُرف بالشحّ والتقتير، وعُرِف بأنّه ساعٍ ووسيط في التجارة التقليدية ـ يصنع السلاح ويبيع التمر والعسل والسّمن وأسماك السردين المجفّفة وينشط في تجارة البخور واللبان ـ ويُكنى بـ أبو صالح:
 
ـ اتفق معك ، فالأخوين "فلوع وفالع" تركا للغربين حرية العبث في حارات سيح المالح ، ثم آلتْ عقول الغرباء إلى فكرة ماكرة يخدعوننا بها وكانت بتخطيط مُسبق وسارعت الأحداث إلى نفي أو هروب "فلوع"  ثمّ أتبعوه بأخيه فالع ، وذلك هو هدف دخول القوة الحادية عشرة إلى رمال الأعراب عن طريق البحر ، وحدّث ولا حرج عن مُفاجئة دخول القوة الحادية عشرة بتأييد ومُتابعة ذوي الوجوه الحُمر المُكتنزة لإبقائها في رمال الأعراب وفي البحر الكبير ، وتمّ ذلك في خيانة القرى والبلدات والجزر المُتشاطئة مع القوة الحادية عشرة على بحر المرجان إلى أنْ وصلوا البحر الشرقي وازدادوا على البحر الضيّق رأس القرية الأعلى ، وحُجّتهم ومُبرّراتهم مرسومة بدعم غربي حاقد  ، هو تأمين تجارة الملح والتمر والعسل مع ذوي السِحنة الرصاصية، ولكن الحقيقة هيَ ضمان سيادة القوة الحادية عشرة في سيح المالح ، والقوة الحادية عشرة هي في الحقيقة قوة بالوكالة عن قوة الغربيين ذوي الوجوه الحُمر المُكتنزة، ولكنّها خطّة ماكرة وحاقدة جاءت لتغيير الوجوه والأسباب واحدة تعلمونها ولا تَخفى عليكم؛ فهم يكرهون الأعراب ويحقدون على ثرواتهم وكنوزهم، ودّوا لو يقبضوها بأيديهم .
ولم يكن ذلك السّباق المُخادع من الغربيين ذوي الوجوه الحُمر المكتنزة في البحر الكبير ولكن القوة الشرقية ذات العيون الزرقاء والأنوف الفطحاء، قوة يموج بها بحرنا ذو الكنوز العظيمة، قدّروها أنّها تسدّ حاجة الغرب والشرق ومن عليها بحراً ورمالاً وجبالاً وزروعًا وأودية وسُهولاً إلى ألف سنة ممّا تعدّونها، ولا تنقص منها قدر شعرة من كنوز البحر الكبير.. ونظراً لتحالف الشرقيين جميعاً، ذوي العيون الزرقاء والأنوف الفطحاء، ومن معهم من فارعي الطول، وذوي السحنة الرصاصية والعيون الجاحظة.. ويُعتبر هذا التحالف قوة مُضادة للقوة الغربية.. وإنْ خفي الامر عنّا، فمن أبْصر حجّتهم وكشف مكرهم وعرف حقدهم وأقرّها برضا أو بغير رضًا ، وسواء أكان بضعف منه أو بوهْن ، فإنه يُلزم نفسه بأمرها ، ومن لزم نفسه بها فقد خرج عن عُروبتنا.
وإني أرى، ما لم ترونه أبداً.. فمن خان مُجتمع الأعراب ولو لمرّة واحدة فلا بقاء له ولن يُنتظر منه خيراً غير الخيانة، ومن خانَ العهد والميثاق فلا عهد له ولا ميثاق والأعوج لا يكون مُستقيماً وأبناء الأعْور " فالع وفلوع " لا يجدون منّا موثقاً ولا عهداً.. واسمعوا وتعقّلوا " أنّ فلوع وفالع أولاد الأعَور لا خير فيهما ولا شيء يُرتجى منهما لخدمة مُجتمع الأعراب، وإنّ ذلك لمكر خبيث منهم ونحن لا نغفر لهم بتاتاً، وأنا لا أجد على نار حقدهم هُدًى باقيًا لا شِيَة فيه، بل هيَ شُعلة يُوقدونها بأيديهم كلّما انطفأتْ، وإنْ مكَثْنا ننتظر الساعة المُنقذة فلا هاديَ لكم ولا رشاد، ولا مُنقذ تهتدوا إليه. وأمّا عقوبة الأخوين فهي قصاص يستحقّها كلّ خائن، والعِبْرة في ذلك، مَن وُجِد في رَحْلِه فهو جَزاؤه. وقد قرأنا كثيراً، أنّ من يخاف بطش قومٍ ويسكت، فهو مِثْلهم خائن وحاقد ويده مُلطخة بالبطش والطُغيان، ومن أحبّ خائناً فهو غادرٌ لا أمان له ولا عهد.
 
قال" مرهون" قصير القامة من الوادي الصغير مقاطعاً:
 
ـ صدقت.. ولا جريمة دون عقوبة، والأخوين "فلوع وفالع" يستحقان عُقوبة أشدّ وأكبر من القصاص.. أنْ تُقطّع أيديهم وأرجلهم وتُفصل الرأس عن الجسد.. نعم هي عقوبة لمن أخلف وعده وخان وطنه وغدر بأهله، إنّها قوة رادعة لكل من تُسوّل له نفسه المساس بحياة العُروبة الماجدة.
والأخوين أبناء الأعور كانا سبباً رئيساً في البَغي على أمّة الأعراب وفي ظُلم الساكنين وقتل وتشريد كثير من الناس، فبسببهما تَقطّعت الأرحام واسودّت الرمال بقبائح الأفعال، فما جزاء الذين يسعون فساداً في الأرض وخراباً في الزروع وقتلاً في الجبال وتشريداً في بقاع الرمال وفي أحياء الكثبان إلا أنْ تُقَطّع أيديهم وأنوفهم وتُقيّد أرجلهم ثم يُلقى بها في البحر أو أعالي الكثبان والرمال لتموت جوعاً ،ذلك جزاء من فعَل في النساء وأسرف في قتل الأطفال بغير وجه حقّ وتكدّست جُثث الرجال ثم أحرقوها بغير ذنب إلا طُغياناً وقسوة ، وقد قيل لنا: بأن النساء تصرخ عالياً ، بأيّ ذنب أُقْتل؟ وتتساءل أنفس الصبية، بأي ذنب قُتلتْ؟  أما الحاقدون على الأعراب، فكان ردهم: احبسوا أنفاسها غيظًا، فهذا ما تستحق.
قال فلاح من أعراب الساحل الطويل:
 
إنني أدرك بأنّ أسباب الموت لا تنقطع ولكن ما ذنب التي أُقْصِيت بوسائل الفِتنة والخِلاف، وما كان جزاء الرمال والوادي والساحل التي بقيت راسخة، عنيدة، ثابتة في وجه الطُغيان إلاّ أنْ تُقطّع سُبلها وتُدمّر معايشها في البحر والرمال، فقُسّمت الرمال وفُصِلت البحار وجُزئت الأرض وأضحى الساحل الطويل بلا امتداد بعيد. وغدتْ الحارات العشر لا ظهر لها، وجاؤوا بقوة، عُرفت باسم القوة الحادية عشرة، وقسّم الغرباء بحر الأعراب إلى جزئين، أحدهما عُرف باسمهم، ذلك الجزء يتصل بالبحر العميق وبحر الظلمات وسرعة دورانه إلى حدّ بعيد، ولا يشكّل خطورة في مُستقبل السنين، فبحر الظُلمات أخطاره مشؤومة ـ وتزداد به الأعاصير الشديدة التي تُقلب الأحوال إلى قتامة وتعاسة.. وعُرف الجزء الآخر بالبحر المفتوح، تشترك فيه القُوّتان الغربية والشرقية والقوة الحادية عشرة، ولا شيء يُذكر للأعراب فيه ولا حقّ لهم في البحر العميق وقرية البحر، هي المخرج والمدخل تحت سيطرة كل الغُرباء ما عدا الأعراب. وأهل القرية لهم الحقّ فيما تُقدّمه السفن العابرة شرقاً وغرباً من مأكل وملبس نظير وقوعها على ذلك البحر العميق، ولولا تضامن عُمق البحر في صَفّها وثباته في جُزئها، لكان جزاء أهلها أن يُنْفَو منها أو يُقَتّلوا تقتيلاً.
يتبع 33

مقالات مشابهة

  • طارق الجلاهمة: دوري روشن في طريقه ليصبح ضمن أفضل 5 دوريات عالميًا
  • قادمًا من باريس.. الرئيس عون والوفد المرافق في بيروت
  • أول تلميح من أبل عن iOS 19 .. يشوقنا لما هو قادم
  • قصة الوادي الكبير (32)
  • حديث وقت السحر في هذه المرحلة من هما الاخطر؟؟؟ اسرائيل وامريكا ام السعودية  وقطر؟؟
  • قادمًا من جدة.. ولي العهد يصل مكة المكرمة لقضاء ما تبقى من رمضان
  • تصريح لابن حبريش بعد عودته إلى حضرموت قادمًا من السعودية.. ماذا قال عن الزيارة؟
  • جماعة الدار البيضاء لازالت تنتظر خبرة حول مركب محمد الخامس بعد حديث عن وجود عيوب في أشغال الإصلاحات
  • تحالف الأحزاب: حديث الرئيس اليوم يعد منهجًا أصيلًا في بناء الدول
  • مدبولي: حديث الرئيس السيسي خلال احتفالية ليلة القدر يحمل كل التقدير والاحترام للمصريين