المسار النزولي للتضخم يعزز انتهاء ذروة التشديد النقدي من قبل البنوك المركزية العالمية
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
- ترتبط فترات ارتفاع الفائدة بالحد من شهية المخاطرة وانخفاض الاستثمارات في أسواق المال
- تشجع الفائدة المرتفعة على تفضيل الأدوات المالية ذات العائد الثابت مثل السندات والودائع
- التقلبات الحادة في الأسواق العالمية خلال الشهر الماضي تمثل منعطفا ينهي التردد بشأن توقيت بدء خفض الفائدة
- من المرجح أن تبقي البنوك المركزية حذرة بشأن المدى الزمني الذي يتطلبه إجراء خفض كبير
يعقد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي اجتماعه المقبل في منتصف سبتمبر الجاري، ويترقب المستثمرون أن يتم خلال هذا الاجتماع اتخاذ القرار الذي طال انتظاره ببدء خفض الفائدة المصرفية والذي سيكون إيذانا بانتهاء ذروة سياسات التشديد النقدي من قبل البنوك المركزية التي رفعت أسعار الفائدة لمستويات قياسية في إطار جهودها لاحتواء التضخم المتفاقم.
موجة التشديد النقدي
في فترة ما بعد تفشي الجائحة، كانت الولايات المتحدة الأمريكية الاقتصاد الأكبر في العالم من بين أكثر المتأثرين بتفاقم التضخم، وهو ما جعل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يقود موجة التشديد النقدي والرفع المتواصل لأسعار الفائدة المصرفية منذ عام 2022، وتبعته غالبية البنوك المركزية العالمية في ذلك بعد أن تحول التضخم إلى ظاهرة تؤثر سلبيا على العالم، ومع هدوء وتيرة التضخم في نهاية العام الماضي، بدأ الفيدرالي الأمريكي تثبيت أسعار الفائدة، لكن قرار خفضها تم تأجيله مرات متعددة، إذ ظل التضخم أعلى من مستوياته المستهدفة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، وجاءت موجة التقلبات الحادة التي تعرضت لها الأسواق والبورصات العالمية في بداية الشهر الماضي لتمثل منعطفا حاسما ينهي التردد بشأن توقيت بدء خفض الفائدة، فقد سادت التقلبات عقب صدور بيانات التوظيف التي أظهرت ارتفاع معدلات البحث عن عمل مما أثار مخاوف من توجه الاقتصاد الأمريكي نحو حالة من الركود في ظل استمرار معدلات الفائدة مرتفعة لمدى أطول من المتوقع، وعقب هذه التقلبات تخلى مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن سياسة التلميحات الحذرة بشأن موعد خفض الفائدة المصرفية، ومؤخرا جاءت تصريحات جيروم باول رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لتطمئن الأسواق بأنه "حان الوقت" لخفض معدلات الفائدة، مؤكدا على أن: "الاتجاه واضح، وتوقيت ووتيرة خفض أسعار الفائدة سيعتمدان على البيانات الواردة، والتوقعات المتطورة، وتوازن المخاطر".
وهذه التصريحات لا تعني فقط أن التوقيت أصبح مواتيا لبدء خفض الفائدة، لكنها تشير أيضا إلى أنه من المتوقع أن يتخذ الفيدرالي الأمريكي قرارات خفض الفائدة بوتيرة بطيئة وأن يبقى على متابعة دقيقة لتبعات الخفض على مسار التضخم، ومثلما التزمت البنوك المركزية بالحذر بشأن رفع الفائدة خلال الفترة الماضية ومن المرجح أن تبقي على حذرها في الفترة المقبلة بشأن المدى الزمني الذي يتطلبه إجراء خفض كبير في أسعار الفائدة، من المرجح أن يتخذ المستثمرون حذرا مماثلا تجاه أي تغيير سريع في توجهاتهم الاستثمارية الحالية لحين توفر يقين اكبر بشأن نجاح الاحتواء الفعلي للتضخم وتبعات ذلك على معدلات نمو الاقتصاد العالمي، وعلى الرغم من المسار النزولي للتضخم، فإن وجود عوامل تغذي التضخم قد تدفعه للارتفاع مجددا، ووفق تقارير البنك الدولي، حققت البنوك المركزية العالمية تقدماً كبيراً في مكافحة التضخم، ففي يوليو 2022، بلغ متوسط معدل التضخم في العالم 9.4 بالمائة، وهو أعلى معدل منذ عام 2008.
التضخم العالمي
وفي الشهر الماضي، تراجع إلى 2.9 بالمائة، وجاء هذا التراجع على نطاق واسع، ففي 90 بالمائة من البلدان انخفض الآن عما كان عليه في يوليو 2022، واعتبر البنك الدولي أن النصر في هذه الحرب ضد التضخم لم يتحقق بعد، وذلك لأن التضخم العالمي أعلى بمقدار 0.7 نقطة مئوية عما كان عليه قبيل تفشي الجائحة، ولذلك فإنه مع توافر الأسباب التي تدعم توجه البنوك المركزية في الاقتصادات الكبرى للبدء في خفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة، لكن من غير المرجح أن تقوم البنوك المركزية بخفض أسعار الفائدة بشكل حاد إلا في حال تأكدها من أن معدل التضخم يحقق تراجعا ثابتا نحو المستويات المستهدفة. من جانب آخر، وفيما يتعلق بتطورات أسعار الفائدة في دول منطقة مجلس التعاون، ففي ظل سياسة الارتباط بين العملات المحلية والدولار الأمريكي في غالبية دول المجلس، تواكب البنوك المركزية في المنطقة، ومن بينها البنك المركزي العماني، قرارات الفيدرالي الأمريكي، وفي إطار الحفاظ على نظام سعر الصرف الثابت للريال العماني، جاءت قرارات البنك المركزي العماني خلال العامين الأخيرين بشأن رفع أو تثبيت الفائدة، تماشيا مع السياسة النقدية للبنك المركزي، التي تهدف إلى الحفاظ على نظام سعر الصرف الثابت للريال العماني ومع هيكلة وطبيعة الاقتصاد العماني، كما تتيح استقرار سعر صرف الريال العماني والحد من هجرة رأس المال للخارج وتعزيز الثقة بين المستثمرين بإزالة خطر تقلبات سعر الصرف، ووفق إحصائيات البنك المركزي العماني، سجل متوسط أسعار الفائدة في سوق الإقراض ما بين البنوك لليلة واحدة، ارتفاعا بلغ 5.402 بالمائة في يونيو 2024 مقارنة مع 5.350 بالمائة في يونيو من عام 2023. وجاء ذلك نتيجة لارتفاع المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على عمليات إعادة الشراء ليصل إلى 6.000 بالمائة مقارنة مع 5.750 بالمائة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، وفيما يتعلق بهيكل أسعار الفائدة لدى البنوك التجارية التقليدية، تشير هذه الإحصائيات إلى ارتفاع المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على الودائع بالريال العماني من 2.313 بالمائة في يونيو 2023 إلى2.651 بالمائة في يونيو 2024، كما ارتفع المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على القروض بالريال العماني من 5.434 بالمائة إلى 5.581 بالمائة خلال الفترة نفسها، وخلال عام 2022 كان المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على الودائع بالريال العماني قد سجل 1.870 بالمائة في منتصف عام 2022 أما متوسط أسعار الفائدة في سوق الإقراض ما بين البنوك لليلة واحدة، فقد بلغ 1.450 بالمائة وسجل المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على عمليات إعادة الشراء 1.875 بالمائة في نهاية يونيو من عام 2022. ويذكر أن توقعات البنوك الاستثمارية العالمية بشأن قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه المقبل ترجح خفض الفائدة مع تباين بشأن حجم الخفض، ويرى بنك جي بي مورجان أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يمكن أن يخفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع سبتمبر، أما بنك أوف أمريكا فيتوقع أن يبدأ الفيدرالي الأمريكي دورة التيسير النقدي بخفض قدره 25 نقطة أساس بأسعار الفائدة في اجتماع سبتمبر الجاري، وأن يستمر في خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعاته المقبلة وحتى نهاية الربع الأول من العام المقبل.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: بنک الاحتیاطی الفیدرالی الأمریکی البنوک المرکزیة لأسعار الفائدة التشدید النقدی أسعار الفائدة الفائدة على خلال الفترة خفض الفائدة المرجح أن عام 2022
إقرأ أيضاً:
القمة العالمية للحكومات.. الذكاء الاصطناعي يعزز فعالية الرعاية الصحية
قالت باولا بيلوستاس موغيرزا، شريك أول ورئيس عالمي للرعاية الصحية وعلوم الحياة، إن التقنيات تساهم بشكل كبير في تقليص الفجوة بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة في مجال الرعاية الصحية، لكن الأهم هو القدرة على توسيع نطاق الخدمات الوقائية والرعاية الأولية لتصل إلى السكان في المناطق الريفية، وضمان تقديم الرعاية المناسبة لهم قبل ظهور الأمراض، مشيرة إلى أن "هذه فرصة حقيقية لتحسين كفاءة وفعالية النظام الصحي مع توسيع الوصول إلى الفئات المعرضة للخطر حول العالم".
ولفتت موغيرزا، في تصريح صحفي على هامش أعمال القمة العالمية للحكومات، إلى أن التكنولوجيا والابتكار يسهمان في تمكين الحكومات من تقديم خدمات رعاية صحية أكثر فعالية من حيث التكلفة، مما يتيح توسيع نطاق الخدمات بفضل وفورات الحجم، مشيرة إلى أن الذكاء الاصطناعي يساعد في تسريع التشخيص وتقديم الرعاية بشكل أسرع، مما يقلل من التكاليف الإجمالية للرعاية الصحية.
وشددت على أهمية التعاون بين القطاعين الخاص والعام لمواجهة التحديات الصحية، مثل الوعي والوقاية من الأوبئة، حيث يجب تبادل البيانات بسرعة واستخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي لتطوير لقاحات يمكن تحريكها بسرعة، مؤكدة أن الشراكات القوية بين القطاعين العام والخاص تسهم في تطوير تقنيات تواكب احتياجات الحكومات وتحافظ على خصوصية الناس، مما يسهم في القضاء على الأوبئة بسرعة.
وأوضحت أن القطاع الصحي يعمل على تطوير التقنيات الحديثة لتلبية الاحتياجات الناشئة، مع الاستفادة من البيانات الحكومية بطريقة تحمي خصوصية السكان وتضمن سلامتهم، مما يتيح التحرك بسرعة وكفاءة في مواجهة التحديات الصحية.