- ترتبط فترات ارتفاع الفائدة بالحد من شهية المخاطرة وانخفاض الاستثمارات في أسواق المال

- تشجع الفائدة المرتفعة على تفضيل الأدوات المالية ذات العائد الثابت مثل السندات والودائع

- التقلبات الحادة في الأسواق العالمية خلال الشهر الماضي تمثل منعطفا ينهي التردد بشأن توقيت بدء خفض الفائدة

- من المرجح أن تبقي البنوك المركزية حذرة بشأن المدى الزمني الذي يتطلبه إجراء خفض كبير

يعقد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي اجتماعه المقبل في منتصف سبتمبر الجاري، ويترقب المستثمرون أن يتم خلال هذا الاجتماع اتخاذ القرار الذي طال انتظاره ببدء خفض الفائدة المصرفية والذي سيكون إيذانا بانتهاء ذروة سياسات التشديد النقدي من قبل البنوك المركزية التي رفعت أسعار الفائدة لمستويات قياسية في إطار جهودها لاحتواء التضخم المتفاقم.

وعلى الرغم من أن بدء خفض الفائدة لا يعد إعلانا للنجاح في الحرب على التضخم حيث لم يصل بعد إلى معدلاته المستهدفة، إلا أن صدور قرار خفض الفائدة يعني بالنسبة للمستثمرين انتهاء ذروة رفع الفائدة الأمر الذي سيكون له تأثير خلال الفترة المقبلة على قرارات الاستثمار في قطاعات متعددة، إذ ترتبط فترات ارتفاع الفائدة بالحد من شهية المخاطرة وانخفاض تدفقات الاستثمارات للبورصات وقطاعات مثل العقارات حيث تشجع الفائدة المرتفعة المستثمرين على تفضيل الاستثمار في الأدوات المالية ذات العائد الثابت والمرتفع مثل السندات والودائع، ومع عدم اليقين بشأن تبعات ارتفاع الفائدة على نمو الاقتصاد العالمي، يتوجه المستثمرون أيضا نحو الملاذات الآمنة مثل الذهب الذي شهدت أسعاره العالمية زيادة كبيرة خلال الفترة الماضية.

موجة التشديد النقدي

في فترة ما بعد تفشي الجائحة، كانت الولايات المتحدة الأمريكية الاقتصاد الأكبر في العالم من بين أكثر المتأثرين بتفاقم التضخم، وهو ما جعل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يقود موجة التشديد النقدي والرفع المتواصل لأسعار الفائدة المصرفية منذ عام 2022، وتبعته غالبية البنوك المركزية العالمية في ذلك بعد أن تحول التضخم إلى ظاهرة تؤثر سلبيا على العالم، ومع هدوء وتيرة التضخم في نهاية العام الماضي، بدأ الفيدرالي الأمريكي تثبيت أسعار الفائدة، لكن قرار خفضها تم تأجيله مرات متعددة، إذ ظل التضخم أعلى من مستوياته المستهدفة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، وجاءت موجة التقلبات الحادة التي تعرضت لها الأسواق والبورصات العالمية في بداية الشهر الماضي لتمثل منعطفا حاسما ينهي التردد بشأن توقيت بدء خفض الفائدة، فقد سادت التقلبات عقب صدور بيانات التوظيف التي أظهرت ارتفاع معدلات البحث عن عمل مما أثار مخاوف من توجه الاقتصاد الأمريكي نحو حالة من الركود في ظل استمرار معدلات الفائدة مرتفعة لمدى أطول من المتوقع، وعقب هذه التقلبات تخلى مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن سياسة التلميحات الحذرة بشأن موعد خفض الفائدة المصرفية، ومؤخرا جاءت تصريحات جيروم باول رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لتطمئن الأسواق بأنه "حان الوقت" لخفض معدلات الفائدة، مؤكدا على أن: "الاتجاه واضح، وتوقيت ووتيرة خفض أسعار الفائدة سيعتمدان على البيانات الواردة، والتوقعات المتطورة، وتوازن المخاطر".

وهذه التصريحات لا تعني فقط أن التوقيت أصبح مواتيا لبدء خفض الفائدة، لكنها تشير أيضا إلى أنه من المتوقع أن يتخذ الفيدرالي الأمريكي قرارات خفض الفائدة بوتيرة بطيئة وأن يبقى على متابعة دقيقة لتبعات الخفض على مسار التضخم، ومثلما التزمت البنوك المركزية بالحذر بشأن رفع الفائدة خلال الفترة الماضية ومن المرجح أن تبقي على حذرها في الفترة المقبلة بشأن المدى الزمني الذي يتطلبه إجراء خفض كبير في أسعار الفائدة، من المرجح أن يتخذ المستثمرون حذرا مماثلا تجاه أي تغيير سريع في توجهاتهم الاستثمارية الحالية لحين توفر يقين اكبر بشأن نجاح الاحتواء الفعلي للتضخم وتبعات ذلك على معدلات نمو الاقتصاد العالمي، وعلى الرغم من المسار النزولي للتضخم، فإن وجود عوامل تغذي التضخم قد تدفعه للارتفاع مجددا، ووفق تقارير البنك الدولي، حققت البنوك المركزية العالمية تقدماً كبيراً في مكافحة التضخم، ففي يوليو 2022، بلغ متوسط معدل التضخم في العالم 9.4 بالمائة، وهو أعلى معدل منذ عام 2008.

التضخم العالمي

وفي الشهر الماضي، تراجع إلى 2.9 بالمائة، وجاء هذا التراجع على نطاق واسع، ففي 90 بالمائة من البلدان انخفض الآن عما كان عليه في يوليو 2022، واعتبر البنك الدولي أن النصر في هذه الحرب ضد التضخم لم يتحقق بعد، وذلك لأن التضخم العالمي أعلى بمقدار 0.7 نقطة مئوية عما كان عليه قبيل تفشي الجائحة، ولذلك فإنه مع توافر الأسباب التي تدعم توجه البنوك المركزية في الاقتصادات الكبرى للبدء في خفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة، لكن من غير المرجح أن تقوم البنوك المركزية بخفض أسعار الفائدة بشكل حاد إلا في حال تأكدها من أن معدل التضخم يحقق تراجعا ثابتا نحو المستويات المستهدفة. من جانب آخر، وفيما يتعلق بتطورات أسعار الفائدة في دول منطقة مجلس التعاون، ففي ظل سياسة الارتباط بين العملات المحلية والدولار الأمريكي في غالبية دول المجلس، تواكب البنوك المركزية في المنطقة، ومن بينها البنك المركزي العماني، قرارات الفيدرالي الأمريكي، وفي إطار الحفاظ على نظام سعر الصرف الثابت للريال العماني، جاءت قرارات البنك المركزي العماني خلال العامين الأخيرين بشأن رفع أو تثبيت الفائدة، تماشيا مع السياسة النقدية للبنك المركزي، التي تهدف إلى الحفاظ على نظام سعر الصرف الثابت للريال العماني ومع هيكلة وطبيعة الاقتصاد العماني، كما تتيح استقرار سعر صرف الريال العماني والحد من هجرة رأس المال للخارج وتعزيز الثقة بين المستثمرين بإزالة خطر تقلبات سعر الصرف، ووفق إحصائيات البنك المركزي العماني، سجل متوسط أسعار الفائدة في سوق الإقراض ما بين البنوك لليلة واحدة، ارتفاعا بلغ 5.402 بالمائة في يونيو 2024 مقارنة مع 5.350 بالمائة في يونيو من عام 2023. وجاء ذلك نتيجة لارتفاع المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على عمليات إعادة الشراء ليصل إلى 6.000 بالمائة مقارنة مع 5.750 بالمائة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، وفيما يتعلق بهيكل أسعار الفائدة لدى البنوك التجارية التقليدية، تشير هذه الإحصائيات إلى ارتفاع المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على الودائع بالريال العماني من 2.313 بالمائة في يونيو 2023 إلى2.651 بالمائة في يونيو 2024، كما ارتفع المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على القروض بالريال العماني من 5.434 بالمائة إلى 5.581 بالمائة خلال الفترة نفسها، وخلال عام 2022 كان المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على الودائع بالريال العماني قد سجل 1.870 بالمائة في منتصف عام 2022 أما متوسط أسعار الفائدة في سوق الإقراض ما بين البنوك لليلة واحدة، فقد بلغ 1.450 بالمائة وسجل المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على عمليات إعادة الشراء 1.875 بالمائة في نهاية يونيو من عام 2022. ويذكر أن توقعات البنوك الاستثمارية العالمية بشأن قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه المقبل ترجح خفض الفائدة مع تباين بشأن حجم الخفض، ويرى بنك جي بي مورجان أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يمكن أن يخفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع سبتمبر، أما بنك أوف أمريكا فيتوقع أن يبدأ الفيدرالي الأمريكي دورة التيسير النقدي بخفض قدره 25 نقطة أساس بأسعار الفائدة في اجتماع سبتمبر الجاري، وأن يستمر في خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعاته المقبلة وحتى نهاية الربع الأول من العام المقبل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بنک الاحتیاطی الفیدرالی الأمریکی البنوک المرکزیة لأسعار الفائدة التشدید النقدی أسعار الفائدة الفائدة على خلال الفترة خفض الفائدة المرجح أن عام 2022

إقرأ أيضاً:

بيت التمويل الكويتي يخفض الفائدة على الودائع المدفوعة مقدماً بنسبة 2%

أعلن بنك "بيت التمويل الكويتي" مصر عن تخفيض سعر الفائدة على جميع الودائع المدفوعة مقدماً بنسبة 2%

وذكر بنك بيت التمويل الكويتي مصر أن سعر الفائدة على الوديعة مدفوعة العائد مقدماً بأجل شهر تراجع إلى 14% من 16%، وانخفض العائد على الوديعة أجل ثلاثة شهور حتى 14.50% مقابل 16.50% في السابق.

وأوضح "بيت التمويل الكويتي مصر" في وثيقة اطلعت عليها "الأسبوع" أن سعر الفائدة على الوديعة أجل سنة أشهر يسجل الآن 15% مقابل 17% في السابق.

أما عن سعر الفائدة على الوديعة المدفوعة مقدماً بأجل سنة، انخفض إلى 15.50% مقارنة بـ 17.50% في السابق.

قررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركــزي المصـري في اجتماعهـا يــوم الخميس الموافـــق 17 إبريل 2025 خفض سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 225 نقطة أساس إلى 25.00% و26.00% و25.50%، على الترتيب.

وقالت لجنة السياسة النقدية بالمركزي في تقريرها آنذاك، إن عدم اليقين بشأن آفاق النمو الاقتصادي والتضخم أدى إلى تبني البنوك المركزية في بعض اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة نهج حذر إزاء المسار المستقبلي للسياسة النقدية.

وتابعت، وبينما يظل النمو الاقتصادي مستقراً إلى حد كبير، من المتوقع أن تؤدي التطورات الأخيرة في التجارة العالمية إلى خفض التوقعات بسبب المخاوف من اضطراب سلاسل التوريد وضعف الطلب العالمي.

أضافت، "وعلى وجه الخصوص، انخفضت أسعار النفط بشكل ملحوظ نتيجة عوامل مرتبطة بجانب العرض وتوقعات بتراجع الطلب العالمي في ظل استمرار حالة عدم اليقين بشأن السياسات التجارية".

ومع ذلك، لا يزال التضخم عُرضة للمخاطر الصعودية، بما في ذلك تفاقم التوترات الجيوسياسية واستمرار الاضطرابات في التجارة العالمية نتيجة تصاعد السياسات الحمائية.

وأشارت اللجنة إلى أنها ستواصل تقييم قراراتها بشأن فترة التقييد النقدي ومدى حدته على أساس كل اجتماع على حدة، مع التأكيد على أن هذه القرارات تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة بها وما يستجد من بيانات.

هذا وسوف تستمر اللجنة في مراقبة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب وتقييم آثارها المحتملة على المؤشرات الاقتصادية، ولن تتردد في استخدام كل الأدوات المتاحة لتحقيق هدف استقرار الأسعار من خلال توجيه التضخم نحو مستهدفه البالغ 7% ± 2 نقطة مئوية في الربع الرابع من عام 2026.

اقرأ أيضاًبنك نكست يخفض أسعار الفائدة على الودائع المدفوعة مقدما

سعر شراء الدولار في البنك الأهلي المصري يصل إلى 50.80 جنيه

بعد الخفض 2%.. كم تبلغ أسعار الفائدة على شهادات الادخار في بنكي مصر والأهلي؟

مقالات مشابهة

  • أسعار الأغذية تواصل ارتفاعها في الأردن
  • الدولار القوي وتراجع التوترات التجارية يهبطان بالأسعار
  • صندوق النقد يحذر مصر
  • محافظ بنك اليابان: تأخير توقيت الوصول إلى مستهدف التضخم لا يعني إرجاء رفع الفائدة
  • صندوق النقد يوصي «المركزي المصري» التحرك بحذر في مسار خفض الفائدة
  • الاقتصاد الألماني يتفادى الركود لكن سوق العمل يضعف والتضخم يتراجع
  • برلماني: التحول إلى الدعم النقدي يتطلب تعويضا ماليا يواكب التضخم
  • بيت التمويل الكويتي يخفض الفائدة على الودائع المدفوعة مقدماً بنسبة 2%
  • بنك نكست يخفض أسعار الفائدة على الودائع المدفوعة مقدما
  • "الموج للجولف" يعزز مكانته العالمية باستضافة جولة "كلتش برو تور"