المفتي دريان يوجّه رسالة إلى اللبنانيين.. اليكم ما جاء فيها
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
وجه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان رسالة إلى اللبنانيين، لمناسبة المولد النبوي الشريف. وجاء في نص الرسالة:
"أيها المسلمون أيها اللبنانيون:
يضعنا القرآن الكريم عند بدايات الوحي والتنزيل، عند ثلاثة مشاهد من حياة النبي صلوات الله وسلامه عليه: الطفولة والشباب ورحلة النبوة، وهذه هي المشاهد: (والضحى والليل إذا سجى، ما ودعك ربك وما قلى، وللآخرة خير لك من الأولى، ولسوف يعطيك ربك فترضى.
عاش النبي محمد بن عبد الله منذ طفولته في رعاية الله ورحمته ورضاه. وقد قال صلوات الله وسلامه عليه: "أدبني ربي فأحسن تأديبي". ومن أدب الحياة وأدب إنسانية الإنسان العناية باليتامى، والعائلين والسائلين، والرضا عن الناس، والثقة بالله. والأمل الذي لا ينقطع، لأنه عز وجل قال له: (فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا). ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب هذا الوعد: (لن يغلب عسر يسرين).
بهذه الأخلاق السمحة والعالية، وهو المبعوث بالكتاب والحكمة والرحمة، استطاع صلوات الله وسلامه عليه بالصبر والثبات تجاوز كل العقبات والصعوبات، ونشر دعوة السلم والوحدة عبر الجزيرة العربية وما وراءها. ولذلك كانت من أواخر سور القرآن قوله تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}. وفي القرآن الكريم: {اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا}. وهكذا عاش اليتيم الأمين حتى رأى انتشار دعوته، وتمام النعمة بتمام الدين، والرضا عن الله ودينه والاستقامة في سبيله.
أيها المسلمون، أيها اللبنانيون
في مناسبة المولد النبوي الشريف يتجدد فرحنا كل عام، وهو فرح مسؤول، فقد قال الله في سورة الضحى: {فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر، وأما بنعمة ربك فحدث}. وهكذا تظهر المسؤولية اليوم في كل حدب وصوب. هناك الحرب على غزة، والحرب على الجنوب ولبنان. وهناك الطغيان الذي لا يتوقف على الشعب الفلسطيني وأطفاله ونسائه وشيوخه، وأرضه وأقصاه ومساجده ومعابده. ما عانى شعب في العالم ما عاناه الشعب الفلسطيني ويعانيه، فإلى متى يا رب العالمين، يا رحمن يا رحيم، وأنت القائل: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون}. وقد استغاث صلوات الله وسلامه عليه بربه ومولاه، عندما أخرجه أهل الطائف من مدينتهم، فقال ملتاعا: (إلى من تكلني، إلى سفيه يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري؟) وما ودعه عز وجل ولا قلاه ولا تجهمه، بل اصطفاه وأكرمه وقال له: {ورفعنا لك ذكرك}. وكذلك سيحدث للشعب الفلسطيني المهجر والمعذب على أرضه ووسط دياره، وبالصبر والعزيمة والشهادة، وحب الحرية.
أيها المسلمون، أيها اللبنانيون
{فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا}، هو العسر الذي يعقبه يسر، وهي الشدة التي يعقبها الفرج. الفلسطينيون معذبون على أيدي العدو الصهيوني المحتل، فعلى أيدي من تتعاظم معاناتنا نحن في لبنان، نحن نعاني من سنوات وسنوات من العصبية المعروفة في السياسة والمال، والعيش، وانعدام الاستقرار، والتنافس في ارتكاب الجرائم بحق الإنسان وحق الوطن والمواطنين. ما رأينا بلدا عربيا أو أي بلد في العالم، مهما بلغت مشكلاته أن تحول نخبه السياسية دون انتخاب رئيس للجمهورية بعد سنتين من فراغ سدة الرئاسة؟، ونحمل مسؤولية هذا التأخير إلى النواب وكتلهم وتجمعاتهم، فماذا أنتم فاعلون أمام الله؟ وماذا ستقولون للبنانيين الذين ائتمنوكم على مصالحهم وحاضرهم ومستقبلهم؟، ونأسف أن الكثير من القوى السياسية لا زالت تعيق مهام حكومة تصريف الأعمال بالمقاطعة أحيانا، وبوضع العراقيل المصطنعة في كثير من الأحيان .وأن تتجنب مصارفه ودائع المواطنين، يقولون: إن المتهم بالإساءة الى المال، لديه قرينة البراءة أو ضمانتها، فما هو الذنب الذي ارتكبه اللبنانيون والذي من أجله سيقوا جميعا إلى ساحات العدم والحرمان بدون اتهام ولا احتمال للعدالة أو البراءة ؟! كيف ينتخبكم الناس لإدارة الدولة، ورعاية الشأن العام ثم لا تكون النتيجة غير التعطل والتعطيل ؟!
أيها المسلمون، أيها اللبنانيون
في مناسبة المولد النبوي الشريف علينا ا لا نكتفي بالإدانة والتعريض. فالمتهمون معروفون، وكذلك وثائق الاتهام. ومن خلال هذا الواقع ينبغي بدون تأخر ولا تردد الانصراف لانتخاب رئيس بالطريق الدستوري المعروف. فالبلد في خطر داهم ، ويعيش قمة الانقسام والتشرذم والفوضى، لم يعد يحتمل لبنان المزيد من الخراب والانهيار والدمار، والتأخير في انتخاب رئيس للجمهورية، هو تدمير ممنهج للبنان الدولة والمؤسسات، وهذا ينعكس حكما على بقاء لبنان وشعبه الذي هاجر نخبة أبنائه من الشباب والشابات، ليساهموا في بناء الأوطان الأخرى في الوقت الذي ينهار وطننا على رؤوس ما تبقى من الشعب اللبناني المظلوم، ورغم هذه المآسي والآلام والدموع والجراحات، لا يزال لدينا أمل بالله بأن الفرج آت، مهما اشتدت الصعاب، ووضعت العراقيل في طريق انتخاب رئيس جامع وحام للدستور، ليكون مؤتمنا على البلاد والعباد، بتعاونه مع مجلسي الوزراء والنواب. والمبادرات الوطنية والعربية والدولية للحث على الانتخاب هي نوايا صادقة ومحبة للبنان وشعبه، ويعول عليها من خلال الجهود والمساعي المشكورة التي تقوم بها اللجنة الخماسية، التي ما تركت وسيلة أو طريقة إلا وسعت بها لأجل إنهاء الشغور الرئاسي، بانتخاب رئيس، وتشكيل حكومة، وتجديد للحياة السياسية في لبنان الذي يستحق الحياة بإكمال رسالته الحضارية في هذا الشرق العربي المكلوم بالأزمات والتحديات والأطماع على أنواعها، وفي مقدمتها الخطر الصهيوني على أرض فلسطين المباركة، وما جاورها من الدول الشقيقة والمحبة للأمن والاستقرار والسلام على هذه الأرض التي كرمها الله بالأنبياء والرسل، لتكون المثل والمثال في عبادة الله، والحرية وكرامة الإنسان المكرم من الله سبحانه وتعالى.
أيها المسلمون، أيها اللبنانيون،
نحن في مناسبة نبي الرحمة الذي قال فيه القرآن: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، وقال هو عن نفسه: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن ينقذ برحمته وعنايته الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني، وكل المعذبين، وأن يقدر لنا خلاصا من هذه العصبة الفاجرة، فقد قال تعالى: {وإنه لذكر لك ولقومك، وسوف تسألون}. ونحن نسأله سبحانه أن يجمعنا على الحق والهدى، وأن يجزي عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مناسبة مولده ما يستحقه من جزاء على مروءته وأخلاقه، وكراهيته للظالمين والمفترين، إنه سميع مجيب.
كل مولد وانتم أيها المسلمون وأيها اللبنانيون بخير ، ولبنان بسلام واستقرار وأمان".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: صلوات الله وسلامه علیه فی مناسبة
إقرأ أيضاً:
رحم الله الدكتور محمد خير الزبير الذي إرتحل اليوم إلى الدار الباقية
مضى إلى الدار الباقية
رحم الله الدكتور محمد خير الزبير الذي إرتحل اليوم إلى الدار الباقية وأخلف الله على أهله وأحبابه وإخوانه ووطنه من بعده بخير كثير
*مصابيح التنوير شخوص ورموز
الدكتور محمد خير الزبير
ولد محمد خير الزبير في شمبات ، ولد في العام 1945 ونشأ بها ودرس مراحله الاولى بشمبات. التحق بجامعة الخرطوم كلية الاقتصاد ونال بكالريوس الإقتصاد في العام 1968
دكتوراة الاقتصاد – جامعة ويلز – المملكة المتحدة 1983م .
ماجستير الاقتصاد المالي جامعة ويلز – المملكة المتحدة 1976 .
بكالوريوس الاقتصاد والعلوم الاجتماعية – جامعة الخرطوم 1968 . عمل بوزارة المالية قسم التخطيط الإقتصادي وابتعث في دورة تدريبية
إلى معهد التنمية الاقتصادية – نايلي – ايطاليا لمدة ستة اشهر حول التنمية و التخطيط الإقتصادي. ثم دورة تدريبية في التخطيط في مصر في العام 1973في معهد التخطيط القومي.
بعدها ابتعث في العام 1973 – 1975 لفترة دراسية للتحضير لدرجة الماجستير في الاقتصاد المالي – جامعة ويلز- المملكة المتحدة. وعاد للعمل بوزارة المالية بادارة القروض والمعونات الأجنبية في الفترة من 1975الى1979 ثم
وتسنى له أن يواصل في ذات جامعة ويلز 1979 – 1983 للحصول على درجة الدكتوراة في الاقتصاد المالي فحصل عليها من ذات الجامعة جامعة ويلز-المملكة المتحدة ثم عاد للمالية وبعث بعدها لتلقي دورة
في معهد القانون الدولي – واشنطن – الولايات المتحدة الأمريكية حول مفاوضات الاستثمار في العام 1979 وعاد يعمل بالمالية بالتخطيط الإقتصادي ثم حصل إبان ذلك على دورة تجريبية في معهد هارفارد للتنمية
الدولية – جامعة هارفرد بوسطن.
وعين مديرا لأدارة لأدارة العون السلعي في 1983 ثم مديرا القروض والمنح الخارجية في العام 1986. وشغل منصب وكيل أول التخطيط في الفترة 1988الى1993 وأعتذر عن وكالة وزارة المالية بعد الإنقاذ في العام 1990
ثم عين في1993 – 1996 وزيرا للدولة للتخطيط – وزارة المالية والتخطيط الإقتصادي عمل بعدها في العام 1996 – 1998 رئيسا لمجلس الإدارة – ومديرا عاما امؤسسة التنمية السودانية واعيد تعيينه وزير دولة للمالية من 1998الى 2001 ثم عين نائبا لمدير بنك الساحل والصحراء( بنك إقليمي رئاسته في ليبيا) من 2002 حتى 2009.
وعين في مارس 2011 رئيسا لمجلس ادارة ومحافظ بنك السودان المركزي . وأعيد محافظا مرة أخرى في سبتمبر في العام 2018. وكان شغل بحكم المنصب رئاسات. وعضوية مجالس أدارات
منها رئيس مجلس ادارة مطابع السودان للعملة
رئيس مجلس ادارة شركة السودان للخدمات المالية
رئيس مجلس ادارة اكاديمية السودان للعلوم المصرفية
وكذلك على المستوى الإقليمي شغل منصب العضو بمجلس ادارة الاكاديمية العربية للعلوم المصرفية بالاردن
والمحافظ المناوب بالبنك الاسلامي للتنمية جدة
وعضو مجلس ادارة شركة سكر كنانة
وعضو مجلس الخدمات المالية الاسلامية بماليزيا وعضو مجلس إدارة الهيئة العربية للإنماء والاستثمار الزراعي .
وعضو مجلس إدارة الشركة العربية السودانية للزيوت النباتية .
عضو مجلس إدارة الشركة العربية السودانية للزراعة الآلية بالنيل الأزرق .
وعضو مجلس إدارة الشركة العربية السودانية للإنتاج والتصنيع الزراعي
محافظ السودان وشارك بحكم عمله محافظا لبنك السودان في اجتماعات و مؤتمرات البنك الدولي للإنشاء والتعمير .
وصندوق النقد الدولي .
وبنك التنمية الأفريقي .
والبنك الإسلامي للتنمية .
والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي .
وصندوق النقد العربي .
والمصرف العربي للتنمية الاقتصادي في أفريقيا .
والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) محافظ مناوب .
وبنك التجارة التفضيلية لدول شرق ووسط أفريقيا .
ورغم طبيعة جدول أعماله المزدحم فله مؤلفات ودراسات ومطبوعات :
منها دراسة حول الحوافز الممنوحة للاستثمار الأجنبي المباشر في الدول العربية تجربة السودان ورقة مقدمة لورشة عمل نظمتها المؤسسة العربية لضمان الاستثمار – تونس – مارس 1997م .
وورقة حول إدارة الديون الخارجية في السودان ورقة مقدمة للمؤتمر القومي للإصلاح الاقتصادي في السودان 1986م .
ودراسة حول القروض والمعونات الدولية أثرها على التنمية الاقتصادية . تجربة السودان 1960 – 1980 هي رسالته للدكتوراة.
وورقة تقديم المشروعات في قطاع النقل . بحث مقدم لجامعة ويلز المملكة المتحدة بحث مكمل لدرجة الماجستير 1976م.
القروض والمعونات الدولية – أثرها على التنمية الاقتصادية – وله كتاب تجربة السودان في نصف قرن . 1956 – 2006 – صدر في عام 2008.
تعكس دراسات وخبرات الدكتور محمد خير الزبير صورة لخبير إقتصادي إجتمعت لدية علوم وخبرات عملية واسعة وكان أحد شهود تجربة إسلام الإقتصاد في السودان وشارك بخبرات في المجال الإقليمي والدولي ووجد تقديرا عاليا ربما لم يحظ به في موطنه. وإلى جانب تخصصه الإقتصادي نشط د محمد خير الزبير في العمل الإسلامي داخل وخارج السودان إبان دراسته هناك. و لا يزال ينشط بوصفه استشاريا وخبيرا على المستوي الوطني و الإقليمي… مد الله في أيامه ونفع بعمله و كسبه وبارك فيه لنفسه ووطنه العزيز.
أمين حسن عمر عبد الله