تقرير ماريو دراغي يشكل اختباراً للاتحاد الأوروبي
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
جاء التقرير الذي أصدره ماريو دراغي، رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ورئيس الوزراء الإيطالي السابق، في بروكسل في 9 سبتمبر (أيلول) الجاري، بعنوان "مستقبل القدرة التنافسية الأوروبية"، ليحذر الاتحاد الأوروبي من أنه يواجه نمواً اقتصادياً بطيئاً بشكل مستمر، وهو ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تهديد ازدهار الأوروبيين ورفاهيتهم الاجتماعية.
وقال المحلل السياسي سيباستيان ميلارد، الباحث المشارك في برنامج أوروبا بالمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس)، في تقريره نشره المعهد إن "تقرير دراغي يسلط الضوء على 3 طرق لإعادة تحفيز النمو، وهي سد فجوة الابتكار مع الولايات المتحدة والصين في التقنيات الرئيسية، واستغلال الفرص من عملية إزالة الكربون العالمية الحالية، وتأمين سلال الإمداد من التبعيات الجيوسياسية والتي قد تتحول إلى نقاط ضعف".
وتوصي الوثيقة التي تتألف من 400 صفحة، بسياسات خاصة بالقطاعات (مثل الطاقة والأدوية والذكاء الاصطناعي والنقل)، وسياسات أفقية (مثل الابتكار والمهارات والحوكمة)، لضمان احتفاظ الاتحاد الأوروبي بالقدرة على المنافسة مع الولايات المتحدة والصين في المستقبل.
Amid leadership vacuums in both Paris and Berlin, the Franco-German engine is stalled at a time when it is needed to give Mario Draghi’s roadmap impetus, warns @seb_maillard. https://t.co/vCcTymVNfH
— Chatham House (@ChathamHouse) September 11, 2024وأوضح ميلارد أن الاستراتيجية الشاملة تتطلب جهوداً مشتركة عاجلة وضخمة وملموسة من دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك التزامات مالية هائلة. ولتعزيز النمو وزيادة الإنتاجية، قدر دراغي أن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى استثمارات عامة وخاصة تتراوح بين 750 و800 مليار يورو (850-829 مليار دولار) سنوياً، أي ما يصل إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي. وسيتم توجيه ما يصل إلى 450 مليار يورو من هذا المبلغ إلى التحول في مجال الطاقة. وبالمقارنة، تم إنفاق ما يتراوح بين 1 و2% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً خلال خطة مارشال (1951-1948).
وأشار ميلارد إلى أن استراتيجية دراغي لا تتعلق فقط بالمال، حيث تدعو إلى موقف جديد صوب التعاون من خلال تنسيق السياسات، والتخلص من الروتين واحترام مبدأ اللامركزية بشكل أفضل لكي يظل الاتحاد الأوروبي يركز على مجالات، يحقق من خلالها أعلى قيمة مضافة. كما تدعو الاستراتيجية إلى إصلاح قانون المنافسة لتسهيل عمليات اندماج الشركات الأوروربية.
وكانت المفوضية الأوربية قد حظرت في عام 2019، اقتراح شركة سيمنس للاستحواذ على شركة الستوم في قطاع القطارات فائقة السرعة. إلا أن دراغي يرى أنه يجب مراعاة الأمن الاقتصادي عند مراجعة عمليات الاندماج، حيث تتطلب المنافسة الشرسة من جانب الصين وجود شركات صناعية أوروبية أكبر.
واعتبر ميلارد أن التقييم المثير للقلق الذي جاء في التقرير ليس جديداً ويعترف به على نطاق واسع على أنه دقيق. إلا أنه تدخل مثير من أجل إثارة الوعي السياسي بشأن ما هو على المحك، حيث يقول دراغي لدول الاتحاد الأوروبي "إذا لم تتحدوا وتتحركوا الآن، ستواجهون معاناة بطيئة". ويعد هذا تأكيداً لخطاب ماكرون الثاني في جامعة السوربون في أبريل (نيسان) الماضي بشأن "خطر موت أوروبا".
وتأتي الدعوة لليقظة هذه في بداية دورة مؤسسة جديدة تستمر 5 أعوام في أعقاب الانتخابات الأوروبية. وبالإضافة إلى تقرير انريكو ليتا رئيس وزراء إيطاليا الأسبق، بشأن مستقبل السوق الموحدة الذي تم تقديمه في أبريل (نيسان) 2024، سيشكل تقرير دراغي بلا شك أجندة المفوضية الأوروبية المقبلة.
ومن المتوقع أن تظهر أفكاره في خطابات المهمة التي سيتم إرسالها إلى المفوضين المعينين حديثاً. وتعتزم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي أمرت بإعداد التقرير، الاستفادة من السمعة الجيدة لدارغي، معد التقرير، لإعطاء أولوياتها المقبلة المزيد من التأثير السياسي.
ويرى ميلارد أن هذا ربما لا يكون كافياً لتحفيز الإصلاحات. وقد نال التقرير على الفور دعماً إيجابياً من مجموعات سياسية مختلفة في البرلمان الأوروبي، إلا أنه صدر خلال وقت يشهد فراغاً في القيادة. فقد تراجع نفوذ فرنسا في الاتحاد الأوروبي بسبب الهزيمة السياسية الأخيرة التي مني بها ماكرون، وعدم استقرار الحكم وضعف المالية العامة.
وفي ألمانيا، تم تقويض سلطة المستشار الألماني أولاف شولتس، بسبب الأداء الضعيف لائتلافه في الانتخابات الأوروبية والإقليمية التي أجريت هذا العام. وهكذا فإن المحرك الفرنسي الألماني توقف في وقت هناك حاجة فيه لمنح خارطة الطريق التي وضعها دراغي دفعة سياسية. ومع ذلك، وحتى في ظل ظروف أفضل، لا يمكن على الاطلاق تنفيذ هذا التقرير بسهولة، حيث أنه يتجاوز العديد من الخطوط الحمراء في نفس الوقت، لذلك لا يستطيع العديد من قاده الدول الأوروبية أن يؤيدوه ببساطة.
وقال ميلارد إن "تحرك دراغي لإصدار ديون جديدة، استناداً إلى خطة التعافي من فيروس كورونا، يعتبر تقليدياً أمراً مرفوضاً من جانب ألمانيا وهولندا". وقد رفض وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر على الفور الفكرة، كما أن فون دير لاين لم تدعمها أيضاً. كما أن تخصيص المزيد من "الموارد الخاصة" لتمويل ميزانية الاتحاد الأوروبي يظل مثيراً للجدل للغاية، بغض النظر عن المشهد السياسي، وكذلك إصلاح سوق الطاقة من خلال فصل أسعار الطاقة المتجددة عن الوقود الأحفوري.
ويواجه التقرير اختبارين سياسيين قادمين: الأول هو اجتماع المجلس الأوروبي غير الرسمي في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في بودابست، والذي سيشهد تقديم دراغي لتوصياته بعد الانتخابات الأمريكية مباشرة، والتي ربما تؤدي نتيجتها إلى إعادة ضبط المزاج السياسي في الاتحاد الأوروبي. ومن المتوقع أن يضغط ماريو دراغي على القادة بشكل مباشر بشأن الحاجة الملحة لاتخاذ إجراء قوي.
وأوضح أن الإشارة الثانية والملموسة بشكل أكبر حول مدى جدية التعامل مع التقرير، ستأتي خلال المفاوضات بشأن "الإطار المالي متعدد الأعوام" المقبل، والذي يشكل ميزانية الاتحاد الأوروبي للفترة بين عامي 2028 و2034. ومن المتوقع إعداد المسودة الأولى في العام المقبل.
كما من المتوقع أن يظهر حجم الموازنة ومواردها وعمق إعادة توزيع نفقاتها الرئيسية، ما إذا كان التقرير قد نجح في جعل الاتحاد الأوروبي أكثر طموحاً. وبشكل عام، فإن أفضل طريقة لتنفيذ هذا التقرير ليس جعله يقتصر على أكثر المقترحات إزعاجاً بشأن الأصول الأوروبية الآمنة- خاصة مع تعرض (خطة التعافي من فيروس كورونا)، لانتقادات حادة من المحكمة الأوروبية لمراجعي الحسابات نفسها.
وربما يصبح إصدار دين جديد للاتحاد الأوروبي مقبولاً بشكل أكبر فقط في حالة حدوث صدمة اقتصادية جديدة. ويمكن تحقيق الكثير في القطاعات المتنوعة بين توصيات التقرير والتي يبلغ عددها 170 توصية والتي تستحق المناقشة. ويتعين على أعضاء البرلمان الأوروبي القيام بذلك خلال جلسات الاستماع المقترحة للمفوضين في الشهر المقبل.
واختتم ميلارد تحليله بالقول إنه "كما يوضح التقرير بشكل صحيح، فإن الدول الأكثر رغبة في تعزيز تعاونها في مجالات معينة بإمكانها القيام بذلك وعدم انتظار تحرك كل دول الاتحاد الـ27، ويمكنها حتى القيام بذلك خارج الإطار المؤسسي للاتحاد الأوروبي إذا اضطرت لذلك".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الاتحاد الأوروبي للاتحاد الأوروبی الاتحاد الأوروبی من المتوقع
إقرأ أيضاً:
اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية تعلن اعتماد الجفالي رئيسًا للاتحاد السعودي للأولمبياد الخاص
المناطق_واس
جدّدت اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية لرئيس للاتحاد السعودي للأولمبياد الخاص الدكتورة مها بنت أحمد الجفالي اعتمادها رئيسًا لدورة انتخابية ثانية، لمدة أربع سنوات جديدة من 2024م وحتى 2028م.
وحظيت الجفالي بالثقة لتعيينها رئيسًا للاتحاد السعودي للأولمبياد الخاص للمرة الثانية بعد انتهاء الدورة الأولمبية 2020 – 2024م، حيث شاركت مع مجلس إدارة الاتحاد في تعزيز حضور الاتحاد محليًا، وإقليميًا، ودوليًا.
أخبار قد تهمك اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية تُنفذ مبادرة “دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في التطوع الرياضي” 16 فبراير 2025 - 7:15 مساءً ابن جلوي يحضر حفل استقبال دورة الألعاب الآسيوية الشتوية “هاربن 2025” 10 فبراير 2025 - 3:56 صباحًاوثمنت الدكتورة الجفالي لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن تركي بن فيصل بن عبدالعزيز رئيس اللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية، وأعضاء الجمعية العمومية الثقة بتمديد رئاستها للاتحاد السعودي للأولمبياد الخاص لدورة أولمبية جديدة حتى عام 2028م، معربةً عن تطلعها ومجلس الإدارة وفريق العمل إلى تعزيز التعاون مع مختلف الجهات لتحقيق مزيد من النجاحات.
وشهد الاتحاد السعودي للأولمبياد الخاص خلال الدورة السابقة العديد من الاستضافات الإقليمية في المجالات الصحية، والقيادية، والرياضية، حيث نظّم دورات تدريبية متخصصة للمدربين في رياضات أولمبية متعددة، إضافةً إلى برامج تأهيل للأطباء والمتخصصين الصحيين لتمكينهم من التعامل مع لاعبي الأولمبياد الخاص، كما استضاف الاتحاد المجلس الإقليمي للاعبين القادة، مما عزز من تمكين الرياضيين من ذوي الإعاقة الفكرية والنمائية.
وخلال الأعوام القليلة الماضية، حقق الاتحاد إنجازات بارزة، أبرزها زيادة عدد اللاعبين المشاركين في البرامج والأنشطة الرياضية، وتوسيع نطاق الخدمات الرياضية لتشمل مناطق جديدة في المملكة، كما شهدت ذات الفترة تطويرًا للمسابقات والبرامج الرياضية، إلى جانب تنظيم الألعاب الوطنية للأولمبياد الخاص للمرة الأولى، مما أسهم في تعزيز مهارات اللاعبين ورفع أعداد المشاركين.
وشهدت الأندية التابعة للاتحاد نموًا ملحوظًا، مما يعكس التوسع المستمر في قاعدة اللاعبين والمدربين.
على الصعيد الدولي، حقق الاتحاد نجاحات كبيرة، أبرزها المشاركة في الألعاب العالمية الصيفية – برلين 2023 بأكبر وفد سعودي في تاريخ الأولمبياد الخاص والمكوّن من 130 شخصًا، كما حقق منتخب كرة القدم الموحدة إنجازًا استثنائيًا بالفوز بالميدالية الذهبية في بطولة كأس العالم لكرة القدم الموحدة 2022، التي أقيمت في الولايات المتحدة الأمريكية (ديترويت)، إلى جانب مشاركة لاعبي الأولمبياد الخاص السعودي في العديد من البطولات الخليجية، والإقليمية، والآسيوية، والتي حققوا خلالها إنجازات مشرفة رفعت اسم المملكة عاليًا.
وفي إطار التوجه المستقبلي، أطلق الاتحاد إستراتيجية 2024 – 2028 تحت شعار “مجتمع صحي شامل عبر الرياضة”، التي تهدف إلى تعزيز الشمولية وتوفير فرص أكبر للمشاركة في الرياضات الأولمبية الخاصة على جميع المستويات، بما يسهم في تطوير قدرات الرياضيين وتحقيق رؤى مستدامة تعكس طموحات المملكة في هذا المجال.