شهادات توثق كذب رواية إسرائيل حول مقتل المتضامنة الأمريكية عائشة إيجي
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
أكدت شواهد جديدة تخص استهداف المتضامنة الأمريكية من أصل تركي في الضفة الغربية، قيام جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق النار على المتظاهرين بعد فترة طويلة من انسحابهم، وتراجعهم.
وبحسب صحفية واشنطن بوست الأمريكية، الشواهد شككت في رواية إسرائيل التي قالت إن عائشة نور إيجي أصيبت برصاصة "غير متعمدة" خلال "أعمال شغب عنيفة"، وأن النيران كانت تستهدف "المحرض الرئيسي".
وأكدت الفتاة التركية الأمريكية البالغة من العمر 26 عاما لزملائها الناشطين أنها تأمل أن تكون "حضورا وقائيا" للفلسطينيين في وقت يتصاعد فيه العنف في جميع أنحاء الأراضي المحتلة من قبل إسرائيل.
وقالت متطوعة من أستراليا في أوائل الستينيات تدعى هيلين، كانت مع إيجي طوال اليوم: "لقد قررنا أننا لا نريد أن نكون بالقرب من أي حدث على الإطلاق"، ولكن الحذر الذي توخته عائشة إيجي لم يحمها، فقد أصيبت برصاصة في رأسها أدت إلى وفاتها في قرية بيتا بالقرب من نابلس، في أعقاب اشتباكات قصيرة بعد صلاة الجمعة.
التحقيق الذي أجرته صحيفة واشنطن بوست وجد أن عائشة إيجي أصيبت بالرصاص بعد أكثر من نصف ساعة من ذروة المواجهات في بيتا، وبعد نحو عشرين دقيقة من تحرك المتظاهرين على الطريق الرئيسي ـ على بعد أكثر من مائتي ياردة من القوات الإسرائيلية.
وتحدثت صحيفة واشنطن بوست إلى 13 شاهد عيان وسكان بيتا، واستعرضت أكثر من 50 مقطع فيديو وصورة قدمتها حصريًا حركة التضامن الدولية، وهي المنظمة التي تطوعت فيها إيجي، ومنظمة فزعة Faz3a، وهي منظمة فلسطينية أخرى للدفاع عن حقوق الفلسطينيين.
وتحدث بعض الناشطين الأجانب بشرط عدم الكشف عن هويتهم، خوفًا من الانتقام الإسرائيلي، بما في ذلك منعهم من العودة إلى البلاد.
وفي صباح الجمعة، قال ناشطون إن إيجي وأربعة متطوعين آخرين استأجروا سيارة أجرة في رام الله، وقادوا السيارة حوالي 30 ميلا شمالا إلى بيتا، وهي نقطة اشتعال مألوفة.
قالت الناشطة الأسترالية هيلين، التي تم تعيينها "كصديقة" للناشطة عائشة ايجي لمراقبة مظاهرة الجمعة، وكان موقع صلاة الجمعة ـ عبارة عن حديقة تضم أرجوحة للأطفال ومنزلقاً على قمة تلة شديدة الانحدار ـ هادئاً عندما وصل المراقبون الدوليون. لكن السكان والناشطين قالوا إن الجنود الإسرائيليين كانوا متمركزين بالفعل على طول محيط المكان.
وروى ناشط بريطاني أنه تحدث إلى إيجي بينما كانا ينظران إلى الجنود على الجانب الآخر من سياج الحديقة. وقالت له: "أنا متوترة، لأن الجيش موجود هناك".
بدأت الصلاة بعد الساعة 12:30 ظهرًا بقليل. اصطف الرجال في صفوف. كانت إيجي جالسة على جانب الطريق، ورفعت يديها للعبادة. وتُظهِر مقاطع الفيديو التي التقطها النشطاء مشهدًا هادئًا.
وبمجرد انتهاء الصلاة في حوالي الساعة 1:05 ظهرًا، تغير المزاج، وفقًا لمقاطع الفيديو وشهود العيان. فقد ابتعد السكان الأكبر سنًا بسياراتهم. واتخذ الشباب والأطفال مواقعهم على الطريق المؤدي إلى أسفل الحديقة.
وقال شهود عيان إن الاشتباكات بدأت في البداية على وتيرة منتظمة بين جنود مدججين بالسلاح ومحتجين فلسطينيين. وأظهرت الصور أن بعضهم ألقى الحجارة، بما في ذلك باستخدام المقاليع، بينما أحرق آخرون الإطارات على التل.
وقال سكان وناشطون إن القوات الإسرائيلية استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشد، ثم لجأت على الفور إلى استخدام الذخيرة الحية.
كان متطوع أمريكي آخر يعمل مع "فزعة"، يدعى أليكس تشابوت، متأخرًا عن موعده. وعندما بدأ في الصعود إلى التل إلى منطقة الصلاة، أخرج هاتفه ليبدأ التصوير. وكانت الساعة 1:14 ظهرًا، وفقًا لمراجعة صحيفة واشنطن بوست لبيانات الفيديو.
"غاز، غاز، غاز!" يصرخ أحدهم في مقطع فيديو ثانٍ صوره بعد دقيقتين، وتظهر الإطارات المشتعلة في الطريق.
وقال شابوت (43 عاما) وهو يصور المشهد وهو يتراجع إلى أسفل التل: "الجنود اختفوا عن الأنظار". ثم استدار ليركض، ثم توقف على مقربة من طفل يستخدم مقلاعا.
وقال ناشطون وفلسطينيون آخرون إنهم اختبأوا خلف الأشجار والصخور والمدرجات، بينما وضع آخرون حواجز في نقاط مختلفة على الطريق، بما في ذلك الصخور وحاوية قمامة. وقال المتظاهرون إن هذه كانت تكتيكًا شائعًا يستخدم لمحاصرة القوات الإسرائيلية، التي غالبًا ما تداهم القرية بعد صلاة الجمعة.
وتظهر صورة التقطت في الساعة 1:21 ظهرا أربعة جنود إسرائيليين على الأقل على قمة التل. ويظهر مقطع فيديو وصور في الدقائق القليلة التالية جنودا يتخذون مواقع على أرض مرتفعة - بما في ذلك على سطح منزل علي معالي، أحد سكان بيتا، وبالقرب من مركبة عسكرية.
واستولت القوات الإسرائيلية على سطح منزل بشكل متكرر أيام الجمعة، لأن "الموقع استراتيجي". ووصلوا في ذلك اليوم "بعد الصلاة مباشرة" وصعد أربعة جنود على الأقل إلى السطح.
قال أحد الناشطين خارج الكاميرا باللغة اليابانية، "إنهم يطلقون النار ببنادق عادية!"
وبعد دقيقة واحدة، اتصلت الناشطة البريطانية بإيجي للتحقق من مكانها، وفقًا لسجل المكالمات الذي اطلعت عليه صحيفة واشنطن بوست. وأخبرته إيجي أنها وصلت بالفعل إلى بستان الزيتون أسفل التل.
قالت هيلين أنها اتخذت موقفها خلف شجرة، وكان إيجي على يسارها، كانت لدينا فرصة لالتقاط أنفاس عميقة... والوقوف على مسافة اعتقدنا أنها آمنة".
وقال أحد النشطاء أنه أحد الجنود على السطح كان "يوجه بندقيته في اتجاهنا"، وكان أقرب شخص إلى القوات الإسرائيلية في ذلك الوقت، على بعد ما يزيد قليلاً عن 200 ياردة؛ وكان إيجي أبعد بنحو 30 ياردة.
وفي بستان الزيتون، رأت هيلين .. الناشطة عائشة إيجي تسقط على وجهها على الأرض بجانبها. فقامت المرأة الأكبر سناً بقلبها على جانبها. وقالت إن الدم كان يتدفق من الجانب الأيسر من رأس إيجي، وكانت فاقدة للوعي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الضفة الغربية الاحتلال الإسرائيلي إسرائيل الضفة الغربية الاحتلال المتضامنة الامريكية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات الإسرائیلیة صحیفة واشنطن بوست عائشة إیجی بما فی ذلک
إقرأ أيضاً:
قالت شهرزاد: رواية مريم قدّورة من جباليا
ولما كان اليوم الرابع والأربعون لحرب الإبادة الجماعية على غزة الأبيّة، وفي صبيحة يوم الأحد، التاسع عشر من تشرين الثاني، من العام ألفين وثلاثة وعشرين ميلادي، والخامس من جمادى الأولى، من العام ألف وأربعمائة وخمسة وأربعين هجري، وبعد أن انطلقت القذائف الناريّة التي أطلقتها القوات الإسرائيلية باتجاه الأراضي الزراعيّة، وواصلت الطائرات الحربيّة القصف بمئات الصواريخ على المنشآت الخدميّة والمباني السكنيّة من محافظات غزة الشماليّة والشرقيّة، حدَّثتني مروة يوسف قائلة: حدّثتني مريم عبد المنعم قدّورة، ابنة جباليا، عن هول اليوم الذي عاشته، والمرّ الذي تجرعته، حين استشهد زوجها وأبناؤها الأربعة، وشقيقتها وأولادها، وأصيب جسمها بحروق بليغة؛ إثر قصف قذيفة صاروخيّة هدمت البيت فوق رأسها ورؤوس أفراد عائلتها، وقذفتها من الطابق الثاني بعيداً إلى الشارع، ثم أفقدتها الوعي لتجد نفسها داخل المستشفى الإندونيسيّ، الذي كان يتعرَّض لحزام ناريّ جعل أطباء المستشفى يُعجِّلون بنقلها إلى مستشفى غزة الأوروبيّ.
وكان أيها الجمهور «السعيد»، ذو الرأي الرشيد، أن حمل الأطباء مريم الجريحة، وركضوا بها إلى المستشفى لإسعافها بسرعة كبيرة؛ بسبب إصابتها الخطيرة. لم يعرف الأطباء اسمها أو أي معلومات عنها، حتى استفاقت وباعتزاز قالت: أنا مريم زوجة «رائد قدّورة». وحين بلغ الخبر أهلها، جاؤوا لمساندتها، ولم يقووا على إخبارها باستشهاد زوجها، أو أولادها أحمد وهدى وسما ولما، خاصة أن الأطباء أبلغوهم أن إصابتها مميتة، وأن نجاتها تكاد تكون مستحيلة.
ولما كان من الصعب إخفاء الحقيقة مدة طويلة، يا سادة يا كرام، عرفت مريم ما حدث لعائلتها من طبيبة ماليزية كانت صديقتها، تعرّفت عليها، حين كانت وأولادها ترافق زوجها، الذي كان يتابع دراسته العليا لنيل درجة الدكتوراه من جامعات ماليزيا.
لم تستطع مريم استيعاب ما حدث، أو وصف ما حدث، كان زوجها وأولادها حياتها التي أحبَّت، والحصن الذي استندت، والمستقبل الذي خطّطت.
فُجعت الصبية، الوردة النديّة، ولم تصدِّق اختفاء عائلتها، فكادت تفقد عقلها؛ ضحكت وبكت وانهارت، وفي غرفة العناية المركزة عشرة أيام بقيت، لتخرج بعدها وتسلَّم بقدرها، وتشكر ربها، الذي أكرم بالشهادة أحباءها.
روت مريم قدورة، والألم يعتصرها، والوجع يفتِّتها، عن آلام حروقها التي تضاعفت، ليصبح جرحها جرحَين، وألمها ألمَين، ومصابها مصابَين، وعن انتظارها ثلاثة شهور في المستشفى الأوروبي، حتى جاءت الموافقة على علاجها في الخارج، رغم أن الأطباء كتبوا تقارير منذ إصابتها، تفيد بأهمية الإسراع في علاجها.
وكان، أيها الأفاضل، أن وصلت مريم الجريحة إلى مصر، يوم الثاني من شباط، من العام الحالي، بصحبة والدتها، وأحد إخوتها، لتبدأ رحلة علاجها في مستشفى السلام التخصصيّ للحروق بالقاهرة، وتركت والدها المريض، وبقية أشقائها ومن ضمنهم أطفال، في دير البلح، ليتنقلوا من خيمة إلى أخرى، ومن عذاب إلى عذاب، ومن تهجير إلى تهجير.
ولم تنفرج أسارير مريم، أو يضيء وجهها، إلا حين تحدّثت عن أطفالها: أحمد الذي كان قد بلغ عشر سنوات والتحق بالصفّ الخامس، وهدى التي كانت قد أنهت صفّ الروضة والتحقت مدة شهر في الصفّ الأوّل، و»سما» و»لما»، «التوأمان»؛ اللتان وُلدتا وقُتلتا خلال حرب الإبادة، بعد أن أنهتا شهراً واحداً من عمرهما.
تحدَّثت عن فخرها واعتزازها ببناتها وولدها. بدأت بأحمد قرّة عينها، الذي كان يتابع باهتمام كبير ما حدث ويحدث في فلسطين، وما يحدث بالتحديد من اعتداءات على الأقصى، ما جعله يستمع باستمرار إلى أنشودة: «إيدي بإيدك نحو الأقصى»، وينظر بإعجاب إلى صور الشهداء، ويعرف عن حياتهم وطريقة استشهادهم، ويعبَّر عن رغبته أن يكون مستقبلًا واحداً منهم.
أحبّ الكرة وأحبّ السباحة، حتى أنه سجَّل في نادٍ للكرة، ونادٍ للسباحة. وكان متمكناً في اللغة الإنجليزية، بسبب إقامته ثماني سنوات في ماليزيا، الأمر الذي جعل أستاذه في المدرسة يكلّفه شرح الدرس في حصة اللغة الإنجليزية.
أثنت على شجاعة أحمد، وشخصيته القيادية، والذي مشى على خطى والده/ صديقه ذي الشخصية الريادية.
وأسهبت حين تحدّثت عن ابنتها هدى والتوأمين سما ولما. كانت هدى مهجة روحها، وصديقتها، الفتاة الذكيّة، ذات الطلّة البهيّة، التي تميَّزت بجمال خطّها وروحها وصوتها، أما التوأمان سما ولما، فكانتا في البيت مصدراً للسعادة، رغم أنهما لم تشهدا سوى حرب الإبادة. لم تنسَ الرحلة المرعبة التي عاشت وهي في سيارة الإسعاف، والساعات الطويلة التي انتظرت للوصول إلى المستشفى للولادة تحت وابل قصف مجنون ومتواصل، أو الليلة المرعبة التي شهدت بعد الولادة القيصرية في المستشفى، الذي تعرَّض لقصف همجيّ ومتواصل، جعلت كل من فيه يختبئ تحت الأسرّة بمن فيهم الممرِّضات والمرضى.
تتساءلون عن حياة مريم بعد اقتلاعها من بيتها، وفقد زوجها وأبنائها الأربعة، يا سادة يا كرام؟!
جافى النوم مريم، وصاحبتها الأحزان والآلام والخوف من فقد المزيد من الأحباب، وبقيت طازجة في ذاكرتها صورة الزوج والبيت والأولاد.... وووووو.
ووووو أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام الجراح!
(الأيام الفلسطينية)