أعلنت وزارة الدفاع التركية أن التحقيقات المتعلقة بالمشاهد التي ظهرت بعد حفل تخرج الأكاديمية العسكرية٬ تتواصل بدقة كبيرة. وفي مؤتمر صحفي اليوم، أفادت المصادر في الوزارة بأن التحقيقات مستمرة بشأن قسم يمين التخرج الذي تضمن حمل السيوف، وأضافت أن الإجراءات اللازمة ستُتخذ وفقاً للنتائج التي سيتم التوصل إليها، بما في ذلك الإجراءات التأديبية ضد أي شخص قد يكون له مسؤولية أو تقصير في هذا الصدد.

وذكرت الوزارة في بيانها:

“في فترة يتميز فيها جيشنا بفهم عالٍ للانضباط ويعمل بلا كلل لحماية بلدنا وأمتنا النبيلة ضد جميع التهديدات والمخاطر، وتنفذ القوات المسلحة أنشطتها الأكثر كثافة وتأثيراً منذ حرب الاستقلال، وتحقيق النجاحات المستمرة في مكافحة الإرهاب، وحماية الحدود، والأنشطة الداخلية والخارجية، من الضروري أن يكون الجميع أكثر وعيًا وحذرًا لتجنب التشويش على الحادثة ومحاولة ترويج المعلومات المغلوطة. نؤكد مجددًا أن قواتنا المسلحة التركية ملتزمة بالدستور والقوانين، وضمن إطار القيم الوطنية والدينية والمهنية، وتحت قيادة رئيس الجمهورية وتوجيهات القادة، وهي في خدمة الأمة.”

وأثارت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في وقت سابق٬ والتي أكّد فيها أنه سيتم تطهير الجيش من الخريجين الذين أقسموا على الولاء لأتاتورك، جدلا وموجة ردود فعل واسعة في الأوساط السياسية التركية وخصوصا لدى المعارضة.

وقال أردوغان إنه سيتم “تطهير هذه القلة الجاهلة من الجيش، نحن لم نصل إلى هنا بسهولة، ولن نتسامح مع هذه التصرفات”، بعد أن قام عشرات الطلاب الخريجين بأداء قسم غير تقليدي في حفل تخريج دفعة جديدة من ضباط كلية الحرب البرية بجامعة الدفاع الوطني، بحضور الرئيس التركي وعدد من كبار القادة العسكريين، مما أثار تساؤلات عن دلالاته السياسية.

بدأ الحفل وفق البروتوكولات المعتادة وأدى الضباط القسم الرسمي، غير أن المفاجأة جاءت بعد انتهاء المراسم الرسمية، عندما نظّم عدد من الضباط حفلا موازيا لم يكن مدرجا في برنامج مراسم التخرج، حيث رفعوا سيوفهم بشكل جماعي ورددوا بصوت موحد عبارة “نحن جنود مصطفى كمال، نحن حراس العلمانية”، في إشارة إلى مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك. وأعاد هذا الموقف إلى الذاكرة مشاهد من تاريخ تركيا، حين كان للجيش دور سياسي مؤثر في الشؤون الداخلية.

وتباينت آراء رواد وسائل التواصل الاجتماعي بين من اعتبره مجرد تعبير عن تقدير الضباط لإرث مؤسس الجمهورية التركية، وبين من رآها خطوة تحمل دلالة تحدٍّ للحكومة بما تضمنته من قسم غير رسمي واستعراض بالسيوف، مستحضرين ذكريات الانقلابات العسكرية التي شهدتها تركيا في الماضي.

المصدر: تركيا الآن

كلمات دلالية: تركيا

إقرأ أيضاً:

لماذا ألغت الأكاديمية البحرية محاضرة لي عن الحكمة؟

على مدار السنوات الأربع الماضية، كنت ألقي سلسلة محاضرات في فضائل مذهب الرواقية الفلسفي لطلبة الأكاديمية البحرية الأمريكية في أنابوليس بولاية ميريلاند، وكان يفترض أن أواصلها في الرابع عشر من أبريل الجاري بمحاضرة لطلاب الصف الثاني موضوعها هو الحكمة.

وقبل نحو ساعة من بدء المحاضرة، تلقيت اتصالا هاتفيا: هل يمكن أن أمتنع عن الإشارة في محاضرتي إلى رفع 381 كتابا يفترض أنها مثيرة للجدل من أرفف مكتبة نيمتز الجامعية؟ كنت قد أرسلت الشرائح التي سأعتمد عليها في محاضرتي إلى قيادة الكلية فأبدت تخوفا كبيرا من ردود الفعل الانتقامية المحتملة إذا بدا أن محاضرتي تنتهك الأمر التنفيذي رقم 14151 الخاص بـ(إنهاء البرامج الحكومية المتطرفة غير المجدية المتعلقة بالتنوع والمساواة والاحتواء والتفضيل).

ولما رفضت ذلك ألغوا محاضرتي، وألغوا كذلك كلمة كان يفترض أن ألقيها أمام فريق البحرية لكرة القدم الذي تروج كتبي عن الفلسفة الرواقية لدى أعضائه. (وصرح متحدث باسم البحرية الأمريكية لصفحة الرأي في نيويورك تايمز بأن الأكاديمية «أجرت تعديلا في الجدول يتماشى مع مهمة إعداد الطلبة للخدمة العسكرية، وأن الأكاديمية البحرية مؤسسة غير سياسية»).

ولو كانوا سمحوا لي بالمضي في برنامجي، فهذه هي القصة التي كنت أعتزم أن أحكيها للطلبة:

في خريف عام 1961، شرع ضابط بحرية شاب يدعى جيمس ستوكديل، وهو خريج الأكاديمية البحرية وسيحصل في المستقبل على وسام الشرف ويرتقي إلى رتبة نائب أدميرال، شرع في دراسة الماركسية بجامعة ستانفورد بعد طول انتظار وشوق. وحكى لاحقا فقال «لم نكن نقرأ نقدًا للماركسية. لم نكن نقرأ إلا المصادر الأساسية. طوال العام لم نقرأ إلا أعمال ماركس ولينين».

قد يبدو غريبًا أن تبعث البحرية ستوكديل -وكان طيارا مقاتلا في السادسة والثلاثين من العمر آنذاك- للحصول على شهادة الماجستير في العلوم الاجتماعية، لكنه كان يعلم سبب ذلك، ففي رسالة بعثها إلى أبويه في ذلك العام، ذكّرهما بدرس تعلمه منهما وانطبع في نفسه: «ليس بوسع المرء في الحقيقة أن ينافس ما لا يحسن فهمه».

في ذلك الوقت، لم تكن الماركسية محض مادة أكاديمية مجردة، وإنما كانت الأساس الأيديولوجي لأكبر عدو جيوسياسي للولايات المتحدة، فكانت ذات شأن خطير، وكان السوفييت يروجون رؤية لشيوعية عالمية، وكان الصراع في فيتنام مشتعلًا، وكان الفيتناميون الشماليون يتحركون بدافع مزيج غاشم من عقيدة جامدة وحماس ثوري، فكانت الماركسية - كشأنها اليوم، فزاعة حرب ثقافية في أيدي الساسة والديماجوجيين.

بعد سنوات قليلة من إكماله دراسته، في سبتمبر 1965، تم إسقاط طائرته فوق (ثانه هوا) بشمالي فيتنام، وبينما كان يهبط بالمظلة إلى الأسر وربما القتل، لاذ عقله بفلسفة إبكتيوس التي تعرف بها من أستاذ في جامعة ستانفورد.

سيقضي السنوات السبع التالية في حالات متفاوتة من العزلة، يتعرض لتعذيب وحشي. فقد سعى آسروه عامدين إلى كسره، ربما لاستشعارهم أنه يعرف -بوصفه طيارا- شيئا عن «واقعة خليج تونكين» وهي مواجهة مدبرة مع القوات الفيتنامية الشمالية أدت إلى مزيد من التورط الأمريكي في فيتنام. اعتمد ستوكديل على رواقية إبكتيوس، لكنه أيضًا استفاد بمعرفته بممارسات قاهريه وعقليتهم.

أوضح ستوكديل ذلك بقوله «في هانوي، كنت أفهم النظرية الماركسية أكثر مما يفهمها المحققون. فكان بوسعي أن أقول للمحقق إن (لينين لم يقل هذا، أنت منحرف عن الفكر اللينيني)».

في كتاباته وأحاديثه بعد رجوعه من الأسر في سجن كان يعرف بـ(هيلتون هانوي)، كان ستوكديل كثيرا ما يشير إلى ما أطلق عليه «بيئات الابتزاز» في وصف تجربته في الأسر. إذ طولب هو ورفاقه من الأسرى بإجابة أسئلة بسيطة أو بتنفيذ مهام تبدو بريئة، من قبيل الظهور في تسجيلات مصورة، فإن رفضوا، تكون لرفضهم عواقب.

في حالتي، لم يلمح أحد في الأكاديمية البحرية بطبيعة الحال إلى عواقب لرفضي، ولكن الأمر بدا مماثلا تماما. كان عليّ أن أختار بين رسالتي وبين الاستمرار في دخول مؤسسة كان شرفًا لي دائمًا أن أتحدث فيها.

وبوصفي كاتبا، فإنني أومن إيمانا عميقا بقوة الكتب. وبوصفي صاحب متجر كتب في تكساس، كثيرا ما تكلمت عن حظر الكتب. وكان الأهم من ذلك هو موضوع محاضرتي: فضيلة الحكمة.

ومثلما أوضحت مرارًا للذين استضافوني، لم أكن حريصا بأي حال على التسبب في حرج لأحد أو التعرض للسياسة مباشرة، وإنني أفهم حجم الضغط الهائل الذي يتعرضون له، وخاصة أنهم عسكريون، ولم أكن راغبا في أن أتسبب لهم في متاعب، غير أنني كنت أشعر بأنه من الضروري القول بأن السعي إلى الحكمة مستحيل دونما اشتباك مع أفكار مزعجة (ومتحدية).

لقد استعمل الفيلسوف الرواقي سينيكا استعارة عسكرية في مثل هذا الجدل بالذات، فقد قال إن «علينا أن نقرأ مثلما يقرأ جاسوس في معسكر العدو»، وذلك ما فعله ستوكديل حينما درس الماركسية على حساب البحرية الأمريكية، وذلك ما فعله سينيكا حينما كان يقرأ إبيقور ويكثر من الاستشهاد بأقواله وهو رأس المدرسة الفلسفية المنافسة للرواقية.

وليست الإدارة الأمريكية الحالية فريدة بأي حال إذ ترغب في قمع ما لا يروق لها من أفكار أو ما تعده أفكارا خطيرة، فمثلما كنت أعتزم أن أقول لطلبة البحرية، ثمة ضغط سياسي كبير منذ خمسينيات القرن العشرين على ما يوجد في مكتبات المؤسسات الفيدرالية من كتب. ولقد طولب أيزنهاور بأن يحظر الكتب الشيوعية من السفارات الأمريكية فقاوم.

وقال لصحفي من ذي نيويورك هيرالد تريبيون في مؤتمر صحفي بعد تنصيبه «بصفة عامة، رأيي أن الرقابة والإخفاء لا يحلان مشكلة»، وأوضح أنه يتمنى لو أن مزيدا من الأمريكيين كانوا قد قرأوا هتلر وستالين في السنين السابقة، فلعل ذلك كان ليساعد على توقع الأخطار التالية. وانتهى بقوله «علينا أن نثقف أنفسنا إن كنا راغبين في إدارة حكم حر».

سيمضي رجال البحرية الأمريكية ونساؤها إلى قيادة مهام قتالية، وقيادة حاملات طائرات، وقيادة غواصات مزودة بأسلحة نووية، وإدارة مؤسسات ضخمة، وسوف نعهد إليهم عما قريب بمسؤوليات جسام وسلطات هائلة. ومع ذلك نخاف عليهم أن تخدعهم كتب معينة أو تغسل أدمغتهم؟

لم يكن كتاب «كفاحي» لهتلر من الكتب المرفوعة من مكتبة الأكاديمية البحرية وبرغم شناعة هذا الكتاب، فإنه يجب أن يكون متاحًا للباحثين وطلاب التاريخ، غير أن السماح به يجعل من الصعب تفسير منع ديوان «أعرف لماذا يغرد الطائر في القفص» لمايا أنجيلو. ومهما يكن ظن المرء في برامج التنوع والمساواة والاحتواء (D.E.I.)، فنحن لا نتكلم هنا عن كتابات أعداء خارجيين، وإنما نتكلم في أغلب الحالات عن فن وبحوث جادة ونقد مشروع للماضي الأمريكي. فمن الكتب المستبعدة كتاب عن الجنود السود في الحرب العالمية الثانية، وآخر عن طريقة تصوير النساء اللاتي لقين مصرعهن في الهولوكوست، وآخر عن إعادة تخيل كافكا عنوانه «الرجل الأبيض الأخير». فلا ينبغي لأحد في مؤسسة عامة أن يخشى فقدان وظيفته بسبب اعتراضه على هذا التجاوز الواضح، وخاصة المكلفين بالدفاع عن حريتنا. لكن ها هو ما وصلنا إليه.

لقد أدى عدم احتجاج قادة الأكاديمية على الأمر الأصلي -الذي يتعارض في اعتقادي مع الحريات الأكاديمية الأساسية والمنطق السليم- إلا أنهم باتوا الآن في موقف أصعب، إذ يحاولون قمع الانتقادات الموجهة لهذا القرار. وهنا يذكِّرنا ستوكديل بأن «التنازلات تتراكم عندما يضغط عليك مبتز ماهر». لقد شعرت، وأنا مرتاح الضمير، أنني لا أستطيع أن أحاضر قادة ومحاربي المستقبل هؤلاء حول فضيلة الشجاعة وفعل الصواب، مثلما سبق أن فعلت في عامي 2023 و2024، وأن أستسلم في الوقت نفسه لمطالبتي بعدم الإشارة إلى هذا المسار الفظيع المخالف للحكمة.

لقد أتيح لستوكديل في لحظات كثيرة، ومفهومة، فرصة القيام بالتصرف المناسب بوصفه أسير حرب. كان بإمكانه أن يتنازل. كان بإمكانه أن ينصاع فيجتنب ألما كبيرا، ويجتنب إصابات ستحرمه من استخدام ساقه بالكامل لما بقي من حياته، بل وربما كان يمكن أن يعود إلى وطنه وأهله في وقت أسرع. لكنه اختار ألا يفعل ذلك، رفض الخيار الابتزازي وتمسك بمبادئه.

مقالات مشابهة

  • لماذا ألغت الأكاديمية البحرية محاضرة لي عن الحكمة؟
  • اعتقالات وإقالات بجيش بوركينافاسو بعد محاولة انقلاب جديدة
  • يجب منح الجهاز صلاحيات جديدة تتناسب مع حالة الحرب وتتلاءم مع طبيعة المهددات الأمنية التي تهدد السودان
  • غرام الحسناوات..من هي الممثلة التركية سيفيل أكداج التي أنهت حياة صديقتها بـ30 طعنة؟
  • تفاصيل اجتماع وفد حماس مع وزير خارجية تركيا
  • "التضامن": لا غرامة جديدة على الأسر التي تعيد الأطفال المكفولين.. والقرار معمول به منذ أكثر من 4 سنوات
  • «نسور الحضارة 2025».. مستشار بالأكاديمية العسكرية يكشف تفاصيل التدريب المصري الصيني المشترك
  • تفاصيل اجتماع قيادة حماس مع رئيس المخابرات التركية
  • بوتين يوعز بإعداد قائمة بالشركات الأجنبية التي غادرت روسيا بعد بدء العملية العسكرية
  • إفادة الممثلة التركية التي قتلت صديقتها تثير الجدل