شدد رئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، ديفيد هيرست، على أن الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال في قطاع غزة "تزرع بذور الكراهية في كافة أرجاء المنطقة وتخلق الأعداء في طل الأطراف".

وقال هيرست في مقال عبر الموقع البريطاني ذاته، إن "نتنياهو كان محقا في القول إن إسرائيل مكروهة في الجانب الشرقي من وادي الأردن"، وذلك في أعقاب "عملية الكرامة" التي نفذها الشهيد الأردني ماهر الجازي وأسفرت عن مصرع 3 إسرائيليين.



وأضاف أن "الأردن الذي ظل هادئا إزاء القضية الفلسطينية لخمسين عاما قد تغير ولم يعد هادئا"، موضحا أن الاحتفالات الشعبية التي انطلقت في الأردن بعد العملية أثبتت أن جرائم الاحتلال في غزة والضفة الغربية المحتلة تسبب في انتشار "الكراهية في القطر المجاور".


وشدد هيرست على أن الحرب على غزة "ساهمت في زيادة التطرف في العالم العربي بطريقة لم تشهدها المنطقة منذ الربيع العربي قبل عقد مضى".

وتاليا ترجمة مقال ديفيد هيرست كاملا:

عندما قتل ثلاثة من حراس الأمن الإسرائيليين بالقرب من جسر معبر ألينبي الحدودي بين الأردن والضفة الغربية الأسبوع الماضي، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل "محاطة بأيديولوجيا قاتلة تقودها إيران".

وكان قد قال في ديسمبر (كانون الأول) إن إسرائيل تخوض حرباً على سبع جبهات، كلها بقيادة إيران.
إذا كان في ذلك إقرار بأن رفض نتنياهو إنهاء حملة الإبادة الجماعية التي تشن في غزة يجعل جميع حدود إسرائيل غير آمنة، فإنه إقرار جاء متأخراً. إلا أن نتنياهو كان محقاً في القول إن إسرائيل مكروهة في الجانب الشرقي من وادي الأردن.

وكما أثبتت الاحتفالات الشعبية التي انطلقت بعد عملية القتل، لا يحتاج الأردنيون إلى تحريض نشط من قبل إيران.

إنما زرعت بذور الكراهية في القطر المجاور بسبب حملة الإبادة الجماعية العسكرية التي تشنها إسرائيل في غزة وبسبب الإرهاب الذي يمارسه المستوطنون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. وها هو الأردن الذي ظل هادئاً إزاء القضية الفلسطينية لخمسين عاماً قد تغير ولم يعد هادئاً.

لقد ساهمت غزة في زيادة التطرف في العالم العربي بطريقة لم تشهدها المنطقة منذ الربيع العربي قبل عقد مضى.

القوة العشائرية
أولاً وقبل كل شيء، ينحدر ماهر الجازي، سائق الشاحنة الذي نفذ الهجوم، من بلدة أذرح الأردنية في محافظة معان، وينتمي إلى نفس العشيرة التي كان أحد زعمائها هارون الجازي، الذي قاد المتطوعين من شرقي الأردن للقتال في معركة القدس عام 1948.

كما أن ماهر ينحدر من نفس سلالة مشهور الجازي، قائد الجيش الأردني أثناء المعركة التي دارت رحاها بين القوات الإسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية والقوات المسلحة الأردنية في بلدة الكرامة الحدودية في عام 1968.

تعتبر بلدة وعشيرة الجازي نذير شؤم على السفارات الغربية في المنطقة، التي يدفعها جهلها إلى تعليق آمال على أن تنطفئ سريعاً جمار هذه النيران.

إذا كان الجانب الغربي من الحدود الممتدة على مسافة 335 كيلومتراً يخضع بسرعة للعسكرة من قبل الجيش الإسرائيلي وما يقرب من مليون مستوطن مسلح، فإن كل ما يؤمن الجانب الشرقي من هذه الحدود هو العشائر الأردنية والجيش الأردني الذي يعتمد عليها بكثافة في تجنيد عناصره.

ولذلك فإن نظرة زعماء العشائر إلى ما وقع من إطلاق نار تعتبر أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لاستقرار هذه الحدود في المستقبل.

لن أنسى أبداً السهولة التي استخف بها الملك عبد الله بتلك العشائر حينما كان يقود مروحية بلاك هوك، والتي يحتفظ بسرب منها لاستخدامه الشخصي.

كان المنظر أشبه بلقطة من فيلم من أفلام هوليوود، وكان يرافقه في تلك الطلعة الصحفي الأمريكي جيفري غولدبيرغ، الذي أعجبه ذلك الموقف فكتب عنه لصحيفة ذي أتلانتيك.
كان الملك عبد الله متوجهاً لتناول طعام الغداء مع زعماء العشائر في الكرك، فتوجه إلى غولدبيرغ قائلاً: "سوف أجلس اليوم مع ديناصورات قديمة".

كان ذلك قبل بضعة شهور من نهاية الربيع العربي في عام 2013.

أما اليوم، فلا يجرؤ الملك على نعت زعماء العشائر بالديناصورات القديمة، ما لم يكن هو نفسه، بطبيعة الحال، متوجهاً كذلك نحو الانقراض.

ففي هذه الأوقات العصيبة، تعتمد المملكة الهاشمية، أكثر من أي وقت مضى، على العشائر باعتبارها حجر الأساس الذي تستمد منه شرعيتها، والتي باتت مهددة بسبب حالة الركود الاقتصادي التي طال أمدها.

يمثل ما يقوله زعماء العشائر قيمة مرجعية لتشكيل المزاج العام.

غضب يتولد محليا
لم تشتمل التصريحات التي صدرت عنهم يوم الاثنين عن أي تعزية أو اعتذار.

بل أصدرت عشيرة الحويطات بياناً باسم العائلة جاء فيه إن المسؤولية عما حصل في المعبر الحدودي يتحملها حصرياً رئيس وزراء إسرائيل. وأضاف البيان: "إن دم ابننا الشهيد ليس أثمن من دماء شعبنا الفلسطيني، ولن يكون الشهيد الأخير".

ورحب زعيم قبيلة بني صخر، الشيخ طراد الفايز، بهذه "العملية البطولية" التي "تعبر عن شعبنا وعن أمتنا." ومضى يقول في بيانه: "ينبغي على شعوب الأمة أن تتخذ موقفاً حاسماً ومشرفاً في مواجهة هذا العدوان".

لا يمكن للمرء أن يعثر على بصمات لإيران أو لأي قوة أجنبية في أي من هذا. بل إنها حالة من الغضب المتولد محلياً.

قبل حادثة إطلاق النار، صدر ما يشبه ذلك عن أحمد عبيدات، الذي كان من قبل قد شغل منصب رئيس الوزراء ومنصب مدير المخابرات، والذي لم يشهد من قبل توحد بلده بهذا الشكل خلف المقاومة الفلسطينية. قال عبيدات: "إن هذه المعركة هي معركة الجميع، لأن المصير واحد. لقد بات جلياً أن العدو الذي يستهدف فلسطين سوف يستهدف الأردن".

رأي عبيدات في ذلك نتيجة طبيعية لقرار إسرائيل بأن زمن إدارة الصراع قد ولى. وقال: "إما أن تقتلوا الشعب الفلسطيني أو تشردوه. تقتلونهم أو تشردونهم. وهذا يحدث على مرأى ومسمع منا".

ثم أعلن قائلاً: "أي عربي أو مسلم يتنازل عن حبة من تراب فلسطين التاريخية – وليس فقط الاثنين وعشرين بالمائة التي تركت للتفاوض عليها يوم الرابع من حزيران 1967 – إنما هو خائن لبلده ولأمته ولدينه".


ولعل المؤشر الآخر على المزاج الوطني في الأردن هي النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية ضمن منظومة صممت أساساً لتقييد قدرة قوة سياسية معينة على الفوز بمقاعد نيابية حتى وإن حظيت بأغلبية الأصوات.

ومع ذلك، فازت جبهة العمل الإسلامي التابعة للإخوان المسلمين بثمانية عشر مقعداً من أربعين مقعداً بحسب ما كشفت عنه النتائج الأولية، ويتوقع أن يحصلوا على أربعة عشر مقعداً آخر في المحليات، بما يمنحهم ما يقرب من 32 مقعداً من مجموع مقاعد البرلمان المائة والثلاثين، وبذلك يصبحون أكبر كتلة حزبية داخل البرلمان.

تحد أمني أساسي
هذه الدرجة من الاشتباك، بعد مرور أحد عشر عاماً على سحق الربيع العربي، لا يمكن تفسيرها فقط باعتبارها نتيجة لإقدام إسرائيل على فتح جبهة ثانية في الضفة الغربية بالإضافة إلى الحملة التي تشنها في غزة.

كما أنها ليست نتيجة للتحذيرات التي صدرت عن وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتز حول الحاجة إلى "إخلاءات مؤقتة" في "بعض حالات القتال الكثيف". ولا نتيجة لما كشف عنه وزير المالية الإسرائيلي بيزاليل سموتريتش في شهر يونيو (حزيران) من أن حكومته لم تلبث تغير، بشكل سري، الطريقة التي تُحكم بها الضفة الغربية، منجزة بذلك مشروع الضم بكل ما تعنيه الكلمة.

وليس نتيجة للخريطة الرقمية التي أبرزها نتنياهو، وظهر فيها الأردن بنفس اللون الذي ظهرت فيه غزة بينما مسحت الضفة الغربية تماماً من الخارطة.

لو كنت مشيراً إلى وثيقة واحدة، إلى شهادة واحدة حول كيف باتت أفعال إسرائيل وتصريحاتها تشكل تحدياً أمنياً أساسياً للأردن، وكذلك لجميع جيرانها العرب، فإن ذلك سيكون التحقيق الذي أجرته مؤخراً هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في كيفية إقدام المستوطنين على الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأرض عبر إقامة نقاط زراعية متقدمة تعتبر في نظر القانون الإسرائيلي والقانون الدولي غير مشروعة.

في شهر فبراير (شباط)، نظم موشيه شارفيت، المستوطن المعاقب من قبل بريطانيا والولايات المتحدة بسبب ممارسته العنف والترهيب ضد الفلسطينيين، يوماً مفتوحاً في النقطة المتقدمة التي أنشأها، وقام بتصوير ذلك.

شرح شارفيت كم هو فعال ومؤثر في استيلائه على الأرض، وقال مخاطباً الجمهور: "إن أكثر ما هو مؤسف هو أننا [معشر المستوطنين] عندما أنشأنا المستوطنات انكفأنا داخل الأسوار ولم نتمكن من التوسع. إن المزرعة مهمة جداً، ولكن أهم شيء على الإطلاق هو المناطق المحيطة".

زعم شارفيت بأنه يسيطر على سبعة آلاف دونم ( 7 كيلومترات مربعة) من الأرض. يضحك المستوطنون وهم يتنمرون على المزارعين الفلسطينيين ويضيقون عليهم معايشهم حتى يرغموهم على الخروج من أراضيهم. إنهم أشبه بجنود صاعقة يقهرون ضحاياهم الذين لا حول لهم ولا قوة، وإذ يفعلون ذلك يختالون ويبتسمون.

يوجد الآن 196 نقطة متقدمة، وكلها غير شرعية بموجب القانون الإسرائيلي نفسه. تضاعفت أعداد هذه النقاط خلال السنوات الخمس الماضية، قبل وقت طويل من شن حماس هجومها في السابع من أكتوبر.

أتحدى أي إنسان يشاهد هذا الوثائقي ولا يشعر بالغضب يحتدم داخله.

لا يعمل شارفيت وحده. فقد حصلت مجموعة السلام الآن، وهي مجموعة حقوقية إسرائيلية، على عقود تثبت كيف أن منظمتين ترتبطان رسمياً بالدولة في إسرائيل تقوم بتوفير الأموال اللازمة من أجل الاستيلاء على الأراضي.

إحدى هذه المنظمات اسمها أمانة، والتي أقرضت 270 ألف دولار لمستوطن حتى يقيم مشاتل زراعية في إحدى النقاط المتقدمة. وحسبما جاء في وثائقي البي بي سي، يمكن سماع المدير التنفيذي لمنظمة أمانة، زئيف هيفر، وهو يقول في تسجيل مسرب من اجتماع للمدراء في عام 2021: "خلال السنوات الثلاث الماضية، إحدى العمليات اتي وسعناها هي مزارع ماشية [في نقاط متقدمة]. واليوم تبلغ المساحة [التي يسيطرون عليها] ضعف حجم المستوطنات التي تم إنشاؤها".

فرضت كندا عقوبات على أمانة لما تمارسه من أعمال ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية من شأنها أن تقوض الاستقرار".

والمنظمة الأخرى التي تساعد النقاط المتقدمة التي تستخدم لإقامة مزارع ماشية هي المنظمة الصهيونية العالمية، التي يقوم قسم المستوطنات فيها بإدارة بعض الأراضي التي احتلتها إسرائيل في عام 1967.

يصف هذا القسم نفسه بأنه "ذراع دولة إسرائيل". ولديه أيضاً منتسبون وشركاء دوليون، واحد منهم على الأقل جمعية خيرية مسجلة في بريطانيا.

منحت البي بي سي كلاً من أمانة والمنظمة الصهيونية العالمية حق الرد ولكن أياً منهم لم ترد.
كما منح موقع ميدل إيست آي المنظمة الصهيونية العالمية الفرصة للدفاع عن نفسها، ولكن لم يصله منهم شيء حتى موعد النشر.


تفرض الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا عقوبات على المستوطنين الذين يمارسون العنف، بينما تترك مموليهم وشركاءهم حتى يعملوا بحرية في بريطانيا وأمريكا.

كيف لهذا الأمر أن يكون؟ من المؤكد أنه يستحق قدراً أكبر من التحقيق.

توليد الكراهية
يصعب على المرء تجنب استنتاج أن حكوماتنا تهتم فقط بآخر آصرة مرئية في السلسلة الدولية التي تبدأ هنا، في الوطن.

كما يصعب التمييز بين المستوطنين والجنود الذين يقومون في أحد الأيام بالتضييق على المزارعين الفلسطينيين، ثم يصورون في اليوم التالي وهم يطلقون النار عليهم.

والأصعب من ذلك هو رسم خط فاصل بين المستوطنات والنقاط المتقدمة وبين ما كان ذات مرة يطلق عليه بولع، وإن كان خطأ، مصطلح "إسرائيل الحقيقية".

هذا أمر مهم، أو ينبغي أن يكون مهماً، بالنسبة للولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، أو بالنسبة لأي بلد أوروبي يزعم أنه يدعم إقامة دولة فلسطينية. لأنه هنا، على ثلثي الأرض في الضفة الغربية، يتم دفن قضية تقرير المصير الفلسطيني، كما يعلم جيداً سموتريتش.

كل مصادرة لكل دونم من الأرض تعتبر عمل حربياً في هذه المعركة، وهي المعركة الوحيدة التي تهم. وهي حرب تشنها دولة إسرائيل بأسرها، ويشارك فيها المجتمع الصهيوني حول العالم بأسره.
لا يوجد دفاع عن حق مثل هذه الدولة في "الدفاع عن نفسها" عندما تكون هي نفسها في حالة مستمرة من الهجوم، وبصمت.

لا عجب إذن أن تكون إسرائيل هي من يولد ويغذي كراهية جيرانها لها، وهي كراهية تستحقها، وهي كراهية مغموطة.

فإسرائيل ليست الوحيدة التي تخلص إلى أنه "إما نحن أو هم." بل يمكن لجيرانها أن يفعلوا نفس الشيء.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية ديفيد هيرست الاحتلال نتنياهو الاردن نتنياهو الاحتلال ديفيد هيرست صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة فی الضفة الغربیة الربیع العربی الکراهیة فی فی عام من قبل فی غزة

إقرأ أيضاً:

كيف تبخرت جثث 2800 شهيد في قطاع غزة؟ وما السلاح الذي استعملته إسرائيل؟

قال الدفاع المدني في قطاع غزة إن أكثر من 2800 شهيد قد تبخرت جثثهم، فما طبيعة السلاح الذي يمكن أن يبخر الجثث؟ وما تأثيراته على جسم الضحية إذا لم يقتله على الفور؟

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة الرائد محمود بصل -اليوم الاثنين- إن "عدد الشهداء الذين تبخرت أجسادهم ولم نجد لهم أثرا بسبب القصف الإسرائيلي بلغ 2842 شهيدا".

وأكد -في مؤتمر صحفي عقده وسط مدينة غزة- أن طواقم الدفاع المدني في أرجاء القطاع تواصل انتشال الجثث المتحللة لعشرات الشهداء، سواء الموجودة تحت الأنقاض أو التي تركت بالشوارع، ولم يمكن الوصول إليها بسبب القصف الإسرائيلي وحجم الدمار، وقلة الإمكانيات، خاصة في غياب الآليات الثقيلة.

وتابع "انتشلت طواقمنا في جميع محافظات القطاع جثث أكثر من 38 ألف شهيد، وأكثر من 97 ألف مصاب من الأماكن والمنازل والمباني التي استهدفتها إسرائيل منذ بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023".

وطالب الرائد بصل بالسماح بإدخال طواقم دفاع مدني عربية وأجنبية إلى القطاع المحاصر، للمساعدة في البحث عن جثث أكثر من 10 آلاف شهيد لا تزال أجسادهم تحت الأنقاض حتى الآن.

وقال المركز الفلسطيني للإعلام -في تقرير نشر بداية ديسمبر/كانون الأول 2024- إن الاحتلال الإسرائيلي استخدم أسلحة محرمة دوليا تؤدي إلى حرق الأجساد وتبخرها إلى حد التلاشي.

إعلان

وأضاف المركز أن "آلاف الشهداء قضوا بقنابل لا تعرف ماهيتها حتى الآن، لكنها تؤدي إلى إذابة الجثث وتبخرها جراء الحرارة العالية التي تنبعث عند وقوع الانفجار وتحول الأجساد الواقعة في (عين الاستهداف) إلى ذرات صغيرة لا ترى بالعين المجردة تتطاير وتذوب في الهواء والتربة".

ونقل التقرير عن المدير العام لوزارة الصحة في غزة منير البرش تصريحه بأن جيش الاحتلال يستخدم أسلحة لا يعرف كنهها في شمال القطاع تؤدي إلى تبخر الأجساد.

وأكد البرش في تصريحات صحفية متعددة أن نتيجة القصف الإسرائيلي المتواصل بهذه الأسلحة المحرمة، اختفت جثامين عائلات كاملة بعد قصفها، ولم تعثر عليها طواقم الدفاع المدني.

وأضاف أن من بين الأسلحة المستخدمة قنابل شديدة الانفجار ذات أصوات "مرعبة"، وعندما يقترب منها الشخص مسافة 200- 300 متر يتبخر.

عند أي درجة حرارة يتبخر الجسم البشري؟

لا يوجد جواب علمي موثق لهذا السؤال، ولكن -علميا- درجة الحرارة المطلوبة لحرق الجثث (cremate) في إجراءات الحرق تتراوح بين 800 وألف درجة مئوية. وتعمل الحرارة الشديدة داخل الفرن الصناعي المعروف باسم غرفة حرق الجثث على تفكك الجثة حيث تعمل على تقليص الجثة إلى مركباتها الكيميائية الأساسية من الغازات والرماد والشظايا المعدنية.

تشير معطيات متعددة -وصلنا إليها في إعداد هذا التقرير- إلى أن درجة حرارة تتراوح من 1500 إلى 3000 درجة مئوية ستكون كافية لتبخير الجثة، خاصة مع تزامنها مع ضغط قوي للغاية نتيجة تفجير.

هذا يعني أن تبخر الجثث في قطاع غزة سيكون ناجما عن أسلحة تؤدي لارتفاع درجة حرارة المنطقة المستهدفة إلى أكثر من 1500 درجة مئوية، مع حدوث ضغط كبير على البدن. وهذا يقودنا إلى نوع السلاح الذي قد يقود إلى تبخر الجثث، وهو القنبلة الحرارية أو الفراغية.

ما القنبلة الحرارية؟

القنبلة الحرارية (وتسمى أيضا القنبلة الفراغية أو المتفجرات الهوائية الوقودية) هي قنبلة تتكون من حاوية وقود بها شحنتان متفجرتان منفصلتان، وهذا وفقا لتقرير نشره موقع "بي بي سي".

إعلان

ويمكن إطلاق القنبلة الحرارية كصاروخ أو إسقاطها كقنبلة من طائرة. عندما تضرب هدفها، تفتح الشحنة المتفجرة الأولى الحاوية وتنتشر على نطاق واسع خليط الوقود كسحابة.

يمكن لهذه السحابة اختراق أي فتحات أو دفاعات في المباني غير محكمة الغلق تماما.

ثم تفجر شحنة ثانية السحابة، مما ينتج عنها كرة نارية ضخمة وموجة انفجار هائلة وفراغ يمتص كل الأكسجين المحيط. يمكن للسلاح تدمير المباني والمعدات المحصنة وقتل أو إصابة الناس.

تستخدم هذه الأسلحة لأغراض متنوعة وتأتي بأحجام مختلفة، بما في ذلك الأسلحة التي يستخدمها الجنود الأفراد مثل القنابل اليدوية وقاذفات الصواريخ المحمولة باليد.

كما تم تصميم نسخ ضخمة يتم إطلاقها من الجو، خصيصا لقتل المدافعين في الكهوف ومجمعات الأنفاق، وتكون تأثيرات هذا السلاح أشد في الأماكن المغلقة.

في عام 2003، اختبرت الولايات المتحدة قنبلة تزن 9800 كجم، أطلق عليها لقب "أم القنابل". وبعد 4 سنوات، طوّرت روسيا جهازا مشابها، وهو "أبو القنابل". وقد أحدث هذا الجهاز انفجارا يعادل قنبلة تقليدية تزن 44 طنا، مما يجعله أكبر جهاز متفجر غير نووي في العالم.

نظرا لتأثيرها المدمر، وفعاليتها ضد الأشخاص الذين يختبئون في المباني أو المخابئ، فيتم استخدام القنابل الحرارية بشكل أساسي في البيئات الحضرية (كما في قطاع غزة).

في بيان نشر في 30 أبريل/نيسان 2024، دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى "تحقيق دولي لفحص احتمال استخدام إسرائيل لأسلحة محظورة دوليا، بما في ذلك القنابل الحرارية، والتي تعمل أولا باستخدام متفجرات تقليدية صغيرة لخلق سحابة من الجسيمات أو القطرات شديدة الاشتعال. ثم يقوم جهاز متفجر ثان بإشعال سحابة المواد القابلة للاشتعال، مما ينتج عنه درجات حرارة عالية للغاية تصل إلى 2500 درجة مئوية، مما يتسبب في حرق شديد للجلد وأجزاء الجسم الداخلية، وحرق الجثث إلى حد الذوبان الكامل أو التبخر، خاصة في المناطق حيث تكون سحابة الانفجار أكثر كثافة".

إعلان

وأضاف المرصد "يتعين على المحققين تحديد النوع الدقيق للسلاح المستخدم؛ وتشير التقديرات الأولية إلى أن بعض الجثث ربما بدأت أيضا في التحلل إلى رماد بعد فترة من الوفاة، نتيجة للظروف التي تسببها القنابل الحرارية".

أيضا هناك احتمالية أن يكون تبخر الجثث ناجما عن القنابل الفوسفورية، والتي تشير تقارير إلى استخدام القوات الإسرائيلية لها بكثافة، وهي أسلحة حارقة تحتوي على الفسفور الأبيض كحمولة أساسية، جرى تصميمها لتوليد حرارة شديدة تبلغ قرابة ألف درجة مئوية، إلى جانب قوتها التدميرية.

ما تأثيرات القنبلة الحرارية على صحة الموجودين في منطقة التفجير؟

إذا لم يمت الشخص أو يتبخر في منطقة تفجير القنبلة الحرارية على الفور، فمن المتوقع أن يواجه تداعيات صحية متعددة

وتؤدي القنبلة الحرارية إلى موجة صدمة وضغط، يتسبب هذا في تعطيل المساحات الهوائية في الجسم، وهذا يؤثر بشكل أساسي على الجهاز الرئوي والقلب والأوعية الدموية والسمعي والجهاز الهضمي والجهاز العصبي المركزي.

الجهاز الرئوي

قد تؤدي القنبلة الحرارية إلى تمزق الحويصلات الهوائية، وهذا يقود إلى تسرب السوائل إلى الرئتين، مما قد يؤدي إلى امتلائهما.

المضاعفات الأخرى لتمزق الحويصلات الهوائية هي الانسدادات الغازية الشريانية ونزيف الصدر.

الجهاز القلبي الوعائي

قد يتأثر الجهاز القلبي الوعائي بانسداد هوائي في القلب أو الشرايين التاجية أو بسبب تلف منتشر لعضلة القلب.

الجهاز السمعي

في التلف الخفيف، يتمزق غشاء الطبلة مع فقدان سمع خفيف. في الحالات الأكثر شدة، يمكن أن يتفكك الغشاء وتتحرك العظيمات، مما يتطلب تدخلا جراحيا. في أسوأ الحالات، تتضرر الأذن الداخلية مما ينتج عنه صمم "حسي عصبي" وألم معوق وغثيان ومشاكل في التوازن.

الجهاز الهضمي

يحدث تلف الجهاز الهضمي عندما تعبر موجات الضغط الناجم عن القنبلة جيوب الغاز المحاصرة في الأمعاء. تحدث الكدمات في الحالات الخفيفة، ولكن في الحالات الشديدة، قد يحدث ثقب في الأمعاء.

إعلان الجهاز العصبي المركزي

الإصابة الرئيسية للجهاز العصبي المركزي من الانفجار الأولي هي الانسداد الغازي الشرياني الدماغي وقد يتسبب هذا في الوفاة.

مقالات مشابهة

  • سويسرا تدرس شكاوى ضد رئيس إسرائيل في التحريض على الإبادة الجماعية
  • مسئولة أممية: إسرائيل ستكرر الإبادة الجماعية في الضفة الغربية المحتلة
  • خبيرة أممية تحذر: إسرائيل ستكرر الإبادة الجماعية في الضفة الغربية المحتلة
  • إحصائية بالخسائر التي خلفتها حرب الإبادة  الإسرائيلية على غزة .. تقرير
  • تقرير: ارتفاع معاداة “إسرائيل” بنسبة 340 % عالميًّا بعد حرب الإبادة على غزَّة
  • مؤشرات النصر الفلسطيني وما قد تحمله المرحلة الثانية من طوفان الأقصى
  • الجهاد الإسلامي: إعلان العدو الصهيوني عن عملية عسكرية بالضفة امتداد لسلسلة الإبادة الجماعية
  • إعلام فلسطيني: 214 طفلا رضيعا ولدوا واستشهدوا خلال حرب الإبادة الجماعية في غزة
  • كيف تبخرت جثث 2800 شهيد في قطاع غزة؟ وما السلاح الذي استعملته إسرائيل؟
  • تركيا.. مظاهرة في تقسيم ضد إسرائيل