التهويل مستمر.. المؤشرات تنفي الذهاب الى الحرب
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
بالرغم من كل التصريحات التصعيدية التي تصدر عن القيادات الاساسية في اسرائيل، من وزير الحرب الى رئيس الحكومة وصولاً الى رئيس الاركان، والتي توحي بأن الحرب على لبنان مسألة ايام وربما اقل، يبدو أن المسار الميداني الظاهر اقله لا يوحي بأن التصعيد الكبير مقبل لا محالة، بل على العكس من ذلك، فان المؤشرات التي تحسم نظرية الوصول الى حرب شاملة لم تظهر بعد في ظل اداء عسكري متدحرج لكن مضبوط لكل الاطراف.
وعليه فإن استبعاد الحرب المفتوحة او الحرب الإقليمية لا يزال الرأي الأكثر ترجيحاً بين كل الآراء والتحليلات السياسية والعسكرية.
تسير المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين بإتجاه حائط مسدود، اذ بات واضحاً حجم التعنّت الاسرائيلي ورفض نتنياهو تقديم اي تنازل سياسي او تفاوضي في هذه اللحظة بالذات، خصوصاً أنه يراهن على وصول الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب الى البيت الأبيض، لا بل يسعى الى تحسين شروطه عبر افشال المساعي الحالية لادارة الرئيس جو بايدن، من هنا تجد حماس نفسها غير قادرة على التنازل اكثر على اعتبار ان قدرتها على الصمود والقتال قد تستمر لاشهر طويلة في الوقت الذي لم يعد هناك شيء لتخسره، هذا كله يساهم في تعقيد المفاوضات ويفشلها، مما يطرح السؤال عن الانفجار الكبير او عن امكانية هروب نتنياهو من ازمته الغزاوية الى حرب شاملة مع لبنان.
تعتقد مصادر مطلعة أن ما يحصل اليوم هو مجرد تهويل، اذ من غير الممكن لاسرائيل فتح ابواب التصعيد في الشمال في هذه اللحظة، لان الهدف الاساسي لدى حكومة نتنياهو هو اعادة 200 الف مستوطن تهجروا من الشمال، والحرب لن تعيدهم بل ستجعل عددهم يصل الى نحو مليون مهجر غير قادرين على ايجاد ملاذ آمن فعلي. لذلك فإن تحقيق الهدف لن يعود ممكناً من خلال الحرب الشاملة، لا بل فان هامش الوقت سيصبح داهماً وضاغطاً على اسرائيل التي دخلت في حرب برية منذ احد عشر شهراً في حين ان "حزب الله" لم يدخل الحرب عملياً ولا يزال يقاتل من خلال القصف والمسيرات ما يجعل قدرته على الصمود اكبر.
وترى المصادر أن من يريد الحرب لا يستمر بمراعاة الواقع اللبناني الى هذا الحد، اي ان ذهاب "حزب الله" الى الحرب كان يفرض عليه الذهاب الى ردّ اكثر قسوة على اغتيال القيادي فؤاد شكر، كما ان اسرائيل يمكنها توجيه ضربات تفرض التدحرج على المعركة، الا انها تكتفي بتنفيذ احزمة نارية شبه استعراضية من دون اصابة اي مدني او الذهاب الى العمق اللبناني، اقله كما كانت تفعل في الاشهر ال10 الاولى من المعركة، كل ذلك يدل على حذر اسرائيلي شديد من الذهاب نحو الحرب الكبرى او الشاملة.
وتعتبر المصادر ان كل هذه المؤشرات لا تعني أن التصعيد لن يحصل، بل يبقى مرجحاً لكن ضمن سقف زمني لا يتعدى الايام ودائرة جغرافية لا تتعدى جنوب الليطاني مع استبعاد الحرب البرية التي يمكن اعتبارها عملية انتحارية في ظل الوضع الحالي للجيش الاسرائيلي الذي لم يستطع الحسم في منطقة كقطاع غزة، فكيف داخل نطاق جغرافي كجنوب لبنان؟
المصدر: لبنان 24
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
وسط رايات حزب الله : "عيد حزين" في جنوب لبنان قرب قبور أحباء قضوا في الحرب
عيترون (لبنان) - أحيا سكان في جنوب لبنان الإثنين عيد الفطر بغصّة في قراهم المدمّرة بفعل المواجهة الدامية بين حزب الله واسرائيل، بينما اكتظت مقابر بزوّار جاؤوا يصلّون لأحباء قضوا في الحرب.
في بلدة عيترون الحدودية مع اسرائيل، أحضر الزوار في اليوم الأول من عيد الفطر الذي يحتفل فيه معظم المسلمين الشيعة في لبنان الاثنين، ورودا بألوان زاهية كسرت السواد الذي خيّم على ملابس الحاضرين في مقبرة أنشئت حديثا لدفن أكثر من مئة قتيل من سكان القرية قضوا في غارات إسرائيلية ومنهم مقاتلون من حزب الله.
وزيارة الموتى تقليد في اليوم لاأول من عيد الفطر كل سنة.
ووسط رايات حزب الله التي رفعت بين الحضور، لم تتمالك نسوة متشحات بالسواد أنفسهن وهن يقرأن الفاتحة فوق قبر أب أو شقيق أو زوج. ومن بينهن سهام فتوني التي فقدت ابنها المسعف في الهيئة الصحية الاسلامية التابعة للحزب.
وتقول فتوني وهي تقف قرب قبر ابنها "لقد تحدينا العالم أجمع بوقوفنا هنا الآن في قلب عيترون لنحتفل بعيد الفطر مع شهدائنا الذين مكنتنا دماؤهم من العودة إلى قريتنا".
ومنذ التوصل الى وقف لإطلاق النار في 27 تشرين الثاني/نوفمبر بعد أكثر من سنة على مواجهة دامية، عاد عدد من السكان الى مناطقهم التي كانوا هجروا منها.
ولا ينفك حزب الله وأنصاره يتحدثون عن "نصر"، بينما من الواضح أن الحرب التي قتلت خلالها إسرائيل العديد من قيادات الحزب ودمّرت جزءا كبيرا من ترسانته وبناه التحتية، أضعفت الحزب الى حدّ كبير.
في المكان، جلست طفلة قرب قبر امرأة، حاملة صورة لها محاطة بالزهور وعلى وجهها ملامح حيرة.
ومن بين الصور التي ارتفعت فوق شواهد القبور، صورة رضيعة، وأخرى لشاب بزي عسكري.
وبينما قرأت سيدة صفحات من القرآن الكريم، خرق صوت منشد الصمت ليرثي الموتى، وسط وجوم ساد وجوه الحاضرين الذين انهمرت دموعهم.
ووزّع بعض الحاضرين الحلوى والمأكولات على وافدين من قرى مجاورة.
ويقول المزارع سليم السيد (60 عاما) من قرية عيترون "يختلف العيد هذا العام عن الأعياد في السنوات الماضية(...). تعيش عيترون التي قدّمت اكثر من 120 شهيدا، عدد كبير منهم من النساء والاطفال، عيدا حزينا".
ويتدارك الرجل "لكن إرادة الحياة ستبقى أقوى من الموت".
- حزن "عارم" -
وعلى غرار معظم القرى الحدودية في جنوب لبنان، يسود الدمار عيترون وقد لحق بالمنازل والبنى التحتية وحال دون عودة الغالبية الساحقة من السكان للعيش في قريتهم. إلا أن قلة ممن نجت بيوتهم من الدمار، عادوا، وفتح عدد من المتاجر أبوابه.
وتأخرت عودة سكان عيترون إلى حين الانسحاب النهائي للقوات الإسرائيلية منها في 18 شباط/فبراير.
ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على انسحاب الجيش الإسرائيلي من كل المناطق التي دخل إليها خلال الحرب. إلا أنه أبقى على وجوده في خمسة مرتفعات استراتيجية تخوّله الإشراف على مساحات واسعة على جانبي الحدود. ويطالب لبنان بانسحابه منها.
ورغم اتفاق وقف إطلاق النار، تواصل إسرائيل شنّ غارات على لبنان وتقول إنها تضرب أهدافا عسكرية لحزب الله في جنوب البلاد وشرقها. وتتهم الدولة اللبنانية بعدم تنفيذ قسطها من الاتفاق والقاضي بتفكيك ترسانة حزب الله العسكرية ومنعه من التواجد في المنطقة الحدودية.
وبلغ التصعيد ذروته الجمعة عندما قصفت إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت بعد إطلاق صاروخين باتجاهها من جنوب لبنان.
في عيترون أيضا، يقول سائق الأجرة عماد حجازي (55 عاما) "على الرغم من المخاطر الأمنية، فان معظم الناس جاؤوا لتمضية اليوم الأول لعيد الفطر، الى جانب الشهداء الموتى من أبناء القرية".
ويكمل "الحزن كان عارما وكل الناس في حالة تأثر"، مضيفا "فقدت 23 شخصا من أقاربي في غارة إسرائيلية... وشعرت بالخجل من أن أقدّم التهاني بالعيد لعائلتي أو أصدقائي".
Your browser does not support the video tag.