الأقمار الصناعية ترصد استنزاف حقول الغاز والنفط في الجزائر
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
أخبارنا المغربية - بدر هيكل
القمر الصناعي هو جهاز يُرسل إلى الفضاء ليُدور حول الأرض في مدارات محددة، ويقوم بمهام متنوعة تشمل إرسال واستقبال إشارات راديوية كهرومغناطيسية من محطات أرضية مخصصة، بالإضافة إلى مهام أخرى متخصصة. وقد أدى انخفاض تكلفة البيانات التي توفرها الأقمار الصناعية إلى جعلها أكثر جاذبية من أي وقت مضى، بما في ذلك لمتابعة الأنشطة الاقتصادية.
تُعتبر متابعة التطورات الاقتصادية عبر الأقمار الصناعية ذات أهمية بالغة، خصوصًا في الجزائر التي لا تنشر معلوماتها وبياناتها الاقتصادية بانتظام، في وقت أصبحت فيه تعليقات الرئيس "تبون" الاقتصادية محط سخرية عالمية.
الأقمار الصناعية تراقب حقول الغاز والنفط
تُظهر صور الأقمار الصناعية شدة الأنشطة المنجزة في حقول الغاز والنفط الجزائرية، ليلاً ونهاراً، ما يُعتبر مؤشراً جيداً للنشاط الاقتصادي. ورغم أنه من السهل رصد هذه الأنشطة نهاراً، فإن رصد الأنشطة الليلية يُعد أمراً مثيراً للجدل. حيث يُشير البنك الدولي إلى أن الجزائر تستنزف حقولها في الظلام. وبالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية، يقوم البنك الدولي بمراقبة الحقول الجزائرية وأنشطتها ليلاً.
وفي تقرير اطلعت عليه "أخبارنا"، يُشار إلى أنه "يمكن استخدام بيانات الأضواء الليلية لتتبع النشاط الاقتصادي في الجزائر، بشرط الفصل بين نشاط المحروقات والنشاطات الأخرى. وقد أظهرت العديد من الدراسات على مدى العقد الماضي أن الإضاءة الليلية تعتبر مؤشراً موثوقاً للنشاط الاقتصادي".
وفي هذا السياق، جاء في تقرير حديث للبنك الدولي أن "إنتاج ومعالجة النفط والغاز الطبيعي يؤدي إلى كميات كبيرة من الإضاءة، وهو ما يمكن ملاحظته حول حقل حاسي مسعود النفطي (ولاية ورقلة)، وحقل حاسي الرمل للغاز (الأغواط، غرداية)، وكذلك في ولايتي أدرار وإليزي المنتجتين للنفط والغاز. تنبعث من حقول النفط والغاز الجزائرية أضواء ليلية كبيرة".
الصورة نقلاً عن تقرير البنك الدولي: حاسي الرمل محاط بدائرة باللون الأزرق، وحاسي مسعود باللون الأحمر، وحقول النفط والغاز في أدرار وإليزي باللون الأصفر والأخضر على التوالي.
ويضيف نفس المصدر أن الإضاءة الليلية تعتبر تقديراً جيداً للنشاط الاقتصادي في الجزائر وتوفر معلومات عن ديناميكيات النمو الإقليمي.
تلميحات جزائرية لاستنزاف الحقول رغم القمع
تكشف التصريحات المختلفة للمسؤولين الجزائريين بشأن قدرات بلادهم على زيادة كميات الغاز المصدرة لأوروبا عن ارتباك شديد. فمن ناحية، يسعى النظام الجزائري لتقديم نفسه كلاعب رئيسي في أزمة الغاز، ومن ناحية أخرى، يقول الخبراء إن الجزائر لا تقدر على ضخ كميات إضافية على المدى المتوسط، وأن حقول الغاز الجزائرية ستكون مهددة بالاستنزاف.
وكان محمد سوالم، العضو القيادي السابق في نقابة عمال المحروقات (سوناطراك)، قد صرح بأن "صناعة استخراج النفط والغاز، العمود الفقري للاقتصاد الجزائري، تعرضت في السنوات الأخيرة لهزات عنيفة أثرت على الإنتاج"، وهو ما أكده الخبير الاقتصادي الجزائري مصطفى مقيدش بقوله: "ليس بالإمكان أن تضخ الجزائر أكثر مما هو متاح ومتوفر. الجزائر لن تقوم باستنزاف حقولها لتقوم بالضخ أكثر من طاقة الحقول".
وكان وزير الطاقة السابق عبدالمجيد عطار قد حذر من تراجع قدرات البلاد في إنتاج وتصدير النفط والغاز، مشيراً إلى أن "ضغط الاستهلاك الداخلي سيستهلك غالبية الإنتاج من الغاز خلال السنوات المقبلة، وأن تراجع المخزون النفطي سيزيح الجزائر من لائحة الدول المنضوية تحت لواء منظمة أوبك على المدى المتوسط".
هذا الاستنزاف لا يهدد فقط حقول النفط والغاز، بل يمتد إلى الأمن الطاقي للجزائر واقتصادها القائم على المحروقات، وكذلك العلاقات الخارجية لنظام الكابرانات. فاستنزاف هذه الحقول يهدد التزامات الجزائر بتصدير الغاز. ويعتقد مصطفى مقيدش أن الجزائر "لا تقدر على التعهد بأي التزامات جديدة"، مضيفاً أن "الجزائر لديها عقود مع شركاء أوروبيين مثل إيطاليا وإسبانيا وتركيا والبرتغال وفرنسا".
رغم الاستنزاف، الاقتصاد يتباطأ
توفر الثروات لا يعني بالضرورة الاستدامة، حيث يعرف الجميع أن استهلاكها سيؤدي إلى نهايتها. هكذا يتعامل نظام الكابرانات الذي بنى اقتصاده على الغاز والنفط مع الثروات الجزائرية. فرغم الإنتاج الكبير للغاز والنفط، مع التراجع الملحوظ، فإن الأمور في الجزائر لا تبشر بالخير طالما أن الاقتصاد يعتمد على المحروقات.
وقد توقع البنك الدولي تباطؤ النمو في الجزائر هذا العام نتيجة تراجع الإنتاج الزراعي والنفطي. ويشير التقرير الذي اطلعت عليه "أخبارنا" إلى أن الإنتاج القياسي للغاز الطبيعي عوَّض انخفاض إنتاج النفط الخام. وعلى الرغم من انخفاض الأسعار العالمية للمحروقات وزيادة الواردات، فإن الميزان التجاري الجزائري قد تقلص.
وأضاف التقرير أن انخفاض أسعار المحروقات في عام 2023 أدى إلى تقليص فائض الحساب الجاري وزيادة عجز الموازنة العامة ليصل إلى 5.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة الدين إلى الناتج المحلي. وتم تمويل العجز بالكامل من خارج القطاع المصرفي؛ حيث انخفضت الإصدارات السيادية مع زيادة الادخار النفطي إلى 8.2 في المائة من الناتج المحلي، وارتفاع طفيف في الدين العمومي إلى 49.2 من الناتج المحلي الإجمالي. وتوقع البنك الدولي أن يتباطأ النمو في عام 2024 في ظل انخفاض الإنتاج النفطي والزراعي.
وذكر البنك الدولي أنه في ظل زيادة الواردات والنفقات العمومية، سيؤدي انخفاض عائدات المحروقات إلى زيادة الضغط على التوازنات الخارجية وتوازنات الموازنة. وبالتالي، "من المتوقع أن تنخفض صادرات المحروقات وترتفع الواردات، بما يتماشى مع ديناميكية الطلب المحلي، ما يعيد الميزان التجاري إلى التوازن في عام 2024، قبل أن يولِّد عجزاً في الميزانية العمومية خلال العامين المقبلين".
وتوقع البنك الدولي أن يزداد عجز الموازنة في عام 2024 قبل أن يستقر خلال السنتين التاليتين، وهو ما سيؤدي بدوره إلى زيادة الدين العمومي ليتجاوز 55 في المائة من الناتج المحلي بحلول عام 2026.
وشدد البنك الدولي على أهمية تكثيف الجهود الرامية إلى تشجيع استثمارات القطاع الخاص والتنويع الاقتصادي لتفادي المخاطر المرتبطة بالنفط والغاز، وهو التوجيه الذي يشكل صدمة لنظام الكابرانات الذي يعتمد دائماً على المحروقات، التي لن تسعفه في المستقبل القريب.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: الأقمار الصناعیة من الناتج المحلی النفط والغاز البنک الدولی الغاز والنفط فی الجزائر حقول الغاز الدولی أن فی عام إلى أن
إقرأ أيضاً:
البنك الإسلامي للتنمية والجزائر يرسخان التعاون في مجال الطاقة
المناطق_واس
التقى معالي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية الدكتور محمد سليمان الجاسر، خلال زيارته الرسمية إلى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية, معالي وزير الدولة، ووزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة المهندس محمد عرقاب، بحضور كاتبي الدولة المكلفَين بالمناجم والطاقات المتجددة.
وجرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز التعاون المشترك بين الجانبين، مع التركيز على مشاريع التحول الطاقي ومبادرات التكامل الإقليمي.
أخبار قد تهمك رئيس البنك الإسلامي للتنمية يشارك في مؤتمر العُلا لتعزيز اقتصادات الأسواق الناشئة 18 فبراير 2025 - 1:30 صباحًا تعزيز التعاون المالي بين البنك الإسلامي للتنمية والبنك الآسيوي للاستثمار 18 فبراير 2025 - 1:14 صباحًاوأكد معالي الدكتور الجاسر استعداد مجموعة البنك لتقديم الدعم المالي والتأميني, وتمويل مشاريع الطاقة المختلفة، بما في ذلك الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال الطاقات المتجددة.
وأشاد معاليه بعمق العلاقات القائمة بين الجزائر، ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية، خصوصًا في قطاع الطاقة، الذي يمثل ما نسبته 7.8% من إجمالي تمويلات البنك في الجزائر، مثمنًا التقدم المحرز في تطوير البنية التحتية لإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء والغاز، منوهًا بالجهود التي تبذلها الجزائر؛ لتعزيز التكامل والاندماج مع دول أفريقيا جنوب الصحراء لتوسيع نطاق التغطية الكهربائية.
وأكد معالي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية التزام البنك بمواصلة دعم الجزائر في مشروعات التحول الطاقي، وتطوير الشراكات الإستراتيجية بين القطاعين العام والخاص في مجال الطاقات المتجددة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز الأمن في مجال الطاقة في المنطقة.