زنجبار: الخليج
أكدت قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة «مؤسسة القلب الكبير»؛ المناصرة الدولية البارزة للأطفال اللاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن العمل الإنساني لم يعد مجرد استجابة للكوارث وتداعيات الصراعات والنزاعات، بل أصبح في جوهر العمل التنموي الدولي، وأداة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ووسيلة لتحقيق التوازن في المجتمعات وترسيخ علاقاتها، ومكون أصيل في ثقافة الأمم المتحضرة وفي شكل علاقاتها مع مجتمعات العالم، مشيرةً إلى أن الإنسانية والخير والعطاء، يجب أن تشكل العناوين العريضة لشكل الحياة في المستقبل بكافة مجالاتها.


جاء ذلك خلال زيارة سمو الشيخة جواهر القاسمي، لزنجبار في جمهورية تنزانيا المتحدة، واستهلت سموها الزيارة بلقاء مريم مويني، السيدة الأولى، حرم رئيس إقليم زنجبار، في القصر الرئاسي، بحثت خلالها مع السيدة الأولى سبل التعاون في مجال العمل الإنساني التنموي بين «مؤسسة القلب الكبير» ومنظمة «مايشا بورا» التي أنشأتها مريم مويني بهدف تمكين النساء والشباب من الشراكة في تنمية ونهضة المجتمع من خلال مشاريع تنسجم مع الإطار التنموي المحلي، وتستثمر في الموارد والمصادر المحلية وبشكل خاص موارد الاقتصاد الأزرق نظراً لوفرة المواد الخام من الأحياء البحرية.
وحضر اللقاء إلى جانب سموها خليفة عبدالرحمن المرزوقي، سفير دولة الإمارات لدى جمهورية تنزانيا، وصالح الذيب الحميري القنصل العام لدولة الإمارات في إقليم زنجبار، ونورة النومان، رئيس المكتب التنفيذي لسمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، ومريم الحمادي، مدير عام مؤسسة القلب الكبير. وشارك في اللقاء الدكتورة رزيقي بمبي، وزيرة التنمية المجتمعية والمساواة والطفل في زنجبار، وإيلين مكونديا سينكورو، عضو مجلس الأمناء في منظمة مايشا بورا، والسيدة فاطمة فونغو، الرئيس التنفيذي لمنظمة «مايشا بورا»، وعدد من ممثلي وزارة الخارجية والتعاون الدولي في زنجبار.
نماذج إنسانية عالمية بارزة
وخلال اللقاء، أوضحت سمو الشيخة جواهر القاسمي، أن «مؤسسة القلب الكبير» ومنظمة «مايشا بورا»، تشكلان نموذجاً بارزاً في العمل الإنساني غير التقليدي، وذلك من خلال التركيز على المشاريع التنمويّة ذات العائد طويل الأجل، والاعتماد على الثروة البشريّة الوطنية وتنمية مهاراتها وإشراكها في قيادة وتوجيه مسيرة النمو والتنمية، إلى جانب الاستثمار في الموارد المحلية، مشيرةً إلى أن هذا النهج التنموي المستدام يجسد رؤية دولة الإمارات تجاه العمل الإنساني المشترك، ويترجم توجهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، في دعم تطوير واقع المجتمعات المحلية والنهوض بقدراتها الذاتية.
وقالت سمو الشيخة جواهر القاسمي: «شهد العمل الإنساني الدولي تحولاً كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية، حيث بات يركز أكثر على تحقيق الاستقلالية للمجتمعات من خلال توفير مقومات نهضتها ومواجهة تحدياتها».
وأضافت: «لم يعد كافياً أن نقدّم المساعدة للمجتمعات ثم نمضي، هذا قد يحدث فرقاً في الحالات الطارئة والمساعدات المؤقتة. اليوم نحن بحاجة للوقوف إلى جانب المجتمعات المحلية حتى يتمكنوا هم أنفسهم من استكمال مسيرتهم وبناء تجربتهم التنموية الخاصة، وهذا يتجلى في المنهج الرائع الذي تتبناه منظمة (مايشا بورا) وفي المنجزات التي حققتها النساء وحققها الشباب من خلال مشاريعها المثمرة».

آفاق التعاون بين «القلب الكبير» و «مايشا بورا»
وشهد اللقاء عرضاً تقديمياً شاملاً، يوضح رؤية ورسالة منظمة «مايشا بورا» المشتركة مع رؤية مؤسسة القلب الكبير، وتم تسليط الضوء على المشاريع الخيرية التنموية التي تركز في موردها البشري على النساء والشباب، وتستهدف الاستثمار في الموارد المتوفرة من أجل الارتقاء بجودة حياة السكان وترسيخ قيم الشراكة والمساواة، والبرامج والمبادرات المستدامة مثل دعم وتطوير قطاعات التعليم والرعاية الصحية، وتمكين الشباب والنساء من مهارات العمل وإنشاء مشاريع ومصانع إنتاجية لاستثمار المهارات المحلية ومكافحة الفقر والبطالة.
من جانبها أشادت السيدة الأولى مريم مويني بجهود سمو الشيخة جواهر القاسمي الإنسانية على المستوى الدولي وقالت «سعيدة جداً لاستقبال سمو الشيخة جواهر القاسمي والوفد المرافق وفريق عمل القلب الكبير هنا في زنجبار هذا البلد الذي تربطه علاقات وثيقة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ونتطلع إلى تعزيزها عبر مؤسساتنا الإنسانية التي نسعى من خلالها إلى تحسين جودة حياة ومستقبل المجتمع لأنهم يستحقون ذلك، ونأمل أن يكون هنالك شراكات قريبة وفعالة مع مؤسسة القلب الكبير التي تقودها سمو الشيخة جواهر القاسمي تخدم مساعينا جميعاً لتنمية واقع المجتمع في زنجبار».
وزارت سمو الشيخة جواهر القاسمي مع السيدة الأولى لزنجبار، أحد مواقع مشروع مزارع الطحالب التابعة لمبادرات منظمة مايشا بورا، التي تركز على تمكين النساء والشباب من خلال استخراج الطحالب من البحر ومعالجتها، والاستفادة منها في تحضير عدد من المنتجات مثل الأغذية ومستحضرات العناية بالبشرة، حيث ساهم المشروع في فتح أسواق خارجية جديدة لمنتجات الطحالب، وعزز الاقتصاد المحلي ودعم فرص تمكين المجتمع وتحسين الواقع المعيشي للمجتمعات، كما نجح المشروع في تجاوز عدد من التحديات التي يواجهها الاستثمار في محاصيل الطحالب، والتي تتجسد في انخفاض الجودة والإنتاجية، والخسائر العالية بعد الحصاد، وقلة المهارات في ريادة وإدارة الأعمال، وقلة توفر المعدات للمزارعين، وانخفاض قدرة التبني للتقنيات الجديدة، وقلة مشاركة الشباب والرجال في الإنتاج، وارتفاع تكلفة نقل الطحالب من المزارع إلى مناطق التجفيف.
المرأة والطفل أساس التنمية
وحول القيمة الاستثنائية للمشاريع التنموية المستدامة قالت سمو الشيخة جواهر القاسمي: «من المفيد جداً أن نرى هذا التنوّع في المشاريع التنموية المستدامة، وأن نرى كيف تغطي هذه المشاريع مساحات احتياجات المجتمعات المحلية، وبشكل خاص الاستثمار في مشاريع توفر الفرص الحقيقية للارتقاء بالمرأة وقدراتها المهنية والمالية، لأن ذلك يقدّم رسالة مفادها أن العمل الإنساني واع ومخطط له وليس عشوائياً، وأن تأثيره على الاقتصادات والمجتمعات إيجابي وكبير ومستدام».
وبحث الطرفان خلال الزيارة مستقبل التعاون في مجال العمل الإنساني التنموي، بين «القلب الكبير» و«مايشا بورا» مؤكدين أن المؤسستين تمتلكان تجارب استثنائية ثرية في التنمية المجتمعية على أسس التعاون والشراكة بين السكان المحليين، الأمر الذي يبشّر بتعميم هذه التجربة وتجسيدها بمشاريع مبتكرة تستجيب للحاجات الخاصة لكل مجتمع وتستثمر في موارده وطاقاته المتاحة.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الشيخة جواهر الشارقة سمو الشیخة جواهر القاسمی مؤسسة القلب الکبیر العمل الإنسانی السیدة الأولى دولة الإمارات الاستثمار فی فی زنجبار من خلال

إقرأ أيضاً:

إرث زايد الإنساني

تحتفي الإمارات والعالم اليوم بـ «يوم زايد للعمل الإنساني»، الذي يوافق يوم 19 رمضان من كل عام، ويوافق أيضاً ذكرى رحيل مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. وهي مناسبة مهمة لنستذكر مناقب زايد الخير في العمل الإنساني، ومسيرته الملهمة في البذل والعطاء، والتي رسخت مكانة دولة الإمارات بوصفها نموذجاً في العمل الخيري والإنساني.

إرث زايد في العمل الإنساني يضرب بجذوره في عمق الشخصية الإماراتية، وأصبح سمة رئيسية من سمات هذه الشخصية، فحيثما ذكرت الإمارات توارد للذهن على الفور دورها الخيري والإنساني. إرث زايد في العمل الإنساني يتجاوز كل الاختلافات العرقية والأيديولوجية والدينية والثقافية ليركز فقط على الإنسان، وعلى الإنسانية في أسمى معانيها.
ففي أي بقعة من الأرض، توجد بها أزمة إنسانية أو شعب يحتاج للعون، ترى يد الإمارات ممدودة بالخير والعطاء. في كثير من بلدان العالم تجد هناك مدينة تحمل اسم الشيخ زايد، أو مشروعاً تنموياً أو إنسانياً باسمه، ليصبح وبحق رجل الإنسانية الأول في العالم.
لقد دأب الشيخ زايد، رحمه الله، على زرع قيم العطاء والخير في وطنه، حتى أصبح العمل الإنساني قيمة أصيلة في مجتمع الإمارات، كما أنشأ المؤسسات الإنسانية والخيرية مثل صندوق أبوظبي للتنمية ومؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية، قبل أن تنتشر هذه المؤسسات لتزيد على 40 جهة مانحة للمساعدات داخل الدولة.
وتشير الأرقام إلى أن قيمة المساعدات التنموية والإنسانية التي تم توجيهها من الإمارات خلال الفترة من عام 1971 حتى عام 2004، ما يقارب نحو 90.5 مليار درهم، فيما تخطى عدد الدول التي استفادت من المساعدات والمعونات الإنمائية والإنسانية والخيرية التي قدمتها الإمارات حاجز الـ 117 دولة تنتمي لكل أقاليم العالم وقاراته.
إرث زايد الخير في العمل الإنساني استمر وتوسع في عهد القيادة الرشيدة، حيث ارتفعت قيمة المساعدات الإماراتية حتى منتصف عام 2024، إلى ما قيمته 360 مليار درهم، فيما تعدد المبادرات الإنسانية للدولة ولقيادتها الرشيدة بشكل يصعب حصره، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، توجيهات رئيس الدولة، حفظه الله، بإطلاق «مبادرة إرث زايد الإنساني» بقيمة 20 مليار درهم تخصص للأعمال الإنسانية في المجتمعات الأكثر حاجة حول العالم، وإنشاء «مؤسسة إرث زايد الإنساني»، التي تعمل على تنفيذ العديد من المبادرات والبرامج الإنسانية العالمية.
ومن ذلك أيضاً تشكيل «مجلس الشؤون الإنسانية الدولية»، الذي يختص بالإشراف على جميع القضايا والمسائل المتعلقة بالشؤون الإنسانية الدولية، فيما ستتولى «وكالة الإمارات للمساعدات الدولية» التي أعلن عن تشكيلها بمرسوم اتحادي تنفيذ برامج المساعدات الخارجية للدولة.
وبرز الدور الإنساني الإماراتي في أروع ما يكون في الدعم الذي قدمته الإمارات للأشقاء في غزة ولبنان والسودان، حيث كان الدور الإنساني الإماراتي هو الأنشط في هذه البلدان من خلال الحملات الإنسانية التي أطلقتها مثل حملة «تراحم» من أجل غزة، و«حملة الإمارات معك يا لبنان»، وغير ذلك الكثير مما يصعب حصره.
إرث زايد في العمل الإنساني سيستمر ويتعزز في المستقبل، وليس أدل على ذلك من تأكيد هذه الحقيقة في وثيقة مبادئ الخمسين التي ترسم مسار الدولة في الخمسين عاماً المقبلة، حيث ذكر المبدأ التاسع بوضوح أن «المساعدات الإنسانية الخارجية لدولة الإمارات هي جزء لا يتجزأ من مسيرتها والتزاماتها الأخلاقية تجاه الشعوب الأقل حظاً.
ولا ترتبط مساعداتنا الإنسانية الخارجية بدين أو عرق أو لون أو ثقافة. ويعني ذلك أن إرث زايد للعمل الإنساني أصبح خالداً خلود الإمارات نفسها.

مقالات مشابهة

  • الشيخة جواهر: قيم الإنسانية والسلام واحدة والإسلام أيّدها
  • عمر العلماء: الإمارات ترسخ مسيرة زايد ونهج العمل الإنساني المستدام
  • القرقاوي: يوم زايد للعمل الإنساني يجسد قيم العطاء في مجتمع الإمارات
  • رواد عمل تطوعي: رؤية الشيخ زايد للعمل الإنساني شكلت أساساً لبناء مجتمع متكافل
  • منصور بن زايد: العمل الإنساني جزء أصيل في رؤية الإمارات
  • إرث زايد الإنساني
  • شما المزروعي: يوم زايد للعمل الإنساني رؤية لخير بلا حدود
  • سلطان الجابر: يوم زايد للعمل الإنساني يجسد مسيرة العطاء في مجتمع الإمارات
  • سالم بن سلطان القاسمي: يوم زايد للعمل الإنساني مناسبة لتكريس معاني البذل والمحبة
  • التعليم العالي: السياسة الوطنية للابتكار المستدام تتماشي مع رؤية الدولة لدعم ريادة الأعمال