"الخمسين " قرية اثرية فيومية نالت شهرتها من دفع الضرائب
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
كوم "الخمسين" الاثرى أحد مواقع الأثار التى تتبع مركز اطسا وتبعد حوالى 40 كيلومتر اقصئ جنوب مدينة الفيوم , وتقع حاليا ما بين قريتى الخمسين شرقاً والخمسين المستجدة (المصاروى) غرباً, وتبلغ مساحة الكوم حوالى 94 فدان.
يقول سيد عوض شعيب كبير مفتشى الاثار بالفيوم ان منطقة الخمسين كانت تسمي فى النصوص المصرية القديمة "با جرج ن تا ورت" ( pA grg n tA wrt ), وذكرت باسم كيركيثويريس Κερκεθοηρις فى النصوص اليونانية القديمة, ويعرف الموقع الأثري حالياً باسم كوم الخمسين نسبة إلى قرية الخمسين إالواقعة الى الشرق من الموقع.
وتعتبر واحدة من القرى الكثيرة التى تأسست خلال العصر البطلمي على حافة الصحراء وحول منخفض الفيوم واستمرت حتى القرن الثامن الميلادي. كما تم ذكر هذه المنطقة فى حوالى أربعون وثيقة كتبت بالديموطيقية واليونانية والتى ذكرت اسم المنطقة ضمن المناطق التى تدفع الضرائب, وترجع أقدم الوثائق التي تذكر منطقة الخمسين نهاية القرن الثالث قبل الميلاد, وتؤرخ بعام 218 ق .م وتم العثور عليها بمنطقة النحاس التي تقع الى الغرب منها, وتوجد حالياً بمعهد البرديات جامعة السربون بباريس, والجدير بالذكر ان هذه المنطقة ذُكرت فى احدى الوثائق اليونانية من إهناسيا المدينة والتي تؤرخ بالفترة 700 – 799 م, مما يجعلنا نُرجح ان تاريخ هذه المنطقة يمتد من العصر البطلمى حتى العصر الإسلامي. وتذكر إحدى البرديات أنه قد تم زراعة 62 فدان بهذه المنطقة في نهاية القرن الثاني قبل الميلاد.
تاريخ الحفائرويشير "عوض" الى تاريخ الحفائر بالموقع والتى كان الإنجليزيان "جرنفل وهانت" قد قاموا بعمل حفائر فى جبانة المنطقة موسم 1900 – 1901, ولمدة أسبوع واحد, وخضع الموقع للمسح الأثري عام 1981م من قبل الإيطالية" إيدا بريتشانى " وكذلك مسح أثرى عام 1996م من قبل "دومينيك راثبون" وقام بعمل خريطة طبوغرافية للموقع وحتى ذلك الحين لم يكن الموقع تحت ولاية المجلس الأعلى للأثار, وبعد ذلك تم ضمه لأملاك الأثار, وجرت فيه حفائر مصرية عامى: 1998و1999م, وأسفرت عن كشف حمام من العصر الروماني مبنى بالطوب المحروق وبعض اللقى الأثرية تتمثل فى بعض الأواني الفخارية.
وفى عام 2018 قام فريق من الباحثين من منطقة آثار الفيوم بعمل حفائر علمية منظمة وتم الكشف عن بقايا مبنى كبير لم يتم التعرف على وظيفته خلال الموسم الأول للحفائر, وما تم الكشف عنه من هذا المبنى ربما يمثل فناء خلفي تبلغ أبعاده (17,10م شمال جنوب×5,65م شرق غرب), وتم الكشف عن جداره الغربي بالكامل, حيث تم الكشف عن الزوايا الخارجية: الشمالية الغربية والجنوبية الغربية حيث يوجد جدار يتجه غرباً وينتمى إلى مبنى أخر مجاور له وعلى نفس أتجاه الجدار الجنوبى للمبنى محل الحفائر, إلا أنه لم يتم الكشف بالكامل عن هذا المبنى. وعثر بهذا المبنى على ثلاثة شقافات مكتوبة باللغة اليونانية تذكر إحداها توريد كمية من التبن لصناعة الطوب اللبن.
التل الاثرى والسباخينكما أظهر المسح الأثري والحفائر مدى التدمير الذى تعرض له التل الأثري من قبل السباخين (الفلاحين) المجاورين للموقع خلال نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين, والباحثين عن البقايا العضوية لتسميد الأراضي الجديدة وخاصة المباني المبنية بالطوب اللبن وأتضح أنه تم إزالة مساحة كبيرة من التل الأثري وإزالة الجزء الأكبر من عمق التل والذى كان يشغله على أغلب الظن المباني العامة لمدينة كيركيثويرس مثل المعابد ووما حولها من منشأت عامة والحمامات وكذلك المنازل ويظهر ذلك جليا من بقايا البلوكات الحجرية الضخمة وقواعد الأعمدة وبقايا الجدران المبنية من الطوب المحروق والذي تتميز به الحمامات ومعاصر النبيذ. وكان فى العثور على بعض العظام الأدمية المتناثرة وكذلك بعض قطع من لفائف الكتان الذى كان يلف فيه أجساد المتوفين دليلاً على امتداد الجبانة لمسافة تبلغ حوالى 280م من الجنوب للشمال. ويبدو أن هذا الجزء من الكوم الأثري لم يسلم أيضا من عبث السباخين.
كما تم الكشف ولأول مرة فى كوم الخمسين عن فرن لصناعة "الأمفورات" وهي أواني فخارية كبيرة كانت تستخدم لحفظ وتخزين ونقل السوائل. وعثر بجوار الفرن على مجموعة من بقايا هذه الأمفورات لم تستخدم ولم توضع بها من الداخل الطبقة الصمغية الراتنجية من وهى ميزة خاصة بالأمفورات المصرية عامة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الخمسين الآثار الفيوم أطسا الضرائب الحفائر
إقرأ أيضاً:
أكاديميون: ترامب يعود بالعالم لحقبة الفاشية في ثلاثينيات القرن الماضي
وسط حديث عن ضم أراض أوروبية وعجز في أوساط الدول الديمقراطية وفي ظل مشاهد أداء التحية النازية، يهيمن تقارب دونالد ترامب الصادم مع روسيا على مشهد جيوسياسي يعيد إلى الأذهان بالنسبة إلى كثيرين حقبة صعود الفاشية والرد الغربي الضعيف في ثلاثينيات القرن الماضي.
ورغم أن قرنًا يفصل بين الحقبتين، فإن مؤرخين على ضفتي الأطلسي يخوصون في أعماق تخلي ترامب عن عقود من المبادئ الأميركية والأوروبية في وقت يشهد فيه العالم حروبا ونزاعات.
وقال جون كونيلي المؤرخ من جامعة كاليفورنيا في بيركلي "نعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي لأنها كانت فترة حاسمة عندما كانت الديمقراطيات أمام امتحان وفشلت في وضع حد للدكتاتوريين".
وأفاد "في هذه الأيام، يتم الإقرار بأنه كان باستطاعتها تشكيل جبهة موحدة ضد هتلر وتجنّب الحرب".
وفي مثال على ذلك، أعادت إهانة ترامب العلنية للرئيس فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، ونبرته التصالحية حيال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد 3 سنوات على الحرب، إلى الأذهان ضم ألمانيا عام 1938 إقليم السوديت.
وبينما كانت سيطرة أدولف هتلر على المنطقة الواقعة في تشيكوسلوفاكيا حينذاك موضع خلاف، قبلت بها القوى الأوروبية لاحقا من خلال اتفاقية ميونخ التي فشلت في الحد من طموحات الفوهرر العسكرية.
إعلانعبّر زيلينسكي عن المخاوف ذاتها، وقال إن من شأن السماح لبوتين بالاحتفاظ بالأراضي الأوكرانية التي سيطرت عليها روسيا أن يشجّعه على السيطرة على أراض أخرى، في مولدوفيا مثلا أو حتى في رومانيا المنضوية في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.
ويطمع ترامب نفسه بالاستحواذ على غرينلاند "بطريقة أو أخرى"، رغم أن الجزيرة جزء من الدانمارك، وهي عضو مؤسس لحلف شمال الأطلسي إلى جانب الولايات المتحدة.
مقارنة لا مفر منها
ويقول يوهان شابوتو -وهو فرنسي متخصص في ألمانيا النازية- إنه "لا مفر من المقارنة لأن معظم اللاعبين السياسيين -أي باختصار قادة العالم- يشيرون بأنفسهم إلى التطور الذي قاد إلى الحرب العالمية الثانية، وهو النازية".
وحتى قبل أن يؤدي مستشار ترامب الملياردير إيلون ماسك ما رأى فيها كثيرون تحية نازية، أثارت ولاية الرئيس الأولى جدلا واسعا بشأن الطبيعة الفاشية لحكمه.
وقال كبير موظفي ترامب في ولايته الأولى، جون كيلي، إن "التعريف العام للشخص الفاشي" ينطبق على ترامب. واتفق مساعدون آخرون له بينهم الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة للجيش الجنرال مارك ميلي مع هذه الرؤية.
وازداد الجدل مع تجاهل ترامب لأعراف الكونغرس منذ عودته إلى البيت الأبيض وتحرّكاته الرامية لإحداث انقلاب في الإدارات العامة والسياسة الخارجية.
ولطالما قاوم الخبير السياسي والمؤرخ الأميركي روبرت باكستون استخدام مصطلح "الفاشية"، معتبرا أنها "كلمة تولد التوتر أكثر مما تقوم بدور التوضيح".
لكنه تراجع عن موقفه بالنسبة لترامب حتى قبل إعادة انتخابه بأصوات أكثر من نصف الناخبين الأميركيين في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وأشار باكستون إلى تشجيع ترامب أنصاره للهجوم على الكابيتول في يناير/كانون الثاني 2021، فيما سعى لانتزاع السلطة رغم خسارته الانتخابات قبل أسابيع على ذلك.
إعلانوقال باكستون لـ"نيويورك تايمز في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إن الفاشية لدى ترامب " تتفجر من الأعماق بطرق مقلقة للغاية، وهو ما يشبه بشكل كبير الفاشية الأصلية".
الحق مع الأقوى
منذ عودته إلى السلطة، يستحضر تجاهل ترامب للقانون الدولي وحربه التجارية مع الحلفاء والخصوم على حد سواء واستهزاؤه بالسيادة الوطنية، عقلية "الحق مع الأقوى" التي سادت بين الحربين العالميتين.
يشير المؤرخ الفرنسي والخبير بالمحرقة تال بروتمان إلى وجود "العديد من أوجه التشابه في ما يتعلق بالجمود السياسي وضعف بعض الأفكار المقبولة والدوس على القانون الدولي والاستخدام غير المقيّد للقوة والفظاظة مع حلفائه".
ويضيف "هناك تعريفات عدة للفاشية، لكن لدى جميعها صفة رئيسية هي القوة الضارية".
لكن أمورا كثيرة تغيرت أيضا على مدى القرن الماضي. تحقق كل من الولايات المتحدة وأوروبا ازدهارا اقتصاديا بشكل لم يكن من الممكن تخيله بعد الحرب العالمية الأولى والكساد الكبير، والتي وفرت أرضا خصبة لصعود أنظمة استبدادية في ألمانيا وإيطاليا.
وأشار كونيلي إلى أن "الغريب هو أن الولايات المتحدة انتخبت رجلا معاديا للديمقراطية رغم النمو الذي يشهده اقتصادها".
وبعد الحرب العالمية الثانية، أنشأ المجتمع الدولي مؤسسات لضمان التعاون وتجنّب سفك الدماء على غرار الأمم المتحدة والبنك الدولي.
كما تم تعزيز المحكمة الجنائية الدولية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان للتشجيع على احترام سيادة القانون.
وقال شابوتو "بعد العام 1945، قررنا حرفيا أن نجعل العالم أكثر تحضّرا ونجعله مدينة نحترم فيها القانون بدلا من قتل بعضنا بعضا".
لكن يبدو أن هذه الضوابط تلقت الآن ضربة قوية.
وقال كونيلي إن "هذه القوانين قائمة لكن المشكلة هي في أن إدارة ترامب لا تحترمها، وهو أمر مفاجئ بالنسبة للجميع".
إعلانوأضاف أن "الولايات المتحدة لم تستخلص العبر من التاريخ".