لندن– يترقب البريطانيون ومعهم أسواق المال والأعمال في البلاد الميزانية الجديدة التي سيعلن عنها رئيس الوزراء كير ستارمر، خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول القادم وهي أول ميزانية لحكومة حزب العمال وستحدد ملامح السياسة الاقتصادية لهذه الحكومة. وأثار ستارمر كثيرا من الجدل والقلق لدى الرأي العام البريطاني عندما أعلن في خطاب موجه للشعب البريطاني بأن الميزانية القادمة ستحمل كثيرا من القرارات الصعبة.

ويختلف خطاب كير ستارمر بعد تحمل مقاليد السلطة عن الخطاب الذي قدمه خلال الحملة الانتخابية، خصوصا في الشق الاقتصادي، ففي تلك الفترة وعد ستارمر بعدم رفع الضرائب والزيادة في الإنفاق العمومي لتحسين الخدمات الصحية والتعليمية وكذلك الزيادة في الدعم المقدم للأسر الفقيرة، أما بعد وصوله للسلطة، فإن ستارمر يروج لزيادات ضريبية مختلفة، وكذلك إلى نهج سياسة التقشف، وحذف بعض أنواع الدعم المقدم لكبار السن من بينها الدعم على فاتورة التدفئة والبنزين، وكذلك دراسة سحب البطاقة المجانية للنقل بالنسبة للمتقاعدين.

وبرر كير ستارمر هذا التوجه التقشفي لحكومته بما يسميه "حالة الفوضى العارمة" التي خلفها المحافظون، الذين -حسبه- أدخلوا الاقتصاد البريطاني في وضعية صعبة تحتاج لسنوات من أجل علاجها، مشيرا إلى وجود هوة في ميزانية الدولة بقيمة 22 مليار جنيه إسترليني.

البعض يتهم كير ستارمر بتقديم وعود كاذبة خلال حملته الانتخابية ويقول البعض الآخر إن إصلاح الوضع الاقتصادي في البلاد يحتاج للكثير من التضحيات (رويترز)

وبينما يتهم البعض كير ستارمر بتقديم وعود كاذبة خلال حملته الانتخابية، يقول البعض الآخر إن إصلاح الوضع الاقتصادي في البلاد يحتاج للكثير من التضحيات، وسط توقعات بأن ستارمر سوف يستهدف الطبقة الغنية في البلاد بالرفع من الضرائب المفروضة عليها ولن يقترب من الضرائب المتعلقة بالطبقة المتوسطة.

خيانة لدافعي الضرائب

وانتقد جون أوكنيل المدير التنفيذي لمؤسسة "تحالف دافعي الضرائب"، تصريحات كير ستارمر بشأن القرارات الاقتصادية الصعبة التي سيتخذها خلال الأسابيع المقبلة، معتبرا أن هذه التصريحات سوف تنشر حالة "من الإحباط في صفوف دافعي الضرائب البريطانيين الذين كانوا يتوقعون سياسات جديدة لتخفيف الأعباء الضريبية عنهم وليس العكس".

وقال الخبير الاقتصادي البريطاني في حديثه مع الجزيرة نت إن "هناك حالة من الشعور بالخيانة في صفوف البريطانيين خصوصا الذين صوتوا لحزب العمال لأن ما تقوم به حكومة كير ستارمر لا يساعد المواطنين على تحسين وضعهم المالي بل على العكس، فإنه يزيد تكريس سياسة الضرائب المرتفعة التي تعتمدها بريطانيا منذ أكثر من 70 سنة".

وبشأن المبررات التي قدمها رئيس الوزراء بكون الاقتصاد البريطاني في حاجة لإصلاحات جذرية، فقد أكد جون أوكنيل، "أن رئيس الوزراء يتحدث باستمرار عن إصلاح أسس الاقتصاد لكنه لا يفعل شيئا من أجل الإصلاح الحقيقي ولكنه يقدم الوصفات الاقتصادية نفسها التي تسببت في اندحار الاقتصاد البريطاني خلال العقود الماضية".

ويرى الاقتصادي البريطاني أن الحل يكمن في عكس ما يقترحه كير ستارمر تماما، "فإذا كانت حكومته جادة وملتزمة حقا بخلق الثروة فعليها تجنب زيادة في الضرائب، لأن التجارب السابقة أثبتت أن هذه السياسة تسحق الاقتصاد وتضعف عجلة الإنتاج وتتسبب في هروب رؤوس الأموال والاستثمارات".

العين على الأثرياء

من جهتها، تنظر ستيفاني تشرشل مديرة مؤسسة الاستشارات الضريبية والاقتصادية "تشرشل للضرائب"، لسياسة العمال من منظور مختلف عن الذي قدمه جون أوكنيل، حيث وصفت أن الإجراءات المتوقع القيام بها سوف تحد من "الظلم الضريبي".

كير ستارمر برر هذا التوجه التقشفي لحكومته بما يسميه "حالة الفوضى العارمة" التي خلفها المحافظون (غيتي)

وكشفت الخبيرة في القضايا الضريبية خلال حديثها مع الجزيرة نت عن بعض الإجراءات، ومنها "إزالة مفهوم الإقامة الضريبية وسينهي هذا الإصلاح استخدام الصناديق الخارجية لإبقاء الأصول خارج نطاق الضريبة، وكذلك إزالة الإعفاءات الضريبية التي كان يستفيد منها أصحاب الشقق الذين يؤجرون منازلهم لفترة قصيرة مع التركيز على الأشخاص الذين يمتلكون عددا من العقارات، ويقومون بتأجيرها لفترات قصيرة لعدم دفع الضرائب، كما سيتم فرض الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 20% بالنسبة للمدارس الخاصة في البلاد".

وأكدت ستيفاني أنه "لا مفر من حدوث تغييرات ضريبية، بسبب حجم الإيرادات التي تحتاج الحكومة إلى جمعها ولهذا فإن من الأهداف المحتملة لهذه التغييرات هي ضريبة مكاسب استثمار رؤوس الأموال التي قد تعرف زيادة في نسبتها وكذلك ضريبة الميراث".

وحذرت الخبيرة الاقتصادية من أن الزيادة في الضريبة على عائدات استثمار رؤوس الأموال ستكون قرارا صعبا، "لأنها موجهة بالأساس للأثرياء أو على الأقل أولئك الذين يستطيعون امتلاك أصول مالية، ولكن في الوقت نفسه، هي ضريبة يمكن لدافعي الضرائب تجنبها بسهولة من الناحية القانونية ببساطة عن طريق عدم بيع تلك الأصول. لذا، فإن زيادة المعدل قد يؤدي إلى انخفاض في المداخيل الضريبية لأن الأثرياء قد يحجمون عن بيع أصولهم المالية تجنبا لدفع المزيد من الضرائب"

ودعت ستيفاني حكومة ستارمر لأن تكون حذرة في اتخاذ أي قرار "لأن أي قرار مفاجئ وجذري قد يؤدي إلى هزة في سوق المال والأعمال وقد يبعث رسالة سلبية للمستثمرين ورجال الأعمال".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الاقتصاد البریطانی کیر ستارمر فی البلاد

إقرأ أيضاً:

وزير الصحة: مصر اتخذت قرارات عديدة لتعزيز الرعاية الصحية واستراتيجية الصحة الواحدة

قال الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان، إن الدولة المصرية اتخذت خلال الفترة الماضية ، العديد من القرارات الهامة والحاسمة ، والتي من شأنها تعزيز البنية التحتية للرعاية الصحية ، وتعزيز استراتيجية الصحة الواحدة والأمن الصحي للمواطنين.

 

جاء ذلك خلال كلمة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، اليوم الإثنين بالفعالية الختامية لمشروع التعاون المشترك بين وزارة الصحة والسكان ومنظمة الصحة العالمية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، بحضور الدكتور نعمة عابد، ممثل منظمة الصحة العالمية لدى مصر، ومدير  بعثة الوكالة الامريكية للتنمية لدى مصر شون جونز.


حرص نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة على توجيه الشكر لمنظمة الصحة العالمية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، على دعمهم المستمر وتقديم كافة الخبرات المتاحة لتعزيز النظام الصحي المصري، مما ساهم في تعزيز قدرة النظام الصحي في التصدي لمختلف الجوائح والطوارئ الصحية، موضحاً أن التعاون المشترك تضمن العمل وفقاً لاستراتيجية متكاملة قادرة على التصدي للتهديدات الصحية من خلال حلول مبتكرة قائمة على الأدلة.


وأشار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة إلى أن مشروع التعاون المشترك الذي استمر على مدار عامين أثمر نجاحاً كبيراً في بناء مجتمع يتمتع بالصحة والمرونة والرفاة، مشيرًا إلى أن أزمة جائحة فيروس كورونا وضعت الأنظمة الصحية بمختلف الدول تحت الاختبار ، وأظهرت حرص القيادة السياسية بمصر على وضع صحة ورفاهية مواطنيها في المقدمة، من خلال بذل كافة الجهود وعقد الشراكات مع مختلف الجهات والمنظمات المعنية.


ولفت نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة، إلى أن التعاون المشترك تضمن مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، وترشيد استهلاك المضادات الحيوية، الأمر الذي يُشكل تهديداً صحياً عالمياً، وذلك من خلال تعزيز تدابير مكافحة العدوى ومراقبة العدوى المكتسبة في المستشفيات، وتنفيذ خطة العمل الخاصة بمعالجة مقاومة مضادات الميكروبات.


وأضاف نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، أن التعاون المشترك أثمر كذلك عن تحقيق تقدماً كبيراً في مراقبة الأمراض وتتبع تفشي الأمراض ووضع الخطط والاستجابة له في التوقيت المناسب، من خلال تعزيز القدرات المختبرية، مؤكداً أن مصر أصبحت أكثر استعدادًا وقدرة على التصدي للأمراض الوبائية والمعدية.


وأشار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة، إلى تطوير البروتوكولات الخاصة بالتصدي للأمراض الحيوانية المنشأ والأمراض المنقولة بالغذاء والاضطرابات العصبية وممارسات الحقن الآمن، موضحاً أن تلك التطورات في غاية الأهمية للحد من انتشار العدوى وتحسين نتائج علاج المرضى.

 

وأكد الوزير على توفير الرعاية الصحية العادلة وتعزيز جودتها للمصريين وغير المصريين المقيمين على أرض مصر، مؤكداً على أهمية مد آفاق التعاون المشترك بما يضمن تحقيق استجابات مستدامة لمواجهة التحديات الصحية ، وابتكار المزيد من المبادرات التي من شأنها تحقيق الرفاة وتعزيز الصحة العامة ، وبناء عالم أكثر صحة وأماناً للمواطنين.

وفي كلمتها أشادت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بالشراكة البناءة بين الجهات الوطنية، ومنظمة الصحة العالمية، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID، لتعزيز استجابة النظام الصحي في مصر، وتلبية الاحتياجات العاجلة خلال جائحة كوفيد-19، وهو ما دعم الجهود الوطنية التي نجحت في الحد من انتشار الوباء، وبناء حلول طويلة الأجل ومستدامة تتجاوز الاستجابة الفورية للأزمة لتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة التهديدات المستقبلية للصحة العامة.


وأوضحت "المشاط" أن الاستثمار في رأس المال البشري يُعَد ركيزة أساسية في التنمية، وقد حرصت الحكومة المصرية على معالجة التحديات ذات الصلة ضمن استراتيجيات التنمية. وقد تضمن الإطار الاستراتيجي للشراكة بين مصر والأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة 2023-2027 محورًا رئيسيًا يستهدف بحلول عام 2027، تعزيز رأس المال البشري من خلال المساواة في الوصول إلى الخدمات الجيدة والحماية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية المضمونة للجميع.


ومن جانبه أكد الدكتور نعمة عابد، ممثل منظمة الصحة العالمية لدى مصر، على أن مشروع التعاون الثلاثي المشترك لعب دوراً أساسياً في تعزيز استجابة مصر لجائحة فيروس كورونا والنهوض باستراتيجية الصحة الواحدة، وبناء نظام صحي أقوى وأكثر مرونة، من خلال شراكة قوية.

 

ومن جانبه أشار مدير  بعثة الوكالة الامريكية للتنمية لدى مصر شون جونز، إلى الحرص على تقديم كافة سبل الدعم لتعزيز نظام الرعاية الصحية بمصر، لافتاً إلى أن الشراكة الثلاثية بين الوكالة والمنظمة والوزارة لم تقتصر على التصدي لجائحة فيروس كورونا وتوفير اللقاحات للمواطنين فقط، بل امتدت لدعم نهج الصحة الواحدة، مؤكداً استمرار العمل المشترك المستقبلي لدعم وتعزيز النظام الصحي.

مقالات مشابهة

  • الضرائب تضبط 481 مخالفة خلال يوم
  • برلماني: حزمة التسهيلات والإعفاءات الضريبية تسهم في تشجيع الاستثمار
  • ترامب يكشف عن ما سيفعله مع روسيا والصين إذا فاز في الانتخابات
  • أستاذ إعلام: التيسيرات الضريبية خطوة جديدة لتعزيز الاقتصاد ومواجهة التحديات
  • «عبدالغفار»: الدولة اتخذت قرارات حاسمة لتعزيز قطاع الرعاية الصحية
  • وزير الصحة: مصر اتخذت قرارات عديدة لتعزيز الرعاية الصحية واستراتيجية الصحة الواحدة
  • جدل حول تبرعات رجل الأعمال وحيد علي لرئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر
  • رئيس هيئة الرقابة المالية السابق: «تبسيط المعاملات الضريبية وتشجيع المشروعات» إجراءات صحيحة ثمارها مؤجلة
  • الضرائب: حزمة التسهيلات الضريبية تشمل كل الممولين والأنشطة
  • “تايمز” تنشر تفاصيل عن فضيحة ستقود رئيس الوزراء البريطاني للمحاكمة.. ما علاقة زوجته؟