بوابة الفجر:
2024-11-21@13:25:48 GMT

مؤمن الجندي يكتب: وداعًا قصاص السيرة

تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT

من منا لا يعرف مهنة قص الأثر أو ما يسمى لغويًا "قافة"، فهي فراسة فطرية ضاربة في القدم تميز بها الكثير من أفراد القبائل العربية، ولكن اليوم دعني أحدثك عن قصاص السيرة، فكما للقدم أثر في الصحراء فإن للإنسان سيرة في الدنيا، فمن منا لا يحلم بأن تكون سيرته عطرة يتذكره الجميع بها بعد رحيله.. بأنه كان الخلوق، المتسامح، والودود!.

وداعًا إيهاب جلال.. من اللعب للأهلي والإسماعيلي والمصري لتدريب أكثر من 10 أندية ومنتخب مصر (بروفايل) ع الطاير: عيد غير سعيد.. خبيئة صلاح.. كنز الأهلي.. سلام يا صاحبي.. بطل مظلوم

الحقيقة أن هذه السيرة تشغل بال العديد منا، خاصة ممكن يؤمنون بأن السيرة أطول من المسيرة كما يقال، ولكن أن تصنع سيرة ذاتية على مستوى عالٍ من الأخلاق فهذا ليس سهلًأ، فاسمح لي أن أقص عليك سيرة "قصاص السيرة" إيهاب جلال نجم الأهلي والإسماعيلي والمصري والمدير الفني لمنتخب مصر الأول السابق، وعدد كبير من الأندية.. الذي آمن بقواعد السيرة وسار في طريقها حتى النهاية.

نعم أطلقت عليه هذا اللقب، لأنه فور وفاته لم يتحدث أحد إلا عن أخلاق إيهاب جلال وسيرته ومواقفه، فهذا الرجل يؤكد معنى مهم أن السيرة هي ما تبقى، ذهب المال والأعمال والأولاد بل الدنيا بكل ما فيها، وفجأة تبقى لنا فيها السيرة ولم يظل أي شيء معه سوى العمل.

 

رجل أنهكته الظروف الصعبةريشة الفنان أحمد خلف

الراحل إيهاب جلال -رحمه الله-، توفى إثر جلطة بالمخ بعد أن تعرض لضغوط عصبية ونفسية صعبة، نعم إنه قدر الله ولكن جلال أنهكته الظروف الصعبة في رحلته التدريبية سواء مع الزمالك أو منتخب مصر وأخيرًا مع الإسماعيلي.

ورغم تأدب هذا الرجل الشديد في التعامل مع هذه الضغوط، إلا أن جمهور كرة القدم لم يصمت بعد وفاته، وبدأ الجميع في التحدث عما تعرض له من ظلم.. خاصة بعد إقالته من تدريب منتخب مصر وهو في الطائرة عائدًا لمصر مع بعثة المنتخب.

بعيدًا عن كرة القدم، لقد كتبت هذه السطور للتأكيد على حقيقة واحدة! الدنيا بالسيرة والآخرة بالأعمال، فلماذا نتكالب؟ وإلى أي مدى يتوقع من يتكالب ويظلم أنه سيخلد في هذه الدنيا؟ رحل إيهاب جلال بين ليلة وضحاها وغيره يرحل دون أن نشعر.

 

للعدالة وجوه كثيرة ولكن!

 

للعدالة وجوه كثيرة مسلسل شهير للفنان يحيى الفخراني، أو "جابر مأمون نصار" وهو رجل أعمال مشهور في المسلسل وله صيته وسمعته الطيبة بين الناس، كان يعيش مع زوجته وابنته حياة هادئة، حاول إخفاء حقيقته طوال حياته، إلا أن جريمة قتل حدثت، كشف كل الماضي المستور.. وهنا إيهاب جلال عاش هادئًا ساكتًا ورحيله دفعنا أن نتحدث عن أنه كُبت نفسيًا وأخفى ذلك حتى لقي ربه.

ترك إيهاب جلال دنيانا مظلومًا أو مكبوتًا دون أن يتحدث، فالغريب أن هذا الرجل لم يظهر بعد إقالته ليتحدث في أي شيء، بل التزم الصمت والأدب.. ليرحل وتبقى سيرته! فعلينا جميعًا أن نتحرى المسيرة من قصاصي السيرة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: ايهاب جلال وفاة إيهاب جلال رحيل إيهاب جلال مؤمن الجندي إیهاب جلال

إقرأ أيضاً:

المخرج من الفتن عند اشتداد المحن: قراءة في الواقع على ضوء السيرة النبوية

تعظم الحاجة عند الفتن وظهور الأزمات إلى الموازنة بين المصالح والمفاسد، فما جاءت الشريعة إلا لتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وإنّما مطلوبها ترجيح خير الخيرين إذا لم يمكن الجمع بينهما، ودفع شرّ الشّرين إذا لم يندفعا جميعا، وهي موازنات تدخل في الضروريات والحاجيات والتحسينيات، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى. وهل من ضرورة أكبر من البحث عن المصلحة في حفظ ضرورات الأرض والعرض والدّين والنفس تستدعي جلب أحسن الحسنتين، ودفع أسوأ السيئتين؟ الأمر الذي يتطلّب فقه أصحاب العقول الراجحة والحكمة البالغة والعلم الشرعي الربّاني الرّصين، إضافة إلى التّفكير الجمعي وما يستلزمه من اطّلاع واسع على الأحداث والوقائع والمآلات، وتحليلٍ عميقٍ لمجريّات الأمور والتوقّعات، وحوارٍ صريحٍ يبحث في كلِّ التفاصيل والتحدّيات.

وقد جاء في الحديث النبوي الشريف: "إنَّ اللَّهَ يحبُّ البصرَ النَّافذَ عندَ ورودِ الشُّبُهاتِ ويحب العقلَ الْكاملَ عندَ حلولِ الشَّهواتِ"، ونحن أحوج ما نكون، في ظلّ الفتن التي نعيش والأزمات التي تمرّ بنا، إلى العقل الرشيد المنصِف، والوعي العميق الملهِم، والرأي السديد المرشِد، فنقرأ النصّ الشرعي ونحن ننظر إلى الحدث الواقعي، ونستشرف المستقبل القادم ونحن نسترشد بالماضي الآفل، فنبني الحكم الشرعي على أساس ثلاثية النّصّ والواقع وتنزيل النصّ على الواقع، وتلك هي صنعة العلماء الربّانيين، الموقّعين عن ربّ العالمين، العارفين بأمور الدنيا والدين، أن يقدّروا الموقف ويضعوا الخطط التي تناسب اليوم والغد.

من العدل أن نقول: إنّ حزب الله في لبنان لم يتأخّر عن تلبية النداء، وقام في اليوم الثاني للطوفان (8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023)، قبل المنظّمات الفلسطينية في الخارج، والجماعة الإسلامية في لبنان، بقصف مزارع شبعا، معلنا التزامه بدعم غزّة ووحدة السّاحات، ليدخل المعركة بشكل تدريجي متصاعد، مقدّما على مذبح فلسطين كبار قادته ورؤوس كوادره السّياسية والأمنية والعسكرية
معركة الطوفان في اللحظة المفصليّة

جاء طوفان الأقصى في مرحلة مفصليّة من تاريخ الأمّة وقد بلغ التحدّي ذروته، وبات يهدّد حياة القضية ووجود فلسطين، التي تضاءل حضورها على السّاحة الدّولية واضمحلّ تأييدها إلى أدنى مستوياته، في ظلّ معاهدات وُقّعت بليلٍ واتفاقياتٍ عُقِدَت في الظلام، وراح مهندسو التطبيع يحضّرون لإعلانها في مأتم رسميٍّ يعدّونه لفلسطين: القضية والهّوية، لكنّهم فوجئوا بالطّوفان يحبط مخطّطات الأمريكان، ويدفن آمال الصهاينة، ويفسد على العربان والمستعربين أحلامهم بالشرق الأوسط الجديد، وتربّعهم فوق عروشهم لعمر مديد، فجرف الطوفان نتنياهو والمتهوّدين. وصُدِم العالمُ كلُّه بالحدث، وتململ راعي محور المقاومة الإيراني ومنظّر وحدة الساحات الملالي، غير أنّ من العدل أن نقول: إنّ حزب الله في لبنان لم يتأخّر عن تلبية النداء، وقام في اليوم الثاني للطوفان (8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023)، قبل المنظّمات الفلسطينية في الخارج، والجماعة الإسلامية في لبنان، بقصف مزارع شبعا، معلنا التزامه بدعم غزّة ووحدة السّاحات، ليدخل المعركة بشكل تدريجي متصاعد، مقدّما على مذبح فلسطين كبار قادته ورؤوس كوادره السّياسية والأمنية والعسكرية.

انقسام وسط المعركة

شكّك الكثيرون بصدق "حزب الله" اللبناني في قتاله، خاصّة مع تاريخ جرائمه في المنطقة، ومواقفه من ثورات الربيع العربي، وتدخّله لصالح نظام الأسد في مواجهة الثورة السورية، ثمّ بعد إعلانه الانخراط بمعركة الطوفان؛ التزامه في مواجهاته سياسة النفس الطويل، والعقل البارد، وقواعد الاشتباك، تلك السّياسات التي قطف ثمارها أشواكا أدمت جسده، وفتّتت بنيته، وأودت بكبار قادته. وتجاوز البعض هذا التشكيك إلى الاتهام، فانشغل من أجل إثبات وجهة نظره بجدل عقيم، ناسيا أن ذلك لا يصحّ حين يكون يواجه عدوّا شرسا في معركة ضروس، وكلّ الهمّ عنده إصدار الأحكام وإلقاء التّهم، دون أيّ اعتبار لضرورة الالتفات إلى المعركة ومتطلّباتها، وفقه الواقع والموازنات ومراعاة أصوله وضوابطه.

التأصيل الشرعي للتحالفات السياسية

ولعلّ من نافلة القول التأكيد على أنّ التلاقي بين فريقين لا يعني اتفاقهما في كلّ شيء، كما أنّ التحالف بين جهتين لا يعني إيمان هذا الفريق بكلّ ما يؤمن به الفريق الآخر، إنّما هي المصالح المشتركة والمنافع الآنيّة المرتقبة، وقد حضر رسول الله ﷺ مع أعمامه في الجاهلية حلف الفضول في دار عبد الله بن جدعان، وقال عن ذلك: "لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حِلفا ما أحبّ أنّ لي به حُمُرَ النّعم، ولو أدعى إليه في الإسلام لأجبت"، ودخل مكّة في جوار المطعم بن عدي، دون أن يعني ذلك اتفاقا على المبادئ أو تبعية في الولاء، بل ظلّ النّبي ﷺ على إسلامه وبقي المطعم على شركه.

نحالف من نحالف بناء للمصالح العامّة، دون أن ينسينا ذلك ما كان ممّن نحالفه أو ما نتوقعه من مفاسد، ودون أن يعني ذلك خروجا عن الثوابت أو تبعيّة للآخ
تمرّ الأمّة اليوم بمنعطف خطير في تاريخها، وعلى العقلاء عندما تشتدّ المحن أن يبحثوا عن الثوابت فيتمسّكوا بها، وعن المبادئ فيعضّوا عليها بالنواجذ، وعلى الثوابت والمبادئ تقاس المصالح والمفاسد، وتقدّر المنافع والمضار، وتؤخذ القرارات وتحدّد الأحكام، وهذا رسول الله ﷺ يموت أصحابه أمامه دون عقيدتهم فلا يزيد على أن يأمرهم بالصبر، ويساومه قومه ليترك ثوابت دينه ومبادئ عقيدته على أن يكون له ما شاء من المال والمتاع والجاه والسلطان، فيكون جوابه: "لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يُظهره الله أو أهلك فيه ما تركتُه"، لأنّهم ساوموه على المبادئ، أمّا حين كان الأمر دون ذلك فلم يجد غضاضة في الطلب من عليّ رضي الله عنه أن يمحوَ صِفَتَه: "رسول الله" ويكتب: "محمد بن عبد الله" بعدما اعترض سهيل بن عمرو على تلك الصفة في صلح الحديبية، ويرضى بأن يردّ إلى قريش من جاءه مسلما من أهلها، ولا يردّون إليه من جاءهم مرتدّا من المسلمين، حين رأى أنّها مصالح يمكن الاجتهاد فيها.

وعلى هذا الأساس ينبغي أن ننطلق في رؤيتنا للواقع وحكمنا على الأشياء والعلاقات والتحالفات، فنحالف من نحالف بناء للمصالح العامّة، دون أن ينسينا ذلك ما كان ممّن نحالفه أو ما نتوقعه من مفاسد، ودون أن يعني ذلك خروجا عن الثوابت أو تبعيّة للآخر. وعلى العاملين للإسلام أن يتحلّوا بهذه المرونة الصّلبة في التفكير، وأن يوطّنوا أنفسهم في قادمات الأيام، على بناء علاقات متشعّبة ومتنوّعة مع جهات لا نتّفق معها في كثير من الأمور، لكنّنا نثق بأنفسنا، ونتمسك بمبادئنا، ونؤمن أنّنا نسير نحو أهدافنا بقوة وثبات ووضوح.

مقالات مشابهة

  • بنك السودان المركزى يستيقظ ولكن بعد …
  • مؤمن الجندي يكتب: بين الثواني والسراب.. موعد مع المجهول
  • عقوبة قطع صلة الرحم.. 20 مصيبة تنتظر قاطعها في الدنيا قبل الآخرة
  • مقابر «كوم الشقافة» إحدى عجائب الدنيا السبع بالعصور الوسطى | صور
  • المخرج من الفتن عند اشتداد المحن: قراءة في الواقع على ضوء السيرة النبوية
  • حكم الدعاء في الصلاة بقضاء حاجة من أمور الدنيا
  • مؤمن الجندي يكتب: رهبة الضوء الأخير
  • في وداع الغائبين
  • «بعمل عليهم طاجن بامية».. شاب يأكل «كلاب الشوارع» في السويس |تفاصيل
  • القصـاص من جانِِ قتــل مواطنا بآلة حادة