علماء يبتكرون بطاريات بسُمك الشعرة لروبوتات بحجم الخلية
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
في خطوة رائدة ابتكر مهندسو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بطاريات صغيرة جدا، يمكن أن تمثل حلاً للعديد من التحديات التي تواجه الروبوتات المجهرية.
هذه البطاريات، التي تعمل بالهواء والزنك، قد تكون المفتاح لتزويد الروبوتات الدقيقة بالطاقة الكافية لتعمل بشكل مستقل، مما يفتح آفاقاً جديدة لاستخدامها في تطبيقات متنوعة مثل توصيل الأدوية داخل جسم الإنسان أو الكشف عن تسرب الغاز في خطوط الأنابيب.
وتتميز البطاريات بحجمها الصغير للغاية، حيث يبلغ طولها 0.1 مليمتر وسُمكها 0.002 مليمتر، أي أنها لا تتجاوز سُمك شعرة الإنسان. وتولد البطارية تيارا يصل إلى فولت واحد عبر تفاعل الأكسجين في الهواء مع الزنك، وهو ما يكفي لتشغيل دارات صغيرة أو مستشعرات أو محركات دقيقة.
وكما وصف مايكل سترانو، أستاذ الهندسة الكيميائية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والمؤلف الرئيسي للدراسة، في تصريحات حصلت الجزيرة نت على نسخة منها "نعتقد أن بحثنا سيوفر فرصًا كبيرة في مجال الروبوتات، إذ نبني وظائف روبوتية على هذه البطارية وبدأنا في دمج هذه المكونات في أجهزة كاملة".
تحدي الطاقةعلى مدار السنوات القليلة الماضية، كانت مختبرات سترانو تعمل على تطوير روبوتات دقيقة قادرة على استشعار البيئة المحيطة بها والتفاعل معها. إلا أن التحدي الرئيسي لطالما كان توفير مصدر طاقة يكفي لتشغيل هذه الروبوتات متناهية الصغر. ولجأ بعض الباحثين إلى الطاقة الشمسية، ولكن اعتماد الروبوتات على مصدر خارجي للطاقة يجعلها مثل "الدمى المتحركة" المحدودة التي يتم التحكم فيها من الخارج.
خلال سنوات عملت مختبرات سترانو على تطوير روبوتات دقيقة قادرة على استشعار البيئة المحيطة والتفاعل معها (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)ولتجاوز هذه المحدودية، يقول سترانو "الأنظمة التي تعمل بالطاقة الخارجية لا تحتاج حقاً إلى بطارية لأنها تحصل على كل الطاقة التي تحتاجها من الخارج. ولكن إذا أردت أن يتمكن الروبوت الصغير من الوصول إلى أماكن لا يمكنك الوصول إليها بطريقة أخرى، فلابد أن يتمتع بمستوى أعلى من الاستقلالية، وهنا تصبح البطارية ضرورة".
وقد قرر فريق سترانو استخدام نوع من البطاريات يُعرف باسم بطارية الزنك الهوائية، وهي معروفة بكثافة طاقتها العالية، وتستخدم عادة في أجهزة السمع.
وقد صممت هذه البطارية بحيث تحتوي على قطب زنك متصل بقطب بلاتين، وكلاهما مُدمج في شريط من البوليمر يُستخدم عادةً بالإلكترونيات الدقيقة. وعند تفاعل هذه الأقطاب مع الأكسجين، يتأكسد الزنك ويطلق إلكترونات تتدفق إلى القطب البلاتيني مما يولد التيار الكهربائي.
الروبوتات المجهرية ذاتية الحركةتمكن الباحثون من استخدام البطارية لتشغيل ذراع روبوتية دقيقة يمكن رفعها وخفضها، بالإضافة إلى تشغيل مكون إلكتروني يُعرف باسم "ميمريستور" وهو جهاز قادر على تخزين التعليمات عبر تغيير مقاومته الكهربائية.
ورغم أن الفريق استخدم بهذه الدراسة سلكاً لتوصيل البطارية بجهاز خارجي، فإن الخطوة التالية المتوقعة هي دمج البطارية داخل الروبوتات الصغيرة لتعمل بشكل مستقل. ويقول سترانو "هذه البطارية ستكلل جهودنا في مجال الروبوتات، حيث سنتمكن من بناء الروبوت انطلاقًا من مصدر الطاقة، تماماً كأنك تبني سيارة كهربائية انطلاقًا من بطاريتها".
وأحد الاستخدامات المحتملة لهذه الروبوتات هو حقنها في جسم الإنسان، حيث يمكنها الوصول إلى موقع مستهدف وإطلاق أدوية مثل الإنسولين. ولضمان السلامة داخل الجسم، يتوقع الباحثون تصنيع الأجهزة من مواد حيوية قابلة للتحلل بعد انتهاء مهمتها.
وإلى جانب ذلك، يعمل الفريق على زيادة الجهد الكهربائي للبطارية، مما قد يفتح الباب أمام المزيد من التطبيقات المتقدمة. فبحسب الدراسة، يساهم تحسين كفاءة هذه البطارية في تطوير مستشعرات دقيقة يمكنها التفاعل مع المواد الكيميائية في البيئة المحيطة، أو تشغيل مكونات إلكترونية أكثر تعقيدًا.
ويرى الباحثون أن هذه البطارية الصغيرة قد تكون الأساس الذي يمكن بناء العديد من الأنظمة الروبوتية الدقيقة حوله. وبفضل كثافة طاقتها العالية وحجمها الصغير، يمكن أن تفتح آفاقاً واسعة لاستخدامات متعددة، سواء في المجال الطبي أو الصناعي أو حتى مجال الاستكشاف العلمي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
مسلات داخل جسم الإنسان.. علماء يكتشفون شكل حياة جديد
اكتشف العلماء شكل حياة جديد كامن داخل الجسم البشري، إذ وجدوا كيانات تشبه الفيروسات تسمى "المسلات"، وهي عبارة عن قطع دائرية من المادة الوراثية تحتوي على جين واحد أو اثنين وتنظم نفسها على شكل قضيب.
وتظهر المسلات في نصف سكان العالم، ولكن لم يتم اكتشافها إلا عندما كان الباحثون يبحثون عن أنماط لا تتطابق مع أي كائنات حية معروفة في المكتبات الجينية، وفق "دايلي ميل".
وتستعمر هذه الأشكال أفواه وأمعاء البشر، وتعيش داخل مضيفها لمدة عام تقريباً، لكن العلماء لا يعرفون كيف تنتشر.
وتحتوي المسلات على جينومات من حلقات الحمض النووي الريبي تشبه الفيرويدات، وهي فيروسات تصيب النباتات، مما يجعل الخبراء في حيرة من سبب العثور عليها في البكتيريا المرتبطة بالإنسان.
وقال مارك بيفير، عالم الخلايا والأحياء التنموية الذي لم يشارك في البحث، لمجلة ساينس: "إنه أمر جنوني، كلما نظرنا أكثر، رأينا المزيد من الأشياء التي لا تصدق".
ومن غير الواضح ما إذا كانت المسلات ضارة أم مفيدة، لكن الفريق اقترح أنها قد "توجد كراكب تطوري متخفٍ".
وقال العلماء أيضاً إن هذه الكيانات البدائية الصغيرة ربما لعبت دوراً حاسماً في تشكيل التنوع البيولوجي الموجود على الأرض اليوم، حيث قد تكون قادرة على إصابة الكائنات الحية من العديد من الأنواع المختلفة طوال تطورها.
ولم يتأكد العلماء بعد ما إذا كانت أشكال الحياة المكتشفة حديثاً هذه يمكن أن تجعل الناس مرضى، ولكن هناك نوع واحد من الفيروسات يمكنه ذلك: التهاب الكبد الوبائي د.
والمسلات والفيروسات هي كائنات غير حية تقنياً؛ تعتمد على مضيف للبقاء على قيد الحياة، فهي لا تأكل ولا تتجدد ولا تتزاوج.
ومع ذلك، يعتقد بعض الباحثين أن الفيروسات وأقاربها - وربما المسلات أيضاً - تمثل "أشكال الحياة" الأقدم على الأرض.
وتمكن فريق البحث، بقيادة عالم الكيمياء الحيوية في جامعة ستانفورد إيفان زيلوديوف، من اكتشاف المسلات من خلال غربلة البيانات من قاعدة بيانات الحمض النووي الريبي التي تحتوي على آلاف التسلسلات التي تم جمعها من أفواه البشر وأمعائهم ومصادر أخرى، وقد قاموا بتحليل هذه البيانات للبحث عن جزيئات الحمض النووي الريبي الدائرية أحادية السلسلة التي لا تتطابق مع أي تسلسلات فيروسية معروفة ولا تشفر البروتينات.
وقد كشف تحليلهم عن 30 ألف نوع مختلف من المسلات، وقد تم تجاهل جينوماتها في السابق لأنها لا تشبه أي شكل من أشكال الحياة التي تم العثور عليها وتوثيقها من قبل.
ولكن النتائج التي نشرت في مجلة Cell تشير إلى أن المسلات ليست نادرة على الإطلاق، وقد وجد الباحثون أن نصف سكان العالم يحملون مسلات في أفواههم، بينما يحمل 7% منهم مسلات في أمعائهم.
وسوف تكون هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم مدى انتشارها بشكل كامل.
وقد تكون طفيلية وضارة بخلايا مضيفها، ولكنها قد تكون مفيدة أو حميدة تماماً، إذا كشفت الدراسات المستقبلية أن المسلات لها تأثير كبير على صحة أو وظائف الميكروبيوم البشري، فسيكون ذلك اكتشافاً مهما لصحة الإنسان، كما يقول الخبراء.