نبي الإسلام.. سيرته وآثاره لمحمد حميد الله
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
كلما جاء شهر ربيع الأول هبت نسمات ذكرى ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، وبعيدا عن الخلاف الذي يطول ويدور في هذه المناسبة، حول الاحتفال بهذه الذكرى بين مجيز ومانع، نخرج من هذا الخلاف، إلى رحابة الفكر، والسيرة النبوية، للحديث عن الكتابات التي تناولتها.
وقد تعددت الكتابة عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد اتخذ حميد الله منهجا لتناول السيرة بعيدا عن السرد التاريخي المتواصل، بل من حيث المحاور والموضوعات، وقد ظل الكتاب لسنوات طوال بغير اللغة العربية، ورغم وفاة المؤلف منذ سنوات، لكن منتدى العلاقات العربية والدولية بالدوحة، قام بترجمته وطباعته، ترجمه الأستاذ عبد الواحد العلمي، ترجمة دقيقة ومهمة، وطبع الكتاب طباعة فاخرة، بثمن مناسب للقارئ، وهو ما يشكر عليه من قاموا بطبعه.
ولأن حميد الله عاش معظم سنوات عمره في الغرب، فقد كان مراعيا لعقلية القارئ الغربي، أو المسلم الذي درس في الغرب، من حيث الاهتمام بالتوثيق التاريخي، والتوثيق العلمي، لأحداث السيرة النبوية، متبعا المنهج العلمي الدقيق، فقد استطاع محمد حميد الله أن يبرهن على وثائقية رسائل النبي صلى الله عليه وسلم للملوك والزعماء في زمانه، ويجلب كل الرسائل بنسخ أصلية مصورة عن أصلها، ويتتبع مسار هذه الرسائل، ومتى تم توثيقها والتأكد من صحة نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم؟
الناس مع المعجزات ثلاثة أصناف: صنف ليسوا بحاجة لمعجزات حتى يزداد إيمانهم بالله، فهم مؤمنون بهذه الرسالة، لما تحويه من مبادئ وتشريعات. وصنف بحاجة إليها ليؤمنوا. وصنف ثالث، لن يقتنعوا بهذا الدين مهما أتتهم من معجزات.وتأتي أهمية ما يقوم به حميد الله، بأن هذه الرسائل مهمة، والوصول لها عمل جليل ومهم، وتأتي أهميته في إثبات صحة هذه الرسائل من ناحية. ولكن الناحية الأهم، أن هذه الرسائل هناك وسائل أخرى لإثبات صحتها بما يعرف عند المسلمين بعلم الحديث، من حيث دراسة السند والحكم على سند الرواية بالصحة أو الضعف، لكن الزاوية الأهم هنا، هي: أن هذه الرسائل مهمة، لكنها ليست بأهمية نصوص القرآن الكريم، والذي اهتم المسلمون عند جمعه بجمع كل الرقاع والجلود والعظام التي كتبت عليها نصوصه، فإذا كانت رسائل لغير المسلمين، تم الاهتمام بها بهذه الدرجة، فما بالنا بنصوص القرآن الكريم، وهو كتابهم، وأصل تشريعهم وحياتهم آخرتهم؟!
وقد كان لحميد الله من قبل اهتمام بجمع الوثائق، فقد أصدر منذ عقود كتابه الأشهر: (مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة)، ولكن كتابه عن السيرة النبوية، جمع فيه كل ما يتعلق بالسيرة النبوية من وثائق، بداية من رسالة النبي صلى الله عليه وسلم للنجاشي، والمقوقس، وكسرى، وملك الغساسنة، وهرقل، وغيرهم من الملوك والساسة، وكل ما عثر عليه من رسائل نبوية، وذكر عند كل وثيقة، مصدرها، وكيف عثر عليها، وكيف تناولها الغربيون ليؤكدوا صحة نسبتها لمحمد صلى الله عليه وسلم؟
لو كان جهد حميد الله في كتابه توثيق الأحداث النبوية والوثائق فقط لكفاه، لكن الرجل جمع إلى ذلك التناول الموضوعي للسيرة النبوية، في خطوطها الرئيسية، وفي عرض للرسالة المحمدية عرضا علميا مشوقا، دون الإخلال بشروط البحث العلمي لعالم مسلم يعتز بدينه، ويسير على خطى منهج الأسلاف المعتمد في دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وتلك معادلة صعبة استطاع القيام بها حميد الله بجدارة، وتوازن شديد.
عند حديثه عن معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، وبخاصة الحسية منها، نبه حميد الله إلى أن الناس مع المعجزات ثلاثة أصناف: صنف ليسوا بحاجة لمعجزات حتى يزداد إيمانهم بالله، فهم مؤمنون بهذه الرسالة، لما تحويه من مبادئ وتشريعات. وصنف بحاجة إليها ليؤمنوا. وصنف ثالث، لن يقتنعوا بهذا الدين مهما أتتهم من معجزات. ولذا خلص لهذه النتيجة قائلا: (إنه ينبغي الإيمان بالله لأن وجوده ضرورة، والإيمان برسله ورسالاته لأن صدقها بين، إن المعجزات تلزمنا أن نقبل شيئا ما على مضض، إن المعجزة نوع من الإكراه، والخضوع تحت الإكراه لا قيمة له: فالقرآن دقيق جدا في هذه المسألة)، وهي خلاصة مهمة لعالم كبير، مؤمن بالله أشد الإيمان، ومن أكبر الدعاة لدينه في عصرنا الحديث.
وليس معنى كلامه نفي أهمية المعجزات الإلهية الحسية، بل يذهب في توجيهها، ويناقش من ينكرونها، وبخاصة ما ثبت في القرآن الكريم، فعند حديثه عن: (الطير الأبابيل)، في قصة أبرهة، ومحاولته هدم الكعبة، وخاصة أن هناك من أنكرها في عصرنا الحديث من الغربيين ومن تأثروا بمنهجهم، بل راح بعض المعاصرين من المفسرين كالشيخ محمد عبده رحمه الله، يوجه ذلك بأن الله عاقب جيش أبرهة بمرض الجدري.
يقول حميد الله: (من الاستسهال القول بأن الطير الأبابيل مجرد خرافة، غير أنه لا ينبغي أن ننسى بأن هذه الآيات نزلت بعد أربعين سنة فقط من هذا الحدث، حيث شهود عيان من بين معسكر خصوم النبي صلى الله عليه وسلم كانوا ما زالوا على قيد الحياة. فكان من السهل عليهم أن يسخروا من هذا التفسير إن كان اختراعا من النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ذكر رواة السيرة انتقادات كثيرة كان يوجهها أعداء الإسلام للنبي صلى الله عليه وسلم ليس من بينها على القطع قصة الطير الأبابيل).
ينبغي الإيمان بالله لأن وجوده ضرورة، والإيمان برسله ورسالاته لأن صدقها بين، إن المعجزات تلزمنا أن نقبل شيئا ما على مضض، إن المعجزة نوع من الإكراه، والخضوع تحت الإكراه لا قيمة له: فالقرآن دقيق جدا في هذه المسألةبل بحث ودقق حميد الله في كتب التاريخ، ليجلب نصا مهما في المسألة، فقال: (يذكر الطبري أنه في هذا العام انتشر مرض الحصبة والجدري وأمراض معدية أخرى في هذه المنطقة لأول مرة في التاريخ. هل كانت هذه الأمراض نتيجة تعفن الجثث أم أنها كانت بسبب الخسائر الفظيعة التي تلقاها جيش الغزاة؟).
بهذا المنهج المتوازن، والمتئد، يسير العلامة محمد حميد الله في كتابه: (نبي الإسلام.. سيرته وآثاره)، جامعا بين التوثيق العلمي الذي يقدره ويحترمه العقل الغربي والعربي، وبين الدفاع عن الثوابت، وعدم الانسحاق أمام ما يثيره الغربيون والمستشرقون حول بعض الأحداث، ولا يمكن لمقال محدود، أن يلم بكل ميزات وإبداعات الرجل في كتابه الضخم الحجم، الجم الفوائد، الذي لا تخلو منه صفحة من فوائد علمية، خدمة لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، ليوضع الكتاب في مصاف الكتب المعاصرة المهمة التي تحدثت عن نبي الإسلام وسيرته وآثاره.
[email protected]
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ذكرى الكتابات كتاب ذكرى رأي الرسول مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النبی صلى الله علیه وسلم السیرة النبویة محمد حمید الله هذه الرسائل أن هذه فی هذه
إقرأ أيضاً:
ماذا قال النبي عن أعظم آية في القرآن.. يغفل عنها الكثيرون
يغفل كثير من المسلمين عن أعظم آية في القرآن الكريم والتي وردت بها السنة النبوية، وعُرفت بكونها سيدة القرآن الكريم، وقراءتها عبادة لله وراحة للقلب، وفيها توجد القاعدة الأساسية للدين الإسلامي التي هي معنى التوحيد الخالص لله -تعالى- وفيها أيضًا علاج للعديد من الأمراض الجسدية والنفسية، وكما أنها مكونةٌ من خمسين كلمةً فيها خمسون بركةً من الله، وهي من الآيات التي جمعت الكثير من أسماء الله ففيها 17 اسمًا لله -تعالى- منها الاسم الأعظم الذي لا يُرد دعاء المسلم عند الدعاء به.
ماذا قال النبي عن أعظم آية فى القرآن؟قال رسول اللهﷺ في فضل آية الكرسي:«مَن قالها حين يُصبح أُجير من الجنِّ حتى يُمسي، ومَن قالها حين يُمسي أُجير منهم حتى يُصبح» وقال: “مَنْ قرأَ آيةً الكُرسِيِّ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ ، لمْ يمنعْهُ من دُخُولِ الجنةَ إلَّا أنْ يمُوتَ”.
آية الكرسي تحمي البيوت التي تقرأ فيها من الشياطين والجن، فمن جملة الحديث الذي قاله الرسول عليه الصلاة والسلام لأبي هريرة: “إذا أويتَ إلى فراشِك فاقرأْ آيةَ الكرسيِّ، لن يزال معك من الله حافظٌ، ولا يقربك شيطانٌ حتى تصبحَ”.
آية الكرسي كاملةأعوذ بالله من الشيطان الرجيم/ بسم الله الرحمن الرحيم: « اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ».
من قرأ آية الكرسي لا يقربه شيطان- الفائدة الأولى أن قراءة آية الكرسي قبل النوم تحفظ المسلم من الشياطين، جاء في حديث البخاري أن من قرأها قبل نومه لا يزال معه من الله حافظ ولا يقربه شيطان .
- الفائدة الثانية.. قراءة آية الكرسي دبر كل صلاة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت) السنن الكبرى للنسائي كما رواه ابن حبان والطبراني وهو حديث صحيح .
سبب تسمية آية الكرسييقصد بالكرسي أساس الحكم، وهو من الرموز التي تخص الملك، كما أنه دليل واضح على الألوهية المطلقة لله - تعالى-، وقد قال عن هذه الآية النبي -صلى الله عليه وسلم- إنها سبب لحفظ من يحفظها، كما أنها ترفع مكانته وقدره عند الله لتصل به لأعلى المنازل وأسماها، كما أن الرسول- صلى الله عليه وسلم - قد قال عنها (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ لَهَا لِسَانًا وَشَفَتَيْنِ تُقَدِّسُ الْمَلِكَ عِنْدَ سَاقِ الْعَرْشِ، لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامٌ وَإِنَّ سَنَامَ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَفِيهَا آيَةٌ هِيَ سَيِّدَةُ آيِ الْقُرْآنِ هِيَ آيَةُ الْكُرْسِيِّ).
تفسير آية الكرسي1- قوله تعالى: «اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ»؛ فقد سمى الله -تعالى- نفسه بالحي؛ أي الباقي الذي لا يموت، وقيل حيٌّ؛ لأنه يُصرف الأمور مصاريفها، ويُقدر الأشياء مقاديرها، والقيوم هو الذي لا يحول ولا يزول كما قال ابن عباسٍ - رضي الله عنه-.
وعرف الحسن القيوم: بأنه القائم على كلّ نفس بما كسبت؛ ليجازيها بعملها، فهو عالمٌ بها لا يخفى عليه شيءٌ منها، وقيل الحي: هو اسم الله الأعظم، وقيل: بل القيوم هو اسم الله الأعظم، وكان دعاء عيسى -عليه السّلام- عند إحياء الموتى بإذن الله: «يا حي يا قيوم»، ولمّا أراد سليمان -عليه السّلام- عرش بلقيس، دعا قائلًا: «يا حي يا قيوم»، وكان دعاء أهل البحر إذ خافوا الغرق: «يا حي يا قيوم».
2. قوله -تعالى-: «لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ»؛ فقد نفى الله - تعالى - عن نفسه السنة؛ وهي النعاس في العين، والنوم؛ هو الذي يزول معه الذهن في حق البشر، ومعنى ذلك؛ أنّ الله - تعالى- لا يدركه خلل، ولا يلحقه مللٌ بحالٍ من الأحوال.
3. قوله - تعالى-: «لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ»؛ ويكون ذلك بالملك، فهو ربُ كلّ شيءٍ ومليكه.
4- قوله - تعالى-: «مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ»؛ أذن الله تعالى للأنبياء والملائكة والمجاهدين والعلماء بالشفاعة لمن ارتضى لهم الشفاعة، فيشفعون لمّن أدخلوا النار.
5- قوله -تعالى-: «يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ»؛ فبين أيديهم؛ أي الدنيا، وما خلفهم أي؛ الآخرة، كما قال مجاهدٌ؛ فمنعى الآية أنّ الله تعالى يعلم ما في الدنيا والآخرة.
6- قوله - تعالى-: «وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ»، أي لا يعلم أحدٌ شيئًا إلا ما يريد الله له أن يعلمه، كما قال الخضر لموسى -عليه السلام- عندما نقر عصفورٌ في البحر: «ما علمي ولا علمك من علم الله إلا كما نقص هذا العصفور من البحر».
7- قوله -تعالى-: «وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ»، فقد اختلف المفسرون في معنى الكرسي، فمنهم من قال: كرسيه علمه، ومنه الكرّاسة التي تضم العلم، وابن عباس والطبري من أصحاب هذا القول، وقال ابن مسعود - رضي الله عنه-: بين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام، وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام، وبين الكرسي والعرش خمسمائة عام، وقال آخرون: كرسيه؛ أي قدرته التي يمسك بها السماوات والأرض، وقال مجاهد: ما السموات والأرض في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرضٍ فلاةٍ، ويدلّ ذلك على عظم الله تعالى وعظم مخلوقاته.
8- قوله - تعالى-: «وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ»؛ فلا يئوده؛ أي لا يُثقله، ويقال آدني بمعنى أثقلني وتحمّلت منه المشقة، والعلي هو القاهر الغالب للأشياء، وكانت العرب تقول: علا فلانٌ فلانًا؛ أي غلبه وقهره، وقيل: العلي من علو المنزلة والقدر لا علو المكان؛ فالله تعالى منزه عن التحيّز، والعظيم؛ أي عظيم القدر، والخطر، والشرف.