الملفات الدولية في مناظرة هاريس وترامب.. ماذا يقول الخبراء؟
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
سيطرت الملفات الدولية على مناقشات المناظرة الانتخابية التي جمعت الرئيس الجمهوري السابق، دونالد ترامب، مع نائبة الرئيس الديمقراطية، كمالا هاريس. ووسط سجال حاد وأفكار متباينة، حاول كلا المتنافسين كسب تأييد الناخب الأميركي وتقديم رؤى حول مستقبل السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وتباينت مواقف ترامب وهاريس بشكل واضح، بدءا من الصراع في غزة، مرورا بالغزو الروسي لأوكرانيا، والعلاقات المتشابكة مع الصين وإيران.
رغم أن الحرب على غزة لم تأخذ حيزا كبيرا في مناقشات هاريس وترامب خلال المناظرة، إلا أنهما قدما مواقف تعبر عن رؤية كل منهما لكيفية حل الصراع الذي تسبب في كارثة إنسانية في قطاع غزة.
واهتمت الأوساط الإسرائيلية بما ورد على لسان المرشحين المتنافسين على منصب رئاسة الولايات المتحدة بشأن الحرب التي تقودها حكومة، بنيامين نتانياهو، بهدف "القضاء على حركة حماس" الفلسطينية.
وفي أقل من خمس دقائق من وقت المناظرة، قال ترامب "سأحسم الأمر بسرعة" في غزة إذا فاز في الانتخابات. لكنه لم يذكر كيف، وتجنب سؤالا حول كيفية التفاوض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي وحماس لتأمين اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة، وفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.
حرب إسرائيل على غزة تسبب في دمار كبير للبنى التحتية ومقتل عشرات آلاف الفلسطينيين وفق السلطات الصحية في القطاعوعلى الجانب الآحر، لم تقدم هاريس أي تفاصيل تحدد رؤيتها للحرب الدائرة هناك، والسبل الكفيلة بقوف إطلاق النار وإعادة الرهائن.
اكتفت هاريس بالتأكيد على دعمها لإسرائيل والحاجة إلى إطلاق سراح الرهائن، ولكنها شددت أيضا على موقف الولايات المتحدة القائل بأن حل الدولتين من شأنه أن إسرائيل الأمن، و"يمنح الفلسطينيين الأمن والسيادة".
وقالت هاريس إن "ما نعرفه هو أن هذه الحرب يجب أن تنتهي".
وقالت، ميراف زونسزين، المحللة السياسية الإسرائيلية البارزة في مجموعة الأزمات الدولية، إنها "فوجئت بدعوة هاريس لإنهاء الحرب، وهو أمر لا تسمعه كثيرا في إسرائيل، حتى في الاحتجاجات"، وفق الصحيفة.
وفي الملفات الدولية الأخرى، قدم خبراء من "مجلس الأطلسي" تحليلا للمواقف التي تبناها ترامب وهاريس، مسلطين الضوء على نقاط الضعف والاختلافات بينهما.
الحرب في أوكرانيا.. تناقضات في الرؤىركز النقاش حول الحرب في أوكرانيا على الأسس القديمة، حيث أكد ترامب أنه يستطيع إنهاء الحرب بمجرد توليه الرئاسة بسبب علاقاته الوثيقة مع كل من الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
وزعم ترامب أن بوتين ما كان ليشن غزوا واسع النطاق لو كان ترامب في منصبه، مشيرا إلى ضعف إدارة بايدن باعتبارها السبب وراء العدوان الروسي، خاصة بعد الانسحاب الكارثي من أفغانستان.
ومع ذلك، لفت جون هيربست، المدير البارز لمركز أوراسيا في مجلس الأطلسي، الانتباه إلى النقطة الأكثر إثارة عندما سُئل ترامب عما إذا كان يرى أن انتصار أوكرانيا يصب في مصلحة الولايات المتحدة، فأجاب بأن إنهاء الحرب يصب في مصلحة أميركا نظرا للخسائر البشرية الهائلة.
وهذا الموقف يتماشى مع خطاب ترامب حول ضرورة إنهاء الصراع بسرعة بدلا من الانخراط في التزامات طويلة الأمد، وفق هيربست.
الغزو الروسي تسبب في دمار كبير للبنى التحتية في أوكرانيا وقتل بسببه عدد كبير من المدنيينودافعت هاريس عن موقف إدارة بايدن بشأن الحرب، مؤكدة أن "العدوان الروسي يشكل تهديدا للنظام الدولي"، وأن انتصار روسيا "قد يشجعها على مهاجمة حلفاء الناتو". وأشادت بالدور الأميركي في حشد الدعم الدولي لأوكرانيا، مشيرة إلى أن موقف بلادها كان "حاسما في منع روسيا من تحقيق نصر سريع".
ورغم دفاع هاريس القوي عن الإدارة، أشار هيربست في تحليله إلى أن المناقشين "فشلوا في سؤال هاريس عما إذا كانت ستتبع سياسة أكثر جرأة من إدارة بايدن، مثل إرسال أسلحة متقدمة بشكل أسرع أو رفع القيود المفروضة على استخدام الأسلحة الأميركية ضد الأهداف العسكرية في روسيا".
ويعتقد خيربست أن هذا الأمر "كان من الممكن أن يكشف عن نقاط ضعف في تعامل الإدارة الحالية مع الحرب".
الصين.. نقاش قصير حول قضية كبيرةوعلى الرغم من أن الصين تمثل أكبر تحد سياسي واقتصادي للولايات المتحدة، كانت المناقشة حولها محدودة في المناظرة.
ويقول، جوش ليبسي، المدير البارز في مركز الجغرافيا الاقتصادية في مجلس الأطلسي، إلى أن التعريفات الجمركية كانت المحور الأكبر للنقاش، حيث ناقش المرشحان آثار هذه التعريفات على التضخم والاقتصاد الأميركي.
وفقا لليبسي، يتفق كلا المرشحين على أهمية التعريفات كأداة اقتصادية، لكنهما اختلفا حول المجالات المستهدفة والدول التي يجب التركيز عليها.
هناك تفاوت واضح بين هاريس وترامب في كيفية تعامل الولايات المتحدة مع الصينومع ذلك، يرى ليبسي أن التركيز الكبير على التعريفات أثار تساؤلات حول ما إذا كانت هذه السياسة الاقتصادية ستحل مشاكل أوسع مثل التحدي الصيني.
ويعتقد ليبسي أنه كان بالإمكان إجراء مناقشة أعمق حول الصين خلال المناظرة، خاصة في ضوء دورها المتزايد في دعم روسيا في حربها ضد أوكرانيا.
إيران.. تصحيح المعلومات المغلوطةوخلال النقاش حول الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، زعم ترامب أن إدارة بايدن ألغت جميع العقوبات التي فرضتها إدارته على إيران، مشيرا إلى أن إيران كانت "مفلسة" في عهده، ولم يكن لديها أموال لدعم الجماعات المسلحة مثل حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني.
لكن هذا الادعاء صححته، كيمبرلي دونوفان، مديرة مبادرة الدبلوماسية الاقتصادية بمجلس الأطلسي.
تقول دونوفان إن العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب لا تزال سارية حتى الآن، وأن إيران استمرت في تمويل ودعم الجماعات المسلحة حتى في ظل العقوبات الصارمة.
استهدفت الولايات المتحدة إيران بعقوبات لعرقلة برنامجها النووي ومنع تمويل الميليشيات في المنطقةدونوفان أشارت في تحليلها للنقاش، الذي جرى خلال المناظرة لهذه القضية، إلى أن إدارة بايدن لم ترفع العقوبات، بل على العكس، فرضت مزيدا من العقوبات على الأفراد والكيانات الإيرانية بسبب دعمهم العسكري لروسيا.
وأكدت أن العقوبات لم تكن كافية لمنع إيران من مواصلة أنشطتها العسكرية في المنطقة، مشيرة إلى الحاجة إلى استراتيجيات أقوى لتقييد قدرة إيران على تمويل الجماعات المسلحة.
العلاقة مع الناتو.. تحصين ضد ترامبوملف حلف شمال الأطلسي "الناتو" يتصدر المناقشات الانتخابية في الولايات المتحدة. وأثيرت تساؤلات حول كيفية حماية الحلف من تأثيرات سياسات ترامب في حال عودته إلى السلطة.
ويقول، فيليب ديكنسون، نائب مدير مبادرة الأمن عبر الأطلسي في مجلس الأطلسي، إن ترامب قدم خلال المناظرة إجابة مباشرة حول هذه المسألة، حيث شدد على ضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي بشكل كبير وسريع، مشيرا إلى أن سياساته أجبرت الأوروبيين على زيادة استثماراتهم في الدفاع.
علاقة الولايات المتحدة مع الناتو محط جدل كبر بين هاريس وترامبومع ذلك، أثار ديكنسون تساؤلات حول مدى استدامة هذه السياسة، خاصة في ظل احتمالية أن يطالب ترامب بزيادة مستمرة في الإنفاق الدفاعي الأوروبي.
وتساءل ديكنسون عن كيفية تحقيق الوحدة داخل الناتو إذا كان هناك اتفاق سلام مع روسيا يشمل تقديم تنازلات.
الطاقة والوظائف.. رؤية مشتركةرغم اختلاف السياسات بين هاريس وترامب، أبرز كلاهما الروابط المباشرة بين قطاع الطاقة وتوفير الوظائف للأميركيين.
ويقول، لاندون ديرنتز، مدير الأمن العالمي للطاقة في مجلس الأطلسي، إن المناظرة تطرقت إلى الطاقة كأداة لتوفير فرص العمل وتعزيز المنافسة الأميركية.
بينما ركز ترامب على أهمية النفط والغاز في الولايات المتحدة، سلطت هاريس الضوء على استثمارات إدارة بايدن في الطاقة النظيفة، مؤكدة أنها ستستخدم سياسة الطاقة الأميركية كأداة لمكافحة التغير المناخي.
ورغم الاختلافات في الرؤية حول مصادر الطاقة، اتفق المرشحان على أن الطاقة تمثل ركيزة أساسية لتعزيز التنافسية الاقتصادية الأميركية.
قلق أوروبيويعتقد، يورن فليك، مدير مركز أوروبا في مجلس الأطلسي، أن المناظرة كانت تذكيرا للأوروبيين بما هو على المحك في الانتخابات الأميركية المقبلة.
وقال إن الأوروبيين يفضلون بشكل عام رؤية الولايات المتحدة "حليفا مستقرا يدعم الناتو ويواجه التحديات المشتركة مثل روسيا".
لكن مع وعود ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 20 بالمئة، فإن الأوروبيين قد يواجهون تهديدا باندلاع حرب تجارية تعرقل العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وأوروبا.
كما أن عدم وضوح موقف ترامب بشأن دعم أوكرانيا زاد من قلق القادة الأوروبيين، في حين قدمت هاريس "دفاعا قويا" عن الدعم الأميركي لأوكرانيا ودورها في التحالف عبر الأطلسي.
في المجمل، كشفت المناظرة اختلافات واضحة بين ترامب وهاريس حول كيفية تعامل الولايات المتحدة مع القضايا الدولية، لكن الناخبين الباحثين عن رؤية جديدة وشاملة للسياسة الخارجية ربما "لم يجدوا ما يطمحون إليه" في هذا النقاش، وفق تحليل المجلس الأطلسي.
"خيبة أمل" الناخبينولخص، ماثيو كرونيج، نائب رئيس مجلس الأطلسي، تقييمه للمناظرة بأن الناخبين الذين كانوا يبحثون عن رؤى جديدة أو خطط مفصلة حول السياسة الخارجية خرجوا بـ "خيبة أمل".
ويقول كرونيج إن ترامب وهاريس كررا مواقفهما السابقة من دون تقديم أي مقترحات أو خطط جديدة أو استراتيجيات واضحة للتعامل مع الأزمات الدولية الراهنة.
وبينما دافعت هاريس عن دعمها لأوكرانيا والعمل نحو وقف إطلاق النار في قطاع غزة، أعاد ترامب التأكيد على أن الحروب الحالية لم تكن لتبدأ لو كان في السلطة.
ودار النقاش أيضا حول موضوع الرسوم الجمركية، مع تبادل الاتهامات بين هاريس وترامب بشأن من يتحمل المسؤولية عن التراجع الاقتصادي في بعض القطاعات.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة بین هاریس وترامب خلال المناظرة ترامب وهاریس إدارة بایدن إذا کان إلى أن
إقرأ أيضاً:
مقترح إماراتي أمام الولايات المتحدة بهدف تأمين الملاحة الدولية في البحر الأحمر
كشف مصدر مطلع عن تقديم دولة الإمارات العربية المتحدة مقترحا للولايات المتحدة الأمريكية، لتشكيل ائتلاف عسكري واسع لتأمين حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، في ظل استمرار الهجمات التي تشنها جماعة "أنصارالله" الحوثيين منذ قرابة عام.
وقال المصدر المطلع المقيم في واشنطن لـ"عربي21"، فضل عدم ذكر اسمه، إن أبوظبي قدمت مقترحا لتشكيل ائتلاف عسكري لتأمين حركة السفن في البحر الأحمر، وتأمين حركة الملاحة الدولية عبر باب المندب، ممر الملاحة الدولية، من هجمات الحوثيين.
وأضاف المصدر، أن مقترح الدولة الخليجية تضمن أن يتم دمج تحالف "حارس الازدهار" التي أطلقته واشنطن نهاية العام الماضي في تحالف عربي، وسط الهجمات المتكررة التي يشنها الحوثيون على السفن التجارية العابرة لمضيق باب المندب.
وأشار إلى أن أبو ظبي تريد من وراء هذا الائتلاف الجديد حماية مصالحها الاقتصادية التي تضررت من استهداف السفن في البحر الأحمر.
كما أن الإماراتيين الذين سبق أن أعلنوا رفضهم الانضمام لتحالف "حارس الازدهار" التي أعلنت عنه أمريكا في كانون أول/ ديسمبر 2023، "يسعون لإقحام السعودية التي نأت بنفسها أيضا عن المشاركة في التحالف، والتي دخلت في تهدئة مع الحوثيين، وإبقائها في مستنقع الحرب في اليمن، لتعزيز فرصها الاقتصادية في المنطقة، بعد تعاظم التنافس بين الدولتين الخليجيتين وطموحات الرياض الاقتصادية".
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت نهاية ديسمبر/ كانون الأول من عام 2023 إطلاق تحالف من قوة حماية بحرية متعددة الجنسيات لدعم الملاحة في البحر الأحمر، تحت اسم "حارس الازدهار"، لصد الهجمات الحوثية في البحر الأحمر.
و"حارس الازدهار" هو تحالف عسكري ينضوي تحت مظلة "القوات البحرية المشتركة" متعددة الجنسيات، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، و"القوة 153″ التابعة لها، والتي تعمل في مجال مكافحة النشاطات غير المشروعة في البحر الأحمر والقرصنة وتجارة المخدرات، وتأمين حرية الملاحة.
وتضامنا مع غزة التي تواجه حربا إسرائيلية مدمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، استهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحرين الأحمر والعربي.
ومنذ 12 كانون الثاني/ يناير 2024، يشن تحالف تقوده الولايات المتحدة غارات يقول إنها تستهدف "مواقع الحوثيين" في مناطق مختلفة من اليمن، ردا على هجماتها البحرية، وهو ما قوبل برد من الجماعة من حين لآخر.