تصعيد اسرائيلي بسقوف غير مسبوقة.. وحرب المسيَّرات والمنصات من الجنوب الى البقاع
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
شهدت الجبهة الجنوبية في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة أعنف الغارات الإسرائيلية الكثيفة ما استتبع ردوداً كثيفة من"حزب الله" في ما وصف بأنه التصعيد الأوسع والأخطر منذ بداية المواجهات قبل 11 شهراً.
جاء ذلك على وقع تصاعد غير مسبوق للتهديدات الإسرائيلية بالتحوّل نحو الشمال إيحاء بأن عملية كبيرة للهجوم على لبنان على صارت ناجزة، وربما تكون مقدماتها جارية عبر التصعيد المتدحرج راهناً، وطغى هذا التطور الخطير على مجمل الأولويات الداخلية المتزاحمة، وذكرت"النهار" أن تحركات ديبلوماسية عربية وأوروبية كثيفة انطلقت وتتركز مجدداً على احتواء ما تعتقد دول عدة بأن الحكومة الإسرائيلية ماضية نحوه بجدية في الاستعداد للقيام بعملية كبيرة في لبنان تسبق موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وتفيد المعلومات أن مراجع لبنانية عدة تبلغت هذه المعطيات والأجواء، ولكن أحداً لا يفصح علناً عنها، فيما برزت على أرض الميدان في الساعات الأخيرة معالم تصعيد إسرائيلية مثيرة للقلق الشديد، إذ تجاوزت ليس فقط "قواعد الاشتباك" التي سادت في مراحل سابقة وانتهكت مرات عدة فقط، بل بدت بمثابة دفع متعمد بعنف لإحداث مناخ متفجر ينذر بتوسيع الحرب والمواجهات.
وكشفت مصادر “البناء” عن رسائل إسرائيلية جديدة للحكومة اللبنانية نقلتها جهات دبلوماسية غربية وعربية مضمونها أن الحكومة الإسرائيلية لم تعد تستطع السكوت عما يجري في مناطق الشمال و”محشورة” جراء ضغط الشارع من جهة ومن أطراف أساسيّة في الائتلاف الحكومي المهدّد بالانفراط بحال استمرت الحكومة مكتوفة الأيدي إزاء ما يحصل في الشمال مع الدخول في العام الدراسي الجديد ومن بعض المستويات الأمنية والعسكرية من جهة ثالثة. ولذلك “إسرائيل” ستجد نفسها مجبرة على اتخاذ خطوات قاسية لتغيير المعادلة على الحدود لحل الأزمة الداخلية. ولفتت المصادر الى أن “إسرائيل” أبلغت الوسطاء بأنها تفضل الحل الدبلوماسي عبر ترتيبات حدودية تشكل ضمانات أمنية لـ”إسرائيل” وبالتالي ضمانات للمستوطنين المهجرين للعودة الى مستوطناتهم.
إلا أن مصادر في فريق المقاومة تشدد لـ”البناء” على أن التلويح بالحرب على لبنان لن يغيّر موقف المقاومة واستراتيجيتها بإسناد غزة ولن تمنح ضمانات للعدو لا الآن ولا بعد توقف العدوان على غزة، ولكن عندما يتوقف العدوان على القطاع من الممكن النقاش بالوضع على الحدود لاحقاً مع ضرورة أن يتضمن أي اتفاق انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من كافة الأراضي اللبنانية المحتلة والتوقف عن الخروق والاعتداءات الجوية والبحرية والبرية، لكن بكافة الأحوال لن يحصل العدو على تهدئة أو اتفاق حدودي قبل توقف العدوان على غزة، وأي عدوان إسرائيلي على لبنان سيكون حماقة سيدفع العدو ثمناً باهظاً ولن تتوانى المقاومة عن الردّ بشكل قاسٍ وفي العمق الإسرائيلي من دون أي ضوابط وحدود. وتؤكد المصادر بأن أي رهان على تغيير الواقع الصعب على العدو في شمال الكيان بمزيد من القوة وتوسيع العدوان هو رهان خاطئ وتكرار للخطأ الذي وقعت فيه قيادة الكيان في عدوان تموز 2006، كما لن تستطيع وقف جبهة الإسناد من الجنوب ولا باقي الجبهات.
وبدءاً من مساء امس كثف الطيران الحربي المعادي غاراته عى الخريبة والخيام وراشيا واحراج بلدة كفرحمام في القطاع الشرقي.
وكانت المدفعية الاسرائيلي استهدفت بلدة مروحين والبياضة، وبلدة راميا، وكذلك شنت طائرات العدو غارات على بلدتي حولا وعيتا الشعب.
وكانت طائرات الاحتلال شنت قبل ظهر أمس غارة على ميس الجبل، واخرى استهدفت بعض الاودية في ياطر، كما استهدفت بلدة الخيام بالقذائف الفوسفورية.
كما اعلنت المقاومة الاسلامية عن قصف مربض الزاعورة بصليات من صواريخ الكاتيوشا.
كما استهدفت المقاومة الاسلامية المقر المستحدث التابع لقوات الفرقة 146 في قاعدة اييريم المستحدثة بصواريخ الكاتيوشا.
وذكرت المقاومة الاسلامية انها استهدفت حاجزاً عسكرياً في مستعمرة دان بالاسلحة المناسبة.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
تحديات تواجه إعادة إعمار ما دمرته إسرائيل في لبنان
البقاع- "قاعدون بالطرقات، لا نستطيع بناء ما دمره العدو الإسرائيلي" بهذه العبارة واجهنا محمد قمر أحد أبناء بلدة سحمر البقاعية وهو يقوم بإزالة ركام منزله الذي سقط بواحدة من الغارات الإسرائيلية، التي قتلت في قريته 51 شخصا، وأوقعت أضرارا كلية وجزئية بـ600 وحدة سكنية .
وأكد في حديث للجزيرة نت، أن إزالة أنقاض منزله المُدمر تتم على حسابه، وهو الذي يعيش ظروفا اقتصادية صعبة، جراء تهجير دام نحو 3 أشهر، رجع بعدها ليجد بيته وقد سوِّي بالأرض. ويعتقد قمر أن ما يعانيه ينسحب على كل المتضررين في المناطق التي استهدفها العدو الإسرائيلي في لبنان.
ومنذ وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، عاد مليون شخص، حسب ما أعلنه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، إلى مدنهم وقراهم، بعد رحلة تهجير قسرية، بدأت في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبلغت ذروتها في 23 سبتمبر/أيلول 2024، ليجد الآلاف منهم ممتلكاتهم وقد سويت بالأرض.
وسحمر نموذج يشبه بتفاصيله، مختلف المناطق المتضررة.
ترقب و انتظار
يقول علي موسى من متضرري البقاع الغربي "عُدنا إلى قرانا المنكوبة، لكنهم أوقعونا في حيرة لكثرة اللجان والقرارات بشأن إزالة الأنقاض والتعويض المادي، نحن بأمسّ الحاجة لدور فاعل وسريع للدولة، وللهيئات المعنية، كي تُخرجنا من هذه الكارثة، فحتى اليوم، الناس بلا منازل وبلا تعويضات".
إعلانوفي حديث للجزيرة نت يتساءل موسى عمن يعوض وكيف؟ الدولة أم البلديات؟ مجلس الجنوب أم جهاد البناء؟
ويوضح "نُرمم على حسابنا ومن ثم يدفعون لنا، أم هم مَنْ يتولى إعادة إعمار ما تهدم؟ يقيّمون الأضرار ويدفعون لنا، ومن ثم نحن نرمم أو نعيد البناء؟ لست أدري، أسئلة كثيرة أطرحها ويطرحها أبناء الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية".
ويتطابق كلام موسى مع مشاهدات الجزيرة نت الميدانية، حيث باشر أصحاب منازل متضررة جزئيا، ترميمها على نفقتهم، وبقي نحو 70% من المدمّر بحالها، فيما نشطت فرق المجلس البلدي في مجالات فتح الطرق، وتنظيف الساحات، وإصلاح شبكات المياه والكهرباء، بالتعاون مع الإدارات الرسمية.
وفي هذا الإطار، لفت رئيس المجلس البلدي في سحمر أيمن حرب إلى "مواصلة أعمال الكشف على الوحدات السكنية، والصناعية، والتجارية، والخدمية المتضررة في البلدة". وقال في حديث للجزيرة نت "إن فرقا من مجلس الجنوب، وجهاد البناء التابعة لحزب الله، أنجزت ملفات 136 وحدة سكنية، ونحن الآن بصدد البدء بتعبئة استمارات للمتضررة آلياتهم ومزارعهم".
وعن الأهالي الذين باشروا أعمال الترميم على نفقتهم الخاصة، يقول حرب "كل مواطن أتم ترميم أضرار في منزله، أو مؤسسته، يقوم بتعبئة استمارة مرفقة بفواتير، وصور، وفيديو قبل وبعد الترميم، ويرفعها إلى البلدية، التي بدورها تحتفظ بالاستمارة كمستند يحفظ حقه، على أن تدفع له الأموال اللازمة، فور توفرها من الدولة أو الهيئات المانحة".
وأضاف "العبء كبير جدا، والمسؤولية أكبر، خصوصا وأن الخسائر المادية والمعنوية، طالت نحو سبعة آلاف مواطن، من سكان بلدتنا، التي سقط منها 51 شهيدا، وعشرات الجرحى، وطال الدمار البنى التحتية".
وطالب الدولة بتقديم العون بأسرع ما يمكن، مشيرا لحلول فصل الشتاء، ووجود العشرات من دون مأوى مناسب.
ورش خاصة لإزالة الأنقاض في سحمر (الجزيرة) اعتمادات ماليةوغير بعيد من موضوع الإجراءات الإدارية لرفع الأنقاض وإعادة الإعمار، أعلن وزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حمية في أعقاب اجتماع لمجلس الوزراء اللبناني بتاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول 2024، موافقة مجلس الوزراء على دفتري الشروط (تلزيم رفع الأنقاض، وتلزيم مسح الأضرار) وتحويل اعتمادات إلى اتحاد بلديات الضاحية، والهيئة العليا للإغاثة، ومجلس الجنوب، بقيمة 900 مليار ليرة لكل جهة، على أن تبدأ عملية رفع الأنقاض ومسح الأضرار في كل لبنان.
إعلانيقول عضو قيادة الجنوب في حركة أمل محمد الخشن "الحكومة وضعت آلية لإطلاق العمل، وهي تسير وفق القنوات الرسمية، وكلنا يعلم أن الموضوع رهن توفر الأموال للدولة اللبنانية".
وقال للجزيرة نت "إن مجلس الجنوب بعث بفرق متخصصة فور وقف إطلاق النار، وقد أنجزت مسح مئات الوحدات السكنية المتضررة في البقاع الغربي والجنوب خاصة سحمر، وتحتاج لبعض الوقت كي تستكمل عملها في المنطقة".
وأوضح المسؤول أن مجلس الجنوب تولى إجراء مسح للأضرار في الجنوب والبقاع الغربي وراشيا، فيما تولت الهيئة العليا للإغاثة مناطق جبل لبنان والضاحية وبعلبك ومنطقة الشمال.
وأفاد المتحدث ذاته أن مجلس الجنوب دخل إلى كل منزل في سحمر وهو ينتظر تأمين المبالغ المطلوبة للبدء بدفع تعويضات لمستحقيها.
تنظيم عملية التعاون
وانسحب "الإرباك" الحاصل على مستوى التنسيق بين اللجان المعنية، و تساؤلات الأهالي في أكثر من منطقة متضررة، نسبيا، على العلاقة بين الهيئات المعنية ونقابة المهندسين في بيروت والشمال.
يقول أمين سر نقابة المهندسين في بيروت هيثم إسماعيل "إن غياب الرؤية وضعف الإمكانيات المادية، أثّرا سلبا على ملف إعادة الإعمار برمته، مع العلم أن النقابة شكلت لجنة طوارئ في 27 سبتمبر/أيلول الماضي، ووضعت إمكانياتها وخبراتها بتصرف الحكومة والهيئات المعنية"
وكشف في حديث للجزيرة نت، عن بعض الملاحظات مثل عدم استشارة النقابة بشأن موضوع السلامة العامة، أو تحديد الأبنية الآئلة للسقوط، معتبرا أن هذه مهمة المهندسين.
وأضاف في السياق نفسه أن موضوع نقل الردم وسلامة البيئة، ودفاتر الشروط لا وجود للمهندس فيها. وقال "طرحنا هواجسنا في لقاءات مع المعنيين، ومنها اللقاء الذي جمع نقيب المهندسين في بيروت، ونقيب المهندسين في الشمال مع لجنة الأشغال العامة".
ويرى إسماعيل أنه لا يمكن الحديث عن آلية لدفع التعويضات للمتضررين، أو عن سير عملية إزالة ونقل الردم وغيرها من الأمور الملحة، قبل أن تنتظم عملية التعاون بين الهيئات المعنية بهذا الملف الكبير والثقيل، تمهيدا لانطلاق ورشة عمل متجانسة تأخذ فيها النقابة دورها الطبيعي والريادي، الذي اضطلعت به في محطات سابقة مشابهة.
إعلانوكانت نقابة المهندسين في بيروت قد أعلنت أن كل الأبنية التي هُدمت بسبب العدوان الإسرائيلي يعاد ترميمها أو بناؤها من دون كُلَف مادية، كما أن مجلس النقابة قرر دفع تعويضات مالية من صندوق النقابة لـ60 مهندسا استشهدوا خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان.
ولحقت بلبنان أضرار بشرية ومادية جراء العدوان الإسرائيلي الذي بدأ في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتواصل حتى 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بلغت 3823 شهيدا و15 ألفا و859 جريحا، حسب وزارة الصحة اللبنانية.
وقدرت الخسائر المادية بنحو 11.2 مليار دولار، ودمرت 46 ألف وحدة سكنية بشكل كلي، في حين أن 30 ألف وحدة أخرى تصدعت أجزاء منها مما جعلها غير صالحة للسكن، و45 ألف وحدة سكنية تضررت جزئيا، حسب الدولية للمعلومات.
في حين أصيبت بنى تحتية ومرافق عامة وشبكات مياه وكهرباء بأضرار كبيرة في معظم مدن الجنوب والبقاع وجبل لبنان، خاصة الضاحية الجنوبية.