هل يحسم الفيتو الروسي قلق بورتسودان حول توصيات بعثة تقصي الحقائق؟
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
المستشار السابق لقائد الجيش الليبي لـ «التغيير»: روسيا لن تسمح بوجود قوات تهدد مصالحها في السودان
التغيير: نيروبي: أمل محمد الحسن
لم يكن رفض حكومة بورتسودان لتوصيات بعثة تقصي الحقائق حول حظر السلاح ونشر قوة محايدة لحماية المدنيين قرارا مفاجئا؛ لجهة أنها رفضت تكوينها من الأساس ومنعتها من دخول السودان وواجهتها في آخر جلسة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف.
وتحتج قيادة الجيش باستمرار لما تصفه بالمساواة مع مليشيا متمردة حد قولها بينما دافع الباحث المختص في الشأن السوداني في منظمة «هيومن رايتس ووتش» محمد عثمان عن التقرير مشيرا إلى أنه لم يقل إن الطرفين متساويين بل كشف الانتهاكات التي قامت بها القوات المسلحة السودانية والانتهاكات التي قامت بها قوات الدعم السريع وقال:”التعامل مع الانتهاكات بوصف أن هناك طرف أفضل من الآخر فيه تضليل”.
باحث في هيومن رايتس ووتش: الجيش السوداني غير راغب في تحقيق العدالة
وقطع عثمان بأن أهم نجاح لتقرير اللجنة يتمثل في نقل مسألة الانتهاكات من معترك سياسي وتضليل إلى كونها حقائق عانى منها الشعب.
وقال عثمان لـ «التغيير» إن تقرير لجنة تقصي الحقائق دحض إدعاء طرفي الصراع تحقيقهما في الانتهاكات مشيرا إلى تشكيل الحكومة السودانية للجنة تحقيق اسمها يوضح أنها لا تحقق في الجرائم التي تقوم بها أي قوات أخرى بخلاف الدعم السريع!
ووصف عثمان تقاريرها بالضعيفة ولا تشمل تحقيقات جادة في قضايا العنف الجنسي ومن جهة ثانية أشار إلى تحدث الدعم السريع عن قيامه بتحقيقات دون وجود أي دليل على وجود نتائج جدية مع استمرار الانتهاكات خاصة العنف الجنسي بانتشار جنودهم في المرافق المدنية.
ووصف الباحث في «هيومن رايتس ووتش» بيان وزارة الخارجية السودانية بالمنفصل عن الواقع مؤكداً أن عقد اللجنة لمؤتمر صحفي بالإجراء العادي قامت به لجان كثيرة مشيرا الى أن البعثة ذكرت في مؤتمرها الصحفي أنها شاركت نسخة من التقرير مع الحكومة ولم تتلق منها ردا.
وأشار عثمان إلى أن اللجنة ذكرت طلبها ل 4 طلبات دخول للسودان دون استجابة، واصفا تعليق وزير الخارجية بأن نتائج التقصي “زوبعة في فنجان” فيه إجحاف كبير لعمل اللجنة كما تؤكد على أن الحكومة والجيش السوداني غير راغبان في تحقيق العدالة!
وقال :”حديث الحكومة بأن القضية خاصة بالإطار الوطني يشبه اللغة التي سمعناها من نظام البشير في رفض قرارات محكمة الجنايات الدولية”.
و أعتبر عثمان مناهضة توصيات البعثة التي مارستها حكومة بورتسودان لا تختلف كثيرا عما فعلته حكومة نظام البشير الذي استجاب في آخر الأمر لقرارات دخول قوات يوناميد في دارفور واستمر في رفض تسليم المتهمين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لمحكمة الجنايات الدولية على رأسهم الرئيس المعزول عمر البشر.
لكن مصدرا دبلوماسيا قطع بأن الانقسامات الحادة داخل مجلس الأمن ستمنعه من إصدار قرارات تضع السودان تحت الفصل السابع بسبب التباين الكبير بين الكتلة الغربية وروسيا بسبب الحرب الأوكرانية.
ونوه عثمان إلى أن الحرب استنفذت امكانات المعسكرين، وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية اقتراب الانتخابات يكبلها عن المبادرة لاتخاذ أي فعل مشيرا إلى أنه حال فاز ترامب فإن احتمالات التدخل ستنتهي تماما بسبب موقفه الرافض للوجود العسكري لبلاده في آسيا وافريقيا.
خبير دبلوماسي: السودان سيحشد اصدقائه المعلومين وغير المعلومين لمناهضة الفصل السابع
من جهة ثانية أشار خبير دبلوماسي فضل حجب اسمه إلى أن الحكومة السودانية ستقوم بالتحرك مع حلفائها المعروفين وغير المعروفين لمناهضة أي قرار لدخول قوات أممية للسودان.
وقطع الخبير الدبلوماسي بأن السودان لن يعول على الصين التي تمنعها سياساتها من التدخل في أي صراع خاصة وأن انتهاكات الحرب السودانية كبيرة وصارخة ولن تميل لحمايتها.
وحول امكانية استخدام موسكو لحق النقض لم يبد الخبير الدبلوماسي متأكدا بنسبة كبيرة من حدوث ذلك لإشاراته لتوتر العلاقات بعد الثورة ورفض البرهان سابقا تنفيذ اتفاق إنشاء قاعدة بحرية على البحر الأحمر متعللا بضرورة موافقة البرلمان ومن جهة ثانية فإن علاقات موسكو الممتازة مع حكومة البشير لم تجعلها ترفع كرت الفيتو لمساندتها ضد القرارات الخاصة بقضية دارفور في ذلك الوقت، لكنه استدرك مشيرا إلى وجود تحسن كبير في العلاقات الثنائية مؤخرا.
وتحدث الخبير الدبلوماسي في مقابلة مع «التغيير» عن تجربة قوات اليوناميد في دارفور التي وصفها ب”الضعيفة” و أشار إلى أنها كانت تطلب الحماية من الحكومة فيما فقدت أكثر من 40 شخصاً من قواتها. وقال “يمكن وصفها بأنها أفشل البعثات العسكرية تحت الفصل السابع”.
عبلة كرار: السودان ملزم قانونا بتنفيذ القرارات الصادرة من هيئات الأمم المتحدة
إلزام أمميمن جانبها قطعت المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان عبلة كرار بأن السودان ملزم قانونا بتنفيذ القرارات الصادرة من هيئات الأمم المتحدة حال أصبح القرار أمميا وفقا للمادة 25 من الميثاق.
واشارت كرار إلى التعقيدات الكبيرة التي ستفرضها حالة الرفض على مهمة القوات وتضع أمامها تحديات عديدة.
وقالت كرار في مقابلة مع «التغيير» ” إن الرفض الذي أبدته حكومة بورتسودان لتوصيات البعثة غير مستغرب لما وصفته بالتعاطي السلبي للجيش في عدة مواقف مثل انسحابه من منبر جدة واعتذاره عن اتفاق المنامة ورفضه الاستجابة لدعوة (تقدم ) للتباحث حول قضايا تتعلق بحماية المدنيين وتقديم المساعدات وإيقاف الحرب.
و أضافت “مؤخرا كل الجهود الدبلوماسية الأمريكية لم تنجح في اقناع القوات المسلحة للانخراط في مباحثات جنيف”
وقطعت كرار بإرتباط القوات المسلحة بالنظام البائد الذي يخوض الحرب عبر مليشياته الجهادية مثل (كتيبة البراء) واصفة الحرب بأنها وجودية بالنسبة لهم للعودة مرة أخرى لحكم السودان على حساب ملايين الضحايا.
اختلف المستشار العسكري السابق للقائد الأعلى للجيش الليبي العقيد عادل عبد الكافي مع ما ذهب إليه الخبير الدبلوماسي من عدم الجزم بتلويح روسيا بالفيتو في مواجهة قرار مجلس الأمن قاطعا بأنها ستفعل!
وأكد عبد الكافي على أن موسكو لن تسمح بدخول قوات أممية تهدد مصالحها داخل السودان مشيرا إلى دعمها لطرفي الصراع من جهة تدعم حميدتي بمرتزقة الفيلق الروسي أو فاغنر سابقا ومن جهة أخرى تتواصل مع الجيش و قدمت للبرهان شحنات أسلحة مقابل عقد اتفاق لإقامة قاعدة عسكرية على البحر الأحمر.
وقال “كان على مجلس الأمن إدانة التدخل السافر لروسيا وعبثها بدول المنطقة ليبيا السودان ومالي وبوركينا فاسو من خلال ذراعها العسكري المتمثل في مرتزقة الفيلق الروسي الافريقي ومرتزقة لواء الدب وبقايا فاغنر التي تستخدمها لنهب مواردهم”.
وقال العقيد عبد الكافي إن دخول قوات أممية في السودان سيرسخ الانقسام الفعلي وهو الأمر الذي يريده المجتمع الدولي حد تعبيره.
وأضاف “لدينا تجارب تدخلات عسكرية كثيرة لم نر أي منها حقق استقرارا في الدول التي استقر فيها ولم يخرج منها مرة أخرى”.
وقال إن حل الواقع الراهن يتمثل في تسليط سيف العقوبات على مرتكبي جرائم الحرب داخل السودان ووضع قوائم ملاحقة وادانات بجرائم الحرب قاطعا بأن المشهد في السودان حاليا لا يختلف كثيرا عما يحدث في بلاده، وقال :”ليبيا ايضا فيها انقسام عسكري واحتراب وجرائم”.
حرب ومقابر جماعي
واقترح المستشار السابق لقائد الجيش الليبي خلال حديثه مع «التغيير» حماية المدنيين عبر إبعادهم عن منطقة المواجهات “نزوحا داخليا” يتم خلاله تقديم الغذاء والدواء والمأوى وكل ما يحتاجون إليه واصفا حماية المدنيين بالأولوية القصوى مشددا على أن دخول القوات لن يخدم إنهاء الصراع.
الوسومالجنائية الفصل السابع الفيتو الروسي بعثة تقصي الحقائقالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجنائية الفصل السابع الفيتو الروسي بعثة تقصي الحقائق
إقرأ أيضاً:
جهاز الأمن الفيدرالي الروسي يرفع السرية عن اعترافات قائد معسكر الاعتقال النازي”ساكسنهاوزن”
روسيا – رفع جهاز الأمن الفيدرالي الروسي السرية عن اعترافات قائد معسكر الاعتقال “ساكسنهاوزن” النازي الألماني أنتون كايندل، حيث قُتل خلال فترة قيادته للمعسكر أكثر من 42 ألف سجين.
جاء ذلك بمناسبة الذكرى الثمانين لتحرير المعسكر في 22 أبريل 1945 من قبل قوات الجبهة البيلاروسية الأولى للجيش الأحمر.
ونشر جهاز الأمن الفيدرالي نسخة من محضر استجواب كايندل، الذي كان برتبة شتاندارتنفهرر في قوات الأمن الخاصة النازية (إس إس). وتحتوي نسخة محضر الاستجواب المؤرخ في 20 ديسمبر 1946، على اعترافات كايندل البالغ من العمر 44 عاما حول الجرائم التي ارتُكبت في المعسكر.
وقد خدم كايندل في قوات الأمن الألمانية النازية الخاصة منذ عام 1935، وعُين قائدا لمعسكر “ساكسنهاوزن” في 21 أغسطس 1942. تم اعتقاله في برلين في 17 ديسمبر 1946 من قبل جهاز أمن الدولة السوفيتي.
قال كايندل في اعترافاته: “أعترف بأن معسكر اعتقال “ساكسنهاوزن” مع فروعه العديدة تحول تحت إشرافي المباشر إلى مكان للإبادة الجماعية لأسرى الحرب السوفييت والمدنيين السوفييت. وخلال فترة قيادتي للمعسكر من 1942 إلى 1945، تم إعدام السجناء جماعات وأفرادا بالشنق على مشانق ثابتة ومتنقلة، أو الإعدام بالرصاص في غرفة مخصصة لذلك، أو قتلهم بالغاز في غرفة الغاز، أو تسميمهم بوضع السم في الطعام أو حقنهم به”.
وأضاف أن “ساكسنهاوزن” كان يتمتع بمكانة خاصة بين معسكرات الموت النازية، حيث احتُجز فيه أبرز المعارضين السياسيين للفاشية، بمن في ذلك شخصيات سياسية بارزة من فرنسا وتشيكوسلوفاكيا والنمسا وهولندا، إضافة إلى رؤساء حكومات ووزراء من هذه الدول قبل احتلالها من قبل الجيش الألماني. كما شهد المعسكر عمليات سرية وحساسة لإعدام الأشخاص بناء على أوامر مباشرة من قائد قوات الأمن الألمانية هيملر وكبار المسؤولين النازيين.
وكشف كايندل أنه بناء على أوامر من هاينريش مولر، نائب رئيس جهاز الأمن الرئيسي للرايخ، أرسل ما يصل إلى 150 شخصا شهريا إلى المعسكر للإعدام السري، إما بالرصاص أو الشنق. وفي أكتوبر 1943، تم بناء غرفة غاز بأمر منه. وكان معظم الضحايا من مواطني الأراضي المحتلة، بينهم عدد كبير من السوفييت.
وكان المعسكر أيضا مصدرا لقوة العمل المجانية للمصانع الألمانية، حيث ارتفع عدد السجناء من 14 ألفا في عام 1942 إلى 50-60 ألفا بنهاية عام 1944. ومن بينهم ما يصل إلى 800 شاب سوفييتي تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاما وأطفال بولنديون تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عاما. وكان للمعسكر حوالي 50 فرعا في مصانع مختلفة.
وعانى السجناء من ظروف عمل قاسية، حيث كانوا يعملون 11 ساعة يوميا، ويحصلون على 200 غرام من الخبز ووعاء من الحساء يوميا، حتى يفقدوا قدرتهم على العمل، ثم يتم إرسالهم إلى معسكرات الموت مثل “داكاو” و”لوبلين”.
كما كشف كايندل عن تجارب طبية وحشية أُجريت على السجناء بين عامي 1942 و1944 بأوامر من هيملر والطبيب الرئيسي لمعسكرات الاعتقال النازية لولينغ. وتضمنت هذه التجارب اختبارات قاسية وغير إنسانية لدراسة تأثيرات الظروف القاسية على البشر.
النصب التذكاري للجنود السوفيت المحررين لمعسكر الموت النازيووفقا للقانون رقم 10 لمجلس المراقبة في ألمانيا الصادر في 20 ديسمبر 1945، بشأن معاقبة الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم حرب ضد السلام والإنسانية، حُكم على كايندل في جلسة علنية للمحكمة العسكرية لمجموعة القوات السوفيتية في ألمانيا، التي عُقدت في برلين من 23 إلى 31 أكتوبر 1947، “بالحبس مدى الحياة مع الأشغال الشاقة”.
المصدر: نوفوستي