تأجيل زيادة إنتاج النفط: اجتماع أوبك+ الأخير ومستقبل السوق العالمي
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
شهد سوق النفط في الأسابيع الأخيرة حالة من الاضطراب والتوتر، حيث هبطت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في تسعة أشهر، مما دفع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفائها بقيادة روسيا، المعروفة باسم "أوبك+"، لمناقشة تأجيل الزيادة المخططة في إنتاج النفط. يأتي هذا القرار في وقت حرج، حيث يسعى التحالف لموازنة العرض والطلب في ظل ظروف اقتصادية عالمية غير مستقرة.
تراجع الأسعار وتأثيره على قرارات أوبك+
كانت "أوبك+" قد خططت لزيادة إنتاجها بمقدار 180 ألف برميل يومياً اعتبارًا من أكتوبر، كجزء من خطة تهدف لتخفيف التخفيضات الأخيرة البالغة 2.2 مليون برميل يومياً. إلا أن تراجع أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها في تسعة أشهر في 3 سبتمبر، دفع المنتجين إلى إعادة النظر في هذه الزيادة. وفقاً لأربعة مصادر من داخل المجموعة، أكدت لـ"رويترز" أن هناك مناقشات جارية داخل التحالف لتأجيل هذه الزيادة المخططة، حيث يشعر المنتجون بالقلق من أن المزيد من المعروض في السوق قد يؤدي إلى تفاقم انخفاض الأسعار.
تأثير الطلب والاقتصاد العالمي
إلى جانب تراجع الأسعار، تواجه "أوبك+" ضغوطاً متزايدة بسبب تراجع الطلب على النفط. فقد أظهرت التقارير الأخيرة أن النشاط الصناعي في الصين - أكبر مستهلك للنفط في العالم - قد انكمش للشهر الرابع على التوالي في أغسطس. هذا التباطؤ في النشاط الصناعي الصيني يُعد مؤشراً سلبياً على الطلب العالمي على النفط، مما يزيد من حذر التحالف تجاه تنفيذ الزيادات المخططة في الإنتاج. فالتراجع في النشاط الصناعي يعكس ضعف الطلب على الطاقة، وهو ما يضع تحديات إضافية أمام أوبك+ في تحقيق توازن دقيق بين العرض والطلب.
بيانات المخزون الأمريكي وتأثيرها على السوق
من جهة أخرى، أظهرت البيانات الأمريكية تراجعاً في مخزونات النفط والوقود الأسبوع الماضي، مما يشير إلى بعض الدعم للأسعار من ناحية العرض. ومع ذلك، فإن السوق ما زالت متقلبة بشكل كبير، ويتطلب الأمر مراقبة دقيقة لتطورات العرض والطلب على الصعيد العالمي. وفي هذا السياق، يعتبر تأجيل زيادة الإنتاج خطوة احترازية من قبل "أوبك+" للتعامل مع هذه التقلبات.
مواقف الدول الأعضاء في أوبك+
تظهر الآراء داخل "أوبك+" تنوعاً بين الدول الأعضاء. فبينما ترى بعض الدول أن تأجيل الزيادة قد يكون ضرورياً لدعم الأسعار، تفضل دول أخرى المضي قدماً في الزيادة كما هو مخطط لها، خاصة في ظل رغبتها في تحقيق مزيد من الإيرادات لتعزيز اقتصاداتها المتضررة من الجائحة. ومن المتوقع أن تستمر المناقشات داخل التحالف حتى الوصول إلى توافق يأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع الأطراف.
تأثيرات أخرى على قرارات أوبك+
يواجه التحالف أيضاً تحديات من خارج دائرة العرض والطلب التقليدية، حيث تراقب "أوبك+" عن كثب تطورات الأسواق المالية وتأثيرات السياسات النقدية في الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. إن التحولات في سياسات الفائدة والتضخم العالمي تلعب دوراً في تحديد التوقعات المستقبلية للنمو الاقتصادي، ومن ثم الطلب على النفط.
أهمية الحذر والتخطيط طويل الأمد
إن قرارات "أوبك+" الأخيرة تبرز أهمية الحذر في التخطيط طويل الأمد. فالتحالف يجد نفسه في مواجهة تحديات متزايدة تتطلب استراتيجيات مرنة وقابلة للتكيف مع التغيرات السريعة في السوق. وفي ضوء الظروف الحالية، يبدو أن "أوبك+" تسعى لتحقيق توازن دقيق بين دعم الأسعار وعدم كبح التعافي الاقتصادي العالمي.
خلاصة
بالنظر إلى هذه المعطيات، يُمكن القول إن "أوبك+" تواجه تحدياً مزدوجاً يتمثل في التعامل مع انخفاض الأسعار المتزامن مع تراجع الطلب في بعض الأسواق الكبرى. ومع وجود العديد من المتغيرات في المعادلة، يبدو أن الخيار الأكثر حكمة في الوقت الراهن هو تأجيل أي زيادة كبيرة في الإنتاج، إلى أن تتضح الصورة بشكل أكبر في الأشهر المقبلة. في الوقت نفسه، يبقى التحالف ملتزماً بمراقبة السوق عن كثب واتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان استقرارها وتحقيق الفوائد لجميع أعضائها.
الخاتمة
في النهاية، يبدو أن "أوبك+" تستعد لاتخاذ قرارات حاسمة للحفاظ على استقرار السوق في مواجهة الضغوط المتزايدة. وفي ظل تعقيدات السوق العالمية الحالية، قد يكون التأجيل خطوة حكيمة تتيح مزيداً من الوقت لتقييم الوضع والتكيف مع التغيرات القادمة. من المؤكد أن الأشهر المقبلة ستكشف عن مزيد من التفاصيل حول توجهات السوق وقرارات التحالف، مما يجعلها فترة حاسمة لقطاع النفط العالمي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: إنتاج النفط اجتماع أوبك السوق العالمي أسعار النفط إنتاج الدول المصدرة للنفط العرض والطلب الطلب على
إقرأ أيضاً:
بعد تسجيله مستوىً قياسياً.. توقعات بتباطؤ الطلب العالمي على الغاز
أفادت الوكالة الدولية للطاقة بأن الطلب العالمي على الغاز ارتفع بنسبة 2.8% في 2024 وسجل مستوى قياسيا بلغ 4.21 تريليون متر مكعب.
ومن المتوقع أن يتباطأ هذا النمو في عام 2025 ليصل إلى 2%، وسط توقعات بوصول الطلب إلى 4.29 تريليون متر مكعب، وفقا لتقرير ربع سنوي صادر عن الوكالة.
وأشار التقرير إلى أن “الطلب العالمي على الغاز في عام 2024 وصل إلى مستوى قياسي جديد، حيث تشير البيانات الأولية إلى أن استهلاك الغاز الطبيعي زاد بنسبة 2.8% أو بواقع 115 مليار متر مكعب على أساس سنوي، وهو ما يتجاوز متوسط معدل النمو البالغ 2% خلال الفترة من 2010 إلى 2020”.
وأضافت الوكالة: “من المتوقع أن يتباطأ نمو الطلب العالمي على الغاز إلى أقل من 2% في عام 2025″، مع الإشارة إلى أن هذا النمو سيتم تحقيقه بشكل رئيسي من خلال زيادة الطلب في آسيا، التي ستساهم بنحو 45% من الزيادة المتوقعة”.
وبحسب البيانات فقد بلغ استهلاك الغاز في 2024 حوالي 4.212 تريليون متر مكعب، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 4.292 تريليون متر مكعب في عام 2025.
كذلك لفتت الوكالة إلى أن التوترات الجيوسياسية لا تزال تغذي تقلبات أسعار الغاز في الأسواق العالمية، وأن “توقف نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا إلى أوروبا اعتبارا من يناير 2025 لن يشكل تهديدًا لأمن إمدادات الغاز للاتحاد الأوروبي، لكنها أكدت أن مولدوفا ستكون في وضع أكثر هشاشة”.