أفواج كاملة من الأطفال في غزة لن تتمكن من استكمال تعليمها للعام الثاني على التوالي
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
بدأ العام الدراسي في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية يوم الاثنين التاسع من سبتمبر باستثناء قطاع غزة، حيث لا تزال الحرب مستمرة منذ أحد عشر شهراً، في ظل تضاؤل فرص التوصل لوقف لإطلاق نار.
ومع انهيار البنية التحتية في قطاع غزة بسبب الحرب التي طمست جميع ملامح الحياة، أرسلت السيدة حكمت المصري ابنها الوحيد، عبود، البالغ من العمر 11 عاماً، بصحبة أبناء عمومته إلى إحدى الخيام المدرسية التي تحاكي المدارس، لتلقي تعليمه مقابل دفع مبلغ شهري، قيمته حوالي خمسة دولارات.
وتقول حكمت لبي بي سي : “أنا أعيش في مخيم فيه عدد كبير من خيام النازحين وقد تفاجأت في شهر أغسطس الماضي، أن مجموعة من الأشخاص أسسوا مدرسة داخل الخيام، تحاكي المدرسة التعليمية ولكن تختلف هذه الخيام المدرسية عن المدارس التعليمية التي يتوفر فيها كوادر تعليمية متكاملة”.
الناطق باسم وزارة التربية والتعليم الفلسطينية صادق الخضور قال، لبي بي سي: “حُرم 630 ألف طالب من حقهم في التعليم في المدارس على مدار عام دراسي، بالإضافة إلى 78 ألف طالب في الجامعات. كما حُرم 39 ألف طالب من أداء امتحان الثانوية العامة”.
ليس هذا فحسب، بل دُمرت الكثير من مباني المدارس بفعل الغارات على غزة.
إذ قال عمار عمار، المدير الإقليمي للإعلام والمناصرة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في اليونيسيف، لبي بي سي إن التقديرات تشير إلى أن “حوالي 93 في المئة من المباني المدرسية قد تعرضت لبعض الأضرار وأن 84 في المئة منها، تتطلب إعادة بناء بشكل كامل أو ترميماً كبيراً”.
“فُسحة أمل”شعر عبود في اليوم الأول له كطالب في الخيمة التي تحولت إلى مدرسة بالضيق، فهو لم يرتدِ حذاءه الرياضي الذي اعتاد أن يشتريه كل عام قبل العام الدراسي، وهو أيضاً لم يرتدِ الزي المدرسي ولم يشترِ القرطاسية.
وبدأ بعض الطلبة في غزة الدراسة قبل الموعد الوطني المحدد، وذلك لأنهم يدرسون بشكل غير رسمي في خيمة ضمن مبادرة أطلقها مجموعة من الأفراد.
وتشكل هذه الخيمة الدراسية، التي تحاكي المدرسة، لوالدة عبود السيدة حكمت، فُسحة أمل، فهي تقول إنه “منذ بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، توقف التعليم النظامي وتغيب الأطفال خلال هذه العام عن الدراسة”.
وتضيف: “فرحة الأطفال بذهابهم إلى المدرسة في الخيام، ليست كفرحة الأطفال عندما كنا نستقبل العام الدراسي الجديد قبل الحرب. لقد فرضنا عليهم الذهب إلى الدراسة في الخيام، حتى لا ينسوا ما تعلموه”.
وتحاول والدة عبود، أثناء وجودها في الخيمة التي تعيش فيها، استرجاع بعض المعلومات والدروس التعليمية مع ابنها لمواد الرياضيات والعلوم واللغة العربية فضلاً عن الحروف الأبجدية “حتى يظل متذكراً ما درسه خلال السنوات الماضية”.
“نحتاج إلى وقف إطلاق نار فوري”وفي حال لم يتم التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، سيكون عبود متغيباً عن الدراسة لمدة عامين، لا سيما مع بداية دخول العام الدراسي الجديد.
فعلى الرغم من ذهابه إلى الخيمة الدراسية لتلقي ولو قسط صغير من التعليم، تخشى والدته من أن يتعرض ابنها للقصف خلال ذهابه أو رجوعه من الخيام الدراسية، أو حتى خلال الحصص الدراسية، في ظل عدم التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار.
وفي هذا السياق، حذّر عمار عمار من اليونيسف لبي بي سي قائلاً: “ما يحتاجه أطفال قطاع غزة حالياً وبشكل عاجل هو وقف إطلاق نار فوري، للبدء في بناء حياتهم من جديد، وأيضاً للعودة للانتظام في الدراسة”.
دمج عامين دراسيين
كمال قال الناطق باسم وزارة التربية والتعليم الفلسطينية صادق الخضور إن “الوزارة مضطرة لدمج عامين دراسيين”، مضيفاً: “لقد فقد الطلاب 150 يوماً من الدراسة ولن نستطيع تعويضها كلها، وسنركز على المواد الأساسية فقط”.
وأكمل عمار عمار من منظمة اليونيسف بالقول إن المنظمة وشركاءها أقاموا 12 مساحة تعليمية لتوفير فرص التعليم لأكثر من 17 ألف طفل في المنطقة الوسطى لقطاع غزة.
كما دشّنت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية مبادرات لاستئناف المسيرة التعليمية في غزة، إذ قال الخضور إن جامعات ومدارس الضفة الغربية دشّنت روابط عبر شبكة الإنترنت، سيسجل عبرها الطلاب داخل غزة، للدراسة عن بعد.
وقد تطوّع أساتذة ومدرسون فلسطينيون في الضفة الغربية لتعليم طلاب قطاع غزة عن بعد.
غير أن صعوبة التواصل عبر شبكة الإنترنت في ظل الحرب، قد يشكل عائقاً لحصول طلاب القطاع على التعليم عن بعد، ولذا فستوفر الوزارة منصة إلكترونية ستُتاح من خلالها تلك الحصص المدرسية والمحاضرات الجامعية المُسجلة.
وفي حديثه لبي بي سي، قال الناطق باسم وزارة التربية والتعليم إن طلاب غزة التحقوا ببعض الجامعات في الضفة الغربية عبر الدراسة عن بعد بصفة “طالب زائر”.
وأضاف: “لا نريد أن تكون إحدى نتائج هذه الحرب هي تفريغ جامعات غزة، فنحن نتعامل مع الظرف الحالي كوضع مؤقت، وفقاً لخطة طوارئ”.
الأطفال المصابون بالتوحدوفي ظل الحروب والصراعات تتضاعف مأساة الأطفال، الذين لديهم ظروف خاصة، من أجل الحصول على التعليم المناسب.
لذا أطلقت آمنة الدحدوح، أخصائية تعليم النطق، مبادرة لتعليم الأطفال الذين لديهم مشاكل في النطق والتحدث وكذلك للأطفال المصابين بالتوحد.
تعطي آمنة دروساً مجانية لهؤلاء الأطفال داخل إحدى الخيام، وتقول إن كثيراً من الأهالي استجابوا لمبادراتها، كما أن الأطفال متعطشون للتعلم ولديهم استجابة عالية للغاية.
وتوضح آمنة الدحدوح في حديثها، قائلة: “المخيم الذي أعيش فيه يطل على البحر، لكنه أصبح مكتظاً للغاية بالنازحين. عندما بدأت مبادرتي كنت أدرّس 50 طفلاً فقط داخل الخيمة، لكنني الآن أدرّس 160 طفلاً. كما أن هناك 200 طفل على قائمة الانتظار”.
نقص في الإمكانياتوتدرّس آمنة الدحدوح هذا العدد الكبير من الأطفال المصابين بالتوحد والذين يواجهون مشاكل في النطق، في ظل افتقارها للإمكانيات اللازمة والأدوات.
وقد قامت الدحدوح بشراء “حصيرة” فرشتها على أرض الخيمة حيث تعطي دروساً للأطفال، حتى لا تجلس هي والأطفال على الرمال.
كما أنها اشترت على حسابها الخاص بعض الأدوات البسيطة كمرآة زجاجية وخافض لسان (أداة خشبية تُستخدم لتعريف الأطفال مخارج نطق الحروف)، وبطاقات تعليمية.
لكن آمنة لا تتلقى أي دعم من المنظمات الإنسانية وتقول إن تلك المنظمات، “توفر فقط الأدوات للأطفال الطبيعيين وليس لأولئك المصابين بالتوحد والذين يعانون من مشاكل في النطق. وأنا الآن لست قادرة على شراء أي شيء بسبب الغلاء الفاحش إثر الحرب”.
وفي هذا السياق، يقول عمار عمار إن “برامج اليونيسف التعليمية في الأراضي الفلسطينية، تواجه فجوة تمويلية بنسبة 88 في المئة”، موضحاً أنه يجب أن يتم إيجاد طرق لاستئناف التعليم وإعادة بناء المدارس لتوفير الاستقرار الذي يحتاجه الجيل القادم في غزة.
لدى آمنة الدحدوح خبرة مدتها عشر سنوات في مجال تعليم الأطفال النطق، مكّنتها من وضع خطط تعليمية صغيرة، كما أنها لديها دفتر صغير، توثق فيه تقييمها لحالة كل طفل.
تنهي آمنة حديثها معنا، متمنية أن تنتهي الحرب سريعاً.
المصدر: جريدة الحقيقة
كلمات دلالية: وزارة التربیة والتعلیم العام الدراسی عمار عمار قطاع غزة کما أن عن بعد فی غزة
إقرأ أيضاً:
دراسة عالمية تدق ناقوس الخطر تجاه وباء قصر النظر بين الأطفال والمراهقين
دقت دراسة حديثة ناقوس الخطر، بعد أن باتت الشاشات جزءاً لا يتجزأ من يوميات الأطفال، حيث حذرت دراسة حديثة من تصاعد مخيف في حالات قِصر النظر بين الصغار والمراهقين حول العالم.
وباء قصر النظر بين الأطفال والمراهقينوأشارت الدراسة إلى أن العالم قد يكون على أعتاب وباء بصري صامت قد يهدد جيل بأكمله إذا لم تُتخذ الأمهات والمراقبين على الأطفال خطوات وقائية عاجلة.
ونُشرت الدراسة في المجلة البريطانية لطب العيون وأجراها فريق من الباحثين بجامعة سون يات سين الصينية.
وأظهرت الدراسة أن واحد من كل ثلاثة مراهقين حول العالم يعاني بالفعل من قصر النظر، وهذه النتائج أصبحت مخيفة، ومن المثير للقلق أن العدد مرشّح للارتفاع ليصل إلى أكثر من 740 مليون طفل ومراهق بحلول عام 2050 يعانون من ضعف البصر ومشاكل به.
5.4 مليون طفل تحت المجهر والأرقام ترتفعاعتمد الباحثون في الدراسة خلال تحليلهم على قاعدة بيانات ضخمة ضمت معلومات صحية وبصرية لأكثر من 5.4 مليون طفل ومراهق تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 19 عامًا، تم جمعها من دراسات وتقارير حكومية في أكثر من 50 دولة.
وكشفت البيانات أن 1.9 مليون طفل من هؤلاء يعانون فعليًا من قصر النظر بدرجات متفاوتة، وهي أرقام لم يعد بالإمكان تجاهلها.
الجينات ليست السبب الوحيد
وأرجعت الدراسة السبب الحقيقي وراء ضعف النظر، إلى أنه لا ينعلق بالجينات أو العامل الوراثي فقط بل فى نمط الحياة للأطفال والمراهيين ويشمل:
الإفراط في استخدام الشاشات هواتف، تابلت، تلفاز، ألعاب إلكترونية.
البقاء الطويل في الأماكن المغلقة.
انخفاض معدل قضاء الوقت في الهواء الطلق، خاصة في ضوء الشمس الطبيعي.
يحدث قصر النظر عندما تعجز العين عن تركيز الضوء بشكل صحيح على شبكية العين، وهذا يؤدي إلى رؤية الأشياء بشكل غير واضح، مع إمكانية احتفاظ الشخص بقدرة جيدة على رؤية الأشياء القريبة.
اقتراب الطفل المفرط من الشاشات أو الكتب.
شكواه المتكررة من عدم وضوح الرؤية في الفصل.
صداع متكرر أو إجهاد بصري.
رمش مفرط أو فرك العينين بشكل مستمر.
نصح أحمد حسنين، استشارى العيون، فى تصريحات خاصة لـ صدى البلد، الأمهات بنصائح قد تحمي عيون أطفالهم من قصر النظر، وهي تشمل الأتي:
ساعة على الأقل يوميًا في الهواء الطلق، ويفضّل أن تكون في النهار وتحت أشعة الشمس.
تحديد وقت الشاشة بحد أقصى ساعتين يوميًا للأطفال فوق سن السادسة.
اتباع قاعدة 20-20-20، كل 20 دقيقة من استخدام الشاشة، ينظر الطفل إلى شيء بعيد 20 قدمًا لمدة 20 ثانية.
شجيعي طفلك على الأنشطة البدنية والهوايات غير الرقمية مثل الرسم أو اللعب الحركي.
أفحص النظر بانتظام لدى طبيب العيون، خاصة إذا كان أحد الوالدين يعاني من مشاكل بصرية.