نتنياهو يوجه رسالة من حدود الأردن بعد يومين من مقتل 3 إسرائيليين بمسدس الأردني ماهر الجازي
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
#سواليف
أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين #نتنياهو أن تل أبيب ستعمل بالتعاون مع “جيرانها” على “إنشاء عائق قوي لمنع #عمليات_التهريب” وضمان بقاء #الحدود مع #الأردن “آمنة”.
جاء ذلك خلال جولة ميدانية أجراها نتنياهو، اليوم الأربعاء، على الحدود الأردنية في منطقة الأغوار الفلسطينية المحتلة برفقة وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش.
وجاء في بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء أن “نتنياهو وسموتريتش تلقيا إيجازا أمنيا واستخباراتيا من نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أمير برعام، وقائد المنطقة الوسطى آفي بلوت، وقائد لواء الأغوار أفيف أمير، وذلك خلال جولة تفقدية على الحدود مع الأردن. حيث جرى استعراض أسلحة مضبوطة والقدرات العسكرية للقوات العاملة في المنطقة”.
مقالات ذات صلة 49 نائبا من مجالس نيابية سابقة يعودون للقبة / أسماء 2024/09/11وشدد نتنياهو، في تصريحات مصورة صدرت عنه خلال جولته الحدودية، على “أهمية حماية الحدود الشرقية لإسرائيل، من محاولات تهريب الأسلحة والمقاتلين، على حد تعبيره، وقال: “نحن في حرب متعددة الجبهات. سنواصل العمل بالتعاون مع جيراننا لضمان بقاء حدودنا مع الأردن حدودا آمنة”.
وقال: “نحن في خضم معركة متعددة الجبهات. للأسف، فقدنا اليوم جنديين في رفح. نرسل تعازينا لعائلاتهما. في هذا الصراع متعدد الجبهات، نعلم أيضا أننا بحاجة إلى حماية وتأمين حدودنا الشرقية مع الأردن، وهي حدود سلام. نتعاون مع المملكة الأردنية لضمان بقاء هذه الحدود كذلك”.
وتابع “لكن التحديات تتزايد في الفترة الأخيرة؛ هناك محاولات لتسلل المخربين وتهريب الأسلحة عبر نهر الأردن إلى يهودا والسامرة (الضفة الغربية الغربية) والمدن الإسرائيلية. نحن نعمل هنا بالتعاون مع جميع الجهات المعنية لوقف ذلك”.
وأضاف “أنا هنا مع نائب رئيس الأركان، وقائد المنطقة الوسطى، وقائد لواء غور الأردن. سنعمل على إقامة عائق أقوى لمنع محاولات التهريب، ونقوم بذلك بالتنسيق مع الجيران. من المهم بالنسبة لنا أن نضمن بقاء هذه الحدود حدود سلام؛ سلام وأمن”.
وشهد معبر الكرامة الحدودي بين الضفة الغربية والأردن يوم الأحد الماضي عملية إطلاق نار نفذها مواطن أردني يدعى ماهر الجازي، ما أسفر عن مقتل 3 حراس أمن إسرائيليين.
وعلى إثر ذلك، أغلق المعبر بالاتجاهين، في وقت أعلنت وزارة الداخلية الأردنية أن الجهات المعنية تتابع وضع سائقين أردنيين اثنين كانا يخضعان للتحقيق في إسرائيل.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف نتنياهو عمليات التهريب الحدود الأردن
إقرأ أيضاً:
حدود ثابتة وجدران داخل الدول
لم يتراجع الحديث عن تفتيت دول المشرق العربي إلى دويلات مذهبية وإثنية وعن تغيير للحدود الدولية القائمة طوال العقود الماضية، لكن تلك الحدود استمرت بصيغتها التاريخية فيما قامت الحواجز داخل كل بلد بين طوائف ومذاهب ومجموعات على حساب الدولة الوطنية.
كان حديث نسف الحدود وتعديلها يستند إلى وقائع تغذيها نظرية المؤامرة المتجذرة في عقول نخب كثيرة وجوهرها أن الغرب وإسرائيل يعملان على تنفيذ مخطط تقسيمي استعماري يلغي الدول الوطنية الناشئة بعد انهيار السلطنة العثمانية و"اتفاق سايكس بيكو" البريطاني- الفرنسي الذي بلور في "مؤتمر سان ريمو" عام 1920 الحدود الراهنة لدول المنطقة، ويقيم بدلاً منها مجموعة من الكيانات الضعيفة على أسس دينية خصوصاً، توفر في ضعفها وتفككها حماية طويلة الأمد للمشروع الإسرائيلي في امتداداته الاستعمارية.مع الاعتراف بوجاهة هذه النظرية إلا أنها لا تغطي صورة المشهد بأكمله، فليست إسرائيل وحدها من تطمح إلى تغيير أوضاع قائمة، وتحت عنوان مواجهة ورفض تقسيمات "سايكس بيكو" نشطت قوى أخرى، قومية و"إسلامية" سعت وجهدت إلى إلغاء الحدود في المشرق العربي ودمج تلك الدول في مشاريع أوسع نطاقاً باسم القومية العربية والسورية تارة وباسم الإسلام طوراً، وعلى رغم الإمكانات الضخمة التي توافرت لكل تلك القوى، لم يتمكن أي طرف منها من تحقيق مشروعه كما يرغب وصمدت تقسيمات سان ريمو في شقها العراقي والسوري واللبناني متجاوزة ما يمكن تسميته بأقسى امتحانات قرن بكامله.
كان الامتحان الأحدث ولا يزال في سوريا، فما جرى ويجري في هذا البلد العربي قبل فرار الرئيس بشار الأسد وبعد لجوئه إلى روسيا، إذ بدت في ختام معركة الـ14 عاماً بين النظام ومعارضيه أقرب إلى دولة جاهزة للانقسام والتفكك، وترسخت عوامل الانقسام في ظل نظام الأسد وتفاقمت بعد رحيله واندلاع صدامات الساحل والجنوب والانفصال الواقعي للأكراد في الشرق، لكن في المحصلة الأولية تبين أن لا أحد يريد الانفصال وتشكيل دولته الخاصة، على رغم ارتفاع أصوات الاحتجاج والاستغاثة بالتدخلات الخارجية وسعي بعض الخارج، خصوصاً إسرائيل إلى استغلال الأوضاع.
لقد ظهر إلى جانب تمسك النخب السورية بوحدة بلادها، من الجزيرة إلى السويداء والساحل في ظل نظام يكفل المساواة والعدالة، أن القرار الدولي الذي يمسك بمصير الخرائط لا يزال أيضاً مؤمناً بخيارات رسمها مارك سايكس وجورج بيكو قبل 106 أعوام.
كانت تلك الخيارات وخرائطها تعرضت لامتحانات قاسية قبل الامتحانات السورية الأخيرة، فعام 2014 سيطر تنظيم "داعش" على أجزاء واسعة من سوريا والعراق، وتحت وطأة المفاجأة اعتبر كثيرون أن مرحلة جديدة خطرة بدأت. وقال كثيرون ومن بينهم الزعيم الكردي العراقي مسعود برزاني، "في الحقيقة أن سايكس- بيكو فشل وانتهى"، ولاقاه السياسي اللبناني وليد جنبلاط في الاستنتاج أن "سايكس بيكو انتهى، ذلك أمر مؤكد، لكن كل شيء الآن غامض، وسيكون هناك وقت طويل قبل أن تتضح النتائج" (من تصريحات إلى "بي بي سي" مايو (أيار) 2014)، ومع ذلك لم تتغير الحدود وهزم مشروع "الدولة الإسلامية" المزعوم.
كان البرزاني يعرف أكثر من غيره أن حدود الإقليم الكردستاني التي أقرها مجلس الأمن الدولي عام 1991 كمنطقة محمية للأكراد العراقيين لم تتحول إلى كيان مستقل بحدود خاصة على رغم الغزو الأمريكي وإسقاطه نظام صدام حسين عام 2003، وبقيت الحدود العراقية الدولية معترفاً بها كما كانت منذ العهد الملكي.
وربما تكون تجربة لبنان في الحرب الأهلية فاتحة أحاديث الانقسام وتشكيل الدويلات في المشرق، وخلال أعوام السبعينيات من القرن الماضي توالت التحذيرات من "البلقنة"، نسبة إلى انقسامات البلقان بعد الحرب العالمية الأولى، ثم نشط الحديث عن "قبرصة" نسبة إلى تقسيم قبرص إثر الانقلاب على الرئيس مكاريوس والغزو التركي واحتلاله شمال الجزيرة (1974). وحروب لبنان التي استمرت لمدة نحو 15 عاماً رسخت المخاوف من مصائر مماثلة، وقد جرى خلالها التصريح مراراً عن رغبات تقسيمية على أساس ديني، لكن كل ذلك صار أوهاماً وانتهى مع إقرار "اتفاق الطائف" في السعودية وبرعايتها، وعاد اللبنانيون جميعاً، بمقتضى الاتفاق، للبنانهم "كوطن نهائي لجميع أبنائه" بحدوده المرسومة قبل أكثر من قرن على يد الفرنسيين والإنجليز.
وكانت النظريات القومية العربية سباقة إلى الرغبة في نسف الحدود "المصطنعة"، فحزب البعث العربي الاشتراكي الذي نشأ في نهاية أربعينيات القرن الماضي بشر بإلغائها وتوحيد "الأمة العربية"، ثم نادى الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر بأهداف مماثلة وانتهت تجربة الطرفين إلى فشل ذريع. وحكم "البعث" العراق وسوريا فأقفلت الحدود بين البلدين وترسخت منافذها، وأقام عبدالناصر محاولة وحدوية مع سوريا سرعان ما انتهت إلى انفصال وصدام.
صمدت الحدود الدولية لكن حدوداً داخلية بين الطوائف والمذاهب و"المكونات"، بحسب التعبير الرائج بعد غزو العراق، بدأت ترتسم تحت ضغط تيارات "الإسلام السياسي" بشقيه الإخواني والإيراني من جهة، والاستغلال الإسرائيلي المباشر من جهة أخرى.
فقد جعلت إيران مجتمعات عدد من الدول العربية أجساداً مريضة عبر التركيز على ربط الشيعة العرب بالمرشد الإيراني وحساباته "القومية الإيرانية"، وأدى التحريض الإيراني المستمر منذ أكثر من 40 عاماً، مترافقاً مع عمليات تنظيم وتمويل واسعة، إلى خلق دويلات ضمن الدولة في العراق ولبنان وسوريا واليمن، وفي المقابل كانت إسرائيل ومنذ زمن بعيد تسعى إلى تجذير انقسامات مذهبية ودينية مماثلة ضمن استراتيجية صريحة لإضعاف وتمزيق الدول المحيطة. لقد كانت مقالة الباحث الإسرائيلي عوديد ينون المنشورة في فبراير (شباط) عام 1982 بعنوان "استراتيجية لإسرائيل في الثمانينيات" ولا تزال مرجعاً تجري العودة له كلما تصاعد الحديث عن تفتيت دول المشرق. واليوم ومع التطورات الأخيرة في سوريا يصار إلى التذكير بهذه "الاستراتيجية" التي نادت في حينه بتقسيم لبنان وسوريا والعراق إلى دويلات مذهبية وإثنية، وهي خطط لا تزال تطل برأسها عبر السياسة الإسرائيلية تجاه سوريا والعراق وأماكن أخرى.
ويوفر مستوى التمزقات المجتمعية الداخلية في المشرق على يد الإسلام السياسي بفروعه الإيرانية والإخوانية وضعف الدولة الوطنية المركزية فرصاً ثمينة لمزيد من التدخلات الخارجية الإسرائيلية خصوصاً، ومزيداً من أوهام الخلاص خارج دولها لدى الأقليات الخائفة والمضطهدة.
ومع ذلك تقول التجربة حتى الآن إن الحدود المرسومة قبل قرن ستبقى قائمة، لكن مزيداً من جدران الانقسام الداخلي سترتفع بين الناس أطيافاً وشرائح إذا لم تُعتمد صيغ جديدة للحكم تأخذ الحساسيات المختلفة في الاعتبار. ولن تتغير الحدود لأن صانعيها الدوليين لا يريدون تغييرها وليس لأن رافضيها المحليين أقوياء بما فيه الكفاية.
ورداً على سؤال طرحه الباحث في "معهد بروكينغز" غريغوري غوس قبل 10 أعوام على نفسه في مناخ صعود "دولة داعش"، "هل سنشهد إعادة رسم لحدود الشرق الأوسط؟"، أجاب "باختصار، كلا! الحدود لن تتغير. وفي الحقيقة ستؤول هذه الحدود إلى ما يشير إليه خبير العلوم السياسية روبرت جاكسون بـ’شبه الدول‘، المشار إليها دولياً كصاحبة سيادة، على رغم أنه لا يمكن تنفيذ الشروط التشغيلية التي تطلبها السيادة قبل السيطرة على الحدود والأراضي". والأرجح أن السلطة الحقيقية في المشرق ستصبح متاحة للجميع إذا ترسخت المسارات الراهنة ولم تتغير، إلا أن حدود الشريكين سايكس وبيكو ستكون آخر المتغيرات.