لم يقتصر دور دار الإفتاء المصرية على الارتقاء برسالة الإسلام الوسطية والمعتدلة، بل امتدت إلى أبعد من ذلك من خلال سعيها لإيفاد رجال الدين والمفتين إلى البلاد الأوروبية من أجل الدعوة إلى الدين الحنيف، لتصل دعوتهم المعتدلة إلى وسط أوروبا، وتحديداً كرواتيا.

وقال الشيخ عزيز حسنوفيتش، رئيس المشيخة الإسلامية فى كرواتيا، إنه لا يمكن لأحد أن ينكر جهود دار الإفتاء لدحض معتقدات الإسلاموفوبيا، التى باتت فى تصاعد مستمر، خاصة فى ظل الأحداث العنصرية التى تمارس بحق مسلمى بعض الدول الأوروبية خلال الفترة الأخيرة، ورغم ذلك لا تزال المؤسسات الدينية ملتزمة بمنهجها فى إيصال صورة راقية، رغم ما تتعرّض له، لافتاً إلى أنّ ضبط النفس من طرق الدعوة إلى الله، وذلك تطبيقاً لقوله تعالى: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ».

ولفت رئيس المشيخة الإسلامية فى كرواتيا إلى أنّ من أخطر التحديات التى تواجه المسلمين فى بلاده وفى العالم أجمع، الادعاء بأنّ الأخلاق الإسلامية لا تصلح للتطبيق فى الوقت المعاصر، لبُعد الناس عنه، وأن منهج الغرب فى الأخلاق أنسب، لأنه يقوم على المنفعة الذاتية للأفراد، وهذا ما يهم الناس اليوم.

وتابع: «مثل تلك الأفكار والأصوات، هى التى تغذى الإسلاموفوبيا لتندلع مشاهد العنف التى تشهدها بعض الدول ذات الأقليات المسلمة، ومن ثم تنمو دعوات التكفير، الأمر الذى يؤدى إلى تفكّك المجتمعات وانتشار الفوضى».

كما أشاد مفتى كرواتيا بالمسار الذى تنتهجه دار الإفتاء المصرية فى دعمها للقضية الفلسطينية، وذلك فى تطبيق فعلى لحديث الرسول، صلى الله عليه وسلم: «المُؤْمِنَ للمؤمنِ كالبُنْيانِ يشدُّ بَعضُهُ بعضاً»، فى تأكيد على الترابط الإسلامى بين أبنائه، دون الالتفات إلى عُرف أو لون أو لغة.

وأضاف: «نبذ الدار للعنف والحروب والقتل، ما هو إلا تأكيد على رسالة الإسلام السمحة، ورد مباشر على مروّجى أفكار الإسلاموفوبيا»، مؤكداً أنّ دار الإفتاء وعلماءها يقفون حائط صد أمام المتطرفين الذين يشعلون الأوضاع ضد الإسلام والمسلمين: «يجب التصدى بقوة لتلك الفئة التى تروّج لأفكار التطرّف، سواء بالقول أو الفعل، وإذا كان المجتمع مرتبطاً بدينه الإسلامى فإنه من الصعب أن ينساق وراء مثل هذه الأفعال، إذ إنّ الأخلاق هى العامل الأساسى الذى نعول عليه، وبالتالى فإن فساد الأخلاق يعنى انهيار الأمم».

وأشار مفتى كرواتيا إلى أنّه تطبيقاً لزرع الأفكار والقيم السليمة فى نفوس الأجيال الجديدة، فإن البرامج التعليمية للأطفال الكروات المسلمين فى الكتاتيب التى وضعتها المشيخة الإسلامية فى كرواتيا، والتى أسهمت فيها دار الإفتاء من خلال تقديم النصائح والإشراف عليها، تُعد من الوسائل الوقائية المقبولة بشكل عام والمناسبة للمجتمع الكرواتى.

وأضاف: «علينا أن نستشعر المسئولية وندرس مدى إمكانياتنا فى مواجهة تحديات البناء الأخلاقى ونقوم بما فى وسعنا، متوكلين على الخالق».

وحول الأوضاع التى يعيشها المسلمون فى كرواتيا، قال «حسنوفيتش»: «رغم الأقلية المسلمة فى كرواتيا إلا أنّ حقوقهم أفضل من أى دولة غربية، فضلاً عن وجود مراكز إسلامية لتعليم الأطفال بجانب الإدارات والمؤسسات الإسلامية للموظفين، لذلك لا تُعد بلادنا من الدول التى تشهد تطرّفاً أو أعمال عنف، سواء من المسلمين أو غيرهم من الديانات الأخرى».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الإسلاموفوبيا الإسلام المسلمين المشیخة الإسلامیة دار الإفتاء فى کرواتیا

إقرأ أيضاً:

لماذا لم تخسر إسرائيل أوروبا حتى اللحظة؟

ارتفعت حدة الإدانة لإسرائيل في مختلف أنحاء أوروبا منذ بدأت الحرب في غزة، وبينما تستعد الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت في الثامن عشر من سبتمبر (أيلول) على مطلب بانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة، قد يتصور المرء أن غضب الناخبين الأوروبيين من الحرب سيقنع حكوماتهم بدعمها.

العامل الأكبر الذي يحمي إسرائيل هو القوة الصاعدة لليمين المتشدد

ففي هذه السنة، احتل متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين الجامعات في أمستردام وبرلين وباريس؛ وتحتل القضية الفلسطينية مكانة بين قضايا التفاوت في الدخل وتغير المناخ ومسائل كبرى تشغل اليسار الأوروبي.

وتشير استطلاعات الرأي إلى انخفاض كبير في التأييد لإسرائيل.

لكن في الواقع، إن الأمور أكثر تعقيداً، كما تشرح مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية التي أشارت إلى أن مواقف الدول الأوروبية تجاه إسرائيل تنقسم إلى ثلاث مجموعات تقريباً.

المجموعة الأولى... احترام قليل

مالت بعض الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط والدول الإسكندنافية منذ فترة طويلة نحو الفلسطينيين، على أسس تتعلق بحقوق الإنسان أو تعاطفاً مع حركات إنهاء الاستعمار.

وكانت أكبر نكسة دبلوماسية لإسرائيل بسبب حرب غزة عندما اعترفت أيرلندا والنرويج وسلوفينيا وإسبانيا بدولة فلسطين في الربيع الماضي، وفعلت السويد ذلك قبل عقد من الزمن.

وينظر مواطنو هذه الدول إلى إسرائيل بقليل من الاحترام من قبل الحرب أيضاً.

وفي إسبانيا على سبيل المثال، تقلصت الفجوة بين المؤيدين وغير المؤيدين لإسرائيل من ناقص 53 في أغسطس (آب) إلى ناقص 38 في مايو (أيار) 2023، وفق مؤسسة يوغوف لاستطلاعات الرأي. 

Why Israel has not yet lost Europe https://t.co/oMWQ0ilx6z from @TheEconomist

— Sharon Fastlicht (@sfastlicht) September 15, 2024 أوروبا الغربية... التباس

أما موقف الدول الأوروبية ا،لغربية الأخرى فأكثر غموضاً، وبخاصة تلك المتضررة من الهولوكوست.

وتعتبر ألمانيا حالة منفصلة، فهي تعتقد أنها تتحمل مسؤولية خاصة عن حماية الحياة اليهودية وترى أن الدفاع عن أمن إسرائيل من "مصلحة الدولة العليا".

والرأي العام تجاه إسرائيل، وهو حالياً عند ناقص 34، أقل سلبية إلى حد ما مما هو عليه الحال في الدنمارك أو السويد، كما قمعت الحكومة المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين وتتردد في انتقاد الانتهاكات الإسرائيلية.
مع ذلك، تحترم ألمانيا القانون الدولي، وقد وضعت في مأزق بسبب حكم أصدرته محكمة العدل الدولية في يوليو (تموز) يقضي بضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة.

ومن شأن مذكرة اعتقال محتملة من المحكمة الجنائية الدولية لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أن تزيد من حدة التناقضات الألمانية.  

Why Israel has not yet lost Europe https://t.co/u4qkZTcWzf

— Abou Reda ابو رضا (@nicegook) September 15, 2024

وحصرت فرنسا نفسها إلى حد كبير بالدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة وإرسال المساعدات الإنسانية.

وهي تواجه مهمة صعبة في الموازنة بين أكبر عدد من اليهود في أوروبا وأكبر نسبة من المسلمين في أي دولة أوروبية غربية.

كما تواجه حدود نفوذها في الشرق الأوسط: فقد فشلت محاولة الوساطة التي بذلتها لمنع حرب في لبنان هذا الصيف.

والواقع أن مستويات الاستياء الشعبي من إسرائيل مماثلة لتلك الموجودة في ألمانيا. لكن كما هي الحال في ألمانيا، عندما يُسأل الفرنسيون عن الجانب الذي يتعاطفون معه أكثر، فإنهم ينقسمون بالتساوي تقريباً.

وفي إيطاليا أيضاً، لم يولد الغضب الشعبي من إسرائيل سوى القليل من العمل السياسي، فالحزب الديمقراطي من يسار الوسط والأحزاب اليمينية، بما فيها حزب إخوة إيطاليا الحاكم بزعامة جورجيا ميلوني، يؤيدون لإسرائيل عموماً، وإن كانوا قد أصبحوا أكثر انتقاداً لها في الآونة الأخيرة، أما حركة النجوم الخمس المتمردة هي وحدها التي تعبر عن مشاعر معادية لإسرائيل.

وتقول ناتالي توتشي من معهد إيطاليا للشؤون الدولية: "إن الرأي العام ضد إسرائيل موجود، لكنه لا يحدد الأصوات".

كما تلاحظ أن أيديولوجيتي إخوة إيطاليا وحزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو "ليستا متباعدتين إلى هذا الحد": فكلاهما يتصور صراعاً حضارياً للغرب ضد الإسلام. وهذا التشابه الأيديولوجي مهم أيضاً للمجموعة الثالثة من الدول الأوروبية: الدول ذات الميول اليمينية في وسط وشرق أوروبا.

المجموعة الثالثة

أقام نتانياهو علاقات وثيقة مع فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر وزعيم لليمين العالمي المتشدد، وفي بولندا وجمهورية تشيكيا ودول البلطيق، حيث الشعبوية اليمينية قوية، تميل الإدانة لحرب إسرائيل إلى أن تكون خافتة.

وقد دارت خلافات بين إسرائيل وبولندا حول تاريخ المحرقة، وأخرى في فبراير (شباط) بعد مقتل عامل إغاثة بولندي في غزة؛ لكن العلاقات بين البلدين قد عولجت.
ومن غير الواضح إلى أي مدى قد يمارس الأوروبيون نفوذاً على إسرائيل حتى لو تسرب الغضب الشعبي إلى مستوى الحكومة. والوسيلة الأكثر وضوحاً هي تقييد مبيعات الأسلحة، كما بدأت الحكومة البريطانية في القيام بذلك، بالنسبة إلى فئات معينة من الأسلحة التي تعتبر معرضة لخطر الاستخدام في جرائم الحرب.

وألمانيا هي ثاني أكبر مورد للأسلحة إلى إسرائيل بعد أمريكا، لكنها لا تفكر في فرض قيود، ولو أن أحكام المحاكم الدولية قد تغير ذلك.

وتأتي إيطاليا في المرتبة الثالثة بفارق كبير؛ لقد سبق أن أوقفت إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل، لكن فقط لأن قوانينها تحظر المبيعات إلى البلدان في حالة حرب.

السبب الأكبر

وبحسب الصحيفة فإن العامل الأكبر الذي يحمي إسرائيل من الإدانة الشعبية الأوروبية هو القوة الصاعدة لليمين المتشدد. فالتجمع الوطني في فرنسا، وهو أكبر حزب يميني في البلاد، أصبح بشكل كامل مؤيداً لإسرائيل بعدما تخلى عن معاداة السامية التي تبناها في أيامه الأولى. وحزب البديل من أجل ألمانيا، وهو حزب معاد للمسلمين ويأتي في المرتبة الثانية ضمن استطلاعات الرأي الوطنية، يدعو إلى قطع المساعدات عن غزة والضفة الغربية.

وفي إسبانيا، يعد حزب فوكس اليميني المتشدد الحزب الوحيد الذي يتحالف بوضوح مع إسرائيل؛ فقد زار زعيمه القدس العام الماضي.

وفي هولندا، حتى مع احتلال الجامعات في مايو من قبل الطلاب الذين يرتدون الكوفيات، كانت الحكومة الهولندية الأكثر يمينية منذ الحرب العالمية الثانية تتولى السلطة. وقضى خيرت فيلدرز، زعيم أكبر حزب في الائتلاف، سنوات في كيبوتس خلال شبابه.

ويدعو اتفاق الائتلاف إلى النظر في نقل السفارة الهولندية إلى القدس. ومن غير المرجح أن يحدث هذا، لكنه يرسل إشارة.

وختمت المجلة لافتة إلى أنه قد يكون الأوروبيون غاضبين من الوحشية في غزة، ولكن طالما أنهم يصوتون لقادة مثل فيلدرز، فليس لدى إسرائيل ما يدعوها للقلق.

مقالات مشابهة

  • مكانة الصلاة في الإسلام وحكم تاركها
  • اللجنة العربية الإسلامية بشأن وقف الحرب على غزة تجتمع في عمّان غدا
  • رئيس إيران يتعهد بـعدم مضايقة شرطة الأخلاق للنساء
  • الرئيس الإيراني يدعو إلى الوحدة بين الدول الإسلامية
  • في مؤتمره الصحفي الأول.. الرئيس الإيراني يدعو إلى الوحدة بين الدول الإسلامية
  • لماذا لم تخسر إسرائيل أوروبا حتى اللحظة؟
  • إمام وخطيب المسجد الحرام يلتقي رؤساء الجمعيات الإسلامية بجنوب أفريقيا
  • ضمن برنامج زيارات أئمة الحرمين الشريفين.. “الدوسري” يلتقي رؤساء الجمعيات الإسلامية بجنوب إفريقيا
  • اليمن مع الدول الإسلامية تحتفي بذكرى المولد النبوي الشريف
  • اليمن تحتفي مع الدول الإسلامية بالمولد النبوي