رغم بُعد المسافات بين القاهرة وسراييفو عاصمة جمهورية البوسنة والهرسك، واختلاف اللغة والعادات والتقاليد، إلا أنّ لدار الإفتاء المصرية الحضور الطاغى فى نشر الإسلام الوسطى لمواجهة الإسلاموفوبيا ومكافحة التطرّف والأفكار التكفيرية، التى عانى منها على مدار عقود طويلة، ذلك البلد الأوروبى الصغير، الواقع فى منطقة البلقان، لتضع الدار بصمتها المميزة داخل المؤسسات الدينية ومنابر المساجد، وصولاً إلى منازل البوسنيين، واعتناقهم الإسلام.

وحول الدور المؤثر لدار الإفتاء المصرية، على جميع الأصعدة، قال الشيخ حسين كفازوفيش، رئيس العلماء والمفتى العام فى البوسنة والهرسك، إن الإيمان فى هذا الكفاح من أجل نشر الصورة المعتدلة للإسلام، بالإضافة إلى الوقوف بالمرصاد للتكفيريين هو سندنا الموثوق، ومصدر قوتنا وعزيمتنا.

ولفت إلى أنّ لدار الإفتاء النصيب الأكبر لتنوير عقول سكان البوسنة والهرسك، وذلك من خلال تعزيز قيم الإيمان والخير والأخلاق الحميدة، التى ينبغى أن يقوم عليها الجنس البشرى، وهى مرشدنا الأمين فى كل الأزمان.

وتابع: «نحن نخضع لامتحان متواصل حتى نؤكد هذه القيم فى تصرفاتنا وفى اتخاذ المواقف الأخلاقية تجاه ما يحيط بنا من أحوال وظواهر»، مؤكداً أنّ المسلمين يستطيعون التأثير على الناس من خلال المسئولية الكبرى التي يحملونها، إذ إنه بإمكاننا توجيههم إلى أحسن طريق.

وتابع رئيس العلماء والمفتي العام فى البوسنة والهرسك، أنّ دار الإفتاء تحاول جاهدة وبشكل دؤوب عبر أنشطتها الدائمة نشر الإسلام بأبسط الطرق وبالمنطق والعقل، والحجة والإقناع، وبالترغيب وليس بالترهيب.

وأضاف: «لذلك لا يمكن أن نفصل دور دار الإفتاء عما وصلت إليه البوسنة والهرسك من تخريج علماء ورجال دين وطلاب علم، ليُتوج الأمر بالتكريم فى المحافل الدولية وحصد عدد من الجوائز الكبيرة والعريقة، التى تحظى بتاريخ قديم، وعلينا أن ندعو إلى القيم الإسلامية الخالدة ولا طريق آخر»، لافتاً إلى أنّ هناك جوانب أخرى مهمة للمساهمة بنشر الصورة الصحيحة عن الإسلام.

وتابع: «يجب أن يتركز اهتمامنا على احتياجات الإنسان فى عصرنا، فالحياة فى الأرض صعبة بذاتها، والإيمان هو الوسيلة للتخفيف من وطأتها، وفى هذا أجد الاهتمام والمسئولية الكبرى بالنسبة لنا جميعاً، نحن الذين منحنا الفرصة لإرشاد الآخرين، وإننا إذ نسعى لتحقيق ذلك، فلنضع دائماً نُصب أعيننا حديث النبى محمد، صلى الله عليه وسلم: «بشّروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا».

وأكد أن مسلمى البوسنة مشبّعون بالحب ومقتدون بسماحة الإسلام وبهجته، وتمكنوا من بناء عالم جديد فى قلب أوروبا لإيصال رسالة الإسلام، الأمر الذى أثرى أوروبا وجعلها أكثر تنوعاً. وأشار أيضاً إلى أن البوسنة والهرسك، رغم كونها بلداً صغيراً فى أوروبا، فقد أصبحت ملتقى للديانات والثقافات المتعدّدة، مؤكداً أنّ شعب البوشناق اعتنق الإسلام قبل أكثر من خمسة قرون، ودمجوا معه ثقافة وحضارة أثّرت بشكل كبير فى بناء هوية وطنية بوسنية فريدة.

وواصل: «يعود الفضل الكبير فى هذا المسار إلى الناس العاديين والحرفيين والمهرة، خاصة العلماء، الذين كانوا وما زالوا حملة مصباح الإيمان والحرية والمحبة فى شعبنا». وتابع: «هنا أقدم الشكر لجهد مسلمى البوسنة والهرسك، من أجل تقديمهم قيم الدين فى أحسن صورة، فى الجزء الذى يعيشون فيه من هذا العالم».

ولفت الشيخ حسين كفازوفيش إلى أنّ الجهود المبذولة لإيصال الصورة الصحيحة للإسلام ليست مقتصرة فقط على دار الإفتاء، التى لها الدور الأكبر، ولكنها ممتدة للأزهر الشريف، والذى يُعد منارة وقبلة طلاب العلم على مستوى العالم.

وأضاف: «مصر لم تبخل علىّ بعلمها، حيث أتاحت لى فرصة تلقى التعليم فى الأزهر قبل أربعين عاماً».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الإسلاموفوبيا الإسلام المسلمين البوسنة والهرسک إلى أن

إقرأ أيضاً:

هل تعاني من الأفكار السلبية؟

 

مدرين المكتومية

في بعض الأحيان وقبل أن أشرع في كتابة مقالي الأسبوعي، ينتابني شعور غامض بأنني أخوض معارك ذاتية في أعماق نفسي، شيء ما يُشبه الحرب، لكنها حرب أفكار، تتصارع في ذهني، هل أكتب عن ذلك الموقف الذي وقع أمامي واستخلصتُ منه العِبر والحِكَم؟ أم أتطرق لقضية تلك المرأة التي تُعاني في حياتها الزوجية من شريكها الذي لا يكف عن إيذائها نفسيًا؟ أم أُناقش قضية تفجّرت على منصات التواصل الاجتماعي وأصبحت حديث الرأي العام والنَّاس في كل منزل، رغم أنها لو حدثت في العصر الذهبي للصحافة الورقية لنُشِرَت على عمودين في صفحة داخلية دون أن ينتبه إليها أحدٌ!!

في الحقيقة ما وددت قوله في هذه المقدمة هو أننا نعيش كل يوم بمزاج مختلف، وتقلب في الطاقات، أننا نعيش وفق الأفكار التي تسكننا والتي تتشبث بمخيلتنا، فتجدنا مرة من السعادة المفرطة نود لو أن نهدي العالم بأكمله لمن نحبهم، وفي أحيان أخرى نتمنى أن نعيش الحياة بأنفسنا دون أن نتشاركه مع أحد، وفي بعض اللحظات من فرط الفرح نود لو أن لدينا أجنحة تأخذنا للبعيد، وفي بعض اللحظات الأخرى نتمنى لو أنَّ الحياة تقف عند هذا الحد.

كل هذه التناقضات التي يعيشها العقل البشري هي حصاد ما يسكنه من أفكار وهواجس تراكمت مع الوقت وأصبحت تشكل لديه تشويشاً بين الحين والآخر، لذلك الإنسان فينا يعيش بمزاجات متقلبة وفق ما ينهي به يومه أو يبدأ به يوميه، لذلك علينا دائماً أن نكون حريصين في كل ما نفكر به قبل النوم وما نستيقظ عليه.

والأفكار السلبية تحبط الشخص وتصنع منه شخصًا متقاعسًا غير قادر على العطاء، أو استكمال يومه بطريقه صحيحة، فتجده يتهرب من أداء عمله بشكل متكامل تحت عذر أنه بمزاج سيئ، ولكن كل هذا لا يأتي إلّا بما يُمليه الشخص على نفسه من شعور، فكل ما أرسلت لعقلك رسائل سلبية فإنه يرسلها بطريقة تحولك لشخص يعيش حالة سيئة، فالجسم يعمل بنظام " الرد " أي كما نقول نحن لكل فعل رد فعل، ولكل نوع من المشاعر تأثيره المباشر على تقلب المزاج.

إننا بحاجة لأن نصنع لأنفسنا حاجزَ أمانٍ من الأفكار السلبية، وبلغة حروب العقل "منطقة منزوعة السلاح"، بالطبع سلاح الفكر. علينا ألا نُعطي الأفكار السلبية أي فرصة لتتحكم بمشاعرنا وتخلق منّا أشخاصًا سيئين أو على الأقل أشخاصاً لا يملكون القدرة على اكتشاف جماليات الأشياء في داخلهم، والامتنان لكل اللحظات الجميلة، ولكل الأشخاص المحيطين، ولكل ما بين أيدينا من نعم، دون أن نفكر بطريقة سلبية أو عكسية اتجاه المواقف والأحداث.

علينا ألا نعطي تحليلات لكل شيء خاصة وأن العقل يكبر الأشياء أكثر من حجمها إذا ما أخذ فرصته، بل علينا أن نرى الأشياء بحجمها الطبيعي حتى نكون سعداء كفاية، علينا أن نهتم بصحتنا النفسية، وحياتنا العملية، وواجباتنا الاجتماعية دون أن يطغى أحدها على الآخر حتى نعيش السعادة بكل ما نستطيع.

وأخيرًا.. إنَّ كل فكرة تلمع في عقولنا يجب أن نتعاطى معها بصورة إيجابية، وأن نكف عن تصدير السلبية وتضخيم الأمور والمبالغة في طرح الرؤية ووجهة النظر، علينا أن نشعر بالامتنان إلى هذا الوطن المعطاء مهما ضغطت علينا الظروف، ومهما ضاق بالبعض الحال، وعلينا أن نمارس الود والمحبة وكرم الأخلاق مع جميع من حولنا، وخاصة أولئك الذين نلتقي بهم يوميًا من الأهل وزملاء العمل.. الحياة فرصة للسعادة أو التعاسة، فاخترْ أيهما تريد!

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • مكانة الصلاة في الإسلام وحكم تاركها
  • هل تعاني من الأفكار السلبية؟
  • السفر في هذا التوقيت.. بيان عاجل من العمل بشأن وظائف البوسنة والهرسك
  • وزارة العمل: بدء إجراءات سفر شباب تقدموا لوظائف في "البوسنة والهرسك"
  • وزارة العمل تُعلن بدء إجراءات سفر المتقدمين على فرص عمل "البوسنة والهرسك"
  • وزارة العمل: بدء إجراءات سفر الناجحين في الاختبارات المهنية إلى البوسنة والهرسك
  • وزارة العمل تُعلن بدء إجراءات سفر العمالة في «البوسنة والهرسك»
  • “التنظيمات التكفيرية”.. أذرع قذرة للمشروع الأمريكي الإسرائيلي
  • مواجهات بين متظاهرين ومكافحة الشغب أمام مبنى ديوان محافظة ذي قار
  • أردوغان يعلن قرب السفر إلى البوسنة والهرسك بدون جواز