هل تخرق إسبانيا صفوف الاتحاد الأوروبي بشأن التجارة مع الصين؟
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
دعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى إعادة تقييم خطة الاتحاد الأوروبي لفرض رسوم جمركية إضافية على السيارات الكهربائية المصنعة في الصين.
تأتي هذه الدعوة في ختام زيارة رسمية استغرقت أربعة أيام إلى الصين، حيث التقى بالرئيس الصيني شي جين بينغ، مما أثار الانتباه إلى الانقسامات الداخلية المتزايدة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن هذه المسألة، وفقما ذكرته بلومبيرغ.
تتزامن دعوة سانشيز مع استعداد الاتحاد الأوروبي لفرض رسوم تبلغ 36.3% على شركة "سايك موتور كورب"، و19.3% على "فولفو كار إيه بي"، و17% على شركة "بي واي دي"، بالإضافة إلى الرسم الأساسي الذي يبلغ 10% بالفعل على صادرات السيارات الصينية إلى أوروبا. وتواجه تسلا أيضًا زيادة في الرسوم تبلغ 8%.
وإذا لم يتمكن قادة الدول الأوروبية من حشد معارضة كافية لهذه الإجراءات، فمن المتوقع أن تصدر المفوضية الأوروبية اللوائح النهائية بحلول 30 أكتوبر/تشرين الأول القادم، والتي ستبقى سارية لمدة خمس سنوات.
وتعكس هذه الرسوم المخاوف الأوروبية من الاستفادة الصينية من الدعم الحكومي لإغراق الأسواق الأوروبية بالسيارات الكهربائية، مما يهدد المنافسة العادلة ويعرض المصنعين الأوروبيين لخطر الإفلاس، وفقا لبلومبيرغ.
في المقابل، بدأت الصين في إجراء تحقيقات مضادة تتعلق بممارسات الإغراق في واردات الاتحاد الأوروبي من المنتجات مثل البراندي (الخمر المقطّر) ومنتجات الألبان ولحم الخنزير.
الاتحاد الأوروبي يستعد لفرض رسوم تبلغ 36.3% على شركة صينية مصنعة للسيارات الكهربائية (رويترز) إسبانيا بين المطرقة والسندانوتعدّ إسبانيا من أكثر الدول الأوروبية تأثرا بهذه الحرب التجارية المحتملة، فهي أكبر مُصدِّر للحم الخنزير في أوروبا، كما أنها ثاني أكبر مصنع للسيارات في الاتحاد الأوروبي.
وتسعى إسبانيا أيضا إلى جذب الاستثمارات الصينية لتطوير قطاع السيارات الكهربائية لديها. ومن هنا جاءت زيارة سانشيز للصين في إطار الجهود الرامية إلى تجنب التصعيد التجاري مع بكين، بحسب بلومبيرغ.
وقال سانشيز في تصريحاته "لسنا بحاجة إلى حرب أخرى، وفي هذه الحالة حرب تجارية". وأضاف "أعتقد أن علينا بناء جسور بين الاتحاد الأوروبي والصين، وما ستقوم به إسبانيا هو العمل على إيجاد حلول بناءة ومحاولة الوصول إلى تسوية بين الصين والمفوضية الأوروبية".
انقسامات أوروبيةوتأتي تصريحات سانشيز في وقت تعاني فيه أوروبا من انقسامات داخلية بشأن كيفية التعامل مع التحديات التجارية القادمة من الصين.
فبينما تؤيد دول مثل فرنسا، بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون، فرض الرسوم الجمركية لحماية المصنعين الأوروبيين من المنافسة الصينية "غير العادلة"، تدعو دول أخرى مثل إسبانيا إلى الحوار وتجنب التصعيد.
وتحاول الصين استغلال هذه الانقسامات لصالحها، حيث تهدف إلى إقناع عدد كاف من الدول الأوروبية بأن هذه الرسوم الجمركية ليست في مصلحة أوروبا.
وتهدف الصين إلى ممارسة ضغوط على الحكومات الأوروبية من خلال التهديد بالانتقام التجاري، مما يؤدي إلى توليد "ألم اقتصادي" قد يدفع هذه الدول إلى التراجع عن دعم فرض الرسوم.
موقف إسبانيا يمثل تحديا كبيرا للاتحاد الأوروبي الساعي لزيادة الضرائب على منتجات صينية (الفرنسية) تعاون صيني إسبانيوفي لقاء مع سانشيز، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ رغبته في تعزيز العلاقات مع إسبانيا، خاصة في مجالات التكنولوجيا الفائقة والطاقة الجديدة. وقال شي "نأمل أن تواصل إسبانيا توفير بيئة أعمال عادلة وآمنة وغير تمييزية للشركات الصينية التي تستثمر وتعمل في إسبانيا".
وتأتي هذه التصريحات في سياق رغبة الصين في تجنب تصعيد النزاع التجاري مع أوروبا، ومحاولة بناء شراكات مع دول مثل إسبانيا، التي قد تكون أكثر ميلا للحوار والتعاون بدلا من فرض قيود تجارية جديدة.
ويمثل موقف إسبانيا المتغير -وفقا لبلومبيرغ- تحديا كبيرا للاتحاد الأوروبي، الذي يحاول تحقيق توازن بين حماية مصنعيه المحليين وتجنب حرب تجارية شاملة مع الصين.
وتذكر بلومبيرغ أنه إذا تمكنت دول مثل إسبانيا من حشد الدعم الكافي، قد يتمكن الاتحاد الأوروبي من تخفيف الإجراءات أو تأجيلها، مما يعطي مجالا للحوار بين الطرفين.
وعلى الرغم من أن الصين تهدف إلى تقليل تأثير الرسوم الجمركية، فإن إستراتيجية الاتحاد الأوروبي تهدف إلى حماية الأسواق المحلية من التدفقات الكبيرة للسيارات الكهربائية المدعومة من الحكومة الصينية.
ويواجه الاتحاد الأوروبي معضلة معقدة متمثلة في ثنائية هل يواصل التصعيد لحماية اقتصاده الداخلي؟ أم يسعى لإيجاد تسوية تجنبًا لحرب تجارية شاملة قد تضر بمصالحه الاقتصادية؟
وفي ظل تصاعد التوترات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والصين، يبقى السؤال مفتوحا حول ما إذا كانت دول الاتحاد ستتمكن من الوصول إلى حل وسط يضمن حماية المصالح الاقتصادية الأوروبية مع تجنب التصعيد مع الصين.
وتبقى إسبانيا في موقع مركزي في هذا الجدل، حيث تسعى إلى تحقيق التوازن بين مصالحها الاقتصادية والعلاقات الدولية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الاتحاد الأوروبی
إقرأ أيضاً:
بعد مرونة ترامب..الصين تتعهد بزيادة وارداتها من الخارج
أعلن نائب رئيس الوزراء الصيني دينغ شوشيانغ، أن بلاده سترفع حجم الوارادات من الخارج، بعد ساعات من إرجاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنفيذ تهديده السابق بفرض رسوم إضافية على السلع الصينية، فور تنصيبه.
وقال دينغ في المنتدى الاقتصادي بدافوس السويسري: "لا نسعى لتحقيق فائض تجاري. نريد استيراد المزيد من المنتجات والخدمات التنافسية عالية الجودة لدعم التجارة المتوازنة"، دون ذكر أي دولة.وأشارت بلومبرغ إلى أن تصريحات دينغ جاءت بعد ساعات من تنصيب الرئيس ترامب، وتأجيل فرض الرسوم التي هدد بها على المنتجات الصينية، وإحالة ملفات التجارة الخارجية إلى المؤسسات الاتحادية لدراستها.
ترامب يبني "أمريكا أولاً" على استراتيجية مواجهة الصين - موقع 24شرعت الصين عام 2025 بتصعيد صراعها الاقتصادي مع الولايات المتحدة، مما زاد من حدة الحرب التجارية المستمرة. واستباقاً لدخول الرئيس المنتخب دونالد ترامب البيت الأبيض، فرضت الصين قيوداً تجارية استهدفت الكثير من الشركات الأمريكية. في الوقت نفسه أشار ترامب إلى خطط لفرض رسوم بـ 25% على المنتجات المكسيكية والكندية في 1 فبراير (شباط) المقبل.
وبدت العلاقات بين الولايات المتحدة والصي دافئة بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض. وألقى الرئيس الأمريكي طوق نجاة لتطبيق تيك توك بإيقاف حظره مؤقتاً في البلاد، ما أعطى الشركة وشركتها الأم الصينية بايت دانس المزيد من الوقت للعثور على شريك أمريكي.
كما أشار ترامب إلى اعتزامه عقد اجتماعات ومكالمات مع الرئيس الصيني شي جين بينغ قائلاً إنه دعي إلى الصين دون الخوض في التفاصيل.
ووقع الزعيم الأمريكي أمراً لإدارته لبحث التجارة غير العادلة في العالم والتحقيق في امتثال الصين لاتفاق خلال ولايته الأولى، حول التبادل التجاري بين البلدين.