الانجراف الاستراتيجي ودوره في الفشل المؤسسي
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
فيصل بن علي العامري **
في بداية الحديث نتحدث عن موضوع مهم قد يحدث للمنظمات بشكل غير محسوس الا وهو الانجراف الاستراتيجي؛ حيث يعد الانجراف الاستراتيجي التغيير المباشر في سياسات واستراتيجيات المنظمات التي تواجه هذا الانجراف.
ويسهم هذا الانجراف في انخفاض أداء بيئة المنظمة بجميع عناصرها داخليًا وخارجيًا، مما يجعل المنظمة غير قادرة على مواكبة المتغيرات البيئية التي يشهدها القطاع.
هذا حال الكثير من المنظمات التي تكون ذريعة الانجراف غير المحسوس من متخذي القرار. وبعض المنظمات يظهر عندها هذ الانجراف بعد سنوات كانت تحقق بعض الأرباح والنتائج التي لا تجعلها في الاستدامة. كما يمثل غياب لغة التسويق أحد الأسباب التي تجر الانجراف؛ كون المنظمة تستمر بأليات تسويق بدائية لا تؤدي إلى الشمولية، كل هذه الأسباب قد تكون نتجية لغياب الثقافة المؤسسية في المنظمة وتفقد عناصر التنسيق بين التقسيمات الإدارية؛ مما يُنتِج عدم المقدرة على مراجعة الخطط والاستراتيجيات وتذبذب الإنتاجية وغياب الولاء الوظيفي وعدم الشفافية وغياب العدالة الوظيفية. وهذا يتسبب في وجود بيئة سامة ينتج عنها عدم الوضوح وازدواجية الخطط والقرارات واستبداد الموظفين؛ وذلك عندما تكون بيئة العمل بيئة طاردة للكفاءات، وتتعاظم المحاباة، وبعض الأشخاص يعتبرون أنفسهم غير خاضعين للمساءلة.
جميع المنظمات تحتاج إلى تقييم ورصد للعمليات خارجيا وداخليا لمعرفة موقعها في السوق، وأن تسعى إلى مواكبة السوق في البيئة المتغيرة بالركود وبعض الأزمات الاقتصادية والصحية والسياسية حتى تتمكن من المواكبة والاستمرار وتجاوز التنافس في السوق وذلك بتطوير المنتجات والخدمات التي تحقق الاستدامة.
وهنا يأتي دور الإدارة العليا في تفعيل دور الرقابة بشقيها العلاجي والوقائي الانجراف والتذبذب في محيط المتغيرات البيئية، حيث يتطلب العمل الاستراتيجي في تفعيل القرارات الاستراتيجية الذي يطلب من رأس الهرم الذي يكون دوره المسؤول عن تقييم الاستراتيجية وتطويرها بما يتلاءم مع متطلبات المستقبل.
وختامًا.. لا بُد من وجود خارطة استراتيجية معرفية واضحة لكل منظمة ويتم تقييمها وتطويرها بشكل مستمر بما يتواكب مع المتغيرات المختلفة. والعمل على تجويد الثقافة المؤسسية التي تكون رصيدها المعنوي لدى الموظف والمتعامل في المقام الأول، وكذلك خلق بيئة نظيفة تساعد على الحماس والشغف والابتكار لدى الموظف وتجنبه الاختلال المؤسسي الذي بدوره يوازن ويحافظ على الميزة التنافسية للمنظمة. وعلى الإدارة تجنب اختلال الثقافة المؤسسية التي تؤدي إلى خلق بيئة عمل سامة تكون طاردة للموظف الكُفء، وانخفاض الإنتاجية وتذبذب الروح المعنوية، والاستمرار بمبدأ العدالة والمساواة وتجنب التحيز الوظيفي، وتحلي القيادة بالحد من الانجراف الاستراتيجي وذلك بدعم الأداء والثقافة المؤسسية، ورسم سياسات واضحة في التخطيط تشمل المدى البعيد والقصير في آنٍ واحد، وذلك بالتقييم المستمر، واستخدام الحوكمة بالشكل الصحيح للاستمرار في مسار واضح يحقق أهداف استدامة المنظمة.
** متخصص في التنمية البشرية والتطوير المؤسسي. وباحث دكتوراة في فلسفة الإدارة والعلوم الاقتصادية
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر والحوار: مصر عانت من الإسلام السياسي
قال الكاتب الصحفي محمد مصطفى أبو شامة، مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر والحوار، إن سقوط سوريا بيدي هيئة تحرير الشام بمثابة سقوط من وجهة النظر المصريين للدولة السورية، لاسيما وأن مصر عانت من الإسلام السياسي والدور الذي لعبه على حدود مصر، وجميعنا رأى ماذا فعل في لبنان والسودان وغيرها.
جاء ذلك خلال ندوة ينظمها المنتدى الاستراتيجي للفكر والحوار «بيت الفكر» بالتعاون مع حزب الاتحاد، ندوة سياسية بعنوان: «مستقبل الشرق الأوسط بعد أحداث سوريا وتأثيراته على الأمن القومي المصري».
يأتي ذلك بمشاركة الكاتب الصحفي محمد صلاح الزهار والكاتب والسيناريست الدكتور باهر دويدار، والمستشار رضا صقر رئيس حزب الاتحاد، ومحمد الشورى نائب رئيس الحزب، يدير الندوة الكاتب الصحفي محمد مصطفي أبو شامة.
وأوضح "أبو شامة" أن مسألة سقوط سوريا التي تضمنها عنوان الندوة أثار لغط كثيرا جدا، مضيفا أن فكرة أن نقبل سقوط سوريا في يد جماعة إسلام سياسي بسهولة أمر غير وارد، وهذا ليس حبا في بشار الأسد، فمصر متعاطفة مع الشعب السوري، ولم تتورط في الدم السوري وهي من الدول العربية القليلة التي لم تنجر ولم تجلس على طاولة تتقاسم الجسد السوري، فهي دائما ما تتعامل مع سوريا بمنتهى الحياد وكانت وطنا ثانيا للسوريين.
وشدد مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر والحوار، أن مسألة وجود جماعة ذات تاريخ طويل معروف للجميع، أمر مثير للقلق، وهذا حق لمصر لا يزايد عليه أحد.
وأشار محمد مصطفى أبو شامة، إلى أن هناك فرق ما بين الرؤية الخاصة بالدولة المصرية، ورؤية الشعب المصري، فمصر كدولة لها علاقات طيبة تربطها بالجميع تحكمها مصالح مشتركة، ودليل ذلك تنظيم مصر لقمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، والتي جمعت تركيا وإيران على طاولة واحدة.
وأضاف: أما على المستوى الشعبي، فهناك حسابات أخرى تحكمها ارتباطات معينة جزء منها متعاطف مع السوريين، مشيرًا إلى ارتباط ذلك أيضا بحالة الإحياء والتجدد التي تحاول الجماعات التملق بها.
وأكد مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر والحوار أن مصر لا تعاير السوريين باختياراتهم، التي أوصلتهم إلى هذا المطاف.
وأشار إلى أن تأثيرات سقوط نظام بشار الأسد كثيرة ومتعددة، وله أبعاد ومستويات على الأمن القومي المصري والعربي، ربما يكون أخطر ما فيه أن حجم الخلاف بين الدول العربية والدول المتفقة سيكون كبير في الملف السوري، وهو ما اتضح من التحركات التي جاءت بعد سقوط نظام بشار.
ولفت إلى أن تشابكات المشهد في سوريا ما بين تركيا وإسرائيل وامريكا وإيران وروسيا، تجعل المشهد السوري مؤثر على الأمن القومي العربي والمصري لأنه سيعيد تشكيل التحالفات وفقا لما سيحدث في العلاقات مع سوريا، موضحا أن مجيء ترامب سوف يعمق من هذا التفكك وسيجعل موقف مصر في وضع صعب وشديد التعقيد في تعاملاتها للمشهد في سوريا.
ولفت إلى أن تخطيط المجموعة الحاكمة في سوريا مثير للقلق بسبب مرحلة الإنتقال السلسل للسلطة، وهو ما سيلقي تداعيات على المنطقة.