لجريدة عمان:
2024-09-17@16:28:23 GMT

ماذا كان جيمس بالدوين سيفعل؟

تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT

لا تزال للمؤسسات الثقافية الألمانية القدرة على مفاجأتنا بنوعية الفعاليات التي تُقيمها وتدعمها. وهي لا تكتفي بأن تكون منحازة، وأنها تُضيق على الأصوات الفلسطينية، لكنها هذه المرة تتعمد إساءة استخدام رموز النضال نحو العدالة والمساواة، وتطويع رؤاهم قسرًا بما يتناسب مع تعريفها العنصري لمن هو إنسان، وبهذا يكون له حق في الحياة، والمقاومة.

ورغم المقاطعة القائمة للفعاليات الثقافية المدعومة والمنظمة من قبل المؤسسات الرسمية الألمانية، إلا أن المهرجان الذي أُقيم في برلين نهاية الأسبوع الماضي، والذي يأتي بعنوان: «ماذا كان جيمس بالدوين سيفعل؟» والذي يحتفي بالذكرى المئوية لميلاد بالدوين، مُستفز بشكل خاص.

الكاتب الأفريقي الأمريكي، والذي عُرف بنشاطه في حركة الحقوق المدنية، كان واضحًا بشأن موقفه من فلسطين. في 1979 كتب بالدوين رسالة مفتوحة على ذا نيشن The Nation قال فيها: «لكن دولة إسرائيل لم تُنشأ لأجل خلاص اليهود، بل من أجل إنقاذ المصالح الغربية. هذا ما أصبح واضحًا (يجب أن أقول إنه لطالما كان واضحًا بالنسبة لي). فالفلسطينيون يدفعون ثمن سياسة «التقسيم والحكم» البريطانية الاستعمارية، كما يدفعون ثمن الضمير المسيحي الأوروبي المذنب منذ أكثر من ثلاثين عامًا». إستراتيجية التقسيم والحكم هي إستراتيجية إمبريالية طبقتها بريطانيا في الهند، لتُبقي الشعب مقسمًا فيسهل حكمه والتحكم به، لتُطبق هذه السياسة لاحقًا في أراضٍ أخرى، فلسطين إحداها.

عودة إلى «ماذا كان جيمس بالدوين سيفعل؟»، أُقيمت ضمن برنامج المهرجان جلسة حوارية بعنوان «بالدوين واليهود». ولن يكون غريبًا إذا ما اتضح أن المهرجان بأكمله يأتي كمسوغ لتمرير حلقة النقاش هذه. تحاول هذه الجلسة كما يتبين من توصيفها أن تُقيم علاقة بين تهميش السود، وتهميش اليهود في أمريكا. وإذا ما وضعناها في سياق العنوان الرئيسي للمهرجان؛ فسنرى تعمد إساءة تفسير بالدوين، وإساءة استخدام اسمه وإرثه، وحساسيته ضد الاضطهاد. فما يبدو أن المنظمين يريدون قوله هو أن تجربة بالدوين كأسود، ودفاعه عن حقوق الملونين، شبيه بما يمر به اليهود من عِداء واستهداف. ويا أيها المجتمع الأسود في ألمانيا، أنتم الذين تنجرون خلف كل مطالب بتحرير وطنه، دعونا نشرح لكم تعقيد الأمر. ثم يفعلون ما دأبوا على فعله من إعادة تأطير المشكلة باعتبارها اضطهادا يهوديا عوضًا عن كونه استعمارًا استيطانيًا، تطهيرا عرقيا، وإبادة جماعية للفلسطينيين. لا يفوتنا أن خطابا كهذا -فوق أنه خاطئ معرفيًا- هو فوقي وعنصري، يفترض فيه الأبيض أن المجتمع الأسود في ألمانيا بحاجة إلى تثقيف وتوعية، خصوصا بعد أن أثبت المجتمع العربي أنه ميؤوس تمامًا منه.

لا أدري متى ستتوقف المؤسسات الألمانية الثقافية عن إحراج نفسها. فالفعالية في الحقيقة استفزت جميع الأطراف. فمناصرو الاحتلال قاطعوها؛ لأنها تحتفي بأديب ورمز حقوقي عُرف بمعاداته للمشروع الصهيوني. والبقية قاطعوها لما فيها من احتيال وإساءة استخدام لاسم جيمس بالدوين.

الحديث عن مثل هذه الحوادث مهم، ليس للتنفيس عن الغضب فحسب، بل ولمواصلة المشاكسة والإزعاج حتى ولو بالحد الأدنى، وأن نقول إننا نرى ما تفعلون، وأن عيوننا عليكم.

كما نقول دائما، معركة السعي نحو الحرية لا تعرف الحدود. وكما نعرف فبالدوين ليس استثناءً، مالكوم إكس رأى في مقاومة الفلسطينيين صدى للحراك الأسود ضد الاضطهاد الأبيض. مع هذا نرى من يملك الجرأة لأن يجعل الصهيونية ضحية للتفوق الأبيض، لا أداة من أدواته، ويجرأ على أن يسرق منا رموزنا، ويتعمد تشويه صورة الثلة القليلة من المحبين الذين يُحافظون على العالم متماسكًا - حسب تعبير بالدوين.

كل عام وأفكارك حية يا جيمي. وكل عام وأنت شوكة في حلق كل مُضطهد.

نوف السعيدية كاتبة وباحثة عمانية في مجال فلسفة العلوم

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

وزير الثقافة: الاهتمام بالفنون يعكس مدى تقدم المجتمعات ويُعزز هويتها الثقافية

قال وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو إن الاهتمام بالفنون يعكس مدى تقدم المجتمعات، ويُعزز من هويتها الثقافية.

جاء ذلك خلال افتتاح وزير الثقافة، اليوم /الإثنين/، "صالون القاهرة"، في دورته الـ60، التي تأتي تحت شعار "100 عام من الإبداع"، وتستمر حتى 10 أكتوبر المقبل، وتُنظمه جمعية محبي الفنون الجميلة، برئاسة الدكتور أحمد نوار، بالتعاون مع قطاع الفنون التشكيلية، برئاسة الدكتور وليد قانوش، وذلك بحضور نقيب التشكيليين الدكتور طارق الكومي، وقوميسيير عام الصالون الدكتور طارق عبد العزيز، وعدد كبير من الفنانين المشاركين في الصالون، وذلك بقاعات قصر الفنون بساحة دار الأوبرا المصرية.

وتفقد وزير الثقافة المعرض الذي يضم 175 عملًا فنيًا، منها أعمال الفنان القدير الدسوقي فهمي، والفنان القدير حلمي التوني، لتكريمهما على هامش الصالون، وذلك لما قدماه للحركة التشكيلية المصرية عبر مشوارهما الطويل.

وأعرب الوزير عن سعادته بافتتاح الدورة الـ60 لـ"صالون القاهرة"، باعتباره حدثًا فنيًا مُهمًا، يحتل مكانة جوهرية ضمن أهم الملتقيات الفنية في مصر.

وأضاف وزير الثقافة أن "هذا الصالون نجح -منذ انطلاقه- في أن يكون منبرًا حيويًا للإبداع والابتكار الفني، حيث قدم لعالمنا الثقافي العديد من الإبداعات والمواهب الجديدة، التي ساهمت في إثراء وتعزيز الحركة الفنية والتشكيلية".

وعن فكرة المعرض هذا العام، قال قوميسيير عام الصالون: "تأتي هذه الدورة الاستثنائية من الصالون تزامنًا مع احتفالات جمعية محبي الفنون الجميلة بمئويتها، فكان اقتراح رئيس الجمعية الفنان الدكتور أحمد نوار أن تكون هذه الدورة بمثابة احتفال بتلك المئوية، وتقرر أن تضم أعمالًا متحفية لرموز الفن التشكيلي المصري عبر تاريخه، والذين شاركوا بإبداعاتهم في دورات "صالون القاهرة" منذ انطلاقه، أمثال: محمود سعيد، وبيكار، وأحمد صبري، ويوسف كمال، ومحمد صدقي الجباخنجي، والحسين فوزي، ورمسيس يونان، ومارجريت نخلة، وإنجي أفلاطون، والجزار، وصبري راغب، وسيف وأدهم وانلي، وراغب عياد، وحامد ندا، والسجيني".

وحرصًا من رئيس الجمعية على تواصل الأجيال، فقد تمت دعوة الفنانين الحاصلين على الجوائز الكبرى في "صالون الشباب" عبر دوراته المتتالية، والذي ينظمه قطاع الفنون التشكيلية سنويًا منذ عام 1989.

مقالات مشابهة

  • ماذا يحدث لجسمك عند استبدال الدقيق الأبيض بدقيق الشوفان؟
  • طريقة عمل الكحل الأسود الطبيعي في المنزل لتكثيف الرموش
  • الأسود: استخدام النفط كورقة سياسية لصالح أي طرف أمر مرفوض قطعاً
  • وزير الثقافة: الاهتمام بالفنون يعكس مدى تقدم المجتمعات ويُعزز هويتها الثقافية
  • «مواعيد عرقوب» على مسرح مؤسسة العويس الثقافية
  • الألوان الداكنة موضة خريف 2024
  • البيت الأبيض يصدر بيانا عن حادث إطلاق النار في محيط إقامة ترامب؟.. ماذا قال؟
  • «نغمات أصيلة» تحلّق في سماء «العويس الثقافية»
  • "القمح" يرتفع عالميًا لأعلى مستوى في شهرين
  • وزارة الدفاع الروسية: الدفاعات الجوية تدمر طائرة مسيرة أوكرانية فوق البحر الأسود