أستاذ تمويل: مخاطبة الرأي العام لا يترك فرصة للشائعات
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
قال الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار، إن الدولة عازمة على التعامل مع مناخ الاستثمار والتحديات التي تواجهها وكل ما يحتاجه المستثمر، لافتًا إلى أن عقد مثل هذه المؤتمرات الصحفية لمخاطبة الرأي العام والصحافة لا يترك الفرصة لأي شائع
وزير السياحة والآثار يعتمد الضوابط المنظمة لتنفيذ رحلات العمرة للموسم الجديد عاجل.. محمد صلاح ينعي إيهاب جلال بعد وفاته
وأضاف “إبراهيم”، خلال مداخلة هاتفية على شاشة قناة “إكسترا لايف”، أن المرحلة الحالية هي صفحة جديدة من العلاقة بين الحكومة والمستثمرين، قوامها مزيد من الثقة بين الجانبين، إذ إن مسألة الثقة بين الحكومة ومجتمع الأعمال مهمة للغاية، والحكومة الآن تترك المساحة الأكبر للقطاع الخاص ليقود عملية التنمية الاقتصادية.
وأوضح أن الحكومة تتعامل مع كل ما يواجه مجتمع الأعمال من تحديات وصعاب إذ إن مستهدف الدولة فيما يتعلق بالاستثمار وزيادة القاعدة الإنتاجية والاهتمام بقطاع الصناعة على وجه التحديد هو إحداث تقليل فجوة بين الميزان التجاري وزيادة قدرة الاقتصاد الرقمي.
وأكد أن الاقتصاد غير الرسمي يؤرق الاقتصاد والدولة، ويخلق مزيدًا من الضغوط، كما لا يعبر عن الاقتصاد الحقيقي، متابعًا أن الاقتصاد غير الرسمي يمثل نسبة كبيرة من الوضع الاقتصادي ككل، "الاقتصاد غير الرسمي يمثل نسبة كبيرة من الاقتصاد والتعامل مع ما يحتاجه المستثمرين من القطاع الخاص مسألة هامة للغاية".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الاقتصاد الاقتصاد غير الرسمي الصناعة الدولة الحكومة
إقرأ أيضاً:
مسؤولية التعبير عن الرأي
تُعد حرية التعبير عن الرأي أحد مرتكزات المجتمع الحديث، والمنفتح، الذي يؤمن بالإنسان وبحقوقه وقدرته على بناء وطنه، وإمكانات مشاركته في التنمية من خلال إبداء الرأي والتعبير عن احتياجاته وتطلعاته، ولهذا فقد حرصت الدول على إثبات هذا الحق عبر قوانينها وتشريعاتها وسياساتها التي تؤكد حق المواطنين في التعبير عن الرأي وحريتهم في ذلك.
ولقد أكَّدت المواثيق الدولية على حق الشعوب في حرية التعبير عن الرأي بوصفه حقًا أساسيًا للفرد والجماعة، ووضعت في ذلك معايير واضحة لممارسته وضمانات تعتبرها أساسًا لتكوين شخصية الأفراد اجتماعيًا وسياسيًا، ولأن هذه الحُرية تُعد من القضايا الشائكة، والمُلبِسة، التي يمكن أن تشكِّل تحديًّا وطنيًّا قد يتسَّبب في المساس بالنظام العام أو الأمن الوطني، إذا لم يُفهم باعتباره حقا تنمويا يهدف إلى البناء والتطوير، لا إلى الهدم والتفريق والشقاق، ولهذا فإن المواثيق الدولية عندما نصَّت على هذا الحق، لم تجعله مطلقا دون قيود، فكما حدَّدت ضمانات ممارسته نصَّت أيضا على ضوابط تلك الممارسة.
فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ صدوره في عام 1948، نصَّ في المادة (29) على أن ممارسة الأفراد لحقوقهم وحرياتهم تخضع لـ(القانون)، وقد نصت المادة حصرا على (ضمان الاعتراف الواجب بحقوق الآخرين واحترامها، والوفاء العادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع...)، كما نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الصادر عن الأمم المتحدة في عام 1966، في البند (3) من المادة (19)، الخاصة بالحق في حرية التعبير أنه (تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسؤوليات خاصة، وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود، ولكن شريطة أن تكون محدَّدة بنص القانون وأن تكون ضرورية لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، ولحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة).
فمثل هذه المواثيق الدولية وغيرها، المتخصصة في حماية حقوق الإنسان عامة، وحق التعبير عن الرأي بشكل خاص، لم تجعل ممارسته مطلقة بشكل يضرُّ بالدول وأمنها واستقرارها أو يسيء للأفراد والجماعات ولأعراف المجتمع ودينه وأخلاقه، وحتى صحته، بل فرضت قيودًا وضوابط من شأنها حماية المجتمع ومكتسباته، وقدرته على تنشئة أفراد يتمتعون بحقوقهم ويمارسونها بالطرائق المناسبة التي تنعكس على تنمية مجتمعاتهم واستقرارها ورفاهها، ولذلك فإنه لا توجد حُرية مطلقة دونما نظام يؤصِّلها ويحدِّد نطاقها.
إن حُرية التعبير عن الرأي تتَّخذ مجالات واسعة خاصة في ظل التطورات التكنولوجية التي أصبحت فضاءً لممارسة تلك الحُرية، حيث ظن ضعاف النفوس أنها حُرية مطلقة يمكنهم من خلالها دس السموم في قلوب المجتمعات المطمئنة، والتغرير بالشباب والناشئة نحو التحريض والإساءة بل دفع أولئك إلى محاولات زعزعة الأمن والاستقرار في المجتمع الواحد، الأمر الذي جعل دول العالم تعمل على إقرار العديد من التشريعات واتخاذ الكثير من السياسات والإجراءات، الهادفة إلى حماية النظام العام وآداب المجتمع وأخلاقياته، التي لا يمكن المساس بها تحت شعار حرية التعبير عن الرأي؛ فمفهوم هذه الحُرية يضمن عدم المساس بأنظمة الدول وأمنها الوطني، كما يؤكد على مبدأ احترام الآخر، وعدم الإساءة للأفراد والجماعات.
ذلك لأن المؤمن بحقه في التعبير عن رأيه، عليه أن يعبِّر عن ذلك الحق بموضوعية ولا يمسّ بأمن وطنه الذي منحه هذا الحق؛ فهو وإن كان حقًا أصيلًا إلَّا أن تمكينه وتأصيله ودعمه لا يكون سوى من الدول المؤمنة به باعتباره أصلا تنمويا يجب المحافظة عليه، فكما للمواطن حقوق عليه أيضا واجبات تؤطرها القوانين والتشريعات، وكما نطالب بحقوقنا علينا أن نحافظ على حقوق الآخر سواء أكان مؤسسات أو أفرادًا أو جماعات.
ولأن عُمان من الدول التي أصَّلت هذا الحق وأكَّدت عليه في نظامها الأساسي، الذي يُقِرُّ صراحة في المادة (35) أن (حُرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون)؛ فهذه الحُرية ليست مطلقة بل إنها مؤطَّرة (في حدود القانون)؛ أي ضمن ضوابط ومعايير تحددها قوانين الدولة، التي تسعى إلى حماية المجتمع وأفراده من المساس بحقوقهم تحت شعار حرية التعبير عن الرأي، ذلك لأن هذه الحُرية إذا ما كانت مطلقة فإنها ستمثِّل تهديدًا للمجتمع وأمنه واستقراره.
إن المتابع للإعلام العُماني بوسائله المختلفة حتى الإلكتروني منها، وما يتم تداوله ونشره في وسائل التواصل الاجتماعي، يعرف مستوى حُرية التعبير عن الرأي وحُرية الإعلام في النشر والتداول وتبادل الآراء والمقترحات، بل وحتى الشكاوى والملاحظات وغيرها، وهي حُرية قد لا نجدها في وسائل إعلامية عالمية، بل حتى في دول تصف نفسها بالديمقراطية، فعُمان تؤمن بما تدعو إلى هذه الحُرية المسؤولة، وتشجِّع المجتمع على ممارسة حقِّه في التعبير الموضوعي عن رأيه؛ ذلك الرأي الذي يسهم في البناء والتنمية والتطوير وتصحيح المسارات.
ولأن مواقف عُمان تتسم بالشفافية فإنها حكومة وشعبا تتصف بالمصداقية والقدرة على التصريح الصادق بالرأي والمواقف الواضحة إزاء القضايا المحلية والدولية؛ فتطورات القضية الفلسطينية جعلت الحُريات الإعلامية في العالم وحُرية التعبير عن الرأي في اختبار صعب، كشَف الكثير من الأنظمة الإعلامية والسياسية في العالم، الأمر الذي جعل من مواقف عُمان ترسيخًا لتلك المبادئ الإنسانية التي لا تحيد عنها الداعية إلى السلام والحوار بديلا عن العنف والإبادة والإساءة للشعب الفلسطيني ولكرامته، بل ولشعوب العالم كلها؛ تعبِّر عن رأيها ومواقفها بما تقرُّه تشريعاتها وسياساتها ومبادئها.
فإيمان عُمان بحُرية التعبير عن الرأي وتمكينها للإعلام ولأفراد المجتمع لممارسة هذا الحق، مكَّنها من ترسيخ فكر الحُرية المسؤولة النابعة من قيم المجتمع واحترام أعرافه وأخلاقياته، وتقدير رموز الدولة ومؤسساتها، ومكتسباتها، واحترام الآخر، بل وحماية النظام العام والأمن الوطني، وفي كل موقف شاذ عن ذلك يُلاحظ ردود أفعال الشعب العُماني الغيور على وطنه، الذي يقف ضد كل من تسوِّل له نفسه المساس به وبأمنه وباستقراره، لنجده يطالب بتحقيق العدالة وتطبيق القانون على الخارجين عليه، الذين يندسون بين الجموع، من أجل سلبهم حقهم المشروع في التعبير عن رأيهم المسؤول الذي كفله لهم القانون.
إن وعي المجتمع العُماني بأهمية التعبير عن الرأي، وفهمه العميق بمتطلبات هذا الحق، وحدود الحُرية في ممارسته، تلك الحُرية التي لا تسيء للآخر ولا تضر بالدولة، ولا تحرِّض على الشِقاق والفرقة. إن هذا المفهوم الذي يُدركه المجتمع يقدِّم نفسه باعتباره مبدأ أساسيا في المواقف العديدة، ولعل ما حدث مؤخرا في الوقفة السلمية التضامنية مع فلسطين واحد من الشواهد المهمة التي تؤكد هذا الوعي والفهم الذي يتميَّز به المجتمع العُماني عمومًا والشباب بشكل خاص.
فمواقف الدولة ومبادئها، ودعمها المباشر للقضايا الإنسانية في فلسطين وغيرها من الدول، ودورها الفاعل في تحقيق السلام والحوار في المنطقة من ناحية، وسن القوانين والتشريعات وفرض العقوبات على كل من يحاول الإخلال بالنظام والإساءة إلى أفراد المجتمع من ناحية أخرى، قد أسهم في تحقيق فهم المجتمع لمبادئ حُرية التعبير عن الرأي وأخرس كل ما تسوِّل له نفسه التعدِّي على حقوق المجتمع أفرادًا وجماعات.
إن المجتمع العُماني واعٍ ومنفتح وقادر على التمييز بين الحق والباطل، ويعرف يقينًا أنه لا توجد في العالم حُرية مطلقة تسيء للمجتمع وأفراده، بل هناك حُرية مسؤولة نابعة من المواطنة الإيجابية الراسخة في المجتمع العُماني، والتي تُظهر العُماني في المواقف والشدائد واثقا من مجتمعه وحكومته، فكُلنا يد واحدة تبني عُمان وتؤصل مبادئها الداعية إلى السلام والخير.
عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة