«هاريس» - «ترامب».. الدواء المُر
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
لم تعد الولايات المتحدة الأمريكية قادرة على تقديم مرشح رئاسى قادر على لم شمل الأمريكيين، أو حتى الدول حول العالم، التى كانت تنظر لأمريكا على أنها سيدة الأرض وراسمة مصائر الشعوب. هذا الأمر جعل الكثيرين يطرحون تساؤلات حول إفلاس أمريكا على المستويين الفكرى والسياسى، وهو ما يظهر بكل وضوح في نصيبها من زعماء يترشحون للرئاسة خلال السنوات الأخيرة من عينة دونالد ترامب، أو جو بايدن، وصولا إلى المرشحة الجديدة كامالا هاريس التى تقف فى الانتخابات القادمة أمام ترامب، باعتبارها مرشحة الضرورة بعد مأزق تنحى بايدن عن خوض الانتخابات، نتيجة ضغوط من حزبه، الذي شم رائحة الهزيمة مبكرًا، إضافة إلى الأخطاء المتكررة التى ارتكبها الرئيس العجوز، سواء بسبب ضعف الذاكرة أو أمور أخرى متعلقة بالقرارات الخاطئة التى اتخذها.
ويرى بعض المحللين أن فرص هاريس في النجاح واعتلاء عرش أمريكا ليست كبيرة بسبب ثلاث قوى: الدولة العميقة، واليمين، والطبقات محدودة الدخل التي تقف خلف ترامب، فالدولة العميقة لا تريد لأمريكا أن تكرر تجربة رئيس ملون بعد رحيل باراك أوباما. فى الوقت نفسه، ورغم المشاكل التى تعرض لها ترامب، ودخوله فى معارك عنيفة مع كثير من الأمريكيين خاصة النخبة اليسارية ونجوم المجتمع، إلا أن باقى أفراد الشعب يرون أنه أحدث نقلة فى الاقتصاد الأمريكى الذي لا يزال يترنح بعد الأزمة المالية في ٢٠٠٨، حيث أعطى الأولوية للداخل الأمريكي على حساب الملفات الخارجية، وفرض ما يشبه الإتاوات على دول عديدة، وقام بتحويل هذه الأموال إلى المواطنين الأمريكيين، ما ساهم فى انتشال شرائح كبرى من مستوى معيشة صعب ومضطرب.
مناظرة هاريس وترامب، فجر الأربعاء بتوقيت مصر، وقبل 60 يومًا من انطلاق الانتخابات الأمريكية، تدلنا على أجواء المشهد الأمريكي المأزوم سياسياً واقتصادياً. دخلت هاريس المناظرة تحت شعاره «لن نعود إلى الخلف»، فى إشارة إلى سياسات الرئيس السابق ترامب والمرشح أمامها، بينما اعتمد ترامب على قضيته الرئيسية التى تبناها خلال رئاسته السابقة، وهى «غلق الحدود» لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين. كما تعهدت هاريس بخفض الأسعار، وتوفير مساكن للأمريكيين، بينما تعهد ترامب بخفض الضرائب، وخفض أسعار الطاقة. هاريس تحدثت عن تخطيطها لبناء «اقتصاد الفرص» ومساعدة الأسر والأعمال التجارية الصغيرة، وشدد ترامب على فرض رسوم جمركية على دول أخرى، وذكر الصين على وجه الخصوص. كما تطرق الثنائي إلى قضية الإجهاض، حيث اتهم ترامب الديمقراطيين بأنهم يريدون السماح بالإجهاض فى «الشهر التاسع» ووصف أعضاء الحزب الديمقراطي بالمتطرفين، في محاولة منه للضغط على العصب الأخلاقي للناخبين الملتزمين وشريحة واسعة من اليمين للتصويت لصالحه في الانتخابات.
أما فيما يتعلق بحرب غزة، فقد أكدت هاريس على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنها عادت وأكدت على ضرورة إنهاء الحرب، وشددت على حل الدولتين.
بينما أكد ترامب أن هاريس تكره إسرائيل، مؤكدًا أنه لو كان متواجدًا على كرسي الرئاسة ما حدثت هذه الحرب، زاعمًا أنه سيقوم بحل هذه القضية، وإنهاء حرب أوكرانيا وروسيا.
من خلال مجمل تصريحات «هاريس» و«ترامب»، يتبين لنا بوضوح أن هاريس لديها رؤية فيما يخص الاقتصاد الأمريكي وتريد تنفيذها، أما ترامب فهو لا يمتلك سوى ماضٍ يتركز فى انتشال مؤقت للمواطنين الأمريكيين من الأزمات المعيشية، وليس سياسة اقتصادية متكاملة. المواطن الأمريكى من جانبه ما زال ينتظر المزيد حول البرامج الخاصة بكل مرشح، خاصة الاقتصاد والرعاية الصحية، لأن الشعب الأمريكي بطبعه آخر شيء يفكر فيه هو ما يحدث خارج حدود وطنه، فكل همومه تتركز حول ما تقدمه له دولته من صحة ومسكن وانخفاض أسعار السلع، والطاقة.
كما يتضح لنا من خلال المناظرة، أن هاريس وترامب يتفقان على دعم إسرائيل، بشتى الطرق، وهما بذلك لم يخرجا عن السياسة الأمريكية تجاه الاحتلال منذ بداية المأساة الفلسطينية، وهو أمر لا يحمل أى جديد للشعوب العربية. فالكل يعلم أن السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل لا تتغير بتغير من يجلس على كرسى الحكم فى البيت الأبيض.
هاريس، وترامب كلاهما للعرب دواء مُر، كلاهما ليس لديه قرار منصف تجاه قضية العرب الجوهرية «فلسطين» التي يراق دم أبنائها يومياً دون أن يتحرك «سادة العالم» لوقف المجزرة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أمجد مصطفى الزاد الولايات المتحدة الأمريكية الأمريكيين افلاس امريكا سيدة الأرض
إقرأ أيضاً:
الاستخبارات الأمريكية تعلّق على لقاء ترامب وزيلينسكي "العاصف"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
انتقدت مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، تولسي جابارد، قيادة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مشيرة إلى تباين مواقفه مع رؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية.
وفي مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، أكدت جابارد أن ترامب يسعى إلى إنهاء الصراع، في حين أن زيلينسكي لديه "أهداف مختلفة"، مما يعكس اختلافًا جوهريًا في النهج بينهما. وأضافت أن ترامب "ملتزم بالسلام والحرية"، وفقًا لما نشره موقع "بوليتيكو" الأمريكي.
وأوضحت جابارد أن زيلينسكي، رغم تصريحاته برغبته في إنهاء الحرب، لا يقبل سوى بحل يضمن انتصارًا واضحًا لأوكرانيا، حتى لو كان ذلك ينطوي على مخاطر جسيمة، مثل احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة أو حتى مواجهة نووية.
كما أشارت إلى أن زيلينسكي، من خلال تحديه المباشر لترامب ونائبه فانس أمام وسائل الإعلام والجمهور الأمريكي، أظهر عدم اهتمامه بمفاوضات جادة وحسنة النية، مما أدى إلى تعميق الخلاف بين الطرفين. وأضافت: "إعادة بناء الثقة في المفاوضات أمر ضروري قبل أن يكون ترامب مستعدًا لإعادة الانخراط في هذا الملف".
من جانبه، صرّح زيلينسكي، عقب لقائه مع ترامب في المكتب البيضاوي، بأنه يعتقد بإمكانية إصلاح علاقتهما رغم أجواء الاجتماع المتوترة، مشددًا على ضرورة تبني "صيغة جديدة" في المحادثات.
كما استبعد الرئيس الأوكراني أن توقف الولايات المتحدة دعمها لكييف، مشيرًا إلى أن واشنطن، بصفتها إحدى "القوى الرائدة في العالم المتحضر"، لن ترغب في اتخاذ موقف يصب في مصلحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وخلال حديثه للصحفيين في لندن، أكد زيلينسكي أن العلاقات الأوكرانية الأمريكية ستستمر، مشيرًا إلى استعداد بلاده لتوقيع اتفاقية حول المعادن مع الولايات المتحدة.