قبل أن نندم على الفرص المُهدرة
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
قبل عام بالتمام، كانت الأجواء مضطربة، وكان استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، يُلقى بظلاله على المنطقة، وتفاقم الشعور لدى الناس بالأزمة الاقتصادية، لدرجة أن بعض المحللين كانوا يكررون كلاماً غريباً حول شبح إفلاس قادم.
أتذكر جيداً أن نغمة إحباط عامة سادت المجتمع المصري، وتحدث البعض عن سيناريو لبنان الذى يزحف على البلاد، وما فيه من شلل تام لكثير من الأعمال والأنشطة وتجمد للسيولة فى المصارف.
وأثبتت الأيام أن كل مشكلة يُمكن حلها، وكل أزمة يمكن تجاوزها، وأن الزخم والتنوع الذى تتميز به مصر يجعل اقتصادها أصلب وأقوى من أن ينهار مع كل أزمة عالمية، واستطاعت مصر الوفاء بالتزاماتها ونجحت الحكومة فى جذب أكبر حزمة استثمارات عربية والتى عرفت بصفقة رأس الحكمة، حيث أعادت الدماء لشرايين الأعمال مرة أخرى، واستعادت الأسواق استقرارها.
وكان من اللافت أن مصر لا تعدم الحلول العملية لأى أزمة، وأن هناك فرصاً عظيمة تزخر بها، ربما لا توجد فى بلدان ومناطق أخرى فى المنطقة. وكان من المُهم جداً وقتها، وما زالت الأهمية مُلحة أن نبنى على صفقة رأس الحكمة، وأن نوظفها كبادرة لعدة صفقات تسمح بجذب استثمارات عالمية متنوعة، ليس فى قطاع السياحة والخدمات فقط، وإنما فى كافة القطاعات. لقد تحدثت بعد أيام من الصفقة مع إحدى وسائل الإعلام وقلت إننا نحتاج لعدة صفقات مماثلة، وإن التنوع العظيم الذى تحظى به مصر فيما يخص الفرص الاستثمارية يؤهلها لتصبح الدولة الأكثر جذباً للاستثمارات فى المنطقة خلال السنوات القادمة.
فمصر تحديدا تتمتع بأهم مؤشر مشجع للمستثمرين وهو الاستقرار السياسي، والأمن العام، كما تتمتع باستقرار تشريعى عظيم، يصاحبه نمو فى أعداد الكوادر المدربة والمؤهلة من الشباب والخريجين فى مجالات جديدة مثل مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى. ناهيكم عن محاور جذب الاستثمار الأخرى من بنية تحتية قوية، وشبكة طرق هائلة، واتصال تجارى قوى بمختلف الأطراف والأسواق، وغيرها من عناصر جذب المستثمرين.
نحن نمتلك كنزاً من الفرص، لكننا لا نتحرك إلا فى آخر الأوقات. فالمشكل فى بلادنا أننا نعمل بجد واهتمام وإجادة عندما نكون تحت ضغط الأزمات الشديدة، وهو ما يجعلنا أسرى دائماً للحظات الراهنة.
وفى تصوري، فإننا كان يمكن أن نضع خططاً موسعة بعد تجاوز الأزمة الاقتصادية فى مارس الماضي، تستهدف تحقيق استدامة التنمية، وكان ذلك يستدعى أن نتخذ قرارات إصلاحية جذرية تعيد القطاع الخاص إلى موقعه الأساسى فى قيادة التنمية.
لكن كما قلت، فإن فورة التخطيط والمتابعة والسعى والترويج والإصلاح فترت مع حل المشكلات الناتجة عن الأزمة، فأجلنا طرح منشآت عامة، وتوقف الحديث عن تخارج مؤسسات عامة من الاقتصاد، وخفت الحديث عن فتح الأبواب والنوافذ أمام القطاع الخاص للعمل فى كل المجالات بشفافية ودون منافسات غير عادلة.
ومع ذلك أتصور أن الفرص ما زالت سانحة، وأننا مطالبون فقط بالسعى لاقتناصها خاصة فى مجال الاستثمار بشقيه المحلى والأجنبي، بشرط اكتفاء المؤسسات العامة بالتخطيط والمراقبة، وتهيئة المناخ لقصص نجاح جديدة لتولد فى مصر.
وسلامٌ على الأمة المصرية
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د هانى سرى الدين الحرب الروسية الأوكرانية المجتمع المصري مصر
إقرأ أيضاً:
النهضة الكروية في المغرب.. نافذة على التقدم الشامل للبلاد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
حقق المغرب فى السنوات الأخيرة ثورة مهمة فى المجال الكروى جعلته يحتل مركز الصدارة على مستوى منافسات الرجال والسيدات وأيضا الفئات السنية، ولم يكن ذلك أبداً ضربة حظ بل نتاج خطة أعدت قبل سنوات وفقاً لتوجيهات العاهل المغربى محمد السادس الذى يقدم منذ توليه سدة الحكم دعماً قويا للرياضة المغربية، رؤية حققت أهدافها وباتت تنعكس على حاضر ومستقبل الكرة المغربية.
يعتقد البعض أن البداية كانت عندما حقق أسود الأطلس تألقا عالميا ببلوغ المنتخب نصف النهائى فى مونديال قطر 2022 وفوزه بالمركز الرابع متخطيا بذلك أكبر الفرق الأوروبية، لكن المنتخب الحالى لم يقم إلا بإعادة أمجاد المنتخب المغربى فى مونديال مكسيكو 1986، حيث كان أول منتخب أفريقى وعربى يصل إلى الدور الثاني، حدث كروى تألق فيه ألمع اللاعبين المغاربة مثل حارس المرمى الاستثنائى بادو زاكي، ميرى كريمو، محمد تيمومي، عزيز بودربالة، عبدالمجيد الظلمى وغيرهم..، لذلك يمكننا القول أن المنتخب المغربى الحالى هو استمرار لإرث تاريخى لكنه تجاوز سقف التوقعات وكتب فصلاً متفرداً فى تاريخ كرة القدم المغربية والأفريقية.
يعتمد المغرب على أساليب القوة الناعمة لتثبيت مكانته على الصعيد العالمي، وكان للكرة المغربية دور بارز فى ذلك، حيث إن الطفرة الكبيرة التى حصلت لها، ساهمت فى منح المغرب وجاهة دولية جعلته يحظى بثقة المؤسسات الكروية الدولية والظفر بشرف تنظيم عدة محافل قارية وعالمية تأتى فى مقدمتها بطولة كأس الأمم الأفريقية تحت 23 عاماً وكأس الأمم الأفريقية للسيدات 2022، كأس العالم للأندية، كأس الأمم الأفريقية 2025 وكأس العالم 2030 رفقة إسبانيا والبرتغال.
من الشخصيات التى لعبت دوراً محورياً فى تطوير الكرة المغربية، فوزى لقجع، أصغر رئيس فى تاريخ الجامعة المغربية لكرة القدم، اسم يهز عالم الإدارة الرياضية، صاحب رؤية واضحة غيرت خريطة كرة القدم العربية والأفريقية، من أبرز الداعمين لمشروع "أكاديمية محمد السادس لكرة القدم"، هذا الاستثمار المهم الذى حقق نتائج مبهرة، تم تأسيسه سنة 2007 بمبادرة من الملك محمدالسادس، بهدف تنمية المواهب الكروية الشابة، هذه الأكاديمية ذات المواصفات العالمية تجمع بين الرياضة والدراسة، تعتمد على أحدث التجهيزات وأهم الشراكات مع أكبر المدربين العالميين، كلفت المغرب 16.8 مليون دولار، وتمتد على مساحة 30 هكتارا، تستوعب 60 طالباً تتراوح أعمارهم بين 12 و18سنة، تحتوى على 3 مستويات تعليمية، مجمع سكنى للطلاب، مطاعم وأماكن ترفيهية، ساهمت فى تكوين عدد كبير من اللاعبين الموهوبين الذين أصبحوا نجوماً فى المحافل الدولية أبرزهم عزالدين أوناحى لاعب مارسيليا الفرنسي، المهاجم يوسف النصيرى لاعب إشبيلية الإسبانى والمدافع نايف أكرد لاعب ويستهام الإنجليزي.
النهضة الكروية فى المغرب، هذا النموذج الذى يحتذى به فى أفريقيا والعالم العربي، ليس مجرد إنجاز رياضى مشرف يجسد التحول العميق فى نهج الرياضة فى المغرب، بل هو نافذة على التقدم الشامل الذى تعرفه المملكة المغربية فى مختلف المجالات.
*كاتبة وإعلامية مغربية