ما هي سياسة كامالا هاريس الخارجية؟
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
في أعقاب انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق الرئاسي لعام 2024 وصعود نائبة الرئيس كامالا هاريس إلى قمة قائمة الديمقراطيين، يبرز سؤال حاسم: كيف قد تختلف سياسة هاريس الخارجية عن سياسة بايدن؟
دخل بايدن البيت الأبيض باعتباره الرئيس الأكثر خبرة ومعرفة في عالَـم السياسة الخارجية في جيلنا. فبصفته عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ لفترة طويلة، اضطلع بايدن بدور صريح في مناقشات الأمن القومي لعقود من الزمن، ثم قاد مبادرات دبلوماسية رئيسية كنائب للرئيس باراك أوباما.
برغم أن هاريس تتفق مع بايدن على أن الولايات المتحدة هي في عموم الأمر قوة من أجل الخير، فإنها تتوخى الحذر من العواقب غير المقصودة وتفضل النهج المتعدد الأطراف على التدخلات الأحادية الجانب. وهي تعتقد أيضا أن القيادة بالقدوة هي الطريقة الأكثر فعالية في السماح لأمريكا بممارسة السلطة في عالم أكثر تنازعا وتعددا للأقطاب، حيث تظل الولايات المتحدة القوة المهيمنة العالمية لكنها تفتقر إلى القدرة والإرادة والشرعية لإملاء النتائج بالطريقة التي كانت تمارسها ذات يوم.
تتجلى هذه الرؤى العالمية المتضاربة بشكل مختلف عبر مجالات السياسة. ففي التعامل مع الصين، تُـعَـد الاستمرارية الحالة الغالِـبة. وقد أكد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان صراحة على هذا للرئيس الصيني شي جين بينج في اجتماع نادر أواخر الشهر الماضي. الواقع أن بايدن وهاريس متوافقان تماما بشأن التعامل مع الصين حيثما كان التعاون ممكنا، بينما يتنافسان بقوة ولكن بالتنسيق الوثيق مع الحلفاء بشأن القضايا المتعلقة بالأمن القومي. ومن المرجح أن تكون أي اختلافات في السياسة بينهما مجرد مسألة تأكيد أو تكتيكات. بصفتها نائبة للرئيس، على سبيل المثال، بذلت هاريس جهودا كبيرة في دعم العلاقات الأمريكية في منطقة الهادي الهندي، حيث سافرت أربع مرات إلى آسيا واجتمعت بانتظام مع الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس الابن. وسوف تُعطي إدارتها الأولوية لبناء التحالفات على التدابير الأحادية الجانب (مثل الرسوم الجمركية، وضوابط التصدير، والعقوبات)، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تكثيف «التحول باتجاه آسيا» بما يتجاوز نهج بايدن. أما الحرب بين روسيا وأوكرانيا فهي قصة مختلفة. يتفق هاريس وبايدن على دعم أوكرانيا، لكن دوافعهما تختلف. ففي حين ترى هاريس الصراع من منظور قانوني، وتؤكد على انتهاك روسيا للسيادة الأوكرانية، ينظر بايدن إليه من خلال عدسة أخلاقية، مصورا إياه على أنه صراع بين الديمقراطية والاستبداد. وقد يؤدي هذا الاختلاف الأساسي في المنظور إلى تباعد السياسات في ظل ظروف متغيرة. وفي حين قد تقبل هاريس اتفاق وقف إطلاق النار الثنائي، فإنها ستكون أقل ميلا من بايدن - الذي تتسم علاقته الشخصية بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالفتور في أفضل الأحوال - إلى الضغط على أوكرانيا للدخول في مفاوضات غير مرغوبة، وخاصة في حين تظل الأراضي الأوكرانية تحت احتلال غير قانوني. تمثل قضية إسرائيل وفلسطين الانقسام الأكثر أهمية في السياسة الخارجية بين بايدن ونائبته. فهاريس أكثر حساسية للانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي (الـمُـرتَـكَـبة بتواطؤ من الولايات المتحدة) في غزة والضفة الغربية. وهي أيضا أكثر دعما في عموم الأمر للدولة الفلسطينية مقارنة بالرئيس بايدن، الذي يفضل ظاهريا حل الدولتين لكنه كان متسامحا للغاية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو.
في حين ستظل هاريس تعترف بإسرائيل باعتبارها الشريك الأمني الإقليمي الأكثر أهمية لأمريكا وضمان قدرتها على الدفاع عن نفسها، فإنها ستمارس مزيدا من الضغوط على حكومتها لحملها على احترام سيادة القانون. وهذا النهج المختلف في التعامل مع «العلاقة الخاصة» يمثل انفصالا عن الإدارات السابقة، لكنه كفيل بجعل السياسة الأمريكية أكثر اتساقا مع سياسة معظم حلفائها. مع اقتراب الانتخابات، أصبحت إمكانات هاريس في تشكيل الشؤون العالمية على مدى السنوات الأربع أو الثماني المقبلة أشد وضوحا. وعلى الرغم من انسجامها مع بايدن غالبا، فإن نظرتها الفريدة للعالَـم تَـعِـد بشكل مميز من القيادة على الساحة الدولية.
إيان بريمير مؤسس ورئيس مجموعة أوراسيا وشركة GZERO Media، هو عضو في اللجنة التنفيذية للهيئة الاستشارية رفيعة المستوى للأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي.
خدمة بروجيكت سنديكيت
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی السیاسة من خلال فی حین
إقرأ أيضاً:
بوريطة: السياسة الخارجية للمغرب براغماتية ترفض إبرام الإتفاقيات دون تحقيق أهداف محددة
زنقة 20 | الرباط
خلال جلسة تشريعية انعقدت أمس الإثنين في مجلس النواب، قدم وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة سبعة وعشرين مشاريع قوانين تهم اتفاقيات ثنائية وأخرى متعددة الأطراف، تروم توطيد التعاون في مختلف المجالات وكذا تعزيز مكانة المملكة المغربية على الصعيدين القاري والدولي.
بوريطة، وفي كلم له خلال تقديم القوانين ، أكد أن السياسة الخارجية التي يريدها جلالة الملك محمد السادس هي سياسة عملية براغماتية، ترفض مبدئيا فكرة إبرام الاتفاقيات لمجرد إبرامها، وتشدد على أن يكون كل اتفاق وسيلة لتحقيق هدف محدد وجزء من سياسة ذات رؤية ونسق سياسي وقانوني على المدى المتوسط والبعيد، وعلى جميع فضاءات تعاون المغرب وشركائه.
وزير الخارجية ، قال أن الاتفاقيات المعروضة على البرلمان ، تعكس من حيث العدد والمضمون أولوية البعد الإفريقي في السياسة الخارجية للمملكة، ذلك أن 12 من هذه الاتفاقيات، أي 63 في المائة، وقعت مع بلدان إفريقية شقيقة، و حيث المحتوى، تشمل الاتفاقيات مع الدول الإفريقية مجالات حيوية تستدعي الثقة والشراكة، كالاتفاقيات القضائية والجمركية والضريبية والاقتصادية، أو تتعلق بالنقل.
بوريطة، أوضح أن هذه الاتفاقيات ذات طابع اقتصادي بحيث أن نصفها تقريبا يتعلق بالبعد الاقتصادي، وهذا يأتي استجابة لحرص جلالة الملك على تسخير العمل الدبلوماسي لخدمة الاقتصاد الوطني داخليا وخارجيا، وهو ما يستدعي وفق بوريطة، تعبئة شاملة للوزارة، المدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى لتعزيز دورها من خلال دبلوماسية اقتصادية تعمل كرافعة في خدمة الدولة والنسيج الاقتصادي المغربي.
بوريطة أشار الى أن هذه الاتفاقيات تبرز أهمية الأقاليم الجنوبية حيث تم توقيع 11 من أصل 19 اتفاقية ثنائية بالأقاليم الجنوبية، خصوصا مدينة الداخلة، مما يؤكد مساهمة هذه الأقاليم في الحياة الدبلوماسية للمملكة من خلال الاجتماعات الدولية واللجان المشتركة التي تستضيفها يقول وزير الخارجية.
كما أن عددا من الاتفاقيات، يضيف بوريطة، خاصة في مجال النقل البري، تكرس الصحراء المغربية، ولا سيما معبر الكركرات كنقطة عبور استراتيجية نحو الجوار الإفريقي للمملكة، وهو ما يندرج في سياق المبادرات الملكية لمنطقة الساحل والمحيط الأطلسي، ويرسي الصحراء المغربية كحلقة وصل بين المملكة وعمقها الاستراتيجي الإفريقي، كما أن الاتفاقيات، وخاصة الموقعة في مدينة الداخلة، تؤكد على جعل هذه المدينة منصة دبلوماسية رئيسية للمملكة.