ها قد بدأ العام الدراسي الجديد لطلاب الجامعات والكليات، كما هو الحال لطلبة المدارس، يُقال دائمًا بأن الشباب هم عماد الأوطان، وأنهم السواعد التي تبني الغد الأفضل للأمة والمجتمع والدولة كذلك؛ ولكن هل نتعامل معهم باعتبارهم عماد الأوطان حقًا؟
إنَّ التطور الذي شهده ويشهده العالم له الدور المفصلي في سيرورة كل مجتمع وتعامله مع تلك التطورات بالسلب أو الإيجاب.
قبل سنوات قليلة بعدد أصابع اليد، لم يكن هناك من يؤمن بإمكانية التعلم بشكل أيسر واكتساب المعرفة بطريقة أنجع من الطريقة المعتادة للمذاكرة بالورقة والقلم والكراس، ولكن الذين تقدموا اليوم على أقرانهم في نيل الدرجات العالية، هم الذين استعملوا الجديد المتطور من الإمكانات والأدوات، وكأنَّ المشهد يعيد نفسه في زمن آخر. للأسف الشديد لم نتعلم حين كنا على مقاعد الكيفية الصحيحة للمذاكرة والدراسة، كما لم نتعلم الكيفية التي تكون بها المعلومات التي درسناها راسخة في ذاكرتنا وتفيدنا في الحياة.
حققت الإنترنت نقلة نوعية في التطور البشري أجمع، كما سيفعل الذكاء الاصطناعي؛ ولكن كيف سنستخدم الأخير في الدراسة؟ هل سنعتمد عليه في حل واجباتنا وامتحاناتنا؟ أم في كتابة البحوث والتقارير أم ماذا؟ يمكن استعمال الذكاء الاصطناعي -كما كل شيء آخر في الحياة- في الخير والشر على السواء، فكما يمكن استعمال السُّم في القتل، فكذلك يُستعمل في صنع الترياق! فالذكاء الاصطناعي شيء محايد نحن من يتحكم في الكيفية التي نستعمله بها. فبالذكاء الاصنطاعي يمكن عمل ملخصات تفصيلية مبسطة للفهم وقريبة من المستوى العمري والمعرفي للطالب، وبه يمكن استخراج الأسئلة المتوقعة من المنهج، كما يمكن استعماله في معرفة مواطن الضعف أو الخلل في الكتابة. كما تتوفر منصات تعليمية مجانية أخرى تقدم للطالب شروحات تفصيلية أكثر. وكما يُقال، فالخبرة هي مجموع الأخطاء المرتكبة على مدار السنين؛ لذلك أنصح إخواني الطلاب بأن يكتفوا باستعمال الذكاء الاصطناعي في المنهج المقدم لهم من الجامعة أو الكلية التي يدرسون فيها، وأن تكون المنصات الأخرى والشروحات الأخرى مجرد إضافة، لا الأساس في الدراسة.
لطالما تساءل كثير من الطلاب عن فائدة دراسة القوانين الفيزيائية والرياضية، بشكل ساخر أو ساخط أحيانا، في عالم يعتمد على التكنولوجيا في كل شيء تقريبا. وأعتقد أن من مهام المعلم أن يقرّب لتلاميذه معاني وفوائد المادة المستعملة في الدراسة وفوائدها في الحياة. كما أعتقد أن حرب الإبادة على غزة علّمتنا بالتطبيق العملي أهمية المعرفة التي يمتلكها المرء في عقله وذاكرته أكثر من تلك المرتبطة بتوفر شبكة الإنترنت وغيابها. ففي حرب الإبادة الحالية رأينا في المقاطع التي تنشرها المقاومة استعمال المقاومين قوانين المقذوفات من مادة الفيزياء في تحديد المواقع التي يضربون بها العدو. وفي المخيمات التي كانت ولا تزال تعاني العطش وفقدان المياه الصالحة للشرب، رأينا من يبتكر الطرق التي تصفّي المياه وتجعلها قابلة للشرب، حتى وإن كانت طرقا بدائية وبطيئة مقارنة بتطور التكنولوجيا. كما أن المعرفة العملية مكّنت المقاومة من إعادة استعمال الصواريخ والقنابل غير المنفجرة في الدفاع عن غزة أمام الاحتلال وحرب الإبادة، فضلا عن استعمال الغزاويين للطرق العلمية في إعادة الإعمار باستعمال الركام المتكدس والمدمر تمامًا.
أما عن عماد المستقبل، فإن الأمم تعتمد على العقول النابغة في بناء كيانها، وهجرة العقول أشد وأقسى من هجرة الأعمار. أي أن المهاجرين من ذوي المعارف والخبرات والتفوق العلمي، خسارتهم أشد من هجرات الشباب غير الماهر، وفي كُلٍّ خير وأهمية. وهذه رسالة حقيقية وصادقة بأن يتم حلُّ مشكلة الباحثين عن العمل؛ كي لا نفقد النوابغ لصالح دول أخرى تبحث عن الشباب النابغ الماهر المتحفز للعطاء، فهؤلاء هم من سيرفع عمان بنيان عمان، لأنهم أبناء الوطن وأحباؤه. ولنتعلم من أجدادنا الذين استعملوا العلم في الاستفادة من بيئتهم ، وإفادة مجتمعهم؛ فكانت النخلة مركزا لحياتهم، منها غذاؤهم، ومن كربها وسعفها نارهم وصلاؤهم، ومن ليفها نعلهم وحبالهم، ومن جذوعها سقف بيوتهم، ومن عذقها أداة تنظيف فنائهم ومنازلهم.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تطلق أول برنامج بكالوريوس لتمكين قادة المستقبل في مجال الذكاء الاصطناعي
أطلقت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي أول برنامج بكالوريوس لتمكين الطلاب في مجال الذكاء الاصطناعي. ويتميّز البرنامج عن المناهج التقليدية بنهجه الشامل الذي يجمع بين المعرفة التقنية المعمّقة، ومهارات القيادة، وريادة الأعمال، وخبرة قطاع الصناعة، والتطبيقات العملية.
ويُعد برنامج بكالوريوس العلوم في الذكاء الاصطناعي نموذجاً مبتكراً متعدد التخصصات، حيث يزوّد الطلاب بأسس متينة في مجالات الذكاء الاصطناعي، ومنها تعلُّم الآلة ومعالجة اللغة الطبيعية والرؤية الحاسوبية وعلم الروبوتات، ويشمل تدريباً مكثفاً في الأعمال والشؤون المالية والتصميم الصناعي وتحليل السوق والإدارة ومهارات التواصل. ويعتمد البرنامج على نهج عملي يعزز التفكير الريادي، ما يمكّن الطلاب من قيادة التحولات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي. ويعمل البرنامج أيضاً على إعداد كفاءات تتمتع بقدرات تحليل وابتكار مميّزة ومهارات متعددة لإيجاد حلول للتحديات والإسهام في التطوّر العلمي لهذا المجال.
وقال معالي خلدون خليفة المبارك، رئيس جهاز الشؤون التنفيذية، ورئيس مجلس أمناء جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي: «يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولاً جذرياً في القطاعات الصناعية والاقتصادية على مستوى العالم، فيما تواصل الإمارات ترسيخ مكانتها الرائدة في هذا المجال. ويتجلى ذلك في برنامج بكالوريوس العلوم في الذكاء الاصطناعي الجديد الذي أطلقته جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، والذي يجسد رؤيتنا لإعداد قادة المستقبل القادرين على استثمار إمكاناته لدفع عجلة الابتكار، وتعزيز النمو الاقتصادي، والإسهام في تحقيق التقدّم المجتمعي.»
وأضاف معاليه: «يسهم هذا البرنامج، من خلال تزويد الجيل المقبل بالمهارات التقنية المتقدّمة والفهم الشامل لتأثيرات الذكاء الاصطناعي، في إبقاء دولة الإمارات في طليعة البحث والتطبيق والتسويق في هذا المجال. ويعزز تنمية المواهب الوطنية، ما يُسهم في بناء قوة عمل مؤهلة ومتخصصة تقود التحولات المستقبلية في الذكاء الاصطناعي، ليس لخدمة المنطقة وحسب، بل للعالم أجمع أيضاً».
وإلى جانب تزويد الطلاب بالمهارات التقنية الأساسية في مجال الذكاء الاصطناعي، تُكثف جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي جهودها لإعداد الجيل المقبل من المبتكرين والمطورين والمديرين والقادة في هذا المجال. وانطلاقاً من هذه الرؤية، يعزز هذا البرنامج الشامل مهارات الطلاب القيادية، ويُكسبهم أساسيات الشؤون المالية والقانونية والإدارية، إضافة إلى مهارات التواصل والتفكير النقدي، ما يؤهلهم إلى دفع عجلة تطوير الذكاء الاصطناعي، واعتماد تطبيقاته في المستقبل.
ويعتمد البرنامج الجديد لبكالوريوس العلوم في الذكاء الاصطناعي على نموذج التعليم التعاوني الذي يتمحور حول التعاون بين المعلمين والطلاب، حيث يدمج الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب التجربة الأكاديمية، ليؤدي دوراً محورياً في عملية التعلّم. ويعزز هذا المنهج مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات، ويؤهل الطلاب للتميّز في بيئة ديناميكية سريعة التطور يقودها الذكاء الاصطناعي.
وتشمل مساقات البرنامج التعلّم العميق، والذكاء الاصطناعي التوليدي، والذكاء الاصطناعي في مجال العلوم، إضافة إلى التدريب في مجالات الأعمال وريادة الأعمال. ويطّلع الطلاب من خلال البرنامج على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الصحة والطب والاستدامة، وعلى تقنيات الرؤية ثلاثية الأبعاد والواقع المختلط. ويحظى الطلاب بفرصة العمل مع قادة عالميين في مختلف تخصصات الذكاء الاصطناعي، ويكتسبون خبرة عملية متميّزة مع فرق تطوير النماذج اللغوية المتقدمة، ومنها نموذج «جيس» الرائد عالمياً في اللغة العربية، ونموذج «كيه 2»، وهو نموذج لغوي قابل لإعادة الإنتاج يتفوق على أبرز النماذج التي أطلقها القطاع الخاص.
أخبار ذات صلةوقال البروفيسور إريك زينغ، رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي والبروفيسور الجامعي: «سيكون البرنامج الجامعي الجديد الأوَّل من نوعه، حيث يجمع تعليم الذكاء الاصطناعي مع ريادة الأعمال وتحديد المشكلات، واكتساب المهارات الأساسية. ونحن بذلك نُعيد تعريف مفهوم التعليم في الذكاء الاصطناعي، إذ لا يقتصر البرنامج على إعداد مهندسين وحسب، بل نُعدّ أيضاً رواد أعمال ومصممين ومؤثرين ومديرين ومبتكرين قادرين على قيادة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي عبر مختلف القطاعات، وفي جميع المراحل».
وما يميّز البرنامج أنه يجمع ما بين التدريب متعدد التخصصات والتعلّم العملي، حيث يطّلع الطلاب على مجالات متنوّعة، تشمل العلوم الإنسانية والأعمال والفنون الحرة، ليمنحهم منظوراً أوسع يتجاوز نطاق علوم الحاسوب والتخصصات العلمية التقليدية. ويكسبهم خبرة عملية من خلال فترات تدريب تعاونية في القطاع الصناعي، إلى جانب برامج تدريبية وإرشادية، وشراكات مع كبرى الجهات الفاعلة في مجالات الصناعة والبحث في الذكاء الاصطناعي.
وأضاف البروفيسور إريك زينغ: «لن يقتصر تعليم طلابنا على الجوانب النظرية والبرمجة وحسب، فعند تخرّجهم سيكونون قادرين على فهم المجتمع والأفراد بشكل معمّق ونقدي، وسيتمتعون بوعي شامل بديناميكيات الأسواق والاقتصاد. إضافةً إلى ذلك، سيكتسبون خبرة عملية وثقة تمكّنهم من قيادة مبادرات الذكاء الاصطناعي بفعالية ضمن الشركات القائمة أو في مشاريعهم الريادية الخاصة. فنحن نركز على إعداد خريجينا للتكيّف مع التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي، والتميّز في قيادة الابتكار والتغيير».
ويشمل البرنامج مسارين أكاديميين هما: مسار الأعمال، الذي يركز على التكامل التجاري وريادة الأعمال، ومسار الهندسة، الذي يركز على تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي ونشرها، وتعزيز استخدامها في مختلف القطاعات.
وسينطلق الطلاب الذين يلتحقون بهذا البرنامج في مسيرتهم التعليمية في بيئة متكاملة تضم موارد حاسوبية متقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي، وفصولاً دراسية ذكية، ومساحات مخصصة للحاضنات، وسيتتلمذون على أيدي هيئة تدريسية عالمية تتمتع بخبرة واسعة في الأوساط الأكاديمية والصناعية.
يُذكر أن التقدّم للالتحاق بهذا البرنامج متاح أمام الطلاب المحليين والدوليين، لأنه يهدف إلى استقطاب ألمع المواهب وأكثرها طموحاً، ما يعزز مكانة جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي كجهة رائدة في التعليم الجامعي في مجال الذكاء الاصطناعي.
وقال البروفيسور زينغ: «نحن لا نكتفي بتعليم الطلاب، بل نُعدّ أجيال المستقبل من رواد الذكاء الاصطناعي والقوى العاملة المتخصصة في هذا المجال. فمن خلال هذا البرنامج الجامعي، تضع جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي معايير جديدة في تعليم الذكاء الاصطناعي، لتضمن تزويد خريجيها بالمهارات والخبرات اللازمة لإحداث تحوّل جذري في مختلف الصناعات والقطاعات ودفع عجلة التقدّم على المستوى العالمي».
المصدر: الاتحاد - أبوظبي