عربي21:
2024-09-17@16:07:14 GMT

أَذِلَّةٍ على المؤمنين

تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT

أجدُني للمرة الثالثة مضطرا لإدخال أمر شخصي في مكان مهني، فبعد مقاليْ (عطايا البلاء، ومن ينقذني من الموت)، يجيء هذا المقال كأول الثلاثة، شكرا لمن ساند ودعا، وهذا الدعاء باب الفرج، وأصل رفع البلاء.

تتفاوت أحوال صغيرتي في المرض بين الشدة والاستقرار، ولما اشتدَّ، وهو مرض لا علاج له، لجأت ككل مرة إلى أهل العلم أستجلب منهم بركة الدعاء في مجالس يحبها الله، وهُديت إلى اللجوء إلى كل من أحمل رقمه من سادتنا في فصائل المقاومة في الخارج؛ أستجلب بركة عملهم لدفع البلاء عن ابنتي، قائلا لهم: "وكما نستمطر بكم اللعنات على الصهاينة ومن معهم، فإنا نستجلب بكم الرحمات ببركة فِعالكم"، إذ "لا يرد القدر إلا الدعاء".



كنتُ مترددا للغاية، لثقل الهمِّ على أكتافهم، وعظيم بلائهم أمام بلائي، فشفَّعت طلبي بكلام الله قائلا: "إن الذي أصاب ابنتي بقدرته، قادر على أن يرفع عنها البلاء برحمته، فاذكروها في دعائكم لعل الله يجبر ما أصاب قلبها بمعجزة من عنده، ولا نُضطر إلى تلك العملية (زراعة القلب)، ببركة جهادكم. وأنا والله مستبشر بأن يصيبها الخير ببركة دعائكم ودعاء من توصونهم. أعلم الهم الثقيل الذي على كاهلكم نتيجة العدوان الصهيوني الهمجي، ومع ذلك فقول الله: "أشداء على الكفار رحماء بينهم"، وقوله: "أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين" جرَّأني على اقتحام همومكم العظمى ومشاركتكم همّي الصغير".

جاء الرد من أهل الفضل والخير بالدعاء والدعم، رغم ما هُمْ فيه من همٍّ أوقف العالم بأسره على قدمه، لكنهم كما قال الله عزَّ وجل "أذلة على المؤمنين"، لا ينسون من يشاركهم همَّهم، ولا يغفلون عن طارق بابهم، وهذه آية من آيات الإيمان ومفهوم الجسد الواحد الذي يشد بعضه بعضا.

هؤلاء القوم لم ألقهم مرة واحدة، ولا أعرف وجوه بعضهم، ومَن أعرفه لم أره سوى على الشاشات، وهم لا يعرفونني كذلك، إلا عن طريق التواصل الصحفي بحكم عملي، كما أنهم متفرقون في أقطار الدنيا إقامة وسفرا، ومع ذلك أغاثوا طالب الغوث، وقطعوا انشغالهم ولو للحظات لطالب دعاء لا يعرفون وجهه، ولا وجه ابنته.

ذاب المقاوِم والمهدَّد بخطف الروح في أي لحظة في الإنسان، لكن روح الإنسان تعلو بالإباء كما يفعلون، وبالرحمة كما أبصرتُ بعيْنيَّ، فأُكرمتُ أيما كرم، وسمع الله دعوات من دعا من أهل الجهاد والعلم والمحبين، فتجاوزنا مرحلة الخطر بفضل الله، وقد كنا على شفا هاوية، فالحمد لله من قبل ومن بعدُ.

هذا الجانب الإنساني لا نبصره من سادتنا أهل الفضل، إذ لا نرى منهم سوى ما يردُّ بلاء العدو وصولته، فنرى منهم البأس فقط، وهذه المرة رأيتُ منهم جانب اللين والرفق والتعاضد والتكاتف وشعور الأمة الواحدة، ولا يليق إخفاء هذا الجانب لأستأثر بمعرفته وحدي، فمن حقهم أن يعرف مَن تصله هذه الكلمات ما هُم عليه في ساحِ الوغى وخارجها.

قد يعترض بعضُ من يستصعِب التعامل مع الغيب على مفهوم الدعاء ورفع البلاء به، خاصة أن كارثة عظمى حاقت بفلسطين، ونسمع من بعضهم قوله: "لو كان هناك صالحون لارتفع بلاء الأمة كلها".

وما تعلمناه في محاضن العلم في الأزهر الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سألتُ ربي ثلاثا فأعطاني ثِنْتَيْن ومنعني واحدة، سألتُ ربي ألَّا يهلك أمتي بالسَّنَة (أي الجدب والقحط والمجاعة) فأعطانيها، وسألته ألَّا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته ألَّا يجعل بأسهم بينهم فمَنَعَنِيهَا". والحديث في مسلم، ولا أكرم على الله من نبيه، ومع ذلك لم يستجب له الدعاء في بعض المسائل، وانهزم في معركة أحد.

والأصل في هذا الباب؛ أن ما يخص سنن الكون والتغيرات الكبرى ومسائل تربية الأمم وتهذيب سلوكها، فإنها تجري بمقادير الله، لا يسيِّرها إلا هو، وفق ما عَلِمَ من قَبْل خلق الكائنات، ولا تغيرات أكبر مما نراه اليوم في القضية الفلسطينية على الموازنات الدولية والإقليمية، وهناك تفصيل طويل في المسألة لا يتناسب في هذا المقام المخصوص بشكر الفضلاء.

في خضم معركة طوفان الأقصى تبدَّت همجية ودموية الاحتلال الصهيوني، وانكشف الوجه الغربي تماما وازدواجيته، بل تكشَّف أثر العامل الديني في النزاع مع المنطقة وثقافتها، وهو الجانب الذي حاول الغرب تغييبه دوما منذ الوقوف على قبر الملك الناصِر صلاح الدين الأيوبي، من قِبَل الجنرال الفرنسي هنري غورو، وقوله "ها قد عدنا يا صلاح الدين"، أو "صلاح الدين.. ها نحن". وأصبحت محاولة تغييب مفهوم الدين عن الصراع مستترة عبر نقل مفاهيم الصراع ومنطلقاته إلى مفاهيم أخرى مثل "الحضارة مقابل الهمجية" أو "الحرب العادلة مقابل الإرهاب".

كما تكشَّفت أزمة النخب العربية في مواجهة استبداد الحكام، ومنعهم التعاطف مع فلسطين والانتفاض لها في الشوارع، وترسَّخت صورة الحكام العرب المنبطحين أمام الغرب، والانهزام التام أمام التعليمات والإملاءات الغربية، ما يقرِّبهم أكثر من أوصاف العمالة، وكذلك انكشف للفقير وجه التراحم من أهل البأس.

في النهاية، ما أردتُّ بثَّه في هذا المقام، الشكر لأصحاب الفضل، وإبراز جانب لا يبدو منهم أبدا بسبب الظروف التي هم فيها طوال الوقت، وستظل مفاهيم "الأمة الواحدة" و"الجسد الواحد" تؤرق مضاجع كل من يرتِّب لهذه المنطقة ترتيبات تنزِعها من تراثها وثقافتها، وَلْيضعوا الحدود السياسية كما شاءوا، ولْينشروا المفاهيم التي تقسِّم، وبمجرد أن يأتي حَدَثٌ فإننا ننفضُ الترابَ في لحظات عما انهمكوا فيه لسنوات، نتيجة وجود من يسعى للحفاظ على أصالتنا وتاريخنا وثقافتنا من التشويه والتزييف، وتبقى هذه المفاهيم هي المنصورة، كما ستصير فلسطين يوما حرة بسواعد أبنائها، وأبناء الأمة الواحدة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الدعاء المرض بركة الفلسطينية فلسطين بركة المرض الدعاء مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

دعاء المكروب: طلب الفرج والطمأنينة في أوقات المحن

دعاء المكروب، يُعتبر الدعاء من أبرز وسائل طلب العون والتخفيف في أوقات الهموم والمحن. 

عند مواجهة الصعوبات والمشاكل، يلجأ الإنسان إلى الله بطلب الفرج والعون، حيث يعتبر الدعاء وسيلة قوية للتواصل مع الله والبحث عن الراحة النفسية. 

دعاء المكروب هو دعاء يُستخدم لطلب المساعدة والراحة من الله في أوقات الكرب والضيق، ويعكس الإيمان العميق والثقة في قدرة الله على تخفيف الأعباء وإزالة الهموم. 

فيمايلي تستعرض بوابة الفجر الإلكترونية مجموعة من الأدعية التي يمكن تلاوتها لطلب الفرج والطمأنينة.

دعاء المكروب: طلب الفرج والطمأنينة في أوقات المحندعاء المكروب وأهميته

1. **دعاء المكروب**:  
  - **"اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت."**
  هذا الدعاء يُطلب من الله رحمة واسعة وعونًا في أوقات الضيق، ويعبر عن التوكل الكامل على الله في إدارة الأمور وتحقيق الفرج.

2. **دعاء الفرج من الهموم**:  
  - **"اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال."**  
  هذا الدعاء يُستخدم لطلب الحماية من الهموم والأحزان، ويطلب العون في مواجهة القضايا التي قد تزعج الشخص وتؤثر على حياته.

3. **دعاء الفرج وراحة البال**:  
  - **"اللهم يا مفرج الهموم، ويا كاشف الغموم، فرج همي ويسر أمري، واغفر لي ولعائلتي، وارزقني الصبر والسكينة."**  

  هذا الدعاء يعبر عن طلب الفرج من الله وتيسير الأمور، ويطلب أيضًا الصبر والسكينة في مواجهة التحديات.

4. **دعاء التخفيف من الكرب**:  
  - **"اللهم إني أسالك فرجًا قريبًا، وصبرًا جميلًا، وقوة على التحمل، وطمأنينة في القلب."**  
  هذا الدعاء يطلب من الله الفرج القريب، ويعزز من الصبر والقوة لمواجهة الصعوبات، مع طلب الطمأنينة للقلب.

دعاء السفر وأهميته في حياة المسلم أهمية دعاء المكروب

1. **التواصل مع الله**:  
  دعاء المكروب يعزز من علاقة الفرد بالله، ويعكس توكله الكامل واعترافه بقدرة الله على تخفيف الهموم وتسهيل الأمور. 

التوجه إلى الله بالدعاء يعزز من الإيمان والثقة في رحمة الله وقدرته.

2. **تحقيق الطمأنينة النفسية**:  
  التوجه بالدعاء في أوقات الكرب يعزز من الشعور بالراحة النفسية، حيث يساعد في تخفيف القلق والتوتر. 

الثقة في أن الله يسمع ويستجيب للدعاء توفر طمأنينة وراحة في القلب.

3. **طلب العون والإرشاد**:  
  الدعاء يُعتبر وسيلة لطلب العون والإرشاد من الله، مما يساعد في الحصول على التوجيه والقدرة على التعامل مع المشاكل بفعالية.

 طلب العون من الله يعزز من قدرة الفرد على مواجهة التحديات بإيمان وثقة.

4. **تعزيز الصبر والتحمل**:  
  التوجه بالدعاء في أوقات الضيق يعزز من الصبر والتحمل، حيث يطلب من الله القوة والصبر لمواجهة الصعوبات، هذا يساعد في تحسين القدرة على التغلب على المحن والابتلاءات.

دعاء للأب المتوفي في يوم المولد النبوي الشريف كيفية تحسين فعالية الدعاء

1. **الإخلاص في الدعاء**:  
  يجب أن يكون الدعاء موجهًا بإخلاص وبقلب نقي، مع الإيمان الكامل بأن الله سيستجيب للدعاء ويحقق الفرج.

2. **التكرار والاستمرارية**:  
  تكرار الدعاء بانتظام يعزز من فرص الاستجابة ويعكس إصرار الشخص على طلب العون من الله،الاستمرارية في الدعاء تبني علاقة أقوى مع الله.

3. **الالتزام بآداب الدعاء**:  
  الالتزام بآداب الدعاء مثل بدء الدعاء بالصلاة على النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، والتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى، يعزز من فعالية الدعاء.

دعاء السفر وأهميته في حياة المسلم

4. **الاستعانة بالذكر والعبادة**:  
  الجمع بين الدعاء وأداء العبادات الأخرى مثل الصلاة والذكر يمكن أن يعزز من الاستجابة ويعزز من الشعور بالطمأنينة.

فضل دعاء المكروب 

دعاء المكروب هو وسيلة قوية لطلب العون والفرج من الله في أوقات الضيق والصعوبات. 

من خلال ترديد الأدعية بانتظام والإخلاص في التوجه إلى الله، يمكن تعزيز الصحة النفسية والتخفيف من الهموم والضغوطات.

 إن الإيمان بقدرة الله على تحقيق الفرج وتخفيف الكرب يعزز من الراحة النفسية ويوفر الدعم والإرشاد في مواجهة التحديات.

مقالات مشابهة

  • دعاء الصبر على البلاء في يوم الجمعة: فضله وأهميته
  • فضل دعاء الصبر على البلاء وأهميته في حياة المسلم
  • دعاء اليوم..لا تنسوا الدعاء فهو عبادة يحبها الله
  • شيخ الأزهر: ليس من حق المؤمنين المفاضلة بين الأنبياء والرسالات الإلهية
  • ما الدعاء الذي أوصى به الرسول السيدة فاطمة الزهراء؟
  • دعاء المكروب: طلب الفرج والطمأنينة في أوقات المحن
  • الإفتاء توضح حكم قول "حرمًا" بعد الصلاة
  • أمير المؤمنين يترأس اليوم الأحد إحياء ليلة المولد النبوي الشريف بمسجد حسان بالرباط
  • في ذكرى مولده.. تعرف على أمهات المؤمنين
  • دعاء للأبناء في يوم المولد النبوي الشريف