علاقات إنسانية توشك على الفناء!
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
خليفة بن عبيد المشايخي
khalifaalmashayiki@gmail.com
تستكمل حياتنا دورتها الطبيعية والكونية ونحن فوق الأرض أم تحتها، وتمضي آجالنا تقصر أم تطول، ومن مات حتف أنفه قيل إنه مات، ولكن قد مات قوم وما ماتت مكارمهم، وعاش قوم وهم في النَّاس أموات. ويقول الحق تبارك وتعالى: "يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ".
القاعدة تنطلق من أن شرط هذه الحياة هو المعرفة والتعارف فيما بيننا، وحينما وجدنا في دنيانا هذه، فإنِّه وجدنا جماعات ولا بد لنا من معرفة هذا وذاك، والفرد حتى وإن كان بنفسه في أي مكان، إلا أنه لا غنى له عن معرفة الناس له، وعن معرفته لهم، وحاجات المرء ليست بمعزل عن تدخل الناس وعونهم له ومساعدتهم إياه ومؤازرتهم في شتى النواحي. والعلاقات الإنسانية مهمة جدا في أي مجتمع وفي أي زمان ومكان، وتبنى من خلال التعارف ثم التآلف ثم علاقات فتكاتف، والاهتمام بتنمية هذه العلاقات بالمعرفة والتداخل فيما بيننا وتطويرها بالحسنى، يجب أن يسعى له الجميع. أما الجوار والتعامل مع الآخرين من منطلق أنهم إخوة وجيران، فأمر شرعه الله تعالى وأباحه وحثَّ عليه، ورغب فيه.
ولذلك حينما يقطن بجوارنا إنسان ما، فإنه من البديهي أن نتساءل عنه وأسئلة عادية وطبيعية ستفرض نفسها من هو هذا، ومن أين وكيف ومتى، إلى آخر هكذا تساؤل. فالمسجد بيئة، والمدرسة بيئة، والعمل بيئة، والنادي بيئة، والمجموعات الواتسبية بيئة، وكل تجمع قام على الاستمرارية والدوام فهو بيئة، وفيهن يحصل التعارف والتقارب والألفة والمحبة. لذا فإن في هذه البيئات يفترض أن تنشأ المعرفة والألفة، إذ عليها وفيها تتضح صور الكل إن كانت حسنة أم سيئة، وتبين سلوكيات الجميع إن كانت جيدة أم غير ذلك، فما وافق الأغلبية واتفق عليه فهو أمر خير، على اعتبار أننا في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية، يستحيل أن تجد الكل أهل معاصٍ وذنوب، وشاذين عن القاعدة العامة السوية التي تنتج مجتمعا محافظا وصالحا ومثاليا إلى حد ما.
وعليه نعلم قصة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، عندما قال بكيتُ على نفس فلتت من يدي إلى النار، فالحبيب صلى الله عليه وسلم كان رحيماً بالناس عطوفاً بهم مليئاً شفقة عليهم، فكان يعامل غير المسلمين معاملة طيبة، فأثر ذلك كان مدعاة لدخول الكثيرين للإسلام ولهدايتهم وصلاحهم، واعتناقهم لدين الله، فكيف بنا نحن اليوم لا نهتم بجيراننا وزملاء المجموعة أو العمل وغيرهم. فنحن في الإسلام إخوة وأهل، وبالتالي لا غنى لأي منَّا عن الآخر مهما كانت الأحوال والظروف، وهناك ظاهرة يجب أن تكون مستمرة وباقية، وهي أنه إذا فقدت زميلا لي في مقعد الدراسة وفي الصف مثلاً، فإنه من الطبيعي أن أسأل عنه. وقس على ذلك في بقية البيئات والمجموعات إن غاب عننا يوما أو يومين شخص اعتدنا على رؤيته في المسجد أم النادي أم في العمل، فلابد أننا نسأل عنه. فإن كان مريضا عدناه، وإن كان حزينا ومهموما واسيناه وخففنا عنه، وإن كان به أذى داويناه ورغبناه في العلاج وذهابه للمستشفى، وإن كان بعيدا عننا قربناه، وإن كان معسرا يسرنا أمره وساندناه.
وفي ظل تغير ظروف الحياة والمعيشة، فإنه نجد اليوم وللأسف قلما إن غاب أحدنا عن تجمع ما أو بيئة ما سئل عنه، وهذا أمر يؤسف له، فلربما جاري مريض ومرقد في المستشفى، أو لديه مشكلة أو مصيبة وأنا لا أعلم عنه بحجة أمور كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان. فالجار اليوم إذا فقد في إحدى تلك البيئات التي ذكرتها ولنقل المسجد على سبيل المثال للحصر، لا يأخذنا الحنين والشوق له والاهتمام به إلى السؤال عنه إن غاب يومين عن حضور الصلوات.
هذا نهج خاطئ؛ إذ يُعزى هذا التقصير الى عدم محبة أو اهتمام تجاه الآخرين لا ينبغي أن تأتي من المسلم تجاه أخيه المسلم، فكيف بغير المسلم. لقد وصل الحال اليوم إلى أن جيرانك لا يعرفونك ولا تعرفهم؛ فالعادات القديمة التي كانت في الحارات للأسف ذهبت واندثرت، وأصبحت البيئات اليوم- حتى أحسنها للأسف- بيئات لا تخلو من النفاق والغيبة والنميمة والشللية والمصالح.
وأخيرًا.. إننا إذا ما أردنا مجتمعًا صالحًا ومتعاضدًا، وتنشئة جيل متحاب ومتعاضد ومحب لبعضه البعض، علينا أن نكون جماعة خير وصلاح وإصلاح؛ فالرماح تأبى إذا اجتمعن تكسُّرًا، وإذا افترقنا تكسَّرت آحادًا.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
"أرسينيو دومينغيز": الأكاديمية توفر بيئة تعليمية مثالية للطلاب في الإسكندرية
وصف الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية، "أرسينيو دومينغيز"، الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، بأنها مؤسسة احترافية للغاية تقدم بيئة تعليمية متميزة.
وجاء ذلك خلال زيارته اليوم " للمقر الرئيسي بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري حيث كان في استقباله الدكتور إسماعيل عبد الغفار إسماعيل فرج رئيس الأكاديمية وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي المعتمدين بجمهورية مصر العربية.
وأعرب "دومينغيز " عن إعجابه بالحرم الجامعي للأكاديمية العربية، مشيدًا بتوفيرها لأحدث تكنولوجيا الواقع الافتراضي التي تعزز من تجربة التعليم.
وعزز "دومينغيز" دور طلاب الأكاديمية، قائلًا "عليك أن تعتبر نفسك محظوظًا إذا كنت جزءًا من الأكاديمية، فهي مؤسسة تعليمية تدريبية يمكنها توفير أحدث تكنولوجيا الواقع الافتراضي للتعليم.
وأكد "دومينغيز " على أهمية استغلال الطلاب للفرص المتاحة لهم في هذه البيئة التعليمية الفريدة، مشيرًا إلى المرافق الرائعة التي تمتلكها الأكاديمية منوهًا عن عدم إضاعة هذه الفرص الثمينة واستغلالها بأقصى قدر ممكن، مما يهيئهم بشكل جيد لسوق العمل بعد التخرج ويحقق لهم التميز المهني وأكد على أن الجميع لديه الفرصة للتدريب والتعليم في مثل هذه المرافق المذهلة.
وتابع "دومينغيز": مسلطًا الضوء على التحديات التي تواجه البيئة البحرية وكذلك الفرص المتاحة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة كما أشار إلي أن تكون عمليات الشحن آمنة ومستدامة وصديقة للبيئة.
واختتم الأمين العام حديثه بالتأكيد على أهمية التركيز على التكنولوجيا الخضراء والتحول الأخضر، لما لها من تأثير إيجابي على تعزيز الشفافية والتنوع في القطاع البحري.
وفي كلمته رحب الدكتور إسماعيل عبد الغفار إسماعيل فرج رئيس الأكاديمية بالسيد "أرسينيو دومينغيز"، الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية، معربًا عن تهانيه لافتتاح المكتب الإقليمي للمنظمة في مصر.
وأشار الدكتور إسماعيل عبد الغفار إلى أن افتتاح المكتب الإقليمي للمنظمة البحرية الدولية في مصر يمثل خطوة مهمة لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال النقل البحري، ويساهم في دعم الابتكار والتطوير المستدام في المنطقة."
وسلط "عبد الغفار" الضوء على إنجازات الأكاديمية في مجال التميز البحري، بما في ذلك اعتماد برامجها البحرية من قبل المجلس الأعلى للجامعات المصرية وعدد من الهيئات الدولية.
و أبرز "عبد الغفار" دور الأكاديمية في تقديم الاستشارات الفنية للأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية لتعزيز قدرات الطلاب.
واختتم "عبد الغفار" كلمته بالتعبير عن تقديره لحضور دومينجيز للأكاديمية، مشيدًا بثقته في تحقيق المزيد من النجاحات للقطاع البحري في الأكاديمية ولمصر والمنطقة العربية.
IMG-20250120-WA0236 IMG-20250120-WA0226 IMG-20250120-WA0220 IMG-20250120-WA0216