جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-17@16:05:15 GMT

علاقات إنسانية توشك على الفناء!

تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT

علاقات إنسانية توشك على الفناء!

 

 

خليفة بن عبيد المشايخي

 khalifaalmashayiki@gmail.com

 

تستكمل حياتنا دورتها الطبيعية والكونية ونحن فوق الأرض أم تحتها، وتمضي آجالنا تقصر أم تطول، ومن مات حتف أنفه قيل إنه مات، ولكن قد مات قوم وما ماتت مكارمهم، وعاش قوم وهم في النَّاس أموات. ويقول الحق تبارك وتعالى: "يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ".

القاعدة تنطلق من أن شرط هذه الحياة هو المعرفة والتعارف فيما بيننا، وحينما وجدنا في دنيانا هذه، فإنِّه وجدنا جماعات ولا بد لنا من معرفة هذا وذاك، والفرد حتى وإن كان بنفسه في أي مكان، إلا أنه لا غنى له عن معرفة الناس له، وعن معرفته لهم، وحاجات المرء ليست بمعزل عن تدخل الناس وعونهم له ومساعدتهم إياه ومؤازرتهم في شتى النواحي. والعلاقات الإنسانية مهمة جدا في أي مجتمع وفي أي زمان ومكان، وتبنى من خلال التعارف ثم التآلف ثم علاقات فتكاتف، والاهتمام بتنمية هذه العلاقات بالمعرفة والتداخل فيما بيننا وتطويرها بالحسنى، يجب أن يسعى له الجميع. أما الجوار والتعامل مع الآخرين من منطلق أنهم إخوة وجيران، فأمر شرعه الله تعالى وأباحه وحثَّ عليه، ورغب فيه.

ولذلك حينما يقطن بجوارنا إنسان ما، فإنه من البديهي أن نتساءل عنه وأسئلة عادية وطبيعية ستفرض نفسها من هو هذا، ومن أين وكيف ومتى، إلى آخر هكذا تساؤل. فالمسجد بيئة، والمدرسة بيئة، والعمل بيئة، والنادي بيئة، والمجموعات الواتسبية بيئة، وكل تجمع قام على الاستمرارية والدوام فهو بيئة، وفيهن يحصل التعارف والتقارب والألفة والمحبة. لذا فإن في هذه البيئات يفترض أن تنشأ المعرفة والألفة، إذ عليها وفيها تتضح صور الكل إن كانت حسنة أم سيئة، وتبين سلوكيات الجميع إن كانت جيدة أم غير ذلك، فما وافق الأغلبية واتفق عليه فهو أمر خير، على اعتبار أننا في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية، يستحيل أن تجد الكل أهل معاصٍ وذنوب، وشاذين عن القاعدة العامة السوية التي تنتج مجتمعا محافظا وصالحا ومثاليا إلى حد ما.

وعليه نعلم قصة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، عندما قال بكيتُ على نفس فلتت من يدي إلى النار، فالحبيب صلى الله عليه وسلم كان رحيماً بالناس عطوفاً بهم مليئاً شفقة عليهم، فكان يعامل غير المسلمين معاملة طيبة، فأثر ذلك كان مدعاة لدخول الكثيرين للإسلام ولهدايتهم وصلاحهم، واعتناقهم لدين الله، فكيف بنا نحن اليوم لا نهتم بجيراننا وزملاء المجموعة أو العمل وغيرهم. فنحن في الإسلام إخوة وأهل، وبالتالي لا غنى لأي منَّا عن الآخر مهما كانت الأحوال والظروف، وهناك ظاهرة يجب أن تكون مستمرة وباقية، وهي أنه إذا فقدت زميلا لي في مقعد الدراسة وفي الصف مثلاً، فإنه من الطبيعي أن أسأل عنه. وقس على ذلك في بقية البيئات والمجموعات إن غاب عننا يوما أو يومين شخص اعتدنا على رؤيته في المسجد أم النادي أم في العمل، فلابد أننا نسأل عنه. فإن كان مريضا عدناه، وإن كان حزينا ومهموما واسيناه وخففنا عنه، وإن كان به أذى داويناه ورغبناه في العلاج وذهابه للمستشفى، وإن كان بعيدا عننا قربناه، وإن كان معسرا يسرنا أمره وساندناه.

وفي ظل تغير ظروف الحياة والمعيشة، فإنه نجد اليوم وللأسف قلما إن غاب أحدنا عن تجمع ما أو بيئة ما سئل عنه، وهذا أمر يؤسف له، فلربما جاري مريض ومرقد في المستشفى، أو لديه مشكلة أو مصيبة وأنا لا أعلم عنه بحجة أمور كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان. فالجار اليوم إذا فقد في إحدى تلك البيئات التي ذكرتها ولنقل المسجد على سبيل المثال للحصر، لا يأخذنا الحنين والشوق له والاهتمام به إلى السؤال عنه إن غاب يومين عن حضور الصلوات.

هذا نهج خاطئ؛ إذ يُعزى هذا التقصير الى عدم محبة أو اهتمام تجاه الآخرين لا ينبغي أن تأتي من المسلم تجاه أخيه المسلم، فكيف بغير المسلم. لقد وصل الحال اليوم إلى أن جيرانك لا يعرفونك ولا تعرفهم؛ فالعادات القديمة التي كانت في الحارات للأسف ذهبت واندثرت، وأصبحت البيئات اليوم- حتى أحسنها للأسف- بيئات لا تخلو من النفاق والغيبة والنميمة والشللية والمصالح.

وأخيرًا.. إننا إذا ما أردنا مجتمعًا صالحًا ومتعاضدًا، وتنشئة جيل متحاب ومتعاضد ومحب لبعضه البعض، علينا أن نكون جماعة خير وصلاح وإصلاح؛ فالرماح تأبى إذا اجتمعن تكسُّرًا، وإذا افترقنا تكسَّرت آحادًا.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أستاذ علاقات دولية: نتنياهو يدفع إسرائيل إلى الهاوية

قال الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلاقات الدولية، إن محاولات زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد في تشكيل حكومة بديلة تعتبر بمثابة قفزة في الهواء، مشيرًا إلى أنّ هذه الخطوة يكمنها أن تمثل ضغطًا على رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

أي محاولة لتشكيل حكومة بديلة في إسرائيل ستفشل

وأضاف «شعث» خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أنّ الحكومة تمثل أكثر من نصف أعضاء الكنيست الإسرائيلي، لذا فإن أي محاولة لتشكيل حكومة بديلة ستفشل.

وأوضح أن هناك جهود أخرى توازي جهود لبيد تسمى بالأجهزة الأمنية والدولة العميقة داخل الاحتلال الإسرائيلي، فضلا عن أن معظمهم قادة سابقين من قوات الاحتلال وألوية متقاعدين ويأتي على رأسهم رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك.

نتنياهو يجر إسرائيل نحو المزيد من الهاوية

ولفت إلى أن معظمهم من القادة الكبار الذين خدموا في جيش الاحتلال الإسرائيلي وفي أجهزته، متابعًا :«القادة مضوا على وثيقة بضرورة وقف نزيف دولة الاحتلال الإسرائيلي، إذ إن نتنياهو يأخذ الدولة بقياداتها نحو المزيد من الهاوية وتتلقى إسرائيل الكثير من الضربات آخرها الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون اليوم الأحد باتجاه تل أبيب».

مقالات مشابهة

  • صقر غباش يبحث علاقات التعاون البرلمانية مع رئيسة الجمعية الوطنية بتنزانيا
  • «بيئة أبوظبي» تطلق مسابقة «فن القرم» لإلهام الطلاب وإذكاء إبداعهم
  • عبدالله بن زايد يبحث مع جوزيب بوريل علاقات التعاون الإماراتية الأوروبية
  • مجموعة بيئة تحتفل بأول دفعة من خريجي برنامج قادة المستقبل
  • عبدالله بن زايد يستقبل بوريل ويبحثان علاقات التعاون والتطورات في المنطقة
  • عبدالله بن زايد يستقبل بوريل ويبحثان علاقات التعاون الإماراتية الأوروبية والتطورات في المنطقة
  • قلق أمريكي وبريطاني متصاعد من تطور علاقات روسيا مع الصين وإيران
  • رئيس الوزراء من السعودية: اتخذنا عدة إجراءات لتحسين بيئة الاستثمار
  • أستاذ علاقات دولية: نتنياهو يدفع إسرائيل إلى الهاوية
  • «القاهرة الإخبارية»: انطلاق 28 شاحنة وقود ومساعدات إنسانية إلى غزة اليوم