جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-22@05:24:36 GMT

علاقات إنسانية توشك على الفناء!

تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT

علاقات إنسانية توشك على الفناء!

 

 

خليفة بن عبيد المشايخي

 khalifaalmashayiki@gmail.com

 

تستكمل حياتنا دورتها الطبيعية والكونية ونحن فوق الأرض أم تحتها، وتمضي آجالنا تقصر أم تطول، ومن مات حتف أنفه قيل إنه مات، ولكن قد مات قوم وما ماتت مكارمهم، وعاش قوم وهم في النَّاس أموات. ويقول الحق تبارك وتعالى: "يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ".

القاعدة تنطلق من أن شرط هذه الحياة هو المعرفة والتعارف فيما بيننا، وحينما وجدنا في دنيانا هذه، فإنِّه وجدنا جماعات ولا بد لنا من معرفة هذا وذاك، والفرد حتى وإن كان بنفسه في أي مكان، إلا أنه لا غنى له عن معرفة الناس له، وعن معرفته لهم، وحاجات المرء ليست بمعزل عن تدخل الناس وعونهم له ومساعدتهم إياه ومؤازرتهم في شتى النواحي. والعلاقات الإنسانية مهمة جدا في أي مجتمع وفي أي زمان ومكان، وتبنى من خلال التعارف ثم التآلف ثم علاقات فتكاتف، والاهتمام بتنمية هذه العلاقات بالمعرفة والتداخل فيما بيننا وتطويرها بالحسنى، يجب أن يسعى له الجميع. أما الجوار والتعامل مع الآخرين من منطلق أنهم إخوة وجيران، فأمر شرعه الله تعالى وأباحه وحثَّ عليه، ورغب فيه.

ولذلك حينما يقطن بجوارنا إنسان ما، فإنه من البديهي أن نتساءل عنه وأسئلة عادية وطبيعية ستفرض نفسها من هو هذا، ومن أين وكيف ومتى، إلى آخر هكذا تساؤل. فالمسجد بيئة، والمدرسة بيئة، والعمل بيئة، والنادي بيئة، والمجموعات الواتسبية بيئة، وكل تجمع قام على الاستمرارية والدوام فهو بيئة، وفيهن يحصل التعارف والتقارب والألفة والمحبة. لذا فإن في هذه البيئات يفترض أن تنشأ المعرفة والألفة، إذ عليها وفيها تتضح صور الكل إن كانت حسنة أم سيئة، وتبين سلوكيات الجميع إن كانت جيدة أم غير ذلك، فما وافق الأغلبية واتفق عليه فهو أمر خير، على اعتبار أننا في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية، يستحيل أن تجد الكل أهل معاصٍ وذنوب، وشاذين عن القاعدة العامة السوية التي تنتج مجتمعا محافظا وصالحا ومثاليا إلى حد ما.

وعليه نعلم قصة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، عندما قال بكيتُ على نفس فلتت من يدي إلى النار، فالحبيب صلى الله عليه وسلم كان رحيماً بالناس عطوفاً بهم مليئاً شفقة عليهم، فكان يعامل غير المسلمين معاملة طيبة، فأثر ذلك كان مدعاة لدخول الكثيرين للإسلام ولهدايتهم وصلاحهم، واعتناقهم لدين الله، فكيف بنا نحن اليوم لا نهتم بجيراننا وزملاء المجموعة أو العمل وغيرهم. فنحن في الإسلام إخوة وأهل، وبالتالي لا غنى لأي منَّا عن الآخر مهما كانت الأحوال والظروف، وهناك ظاهرة يجب أن تكون مستمرة وباقية، وهي أنه إذا فقدت زميلا لي في مقعد الدراسة وفي الصف مثلاً، فإنه من الطبيعي أن أسأل عنه. وقس على ذلك في بقية البيئات والمجموعات إن غاب عننا يوما أو يومين شخص اعتدنا على رؤيته في المسجد أم النادي أم في العمل، فلابد أننا نسأل عنه. فإن كان مريضا عدناه، وإن كان حزينا ومهموما واسيناه وخففنا عنه، وإن كان به أذى داويناه ورغبناه في العلاج وذهابه للمستشفى، وإن كان بعيدا عننا قربناه، وإن كان معسرا يسرنا أمره وساندناه.

وفي ظل تغير ظروف الحياة والمعيشة، فإنه نجد اليوم وللأسف قلما إن غاب أحدنا عن تجمع ما أو بيئة ما سئل عنه، وهذا أمر يؤسف له، فلربما جاري مريض ومرقد في المستشفى، أو لديه مشكلة أو مصيبة وأنا لا أعلم عنه بحجة أمور كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان. فالجار اليوم إذا فقد في إحدى تلك البيئات التي ذكرتها ولنقل المسجد على سبيل المثال للحصر، لا يأخذنا الحنين والشوق له والاهتمام به إلى السؤال عنه إن غاب يومين عن حضور الصلوات.

هذا نهج خاطئ؛ إذ يُعزى هذا التقصير الى عدم محبة أو اهتمام تجاه الآخرين لا ينبغي أن تأتي من المسلم تجاه أخيه المسلم، فكيف بغير المسلم. لقد وصل الحال اليوم إلى أن جيرانك لا يعرفونك ولا تعرفهم؛ فالعادات القديمة التي كانت في الحارات للأسف ذهبت واندثرت، وأصبحت البيئات اليوم- حتى أحسنها للأسف- بيئات لا تخلو من النفاق والغيبة والنميمة والشللية والمصالح.

وأخيرًا.. إننا إذا ما أردنا مجتمعًا صالحًا ومتعاضدًا، وتنشئة جيل متحاب ومتعاضد ومحب لبعضه البعض، علينا أن نكون جماعة خير وصلاح وإصلاح؛ فالرماح تأبى إذا اجتمعن تكسُّرًا، وإذا افترقنا تكسَّرت آحادًا.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

رانيا شرعان: مكتبة مصر العامة توفر بيئة تعليمية وثقافية متنوعة للأطفال

تستعد مكتبة مصر العامة الرئيسية بالدقي، برئاسة السفير عبد الرؤوف الريدي، للاحتفال بعيد الطفولة في مصر، من خلال مجموعة كبيرة من الفعاليات الثقافية والفنية التي تقدمها المكتبة، على مدار الأيام القادمة، احتفالا بهذا اليوم.

وقالت رانيا شرعان مديرة المكتبة، إن عيد الطفولة في مصر هو مناسبة سنوية مميزة تحتفل بها الدولة بأطفالها، وتؤكد على أهمية رعايتهم ودعم مواهبهم وتطويرهم علميًا وثقافيًا.

وأكدت أن هذا اليوم يمثل فرصة للتذكير بأهمية الطفولة وحقوق الأطفال، ويُسلط الضوء على دور المؤسسات المختلفة، مثل مكتبة مصر العامة، في تنشئة جيل من الأطفال الواعين والمثقفين الذين يستطيعون إحداث فرق في مستقبل البلاد.

وأضافت شرعان، أن مكتبة مصر العامة من المؤسسات الرائدة في توفير بيئة تعليمية وثقافية متنوعة للأطفال، حيث تقدم برامج وأنشطة متعددة تهدف إلى دعم الطفل وتنمية مهاراته من خلال الأنشطة التفاعلية والورش التعليمية، يستطيع الأطفال التعرف على مجالات متنوعة من المعرفة والتعلم بطرق مشوقة وممتعة، وتسعى المكتبة لتوفير بيئة حاضنة للأطفال تجمع بين التعليم والترفيه، مما يعزز من حبهم للمعرفة والثقافة.

وأوضحت أن مكتبة مصر العامة تولي اهتماماً خاصاً بالمواهب الشابة، حيث توفر برامج وورش عمل متعددة لتطوير مواهب الأطفال، سواء في مجال الفن أو الموسيقى أو العلوم، تتيح هذه البرامج للأطفال فرصة التعبير عن أنفسهم وتطوير مهاراتهم الإبداعية، مما يساعدهم على النمو النفسي والاجتماعي ويعزز من ثقتهم بأنفسهم.

وأشارت إلى أن مكتبة مصر العامة تقوم بدور مهم في دعم العملية التعليمية من خلال تقديم مصادر تعليمية متنوعة تناسب أعمار الأطفال ومستوياتهم الدراسية المختلفة، وتقدم المكتبة مجموعة كبيرة من الكتب والوسائل التعليمية التي تساعد الطلاب على تعزيز فهمهم للمواد الدراسية وتوسيع مداركهم، كما تنظم المكتبة دورات وورش تدريبية تدعم المناهج الدراسية وتشجع على التعلم المستمر.

وأكدت أن أطفال اليوم هم رجال الغد، والاهتمام بهم هو استثمار في مستقبل مشرق، ومكتبة مصر العامة تقف كحجر أساس في هذا الاستثمار، حيث تدعم الطفولة وتنمي المهارات وتوفر بيئة تعليمية غنية تعزز من نمو الأطفال ليصبحوا مواطنين صالحين ومبدعين.

مقالات مشابهة

  • منها «عدم التمييز وتوفير بيئة آمنة».. تعرف على حقوق المُسنين القانونية
  • محمد موسى: مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت بيئة خصبة لتداول الشائعات والمعلومات الكاذبة
  • «الضرائب»: تحول رقمي جذري منذ 2018 لدعم رضا الممولين وتعزيز بيئة الاستثمار
  • الاهتمام المجتمعي بأسر الشهداء .. لفتة إنسانية تُجبر القلوب وتخفف المعاناة
  • بيئة آمنة ومريحة أثناء التحقيق.. النيابة العامة تدشّن غرفة "استنطاق الأطفال"
  • وزير الاتصالات يشهد إطلاق برنامج لتعزيز بيئة ريادة الأعمال فى صعيد مصر
  • عمار النعيمي: توفير بيئة تعليمية شاملة لتجاوز التحديات
  • نهيان بن مبارك: تعزيز التعليم في بيئة تحتضن التعدد الثقافي
  • رانيا شرعان: مكتبة مصر العامة توفر بيئة تعليمية وثقافية متنوعة للأطفال
  • مناقشة تحفيز ودعم بيئة ريادة الأعمال بمحافظة ظفار