شبكة انباء العراق:
2024-11-26@21:58:22 GMT

خطاب حرباوي !!

تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT

بقلم : حسين الذكر ..

لم يبق سلاح إلا وحملوه على طريق البحث عن اللادغة القاتلة التي اغتالت طفلاً بعمر الورود من أهل المدينة ، ونشرت الذعر في كل أرجائها .. بعضهم قال : ( إني رأيتها حمراء قانية كلون الدم الذي سرى بعروق ضحيتها ) .. فيما قال آخر : ( يا إلهي إنها سوداء مخيفة كلون الظلام الغاسق بقلوب الخائفين ) .

صرخت الأم المفجوعة : إنها صفراء راقطة تخيف الكبار قبل الصغار .. ظلت تلك الصور مخيفة شجية تتراكم معانيها في ضميري أتناقلها جيلاً بعد جيل حتى تعملق جبل الحزن في وجداني الذي لم يعد ينفك عن كراهية كل الألوان القريبة والمعبرة عن تلك الأفعى القاتلة الخاطفة للسعادة ..
بعد آلاف السنين ، وجدوا طفلاً آخر قد فارق الحياة ، مع أن جسده أبيض ناعم طري لم يخدش ، ولم ينزف دماً، ولم يجرح ، ولم يظهر عليه أي أثر لتعذيبٍ أو إطلاق رصاص أو لدغ .. ظلوا حائرين بهوس المعنى وهاجس الأفعى .. كل التفسيرات تحوم حول تلك الرقيطة التي تجيد تغيير ألوانها وتعدد أساليبها مع كل المواسم والظروف .. الشبهات قد تلبستها حد اليقين لكن لا أحد يجرؤ على نطق الحقيقة، فالحرباء بقمة شهرتها، وتعيش منتشية في ظل مملكتها ..
ظلت قصص الموت تترى على خط مستقيم يعلو الأفق تارات ، وينزل في الزنزانات تارات أخرى بأغلب أحيانه .. يتعرج مع كل مستجدات، يتلون بكل العبارات ، يتلبس معاطف مزكرشة مجلببة ملونة … لكنها لم تدرك حقيقة ذلك الهاجس الغائص حد اليقين في نفوس أهل المدينة المنكوبة ..
إنه من فعل الرقطاء لا غيرها .. هكذا صرخ والد حزين فجيع .. ردت الجموع : ماذا نفعل إذا كان القتل واللدغ وسلب الأرواح من أهم غرائزها التي لا تستطيع تغييرها بتربية أو حكمة أو موعظة ، ولا تثنيها عن ذلك حتى العقوبات القاسية ؟!
بعد سنين طويلة شوهدت الأفعى حية تسري على جدار أحد البيوت، بدت مسالمة جميلة بمنظرها الزاهي، لم تلتفت إلى أحد برغم كل ما أُحيط حولها من ضجيج وتهديد .. إلا أنها ظلت محافظة على هدوء واثق الخطى ، مطمئنة كأنها لا تعبأ بدعواهم، ولا تهتم بأكاذيب اتهاماتهم، ولا تخشى ما يبطنون من نوايا بدت واضحة من زخم المحتشدين وعويل الثائرين .. قرروا أن يرسلوا أحد شجعانهم ؛ ليضرب ( بالمليان ) بلا رحمة .. وقد تقدم زائرا تحت تصفيق وتشجيع وأنشودة الثار المتعالية بين الجموع .. رفع سلاحه ، امتطى نفسه، ارتفع صياحه ، أنزل أول ضربة هوى الحائط من وقعها ، إلا أن الأفعى ظلت تسير بتؤدة غير معهودة كأن شيئاً لم يكن .
شعر بإهانة الموقف ، بعضهم ضحك ، وآخرون هزئوا به .. اشتد غضبه ، صب جامه على ظل الأفعى التي بدأت تتحرك بخطوات أسرع .
هدت ضربته الثانية باب الدار ، وأفزعت الطيور في أعشاشها والأطفال في مهدهم ، والأموات في أجداثهم .. إلا أن الحية ظلت وفية لمبادئها الحرباوية ، لم تلتفت إلى هذا الوغد اللاهي لمحو خط مسار خريطتها الأزلي .
بعد أن أعياها التعب والمطاردة ، أزاحوه كي تتطوع مجموعة من ثائري الجمع الغفير لإتمام المهمة .. تسلقوا الجدران .. عبثوا بأمن السطوح ء وقطعوا الأغصان ، وحجبوا ضوء الشمس ؛ كي تسهل عملية الاغتيال ، وإلقاء القبض تحت جنح الظلام .. بدوا كأنهم أفاعٍ تسير خلف أفعى كأمهم في الميدان .. خجلوا مما هم فيه ، بدت علامات العجز تختلج أنفاسهم الرعديدة .. تراجع البعض، بينما تقدم احدهم بنزق ، ومراهقة غوغائية واضحة .. حاول اللحاق بها قبل أن تدخل جحراً لا يمكن أن يدركوه .. ارتمى بكل ثقله ، استشعر الاستغاثات والتوسلات الجماهيرية لذبح الأفعى .. أمسك بها لكنها ظلت تتلوى بين كفيه لم يعد يملك قدرة تحديد مكامن الرأس الذي يحتوي فيه مركز القرار والحياة والممات .. انتزع سيفه، رمى غمده ، نزع غطاء رأسه ، علت أصوات المهللين أن النصر آت لامحالة .. غرز سيفه في أعماق الامتداد الأفعواني الذي تمدد أكثر مما كان عليه حتى التف والتف على نفسه ، لم تعد تلك الحية الناعمة كما بدت بأول لحظات المطاردة .. ها هي ذي الآن تنين يجيد فنون الحوار .. غلبت أهواء الناظرين، وخذلت المتطوعين الذين ولوا فارين مذعورين من قدرة الحرباء على التلون والإفلات من الموت .. قال كبير لهم : لا تتعبوا أنفسكم فقد قتلناها منذ أول صرخات ثائرة لطفل عصر البداوة ، وها نحن نلتمس نتاجات الفرح في عصور ما بعد العولمة .
لم أستسغ كلماته ، ولم أعِ شيئاً من مفرداته .. فحكاية الموت والاغتيال والمطاردة بدت ضعيفة السيناريو واهية الحجة حد السخف .
رحت أبحث عن تعليل للهرج والمرج السائدين بعبثية الموت والاغتيال ومحاولات الثأر المزعومة المنتشرة بين نفوس أهل المدينة بأخلاق متدنية ، وإن غُطيت بمبررات وحجج حرباوية ، لم أجد تفسيراً لكني أصبت بدهشة ذعر وفرح غامرين معاً .. حينما وجدت الأفعى تداعب ذلك الصبي القتيل ، وكأنهما وُلدا معاً بزي جميل لا يستقطب أنظار الأميين والجهلة من ملدوغين ولادغين !!

حسين الذكر

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

البعثة الأممية: وسائل التواصل الاجتماعي تسهم في تفاقم خطاب الكراهية بليبيا

ليبيا – أكدت بعثة الأمم المتحدة في تقرير إخباري تنظيم ورشة عمل شبابية عبر الإنترنت، تمحورت حول خطاب الكراهية بوصفه محركًا للصراع الاجتماعي.

وأشار التقرير، الذي تابعته وترجمته صحيفة “المرصد“، إلى مشاركة 24 شابًا وشابة من مختلف أنحاء ليبيا في الورشة التي تندرج ضمن برنامج “يو إنغيج” المُصمم من قبل البعثة. وأكد المشاركون الحاجة إلى جهود مشتركة لمعالجة قضية خطاب الكراهية.

وناقش المشاركون، وهم 11 شابًا و13 شابة، سبل مكافحة خطاب الكراهية السائد في البلاد، ولا سيما على وسائل التواصل الاجتماعي، مع التركيز على تأثيراته في الصراع الاجتماعي. كما أشاروا إلى وجود ارتباك واسع حول التمييز بين الانتقاد المشروع وخطاب الكراهية.

وأوضح التقرير أن وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي المستقطبة لعبت دورًا كبيرًا في تفاقم خطاب الكراهية والمعلومات المضللة. ونقلت سميرة بو سلامة، مسؤولة حقوق الإنسان في البعثة الأممية، قولها: “يجب على أصحاب السلطة اختيار كلماتهم بعناية، فالاختيار الخاطئ للغة يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة”.

كما نقل التقرير عن أحد المشاركين قوله: “إن مكافحة خطاب الكراهية في ليبيا أمر صعب، لأن الصفحات الأكثر انتشارًا في نشره على فيسبوك تعود ملكيتها لشخصيات مؤثرة، مما يجعل التصدي لها أمرًا خطيرًا بالنسبة للشباب”.

التوصيات:

التعليم المبكر في المدارس حول منع التنمر والجرائم الإلكترونية. دعم السلطات وزيادة الوعي بين الشباب بالمخاطر المحيطة بخطاب الكراهية. وضع ميثاق شامل ومدونة سلوك لوسائل الإعلام لتقليل الخطاب التحريضي والمعلومات المضللة. تعزيز المجتمع المدني والاتحادات الطلابية ومنظمات التحقق من الحقائق. العمل مع منصات التواصل الاجتماعي لتحديد خطاب الكراهية ومواجهته. إطلاق مبادرات إعلامية تعزز قصص التعايش السلمي وتجمع المجتمعات المختلفة.

وأكد أحد المشاركين أن معالجة خطاب الكراهية تتطلب جهودًا مشتركة من الحكومة والمجتمع المدني والمواطنين، مع التركيز على تعزيز الهوية الوطنية الموحدة والقيم المشتركة التي توحد الليبيين.

واختُتم التقرير بالإشارة إلى أن الورشة هي جزء من سلسلة ورش نظمتها البعثة الأممية، تهدف إلى إشراك ألف شاب من جميع أنحاء ليبيا لتقديم توصيات تسهم في وضع استراتيجيات الأمم المتحدة الموجهة للشباب وتعزيز إدماجهم.

ترجمة المرصد – خاص

 

مقالات مشابهة

  • بعد إعلان وقف إطلاق النار.. كيق علّق لابيد على خطاب نتنياهو؟
  • قبل اليوم المنتظر في السعودية.. خطاب وشكوى من العمال الأفارقة
  • البعثة الأممية: وسائل التواصل الاجتماعي تسهم في تفاقم خطاب الكراهية بليبيا
  • حياة خطاب: رفع أسماء 716 شخصًا من قوائم الإرهاب يؤكد حرص الرئيس على مصلحة أبناء الوطن
  • بين الخطاب والممارسة.. هل تتخلى المقاومة عن غزة؟
  • الأرصاد توضح حول توقعات تساقط الثلوج في الأردن
  • مشيرة خطاب: السيسي ارتقى بحقوق الإنسان في مصر
  • مشيرة خطاب عن رفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرهاب: مصر دولة عدل وأمان
  • ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
  • خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة