اضطراب التعليم بالسودان يضع ملايين الطلاب أمام مصير غامض
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
تصاعدت المخاوف في السودان من ضياع مستقبل ملايين الطلاب والتلاميذ بعدما اقتربت الحرب المستعرة في البلاد من دخول شهرها الـ17، إذ بات ملايين الطلاب خارج العملية التعليمية وتجاوز ملايين الأطفال سن الدراسة، وينتظر مئات الآلاف الجلوس لامتحانات تؤهلهم لدخول الجامعات.
منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف أبريل/نيسان 2023، يعاني السودان أزمة تعليمية، نتيجة تعطيل الدراسة في نحو نصف ولايات البلاد الـ18، ولم يتمكن أكثر من 90% من الأطفال في سن المدرسة من الوصول إلى التعليم، وسط تحذير خبراء من أن يؤدي التعطيل المستمر للتعليم إلى بقاء دفعات متتالية من الأجيال دون امتحانات.
وقالت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "يونيسف" في وقت سابق إن نحو 19 مليون طفل في السودان -أي 1 من كل 3 أطفال- لا يزالون خارج أسوار المدارس.
وأضافت أن من بين 19 مليونا، فقد نحو 6.5 ملايين طفل إمكانية الوصول إلى المدرسة بسبب تزايد العنف وانعدام الأمن في مناطقهم، كما أغلقت نحو 10 آلاف و400 مدرسة في المناطق المتضررة من النزاع أبوابها.
وذكرت المنظمة الدولية أن فقدان الدخل سيؤدي إلى خسارة مدى الحياة تبلغ 26 مليار دولار بالنسبة لجيل الأطفال المتأثر بالحرب، مؤكدة أن السودان على وشك أن يصبح موطنا لأسوأ أزمة تعليمية في العالم.
مدارس في ولاية كسلا السودانية تحولت لمراكز إيواء للنازحين (الجزيرة) التزام بالامتحاناتوعند اندلاع الحرب، كان أكثر من 600 ألف طالب وطالبة يستعدون للجلوس لامتحان الشهادة الثانوية المؤهلة للجامعة، ولا يزال وضعهم غامضا وجاءت بعدهم دفعة جديدة بعدما توسع نطاق الحرب وشمل ولايات جديدة، مما أدى إلى توقف الدراسة قبل استئنافها بدءا من مايو/أيار الماضي في ولايات آمنة.
ويقول مسؤول كبير في وزارة التربية والتعليم إن الدراسة استؤنفت في ولايات نهر النيل والشمالية والبحر الأحمر وكسلا والقضارف والنيل الأزرق، وجزئيا في بعض محليات النيل الأبيض وشمال كردفان وغربها وجنوبها.
وحسب حديث المسؤول -للجزيرة نت- فإن الدراسة توقفت بصورة شبه كاملة في ولايات دارفور الخمس والخرطوم والجزيرة وسنار، واتهم قوات الدعم السريع بتدمير ونهب المدارس في إقليم دارفور رغم سيطرتها على 4 ولايات.
وأفاد المسؤول الحكومي -الذي طلب عدم الإفصاح عدم هويته- بأن وزارة التربية استطاعت طباعة الكتاب المدرسي خارج البلاد، وحثت حكومات الولايات على إيجاد مراكز إيواء للنازحين الذين كانوا يقيمون في المدارس، وتوفير مرتبات المعلمين، لكن بعض الولايات لم تستطع تدبير الأجور لضعف مواردها.
كما تأثرت مدارس في ولايتي نهر النيل والشمالية وطوكر في البحر الأحمر بالأمطار والسيول، ولجأت مئات الأسر التي انهارت منازلها إلى مدارس أخرى، مما أدى لتعليق الدراسة.
مستقبل الملايين مهدد
من جانبه، قال المفوض بتسيير أعمال وزارة التربية والتعليم، أحمد الخليفة عمر، إن يوم 15 سبتمبر/أيلول الجاري سيكون آخر يوم لتسجيل وحصر الطلاب الممتحنين للشهادة الثانوية دفعة 2023 العالقة.
وذكر عمر أن حصر أماكن وجود الطلاب الممتحنين يمكّن الوزارة من تحديد مراكز الامتحان داخل البلاد وخارجها، وتعهد بإجراء الامتحان خلال هذا العام، موضحا أن طلاب الولايات غير الآمنة ستظهر أماكن وجودهم عقب اكتمال عملية الحصر حتى يستطيعوا الجلوس للامتحان.
وعن توقف الدراسة للعام الثاني في بعض الولايات، يرى سامي الباقر المتحدث باسم اللجنة المركزية للمعلمين (مستقلة) أن استمرار الحرب يهدد العملية التعليمية بصورة كاملة، كما يهدد مستقبل ملايين الطلاب، بعد تراكم دفعتين من الأطفال الذين بلغوا سن الدراسة (6 سنوات)، خاصة أن نسبة استيعابهم قبل الحرب كان بين 50% و70%.
وفي حديث للجزيرة نت، يقول الباقر إن توقف التعليم فترة طويلة سيؤدي إلى تسرب عدد كبير من الطلاب من الدراسة، وسيكون أسوأ مما حدث خلال فترة تفشي وباء "كورونا"، كما اضطر طلاب بعد الحرب إلى العمل لمساعدة أسرهم، ولن يعود بعضهم للدراسة مرة أخرى.
ويكشف المتحدث أن عدد المدارس في البلاد نحو 22 ألفا، تأثر 14 ألفا منها بالحرب بنسب متفاوتة، ونحو 6 آلاف مدرسة كانت تؤوي نازحين، ويبلغ عدد الطلاب والأطفال الذين بلغوا سن التعليم 19 مليونا، بينما عدد المعلمين والعاملين في القطاع 350 ألفا.
ووفقا للباقر، فإن الحصر الأولي للطلاب العالقين الذين كان ينبغي أن يجلسوا لامتحانات الشهادة الثانوية العام الماضي يظهر أن عددهم وصل إلى 570 ألفا، ويستطيع أكثر من نصف عددهم الجلوس في مراكز داخل البلاد وخارجها، وهناك دفعة أصغر بعدهم تنتظر الامتحان أيضا.
الحل في السلاموبرأيه، يتمثل إنقاذ العملية التعليمية في وقف الحرب، وفي حال تعذر ذلك فالمطلوب من طرفي الحرب الالتزام بالقانون الدولي الإنساني بتوفير الأمن للمدارس والمنازل ومسارات آمنة حتى يستمر التعليم، ويتحقق الشمول والعدالة، ليكون التعليم في الولايات كافة وليس بعضها.
أما الباحثة الاجتماعية سلوى عبد الله، فتقول إن الأطفال الذين توقفوا عن التعليم خلال فترة الحرب يشعرون بالفراغ الطويل الذي يخلق سلوكا عدوانيا والميل نحو العنف والانتقال إلى مرحلة اضطراب الشخصية.
وتُحذر الباحثة -في تصريح للجزيرة نت- من تفشي التدخين وسط الأطفال، بسبب تطاول أمد الحرب والفقر والحرمان وتوقف الدراسة، والاتجاه لتركها خاصة من المراهقين.
وتنصح بإنقاذ الأطفال من عزلة التعليم بالتدريس المنزلي أو الدراسة الإلكترونية في المناطق التي تتوفر بها خدمات الإنترنت والكهرباء، حتى لا يشعروا بالضياع والإهمال أو التفكير في ترك التعليم والتسرب للأنشطة الهامشية أو اللجوء للعمل أو الانخراط في القتال.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ملایین الطلاب
إقرأ أيضاً:
بعد اشتباكات الزاوية.. «الجامعة» تتخّذ إجراءات تتعلّق بالعملية التعليمية
اتخذ “اتحاد طلبة جامعة الزاوية”، جملة إجراءات نظراً للظروف الأمنية الراهنة واستمرار الاشتباكات في محيط مصفاة الزاوية والطريق الساحلي الممتد من كوبري سوق الخضار إلى إشارة المرور في الحرشة، بالإضافة إلى طريق المصفاة شمالاً.
وأعلن الاتحاد عن “تعليق الدراسة ليوم واحد فقط، وذلك حرصًا على سلامة الطلاب والكادر التعليمي، على أن تُستأنف الدراسة فور استقرار الأوضاع الأمنية في مدينة الزاوية”.
كما وجه “دعوة عاجلة إلى الأعيان والمشايخ للتدخل الفوري والعمل على وقف هذه الاشتباكات لما لها من آثار سلبية على سلامة المواطنين، وممتلكاتهم، وحياتهم اليومية في مدينة الزاوية”.
وناشد “الاتحاد إدارة العمليات بالجيش الليبي بضرورة التدخل العاجل لوقف الاشتباكات وفرض النظام بما يضمن عودة الحياة إلى طبيعتها”.
ودعا الاتحاد “الجميع إلى توخي الحذر والالتزام بالتعليمات الصادرة عن الجهات المختصة”.
في السياق، “قررت مراقبة التعليم منح إدارات المدارس الحق في تعليق الدراسة أو استمرارها وفقًا للوضع الأمني بكل منطقة، حفاظًا على سلامة الطلاب والكادر التعليمي”.