بدعوة كريمة وجهها إلي السفير الصيني بالقاهرة، لياو ليتشيانج، قضيت 9 أيام كاملة في ثلاث مقاطعات كبري في الصين، هي بكين العاصمة وشينجيانج وجواندونج، وزرت مدنا كثيرة منها أورموتشي وجوانذو.. وكأي زائر لدولة عظيمة وكبيرة كالصين، انتابني شعور بالدهشة والإعجاب بما وصلت إليه الأمة الصينية من علم وتقدم ونهضة وحضارة، وأردت أن أسجلها وأوثقها في مجموعة مقالات أملا في نقل التجربة لبلدي الحبيب مصر والذي يبدأ عهد الجمهورية الجديدة ويتمتع بعلاقات جيدة ومتميزة مع الصين سواء علي المستوي القيادي بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الصيني شي جين بينغ أو علي المستوي الشعبي فلقد رأينا ترحابا كبيرا بالوفد المصري سواء علي المستوي الشعبي أو الحكومي.

ومنذ أو وطأت قدماي مطار بكين لفت انتباهي ذلك التنسيق الحضاري والبصري لكل شيء فالمطار الأشهر علي مستوي العالم والأكبر من حيث سعة المسافرين يذخر بالتكنولوجيا العالية مع دقة التصميم والابداع، فهو على شكل نجم البحر الضخم اللامع، وبمجرد الهبوط في المطار تري يروا عبر نوافذه نجمة بحر ضخمة، تمثل مبنى المطار وأطرافه الخمسة التي تتيح الوصول إلى الطائرات انطلاقا من نقطة مركزية كبيرة، ورغم كبر مساحته لم يقم علي أعمدة، ويتميز بمنشآت متطورة ومرافق متكاملة، مثل المحلات التجارية والمطاعم والفنادق والمواقف الخاصة بالسيارات وغيرها، وهو ثاني أكثر المطارات ازدحاما في العالم،  فهو أحد أكثر مراكز الحركة الجوية ازدحاما على مستوى العالم بما يزيد عن 100 مليون مسافر سنويا، ويضم العديد من شركات الطيران التي تنظم رحلات جوية محلية ودولية من وإلى المطار، كما يعرف بأنه المطار الوحيد الذي يحتوي على 3 محطات طرفية برجين يعملان معا و3 مدارج في كل من آسيا والمحيط الهادئ، وهو بالمناسبة من تصميم المهندسة المعمارية العراقية  الراحلة زها حديد، فقد صمم مبنى المطار على مساحة 700 ألف متر مربع، أي حوالي 100 ملعب كرة قدم، ويصل الضوء إلى أدنى مستويات المبنى من خلال الفتحات الموجودة في السقف، وتحت المبنى توجد محطة قطار وخط مترو يتيح للمسافرين الوصول إلى وسط المدينة في غضون دقائق معدودة.

وما إن تخرج الي شوارع بكين حتي تري تنسيقا عمرانيا هائلا فرغم الابراج العالية وناطحات السحاب الكثيرة لاتري لونا فجا أو مختلفا التناسق والجمال في كل شي لا بروز في المباني ولا تغول علي الشوارع المليئة بالأشجار وكأنها حدائق تسلم احداها الأخري زائري بكين، تلك المدينة العريقة النشطة يستيقظ سكانها في السابعة صباحا، تجاوزت التخلف، وسارت في طريق النهضة، لايوجد بها ما يعرقل السير بشوارعها ولا ما يزع سكانها أو زوارها، تحوي الفنادق الفخمة، والعمارات الشاهقة. 

وما أن تتجول في شوارع الصين أو أماكنها العامة حتي تري شعبا طيبا ودودا تجاه الزائرين، ينحني احتراما للضيوف يستمع جيدا ثم يتكلم في ظل ابتسامة تكشف عن رحابة صدره وحبه للأجانب وخاصة العرب وبالأخص المصريين.

الجميع يعمل بكل حب بلا كلل أو ملل وبإنتاجية عالية، رجل كان أو امرأة، فقد سمعنا من إحدي الشركات لكبري في مجال بناء ناطحات السحاب أن العمال قاموا ببناء مبنى سكني مكون من عشرة طوابق، في يوم واحد فقط.

انتظام المرور واحترام الإشارات أمر مدهش، كل شيء الكتروني بالتكنولوجيا والكاميرات والكهرباء، فلا تزاحم بين السيارات وراكبي الدراجات، ولا ضجيج أو استخدام الكلاكسات دون داع ولا أثر لمتسولين بالشوارع وقليلا ما تجد عامل نظافة رغم الشوارع النظيفة دائما.. أعمدة الانارة كلها تقريبا تعتمد علي الطاقة النظيفة إما طاقة رياح أو طاقة شمسية.

حسبنا في البداية ان ذلك التنسيق الحضاري والبصري والنهضة العمرانية يقتصر فط علي بكين العاصة لكننا تجولنا بالطائرات في مقاطعات عدة ومدن كثيرة وقري لم نجد الا ذلك الجمال سواء كان العمارات حديثة أو بيوت اثرية تم ترميمها وتجديدها وأود وأكرر الخضرة في كل مكان والشجر يزين كل الشوارع بالقري والمدن.

يساهم التوسع في استخدام الروبوتات في كل الأنشطة الحياتية وخاصة أعمال النظافة لتقليل الاعتماد على العنصر البشري، فالروبوت توجد في في كافة مناحي الحياة في الشوارع والفنادق والمطاعم والمطارات ويفرز الروبوت الذكي القمامة في مدينة هانجتشو بمقاطعة شجيانغ، بدعم من تقنيات تحديد المواقع الملاحية، حيث يستطيع الروبوت العمل ثماني ساعات متتالية، والتقاط وفرز 18 كيلو جرام من القمامة بمعدل دقة 98%.

وتوسعت الصين في العالم البناء الرأسي والعجائب المعمارية وأصبحت تستحوذ على أكثر من نصف ناطحات السحاب حول العالم، ووفقًا لبيانات من مجلس المباني الشاهقة والمساكن الحضرية فإن لدى الصين 12 مدينة من بين أكثر 25 مدينة حول العالم، بها معظم ناطحات السحاب والمباني الشاهقة.

والمعروف أن فن العمارة الصينية قديم العهد كالحضارة الصينية وهناك أدلة قوية تدل على أن الصينيين كانوا يتمتعون دائما بنظام بناء السكان الأصليين الذي احتفظ بخصائصه الرئيسية من عصور ما قبل التاريخ حتى يومنا هذا لكن التكنولوجيا الحديثة التي تمتلكها الصين زادت هذا الجمال جمالا.

ولدي الصين مناطق عتيقة كالقاهرة عملت علي ترميمها وتجديدها بشكل يجذب الأنظار والسياح، فالتحول الحضري بالصين مؤشر مهم لقياس درجة التطور والتحديث لهذا البلد العظيم وهو صورة مصغرة لتطور الدولة كاملة، فالتحول الحضري عملية اقتصادية واجتماعية شاملة وهو طريق ضروري لتحقيق التحديث، فعبر مسيرة طويلة من الاستكشافات المتواصلة والابتكارات القائمة على الحقائق الصينية المحلية حققت جمهورية الصين الشعبية قفزة كبيرة من "الصين الريفية" إلى "الصين الحضرية" وشهدت البلاد أكبر عملية تحول حضري في تاريخ البشرية، وهي الآن تسير في نهضة كبري بقيادة الرئيس شي جين بينغ.

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

لماذا اُختير الشرع ضمن أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم؟

شهد الشرق الأوسط، منذ مطلع الألفية الثالثة، سلسلة من الأحداث الكبرى التي أعادت تشكيل معالمه الجيوسياسية، وأنظمة الحكم في بعض دوله، والسياسات الدولية في المنطقة.

يبرز سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كأحد أهم هذه الأحداث. هذا الحدث لم يُنهِ فقط أكثر من خمسة عقود من حكم عائلة الأسد وحزب البعث، ولم يُحدث هزة جيوسياسية إقليمية فحسب، بل جلب إلى السلطة شخصية استثنائية، هي أحمد الشرع، الذي غيّر سوريا وتغير معها.

لذا، لم يكن مفاجئًا أن تختار مجلة "تايم" الأميركية الشرع ضمن قائمة أكثر مئة شخصية سياسية عالمية تأثيرًا لهذا العام.

تستند معايير "تايم" في تصنيفاتها السنوية إلى التأثير القيادي، والتغييرات الملموسة التي يُحدثها الأفراد على بلدانهم والمنطقة والسياسات الدولية. تنطبق هذه المعايير على أحمد الشرع، لكن اختياره هذا العام يحمل دلالات تتجاوز المعايير التقليدية.

فهذه هي المرة الأولى التي تُدرج فيها المجلة شخصية ذات خلفية إسلامية سابقة ضمن قائمة الزعماء المؤثرين عالميًا. على سبيل المثال، أدرجت "تايم" بشار الأسد في عام 2013 ضمن الشخصيات المؤثرة لقيادته بلدًا في خضم صراع جيوسياسي كبير عليه، لكنه لم يمتلك خلفية مشابهة للشرع.

إعلان

من ناحية أخرى، يُسلط اختيار الشرع الضوء على اهتمام العالم بمساعيه لتجاوز الماضي وإثبات قدرته على إدارة سوريا وتوحيدها وبناء دولة جديدة، وعلى التعامل مع التحديات الجيوسياسية التي تجذب العديد من الفاعلين الإقليميين والدوليين.

تعتمد "تايم" في تصنيفها على معايير التأثير العالمي والإنجازات التي تغيّر الأحداث أو السياسات أو المجتمعات، سواء كان هذا التأثير إيجابيًا أو سلبيًا.

يُبرز تصنيف الشرع جهوده الدعائية لتقديم صورة جديدة عنه للعالم. منصات مثل "تايم" لا تكتسب أهميتها من مصداقيتها فحسب، بل من تأثيرها على نظرة صانعي القرار في العالم للتحول السوري.

وفي معرض تفسير اختيارها، وصفت "تايم" الشرع بأنه يوازن بين المتشددين الذين قادهم سابقًا، والليبراليين السوريين الذين رحبوا بسقوط الأسد، مشيدةً بتجربته في حكم شمال غرب سوريا وتواصله مع الأقليات الدينية في المنطقة.

هذا التصنيف يروّج للشرع كزعيم سوري يطمح لقيادة بلاده مع مراعاة تنوعها الديني والعرقي والثقافي، وتأثيرها الإقليمي الكبير. وعلى الرغم من أن معايير "تايم" لا تسعى بالضرورة لإضفاء طابع إيجابي أو سلبي على الشخصيات العالمية، فإن تصنيف الشرع يميل إلى الإيجابية، بالنظر إلى التحول الكبير في شخصيته منذ توليه السلطة في سوريا.

كانت صورته مثيرة للجدل في الأوساط الدولية حين تولّى قيادة هيئة تحرير الشام، إذ ارتبط اسمه آنذاك بمشاريع عابرة للحدود أثارت كثيراً من التحفظات. لكن مع مرور الوقت، أعاد تموضع رؤيته لينخرط في مشروع سوري الطابع، يركّز على الأهداف المحلية للثورة، وعلى رأسها إسقاط النظام القائم، الذي ترسّخ عبر القمع والاستبداد والبنية الطائفية.

كونه الشخصية العربية الوحيدة في فئة القادة ضمن قائمة "تايم"، إلى جانب شخصيات عالمية مثل الرئيس الأميركي دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك، يعزز التصنيف مكانة الشرع كرمز للقيادة العربية المؤثرة عالميًا.

إعلان

ويعكس التصنيف أهمية التغيير الذي قاده في سوريا على محيطَيها العربي والإقليمي، وعلى المصالح الدولية في الشرق الأوسط. علاوة على ذلك، يشير التصنيف إلى تحول في السردية الدولية تجاه الثورة السورية، من تصويرها كصراع أهلي طائفي أدى إلى عودة خطر الإرهاب، إلى الاعتراف بها كحركة أحدثت تغييرًا جذريًا، وخلقت فرصة تاريخية لتحويل سوريا من معضلة مزمنة إلى قيمة جيوسياسية تدعم استقرار المنطقة وتتماشى مع المصالح الغربية.

وفي ضوء ذلك، يُمكن النظر إلى تصنيف "تايم" على أنه مؤشر إضافي على التقبل العالمي المتزايد لحقيقة أن الشرع لديه طموحات تستحق الاعتراف بها وبحاجة إلى فرصة لإثبات نواياه وحقيقة اعتداله.

أسهم الصراع في سوريا في تشويه النظرة الدولية إلى الواقع السوري بشكل كبير. فقد قامت هذه النظرة، في الغالب، على مجموعة من التصورات التي أضرت بالثورة السورية وبسياسات المجتمع الدولي تجاه سوريا.

من ذلك، على سبيل المثال، التركيز المبالغ فيه على البعد الطائفي للثورة على حساب الأبعاد الاجتماعية العميقة التي دفعت الشعب السوري للانتفاض ضد نظام بشار الأسد، فضلًا عن إغفال الأبعاد المحلية للصراع لصالح الاعتبارات الجيوسياسية.

بعد الإطاحة بنظام الأسد، تسعى العديد من الدول الغربية إلى تجاوز هذه التصورات، أو على الأقل الحد من تأثيرها كمحدد رئيسي لسياساتها تجاه سوريا. وتعمل هذه الدول على إعادة توجيه جهودها نحو دعم سوريا في انتقالها نحو بناء دولة جديدة، مع ضمان عدم عودتها إلى دوامة الصراع.

غير أن الاعتبارات والتحفظات السائدة تجاه الشرع ما تزال تُسهم في تقييد توجه عدد من الدول الغربية نحو اعتماد سياسة أكثر انفتاحًا ومرونة حيال الواقع السياسي الجديد.

في هذا السياق، يمكن أن يسهم تصنيف مجلة "تايم" بشكل جزئي في تبديد هذه النظرة الحذرة، وتشجيع المجتمع الدولي على التركيز على الفرص التي توفرها قيادة الشرع لسوريا، بدلًا من التركيز على المخاوف.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • أبوبكر الديب يكتب: ترامب والكأس الفارغ !!
  • بكين: الصين وإيران تبحثان تعميق التعاون الثنائي خلال لقاء رفيع المستوى
  • الرئيس الصيني: بكين شيدت نظاما للطاقة المتجددة الأكبر والأسرع نموا بالعالم
  • السفير التركي بالقاهرة: حياتي تغيرت حينما رأيت أطفال غزة المصابين
  • د. محمد بشاري يكتب: البابا فرنسيس.. رحيل رجل السلام وصوت الضمير الإنساني
  • إسطنبول: المدينة التي حملت أكثر من 135 اسمًا عبر التاريخ
  • الفيتناميون والقرفصاء.. ما قصّة أكثر شعوب العالم رشاقة وجَلَدا؟
  • الصين تتوعد الدول التي تسير على خطى أمريكا لعزل بكين
  • لماذا اُختير الشرع ضمن أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم؟
  • أبوبكر الديب يكتب: من الذهب الأسود للهيدروجين الأخضر.. مستقبل الطاقة في دول الخليج