استعرض ناصر بوريطة وزير الخارجية، أمس الثلاثاء بالقاهرة، المحددات الخمسة لموقف المملكة المغربية من قضية الشرق الأوسط والوضع في قطاع غزة، « كما سطرها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطابه بمناسبة الذكرى 25 لعيد العرش المجيد ».

وأبرز ناصر بوريطة، في كلمة أمام الدورة 162 لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، المحددات الخمسة والتي تتمثل في دعم المبادرات البناءة التي تهدف لإيجاد حلول عملية لتحقيق وقف ملموس ودائم لإطلاق النار ومعالجة الوضع الإنساني، وضرورة الخروج من منطق تدبير الأزمة إلى منطق العمل على إيجاد حل نهائي لهذا النزاع، ووقف الحرب في غزة، كأولوية عاجلة تتم بالموازاة مع فتح أفق سياسي كفيل بإقرار سلام عادل ودائم في المنطقة، واعتماد المفاوضات لإحياء عملية السلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وإرساء الأمن والاستقرار بالمنطقة، الذي لن يكتمل إلا في إطار حل الدولتين، وتكون فيه غزة جزءا لا يتجزأ من أراضي الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.

وأكد الوزير أيضا على انخراط المغرب في دعم المساعي الحميدة للدفع بالعملية السياسية لتحقيق الاستقرار والسلام في الدول العربية، التي ما زالت تعيش أزمات سياسية وحروب ونزاعات على أساس تغليب الحوار والمبادرات السلمية، بعيدا عن منطق القوة والحلول العسكرية.

كما شدد بوريطة على التزام المملكة المغربية بمبادئ حسن الجوار، والحفاظ على السيادة الوطنية للدول العربية، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والسعي إلى تجاوز الخلافات الظرفية والصراعات المفتعلة والنعرات الطائفية.

كلمات دلالية الشرق الاوسط غزة ناصر بوريطة

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: الشرق الاوسط غزة ناصر بوريطة

إقرأ أيضاً:

الصدام بين رؤية ترامب للسياسة الخارجية وواقع الشرق الأوسط

ترجمة - أحمد شافعي -

يعتزم الرئيس دونالد ترامب -الذي اشتهر بكتابه «فن الصفقة» في الثمانينيات- أن يطبق على البيت الأبيض المبادئ التي عرضها في ذلك الكتاب الرائج. وعلى وجه التحديد، يبدو أن عيني ترامب تنصبان على ما رآه كثير من رؤساء الولايات المتحدة بمقام الكأس المقدسة في منجزات السياسة الخارجية: فهو يريد أن يكون الرئيس الأمريكي الذي يحقق السلام الدائم في الشرق الأوسط.

والأمر بالنسبة لترامب يتعلق كله بالعقارات، أي مصدر رزقه. فهو ينظر إلى غزة فلا يرى فيها مقديشو البحر الأبيض المتوسط وإنما ريفييرا الشرق الأوسط.

لولا مشكلة واحدة في رؤية ترامب: هي أن العرب الفلسطينيين يعترضون الطريق. لذلك يقترح ترامب إجلاء المليوني عربي أو نحو ذلك ممن يعيشون وسط الحطام إلى ما يصفه في غموض بمكان أفضل. ولو أن بالإمكان أخذ تصريحات ترامب حرفيا (وذلك افتراض خطير) فسوف «يمتلك» الأمريكيون غزة لكي يعيدوا بناءها فتصبح ريفييرا الشرق الأوسط.

غير أن البيت الأبيض تحرى الصراحة -ردا على الأصوات الداخلية التي تعوي مستنكرة تكاليف مثل هذا المشروع- فقال إن القوات الأمريكية لن تنتشر في غزة، وإن دولارات دافعي الضرائب الأمريكيين لن تستعمل لدفع تكاليف إعادة الإعمار. وبدلا من ذلك، يريد ترامب من اللاعبين الأقوياء في المنطقة أن يفعلوا شيئا -أي شيء- لدفع الكرة الجيوسياسية قدما.

غير أن في الأمر مشكلة واحدة: هي أن الدول العربية لا تميل إلى دفع أموالها دعما لتهجير الفلسطينيين قسريا من غزة ولتمليك القطاع لأمريكا. وهنا تكمن مشكلة رؤية ترامب الكبرى.

ليس ألفا طفل مريض مغنما للبيت الأبيض

بعد ما بدا أقرب إلى تهديد من الرئيس ترامب بقطع معونة أمريكية هامة لبعض البلاد من قبيل الأردن ومصر، وافق العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في زيارة إلى البيت الأبيض على القبول بألفي طفل مريض، غير أن عبدالله الثاني أوضح أنه لن يقوم بأي خطوات إضافية إلى أن يطرح المصريون خطتهم الجاري وضعها.

والأمر الواضح هو أن ألفي طفل فلسطيني مريض لا يمثلون حتى واحدا في المائة من سكان غزة. بل إنهم في واقع الأمر أقل فئات هؤلاء السكان خطرا. فالمشكلة الحقيقية هي أن الدول العربية لا تريد استيعاب العرب الفلسطينيين من أهل غزة، وليس أهون أسباب ذلك أن كثيرا منهم إسلاميون راديكاليون سوف يوجهون غضبهم ضد الحكومات العربية المضيفة، وقد سبق أن ذاق الأردن ولبنان مثل ذلك في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.

فور انتهاء لقاء عبدالله وترامب، ألغت الحكومة المصرية لقاءها بترامب «إذا ما تطرق جدول اللقاء لغزة». ومن المنتظر أن يلتقي جميع الزعماء العرب في الرياض. فضلا عن أن الأتراك والإيرانيين ينسقون حاليا الردود فيما بينهم وبين العرب، ويجب أن يكون هدف إدارة ترامب هو في المقام الأول احتواء إيران في الشرق الأوسط. وترامب بحاجة إلى العرب، بل وإلى الأتراك، ليكونوا شركاء في سياسته، بقدر ما يحتاج إلى إسرائيل في ذلك.

ولكن هذا الهدف بات الآن تاليا للشوق إلى حل المستنقع الإسرائيلي الفلسطيني.

في كتاب «فن الصفقة» كتب ترامب أن استراتيجيته في المساومة قامت دائما على استهداف أهداف عالية علوا غير منطقي في المفاوضات الأولية، بمنطق أنه سوف يتمكن تحقيق ما هو أقل فيما بعد ويبقى مع ذلك رابحا. ولذلك فإن هذا هو السبيل الأفضل لفهم قوله بأن أمريكا سوف «تتملك» غزة وهو ما لا يريده الإسرائيليون أو العرب في حقيقة الأمر. فحتى لو لم تنته أمريكا إلى تملّك غزة، فقد يرغم ضغطه العرب والإسرائيليين (فيما أرجو) على العمل معا من أجل سلام حقيقي دائم. وهذا عمل غير معهود، لكن لو أن رجلا أثبت أنه قادر على تحدي الصعاب التي تتراكم أمامه، فهو دونالد ترامب.

مخاطرة ترامب باتفاقاته الإبراهيمية

لكن على الرغم من كل الجعجعة، كان سبب النجاح الكبير الذي حققته اتفاقات ترامب الإبراهيمية في عام 2020 هو أنها رفضت صراحة أن تجعل من حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أولوية. ومن خلال ذلك، أتيح للاتفاقيات أن تتحرك قدما إلى حيث فشلت في التقدم مقترحات كثيرة أخرى يشهد على فشلها التاريخ، وبات في متناول اليد تطبيع العلاقات بين دول عربية كثيرة وإسرائيل بعد ما كان ذلك يعد غير قابل للتصور منذ جيل واحد، وكان من شأن هذه الدول أن تضع يدها في أيدي تحالفات جديدة لتذويب الاختلافات فيما بينها وحشد ما لديها من موارد، لاحتواء إيران.

وفي رد على مقترح ترامب الأخير، يتعاضد العرب مع بعضهم بعضا -ومع إخوانهم المسلمين في تركيا وإيران- لتشكيل ما يرجح أن يكون جبهة موحدة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل. وحينما يلتقي الزعماء العرب في الرياض، سوف يكون ذلك هو هدفهم بصرف النظر عن أي تنازلات طفيفة يقدمونها لترامب (من قبيل قبول ألفي طفل مريض من غزة) لإلهائه عنهم وقتا كافيا.

مبادرة السلام العربية المحبطة

سيكون ما تنتهي إليه القمة العربية على الأرجح تكرارا لدعوة تحقيق السلام بما يتفق مع مبادرة السلام العربية. فقد طرح العرب هذه الخطة ما لا يقل عن أربع مرات في أعوام 2002 و2007 و2017 و2024.

وليس مكتوبا لهذه المبادرة أن تبدأ لأن الإسرائيلي يرونها -دونما إجحاف- لا خطة سلام وإنما إنذارا نهائيا. تدعو المبادرة إلى الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الضفة الغربية والنصف الشرقي من القدس ومرتفعات الجولان. وتدعو أيضا إلى «حق العودة» للفلسطينيين، بمعنى أن يسمح لجميع الفلسطينيين المشردين بسبب الحروب العديدة بين الإسرائيليين والعرب منذ عام 1948 -وأبنائهم- بالرجوع إلى بيوتهم الأصلية في إسرائيل.

وليست هذه الخطة منذورة لعدم البدء وحسب، ولكنها أيضا مستحيلة التنفيذ، حتى لو وافق الإسرائيليون على هذه الأمور (وهو ما لا يمكنهم عمله بطبيعة الحال لو أنهم راغبون في الحفاظ على بقاء إسرائيل). ولعل ترامب يرجو أن يضطر الجانبان إلى الجلوس إلى طاولة كبيرة جميلة ليتساوموا إلى أن تقدم تنازلات.

ومرة أخرى أقول إن ترامب قد يقهر الصعاب. ولكن الحظ لا يحالفه. ولا السوابق التاريخية. فبرغم ما يطرحه الرئيس الأمريكي من أفكار جديدة (وهذا تعبير مهذب) بشأن المشكلات القديمة، ففي ما يتعلق بالقضية الإسرائيلية الفلسطينية، يتحتم أن ترجع الثقافات القديمة المهيمنة على المنطقة إلى مواقفها المفضلة فتتوقف مبادرة ترامب بوطأة ميول المنطقة ذاتها.

وسواء أحدث هذا الأمر على الفور أم على مدار شهور عدة، سوف تتحطم رؤية ترامب للسياسة الخارجية على سواحل الشرق الأوسط الجيوسياسية الضحلة الصخرية، مثلما حدث لرؤى سابقة. ومن أجل اجتناب هذا المصير الرهيب يجب فورا أن ينتشل ترامب نفسه ـ والولايات المتحدة ـ من عملية السلام في الشرق الأوسط، ويركز فقط على ما فيه المصالح الاستراتيجية الوطنية في المنطقة (أي احتواء إيران ومواجهة التطرف الإسلامي)، ويعدل عن أي أوهام بحل المشكلة الإسرائيلية الفلسطينية المستعصية.

براندون جيه. وايكرت محرر الأمن القومي في (ذي ناشيونال إنترست)، وزميل مركز ناشيونال إنترست، ومستشار العديد من المؤسسات الحكومية والمنظمات الخاصة حول القضايا الجيوسياسية.

عن ذي ناشونال إنتريست.

مقالات مشابهة

  • السلطات المغربية تتعامل مع مخطط إرهابي يستهدف 9 مدن
  • ملك إسبانيا: مصر شريك استراتيجي في الشرق الأوسط ولاعب لا غنى عنه بالقارة الإفريقية
  • مركز النقديات يعزز التجارة الإلكترونية المغربية بإطلاق خدمة دفع متعددة العملات
  • ملك إسبانيا: مصر دولة محورية في القارة الأفريقية والشرق الأوسط
  • أول وزيرة فرنسية تزور «الصحراء المغربية».. توقيع اتفاقيات بمجالات مختلفة
  • وزير الكهرباء يبحث مع جنرال إلكتريك -أوروبا والشرق الأوسط تعزيز التعاون -تفاصيل
  • «الدبيبة» يستقبل نائب رئيس مجموعة «البنك الدولي» لمنطقة «الشرق الأوسط»
  • ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا .. مباحثات مصرية - فرنسية حول النقل والاتصالات
  • مدير دار الصحافة الفاتيكانية يوضح تطورات الوضع الصحي لـ البابا فرنسيس
  • الصدام بين رؤية ترامب للسياسة الخارجية وواقع الشرق الأوسط