ماهي تداعيات فوز دونالد ترامب في الانتخابات القادمة على الاقتصاد العالمي والاقتصاد العراقي بالأخص؟
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
ايفان شاكر الدوبرداني / باحث في الشؤون الاقتصادية العراقية والدولية برغم ان الاستطلاعات الأولية تشير بتفوق مرشحة حزب الديمقراطي "كاميلا هاريس" على ترامب، ولكن في حال تمكن مرشح حزب الجمهوري "دونالد ترامب" من الفوز في هذه الانتخابات، فسيكون في الولاية الثانية اقوى بكثير من الولاية الأولى، وذلك لأنه سيحضى بدعم كبير من قبل الشخصيات المؤثرة سياسياً واقتصادياً من داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن ابرزهم "ايلون ماسك" مؤسس شركتي تيسلا وسبيس اكس، وجيف بزوسس مؤسس شركة امازون وأيضاً يحظى بدعم كبير من داخل الحزب الجمهوري، وأيضاً المؤثرين في مجتمع الولايات المتحدة الأمريكية لهم حصة في دعم دونالد ترامب، وفي حملته الانتخابية يدعمونه حوالي 26 مليارديراً بقوة، وحيث تبلغ إجمالي ثروتهم بمايقارب 143 مليار دولار، وقدموا تبرعات بنحو 162 مليون دولار لحملته الانتخابية، كل هذا سيعطي قوة اكبر لترامب في إدارة البيت الابيض في حال فوزه في انتخابات نوفمبر القادم. تداعياته على النفط والتجارة الدولية : الاقتصاد العالمي حالياً يشهد تباطئاً وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية والصين والاتحاد الأوروبي، ولهذا السبب نشهد حالياً اسعار النفط تميل إلى الاتجاه الهبوطي، وحالياً النفط كسر مستويات 70 دولار للبرميل الواحد، برغم وجود توترات جيوسياسية قي الشرق الأوسط وعسكرية في البحر الأحمر و مؤخراً في ليبيا. و ترامب في حال فوزه في الانتخابات سوف يؤثر على قطاع النفطي بشكل كبير لأن سياسته النفطية معروفة منذ زمن بعيد بحيث ستضغط على اسعار النفط، لأن سياسته مناهضة للدول المنتجة للنفط، و أيضاً في المقابل ترامب سيدعم الشركات النفطية الأمريكية، لأن ترامب يدعم الوقود الأحفوري اي انه سيدعم الحفر في النفط والغاز في الفترة المقبلة، اي زيادة في إنتاج الطاقة، اي سيكون له تأثير سلبي على الدول المصدرة للنفط. وحيث انسحب ترامب في عام 2017 من اتفاقية باريس لتغير المناخ ودخلت حيز التنفيذ في عام 2020 ، ولكن في عهد جو بايدن سرعان ماعاد الولايات المتحدة الأمريكية إلى هذه الاتفاقية في مطلع عام 202 وتعهد ترامب بزيادة الرسوم الجمركية بنسبة 60% على البضائع الصينية بالتالي ستأثر سلباً على صادرات الصينية، وأيضاً تعهد بفرض رسوم جمركية على جميع الواردات بنسبة 10% وسيكون الإتحاد الأوروبي من أبرز المستهدفين، ومؤخراً ترامب هدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 100٪ على الدول التي ستتخلى عن الدولار في تعاملاتها التجارية، وفي المقابل الصين والاتحاد الأوروبي تتوعدان بالرد على هذه الإجراءات، وفي حال اندلعت هذه حرب التجارية عبر فرض رسوم جمركية فسوف تكون تكلفتها باهضة على الاقتصاد العالمي، وستفاقم أزمة التضخم ، وستؤدي الى حدوث خلخلة وتباطئ في الاقتصاد العالمي، وتداعياتها ستكون سلبية على قطاع الصناعي في المقام الأول، مما يؤدي إلى ضعف الطلب على النفط اي ان اسعار النفط ستتأثر سلباً، ناهيك عن ذلك حرب تجارية المشتعلة مابين الصين والاتحاد الأوروبي من خلال فرض رسوم الجمركية. تداعياته على أزمة روسيا وأوكرانيا: كان ترامب في الولاية الأولى داعم لروسيا، وحيث ذكر ترامب اكثر من مرة بأنه قادر على انهاء هذه الأزمة، وذلك بحكم علاقة الصداقة الحميمية بين ترامب وبوتين، إلى أن ينهي هذا النزاع في أوكرانيا عبر مساومات مابين الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا، ومن ممكن ان يحدث ذلك على حساب الإتحاد الأوروبي وإيران، وهذا يُعد عامل سلبي على اسعار النفط في حال رفعت العقوبات على روسيا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. و في المقابل سيسعى ترامب إلى خنق اقتصاد الإيراني بشكل أكبر من خلال تقليص صادرات النفطية الإيرانية التي تقارب 2.5 مليون برميل يومياً، إلى حوالي 500 تداعياته على العملات الرقمية المشفرة : تداعياته على العملات الرقمية المشفرة ستكون إيجابية، لأن ترامب في الآونة الأخيرة غير موقفه بإتجاه العملات الرقمية المشفرة التي كانت مناهضة لها في السابق ، الأن ترامب يدعم العملات الرقمية المشفرة بشكل كبير وفي مقدمتهم البيتكوين، وانتقد هيئة الأوراق المالية والبورصات "SEC" في وول ستريت، وأيضاً في الآونة الأخيرة أسس منصة خاصة بالعملات الرقمية المشفرة، وحيث ينوي ترامب بجعل الولايات المتحدة الأمريكية عاصمة للعملات الرقمية المشفرة وهذا يفسر لنا بأن العملات الرقمية المشفرة سترى النور في عهد ترامب، في حال لم يدخل الاقتصاد الأمريكي مرحلة "Hard landing" . تداعياته على الأسهم الأمريكية : الشق الأول ترامب سيدعم الشركات الأمريكية الكبرى من خلال خفض الضرائب، وأيضاً سيضغط على البنك الاحتياطي الفيدرالي من أجل خفض معدلات الفائدة بوتيرة اسرع، ومع انخفاض اسعار النفط ستكون تداعياته إيجابية على الاقتصاد الأمريكي، من خلال تقليل تكاليف وتحديداً في القطاع الصناعي مما يؤدي إلى انخفاض مستويات التضخم، وهذا يُعد بحد ذاته خبر ايجابي ل وول ستريت في حال تلافى الاقتصاد الأمريكي مرحلة "Hard landing"، ولكن في الشق الثاني سيقوم بزيادة الرسوم الجمركية اي سنشهد ضغوط تضخمية، وذلك سيؤدي الى تباطئ في الاقتصاد الأمريكي، ولذلك تداعياته ستكون سلبية بالنسبة للأسهم الشركات الأمريكية بسبب الحرب التجارية التي سيقودها دونالد ترامب والتي ستكون عواقبه وخيمة. تداعياته على سياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي : الكل يعلم ترامب علاقته غير جيدة مع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، برغم إنه صرح لن يقيل جيرم باول حتى انتهاء ولاياته، ولكن هذا لايعني بأن لن تكون هناك مناكفات مع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ومن بين الأفكار التي طرحها ترامب بإجبار البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على التشاور معه عند اتخاذ قرارات تتعلق بمعدلات الفائدة، و أن يكون له صوت عندما يتخذ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قراراته بشأن معدلات الفائدة. وصحيح بأن لن نرى اختلاف "Divergence" بين السياسة النقدية والسياسة المالية في عهد ترامب كما هو الأن في عهد حكومة "جو بايدن" بسبب الإنفاق الحكومي الكبير، ولكن المفارقة في الولاية الثانية لترامب سوف تكون السياسة النقدية والمالية تيسيرية، ولكن المعضلة ستكون في رؤية الأقتصاد الأمريكي من زاويتين مختلفتين من قبل الحكومة والفيدرالي وهذا سيخلق اختلاف "Divergence" اي سيكون هناك تضارب ومشكلة للأقتصاد الأمريكي، لأن ترامب يريد خفض الضرائب على الشركات مع زيادة بالرسوم الجمركية اي سيولد ضغوط تضخمية بشكل ملحوظ، اي سينزف إنجازات الفيدرالي التي خاضها ضد التضخم في خلال هذا العامين. وبالمقابل الفيدرالي وصل إلى المراحل الأخيرة في سياسته النقدية التشددية، بعد انخفاض التضخم بقرب من المستويات المستهدفة، وكان ذلك على حساب تباطئ الاقتصاد الأمريكي، ولذلك سيبدأ الفيدرالي بشهر سبتمبر ببدأ بخفض معدلات الفائدة من أجل تجنب الاقتصاد الأمريكي في دخول مرحلة "Hard landing". وفي حال لم نرى الاقتصاد الأمريكي يتعافى، في حينها ستكون التداعيات خطيرة على الاقتصاد الأمريكي، وممكن ان نرى "Stagflation" ركود تضخمي في عهد ترامب. تداعياته على الاقتصاد العراقي : و تداعياته على صعيد العراق سيكون سلبياً على الاقتصاد و ذلك يعود لسببين : السبب الأول هو سياسة ترامب المناهضة للدول المنتجة للنفط، و حيث سيسعى الى خفض اسعار النفط، وبالتالي سيؤثر بالسلب على الاقتصاد العراقي لأنه يعتمد على القطاع النفطي بنسبة مايقارب 90٪، وبالتالي سيؤدي إلى استنزاف رصيد احتياط البنك المركزي العراقي من العملة الصعبة. والسبب الثاني وهو أزمة شحة الدولار في العراق التي نعيشها في الوقت الراهن من ممكن ان تتفاقم هذه الأزمة، مما يؤدي إلى استنزاف قيمة الدينار العراقي، لأنه في حال زادت حدة صدام السياسي والعسكري مابين اذرع إيران في العراق والولايات المتحدة الأمريكية ، في حينها من ممكن ان يتعرض العراق إلى عقوبات اقتصادية او مالية نوعية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ويضيق الخناق على الاقتصاد العراقي عبر الدولار. الخلاصة في حال فوز دونالد ترامب في الانتخابات سنشهد تغيرات جذرية، فسيكون الاقتصاد العالمي أمام حقبة جديدة في عهد ترامب، ولهذا السبب الغالبية العظمى من الدول لايرغبون بفوزه بإستثناء روسيا.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار
إقرأ أيضاً:
النفط العالمي تحت ضغط التوترات الجيوسياسية وتباطؤ الاقتصاد
في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وتزايد القلق بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي، شهدت أسعار النفط تقلبات حادة ، وسط مخاوف من تعطل الإمدادات وازدياد القيود التجارية بين القوى الكبرى.
سجّل سعر نفط عُمان الرسمي لتسليم شهر يونيو المقبل انخفاضًا ملحوظًا، حيث بلغ 64.56 دولارًا أمريكيًا للبرميل، متراجعًا بمقدار 5.96 دولارًا مقارنةً بسعر يوم الجمعة الماضي الذي سجل 70.52 دولارًا أمريكيًا.يأتي هذا الانخفاض ضمن سلسلة تقلبات تشهدها السوق النفطية، متأثرة بعوامل جيوسياسية واقتصادية متعددة إضافة إلى قرار أوبك بلس بزيادة الإنتاج في شهر مايو القادم . وبلغ المعدل الشهري لسعر الخام العُماني لتسليم أبريل الجاري نحو 77.63 دولارًا للبرميل، منخفضا 2.63 دولارًا عن معدل شهر مارس الماضي.
وعلى الصعيد العالمي ، سجلت أسعار النفط تراجعًا حادًا بأكثر من 3% مع بداية التعاملات الآسيوية، مواصلة خسائرها الممتدة من الأسبوع الماضي، وسط تصاعد المخاوف من دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة تباطؤ نتيجة تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 2.1 دولار، أو ما يعادل 3.2%، لتسجّل 63.48 دولارًا للبرميل . كما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 2.14 دولار أو 3.5% لتصل إلى 59.85 دولارًا للبرميل.
وكان الخامان القياسيان قد شهدا يوم الجمعة الماضي تراجعًا بلغ نحو 7%، ليسجلا أدنى مستوى لهما منذ أكثر من ثلاث سنوات، وذلك عقب إعلان الصين رفع الرسوم الجمركية على سلع أمريكية كرد مباشر على إجراءات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
و كشفت الصين عن نيتها فرض رسوم إضافية بنسبة 34% على واردات أمريكية مختارة، ما عزز من مخاوف المستثمرين بشأن اتساع رقعة الحرب التجارية، وزاد من احتمالات تعرض الاقتصاد العالمي لحالة من الركود في حال استمرار التصعيد بين أكبر اقتصادين في العالم.
السوق النفطية العالمية خلال 2024
كشف المهندس جمال اللوغاني، الأمين العام لمنظمة أوابك، في النشرة الشهرية للمنظمة، أن السوق النفطية العالمية خلال عام 2024 واجهت تحديات معقّدة، أبرزها التوترات الجيوسياسية والركود الاقتصادي العالمي، إلى جانب تغيّرات في أنماط الاستهلاك وتأثيرات مناخية متزايدة.
شهدت المنطقة تصاعدًا في التوترات، خصوصًا في البحر الأحمر، ما أثار قلقًا عالميًا بشأن تعطل إمدادات النفط، وزاد من حساسية السوق تجاه أي تطور أمني. كما لعبت العقوبات الغربية على روسيا دورًا مهمًا في إعادة تشكيل تدفقات التجارة النفطية نحو الأسواق الآسيوية، وسط استهداف متكرر للبنية التحتية للطاقة الروسية بفعل الحرب في أوكرانيا.
وأوضح الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول أنه رغم التحديات، ارتفعت الإمدادات النفطية العالمية بنسبة 0.2% لتصل إلى 102.3 مليون برميل يوميًا، مدفوعة بزيادة إنتاج الدول من خارج أوبك. بالمقابل، تراجعت إمدادات دول أوبك بحوالي 400 ألف برميل يوميًا.
من جهة أخرى، نما الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.5 مليون برميل يوميًا فقط – أقل من نمو 2023 – ليصل إلى 103.8 مليون برميل يوميًا، وذلك بفعل تباطؤ النشاط الاقتصادي في الصين وارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية، إضافة إلى ضعف الصناعة في أوروبا.
وحسب النشرة الشهرية لـ " أوابك "، ساهم انخفاض التضخم في الاقتصادات الكبرى وتوجه البنوك المركزية نحو تخفيف السياسات النقدية في دعم النمو الاقتصادي. كما لعبت قرارات مجموعة أوبك بلس بتخفيض الإنتاج دورًا حاسمًا في استقرار السوق وسط التقلبات.
وأشارت النشرة إلى أن أسعار النفط الخام شهدت تذبذبًا حادًا خلال 2024. وتراجع متوسط سعر سلة خامات أوبك بنسبة 3.7 % مقارنة بعام 2023 ليبلغ 79.9 دولارًا للبرميل، نتيجة لعوامل عدة أبرزها المخاوف الجيوسياسية وضعف الطلب العالمي.
توقعت أوابك أن تبقى السوق النفطية في 2025 تحت ضغط حالة عدم اليقين، نتيجة احتمالية تباطؤ اقتصادي في الصين، واستمرار التوترات في الشرق الأوسط وشرق أوروبا ،و تصاعد السياسات التجارية الحمائية بقيادة الولايات المتحدة.
تعيش أسعار النفط حالة من الترقب والتقلب، مدفوعة بعوامل سياسية وتجارية متشابكة. ومع استمرار التصعيد، تبقى الأسواق على أعصابها، في انتظار ما ستؤول إليه الأحداث في الشرق الأوسط والعلاقات التجارية بين القوى العظمى.