16 شهراً من الحرب: حساب الربح والخسارة..!

د. مرتضى الغالي

لو كان هناك “بعض فطنة” لدعاة الحرب (ولا نقول بعض ضمير) لتوقفوا قليلاً ليراجعوا (حساب الأرباح والخسائر) من الحرب الدائرة الآن.. وما ينتج من مواصلتها..! لعل مثل هذه الوقفة تهديهم إلى القرار الصائب الذي يتوجّب عليهم اتخاذه.. أو “على أقل تقدير” تحديد السنوات المطلوبة لمواصلة الحرب.

. فقد لا تكفي (المائة سنة) التي أعلنها العطا وبصم عليها البرهان..!.

ولكن كيف مع غلبة الهوى والمصالح الذاتية للزعانف الذين لا يجدون لهم موقعاً إلا في (الأوضاع الاستثنائية) التي تسود فيها الفوضى ويغيب فيها العقل والقانون وتغيب المحاسبة وتضيع أقدار الناس وتختلط الرغائب البهائمية بالمواقف الإنسانية تحت هدير الدانات والمدافع وقعقعة السلاح وانهيار الموازين والأحكام..!.

لقد أكملت الحرب الآن 16 شهراً.. بل زادت على ذلك (كيل بعير).. فما هي الأرباح وما هي الخسائر..؟! وماذا حدث في الوطن..؟! نعم نجح الانقلاب.. ونجح إشعال الحرب.. فما هي النتائج..؟!.

لا بد أن يدخل في الحساب ماذا تحقق من الحرب على صعيد مكاسب الوطن وأهله.. ولابد أن يدخل في حساب الربح والخسارة أعداد القتلى وأعداد المصابين والمعاقين والناجين والمشردين..؟! ولا بد من معرفة ماذا حدث على صعيد المتأثرين بالحرب، وما حدث على صعيد اللجوء والنزوح، وماذا حدث للمدن والمرافق والمنازل والبيئة التحتية.. وماذا حدث للمدارس والجامعات والأطفال والتلاميذ والتعليم، وماذا حدث في جانب الآثار الاقتصادية والمعيشية والموازنة العامة وأرصدة الدولة وقيمة العملة.. وماذا حدث في مجال البيئة والصحة والموارد والزراعة وتوفير الغذاء.. إلخ.

هل جرى تأمين المواطنين وحمايتهم داخل منازلهم وفي مدنهم وقراهم..؟! هل تم توفير الغذاء والدواء والتعليم أثناء الحرب..؟ هل استمر عمل الخدمة العامة وقضاء حوائج الناس..؟ هل تم حماية الأطفال ورعاية المواليد..؟ وهل تم الحفاظ على مصادر رزق المواطنين وصرف مرتبات العاملين واستمر عمل الشركات والقطاعات الخدمية والإنتاجية..؟!.

هل استطاعت الحرب تحسين صورة السودان في العالم وتعزيز علاقات الجوار مع دول الإقليم ومنظمات العالم وهيئاته..؟ هل ازدادت حصيلة الصادرات والجمارك..؟ وهل حصلنا بسبب الحرب على قروض ومنح وهبات وإعفاءات ومعونات من الأسرة الدولية..؟!.

هل لا يزال جيش انقلاب البرهان مخطوماً من أنفه يسير منحدراً نحو القاع تحت سمع وطاعة الكيزان و(كرتي 99)..؟! يجبرونه على لحس تعهداته وتوقيعاته بقبول المفاوضات فيستجيب..! ويأمرون قائده البرهان بأن (يقلب لسانه) ويسمي الحرب التي قال إنها (عبثية) حرب الكرامة فيطيع.. من غير أن يشرح للناس كيف يمكن أن تكون الحرب العبثية “حرب كرامة”.. أو كيف تكون حرب الكرامة (حرباً عبثية)..؟!.

ما هي الانتصارات التي تحققت..؟ لقد أعلن قادة جيش البرهان أنهم استعادوا السيطرة على بعض الميادين في بعض أحياء أم درمان القديمة وأم بدة..!!. فهل تكفي الـ(100 سنة) المقررة لاستمرار الحرب لاستعادة بقية مدن وقرى السودان بحساب (الورقة والقلم)..؟!.

ابسطوا على الطاولة خريطة لكل أراضي السودان حتى تستطيعوا تحديد (النسبة المئوية الحقيقية) للمساحات التي تمت استعادتها مقارنة بالمساحة التي لا زالت خارج قبضة جيش البرهان والعطا وكباشي وإبراهيم جابر وميرغني إدريس وفي ولاية الجزيرة وولايات النيل الأبيض والنيل الأزرق وسنار وكردفان ودارفور ونهر النيل و(بقية منطقة أم درمان والخرطوم وشرق النيل).. وبقية الولايات الـ18 و(القيادة العامة)..!.

ما هي المكاسب من كل هذه الأهوال..؟! هل من أجل كسب تأييد (مغنية نقوط) وصحفجية ومعلقين لم يكن يكلف إرضاؤهم أكثر من (كشكشة ريالات)..!.

حكومة الحرب التي تستنفر الصبايا للمحاربة نيابة عنها.. تشغل نفسها باستقبال (مغنية عائدة من إجازة الصيف) ولا تلتفت لانهيار سد أربعات وغرق مدينة طوكر.. بل غرق السودان بكل مَنْ فيه وما عليه.. وتستولي على معونات خاصة بـ25 مليون مواطن يتهددهم الجوع..! تمتنع عن صرف مرتبات موظفيها.. ويسافر رئيسها إلى رواندا (مع وفد رفيع) للمشاركة في حفل تنصيب بروتوكولي.. ثم يعود ويؤكد على استمرار الحرب “مائة عام قادمة”…. الله لا كسّبكم..!.

murtadamore@yahoo.com

الوسومالبرهان الحرب السودان العطا القيادة العامة الكباشي النيل الأزرق رواندا سنار مرتضى الغالي نهر النيل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: البرهان الحرب السودان العطا القيادة العامة الكباشي النيل الأزرق رواندا سنار مرتضى الغالي نهر النيل وماذا حدث من الحرب

إقرأ أيضاً:

القاعدة الروسية تطل براسها من جديد

بقلم : تاج السر عثمان

١
اطلت براسها من جديد القاعدة البحرية الروسية في الاراضي السودانية، فقد جاء في الأنباء (قناة الان) إعلان وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، عن توصل الخرطوم وموسكو إلى اتفاق لإنشاء قاعدة بحرية روسية في الأراضي السودانية. جاء هذا الإعلان خلال مؤتمر صحافي عقب محادثات أجراها الشريف مع نظيره الروسي سيرجي لافروف في موسكو، حيث أكد الشريف عدم وجود أي عقبات أمام تنفيذ هذا الاتفاق، مشيراً إلى توافق كامل بين الجانبين، ولم يقدم الوزير تفاصيل حولها. في سياق متصل، أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف على أهمية الوضع في السودان، مشدداً على ضرورة إنهاء العمليات العسكرية بسرعة وبدء حوار وطني شامل يضم جميع القوى السياسية والعرقية. وأشار إلى أن القيادة السودانية قد وضعت “خارطة طريق” تهدف إلى تحقيق توافق وطني، مما يعكس رغبة موسكو في دعم استقرار السودان كخطوة لتعزيز العلاقات الثنائية، خاصة في مجالات تطوير الموارد المعدنية.
واضح ان هدف روسيا من استقرار السودان بالتسوية التي أشار اليها، الحصول على موطئ قدم عسكري في السودان، والاستمرار في نهب ذهب ومعادن وثروات السودان الآخر ي، ولتحقيق المصالح الجيوسياسية المتزايدة لموسكو في القارة الأفريقية بشكل عام.
خطورة وجود القاعدة البحرية الروسية تجعل السودان في مرمى وقلب الصراع الإقليمي والدولي على الموارد في أفريقيا، فضلا عن الرفض الجماهيري الواسع لها، بعد اتفاق المعزول البشير حولها مع الروس في أيامه الأخيرة، وتجميدها بعد ثورة ديسمبر، اضافة للتفريط في السيادة الوطنية ، وأن روسيا غير قادرة على حماية حكومة الأمر الواقع في بورتسودان التى لاتملك اي شرعية في إبرام اتفاق كهذا، وان روسيا وقاعدتها البحرية لن تنقذها من زوالها المحتوم ، كما أكدت تجربة البشير وأخيرا نظام بشار الأسد في سوريا الذي ذهب لمزبلة التاريخ رغم استقوائه بروسيا وإيران. الخ، فوجود القاعدة البحرية الروسية يؤدي إلى المزيد من التصعيد للصراع الدولي والإقليمي على الموارد في السودان وأفريقيا، شعب السودان في غنى عنه، ومصلحته في قيام علاقات خارجية متوازنة مع كل دول العالم.
٢
أشرنا في دراسة سابقة إلى اشتداد الصراع الدولي في إطار أزمة الرأسمالية العالمية والليبرالية الجديدة، مع الحروب بهدف السيطرة على الموارد والطاقة كما هو حاصل في السودان وأفريقيا والحروب الجارية بين روسيا وأوكرانيا بهدف إضعاف روسيا، والحرب في السودان، والحرب في غزة التي يشنها الكيان الصهيوني بهدف تهجير وإبادة شعب فلسطين وتصفية القضية الفلسطينية ونهب موارد غزة من الغاز وغيره، بدعم من أمريكا وحلفائها في المنطقة بهدف الهيمنة في صراع النفوذ على منطقة الشرق الأوسط لموقعها الاستراتيجي الغنية بموارد الطاقة.
يتم هذا في ظروف تشتد فيها أزمة النظام الرأسمالي، والصراع على الموارد بين أقطاب الدول الرأسمالية.
٣
إضافة لارتفاع الإنفاق العسكرى على صعيد العالم واتساع تجارة السلاح على حساب الإنفاق على التعليم والصحة، كما حدث في السودان في التنافس بين الجيش والدعم السريع على الثروة والسلطة حتى نشوب الحرب اللعينة بينهما حيث بلغت ميزانية الأمن والدفاع 70%، فضلاً عن استحواذ شركات الجيش والدعم السريع والأمن والشرطة على 82% من الموارد، وصرف الدولة على الدعم السريع وجيوش حركات جوبا.
بحيث أصبح من نتائج أزمة الرأسمالية زيادة الأغنياء غنىً والفقراء فقراً. فضلاً عن ازدياد عدوانية حلف "الناتو" بهدف نهب الموارد في أفريقيا وبقية بلدان العالم، في صراعها مع الصين وروسيا. كما يشتد التناقض بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية بسبب هيمنة الولايات المتحدة، وفرض مقاطعة روسيا عليها، التي تضررت من نقص الطاقة الواردة من روسيا بأسعار أقل.
٤
لا يمكن فصل التدخل الدولي الكثيف عن اشتداد حدة الصراع الدولي لنهب موارد السودان، فما هو جارٍ الآن من حرب وإبادة جماعية في ولايات الخرطوم والجزيرة وكردفان، دارفورو النيل الأزرق والشرق، وبقية المناطق هدفه نهب الأراضي وتشريد سكانها الأصليين، والموارد لصالح الشركات الزراعية والعاملة في التعدين الإقليمية والعالمية، وتسليح المليشيات لتلعب دورها في خدمة تلك المصالح كما في مليشيات الدعم السريع الذي اعترف قائدها حميدتي صراحة بالتبعية للخارج، فالمخطط الذي جرى قبل الحرب لنهب أراضي وموانئ البلاد في غياب الحكومة الشرعية والبرلمان المنتخب مثل: قيام ميناء “ابوعمامة” على البحر الأحمر، ومشروع “الهواد” الزراعي، وخط السكة الحديد بورتسودان– أدري بتشاد، تهدف الحرب الجارية لتحقيقه، إضافة لصراع أمريكا لإبعاد الصين وروسيا من السودان، كما في اعتراضها على السماح لروسيا بقيام قاعدة في السودان، ونشاط شركات “فاغنر” مليشياتها في التعدين، وهدفها الانفراد بالسودان والعمل على استقراره لضمان نشاط شركاتها في السودان.
٥
لقد فرّط نظام الإنقاذ والرأسمالية الطفيلية الإسلاموية في سيادة الوطن وباعت أراضي السودان الزراعية أو تأجيرها لسنوات تصل إلى 99 عاماً، وأبرمت شروطاً مجحفة في اتفاقات التعدين نالت بموجبها الشركات 70% من العائد، بدون شروط لحماية البيئة والعاملين وتعمير مناطق الإنتاج، وربطت البلاد بالأحلاف العسكرية والمشاركة في محرقة حرب اليمن، وفقدان السودان لأجزاء منه بالاحتلال.
مما يتطلب توسيع التنسيق الجماهيري لوقف الحرب واستعادة مسار الثورة، والاستفادة من التجربة السابقة بسلبياتها وإيجابياتها.. حتى لا يتم إعادة إنتاج الأزمة والشراكة مع العسكر والدعم السريع اللذين يجب أبعادها عن السياسة والاقتصاد، وعدم الإفلات من العقاب بتقديم المسؤولين عن جرائم الحرب والاغتصاب للمحاكمات.
إضافة للتنسيق من أجل: رفض قيام القاعدة البحرية الروسية على الأراضي السودانية، وإعادة النظر في كل الاتفاقات المجحفة حول الأراضي التي يصل إيجارها إلى 99 عاماً، ومع شركات التعدين.وحماية السيادة الوطنية وقيام علاقات خارجية متوازنة مع كل دول العالم لمصلحة شعب السودان بعيداً عن الأحلاف العسكرية والمحاور الإقليمية. وغير ذلك من مهام الفترة الانتقالية التي تُجرى في نهايتها انتخابات حرة نزيهة.

alsirbabo@yahoo.co.uk  

مقالات مشابهة

  • مصطفى تمبور يؤدي القسم أمام البرهان والياً لولاية وسط دارفور
  • إسرائيل تدفع قانونين يمنعان توثيق جرائم الحرب التي ترتكبها
  • رمي البرهان بخطابه لحماً عبيطاً للصفوة فأخرجت أثقالها
  • خط المواجهة!!
  • صحافة عالمية: غزة تعيش صدمة جماعية بعد 15 شهرا من القصف
  • طُفيليات بورتسودان..!!
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزع 20 طنًا من التمور في مدن ولاية النيل الأبيض بالسودان
  • ما بعد الحرب.. السياسة تعود للسودان
  • القاعدة الروسية تطل براسها من جديد
  • نعم شركاء- في الحرب وفي الحكم!!