موقع النيلين:
2024-09-17@14:54:08 GMT

بِذرة الكرامة .. حصاد الحرية (4)

تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT

بِذرة الكرامة .. حصاد الحرية (4) ..
المرفأ الذي وصل إليه الجيش السوداني!
رشان اوشي
الرصاصة التي أطلقتها المليشيا يوم ١٥/ابريل ، والتي حاولت قتل حلم السودانيين بوطن مزدهر مستقل ، كانت أيضاً حبلى بالمفاجآت التدميرية، فقد تمثل هجوم “آل دقلو” المباغت والذي لم يتوقعه أحد ، بداية لأشد الأيام دموية في السودان ،انه يشبه المحارق النازية (الهولوكوست).


استمرت الحرب التي تمخضت عن هذا الهجوم لفترة تفوق تقريباً ما تخيله أي منا، مع خسائر الشعب ، خسرت القوات المسلحة اهم مراكز استقلاليتها وقوتها ” منظومة الصناعات الدفاعية”، فقد دمرت المليشيات التي بدت متلهفة للانتقام كل مقدراتها المدنية والعسكرية.
الحقيقة أن منظومة الصناعات الدفاعية حققت مبدأ الاستقلالية للجيش السوداني بأنها كانت تصنع من الطلقة إلى تجميع المدرعات والطائرات، والأهم أنها صنعت المسيرات ، ذلك السلاح الفعال في معركة الكرامة ، فقد مرغت مسيرة “الصبرة” انف الحصار الاماراتي لبلادنا في تراب المقاومة .
رغم التدمير الممنهج ، فتحت المنظومة ثقب أمل في جدار الانسداد السياسي والاقتصادي ايام الحرب الاولى ، قامت باستيراد كميات ضخمة من سلعتي الدقيق والسكر ، حتى لا يجوع السودانيين، من مواردها الذاتية بدون اللجوء لسوق العملة الأجنبية الموازي .
ونجحت في توصيل تلك السلع إلى دارفور وكردفان أثناء الحرب عبر مكاتبها في ولاية النيل الابيض، ، بجانب توظيف علاقتها الوثيقة والقديمة ببعض الدول الآسيوية لاستجلاب أسلحة متطورة كالطيران والطيران المسير .
ومع ذلك، فإنَّ المفاجأة الكبرى التي تمخضت عن كل هذا الدمار الذي كشف عن سوء بالغ للنظام العالمي والإقليمي ، أن منظومات الصناعات الدفاعية خلال أقل من نصف عام من اندلاع الحرب، نهضت من بين الركام ، واستعادت جزء كبير من مقدراتها الصناعية ، حيث بدأت مجموعة “جياد” خط انتاج السيارات من نهر النيل ، وفي أماكن أخرى اعيد تأسيس مصانع “اليرموك” ، “سابقات “..الخ.
بجهود رجال ونساء يمثلون ملمحاً مقدراً في التآزر الوطني ، أسست المنظومة أثناء الحرب مشروع ” المتكامل الاستراتيجي ” بمدينة “دنقلا” ويضم (٨٤) محور زراعي ، ومسلخ حديث سيدخل الخدمة خلال أسابيع تعويضاً لمسلخ “الكدرو” ، مصنع اعلاف وحظائر تسع ل(٤٥) الف عجل ، بجانب إنشاء محطة “سيمنس” لإنتاج -(٣٥٠) ميقا واط ، ومحطة “سواكن للطاقة الشمسية ” -(٢٦) ميقا واط ،لامداد ولاية البحر الاحمر بالكهرباء .
استمرت منظومة الصناعات الدفاعية في سداد رواتب (١٣) الف موظف لم تتخل عنهم رغم الدمار والخسائر .
ابتعد ابطال “منظومة الصناعات الدفاعية ” عن صخب الأحداث المتوالية، وعملوا بعزيمة لا تقهر ،في أشد الايام حلكة ، ونصال التخوين تدمي ظهورهم .
كان الفريق أول “ميرغني ادريس” ،اللواء أمن “م” “الجيلي ابوشامة” واللواء ركن “معتصم” يعلمون أن هستريا الميديا والأحكام المتعجلة لم تؤسس دولاً، فضلاً عن قدرتها على إنقاذ أوضاع معقدة وقاتمة، وهذا درس تاريخي ليس مجانياً دفع فيه الشعب السوداني أثماناً باهظة ومكلفة، إذ يؤكد الحال منذ ديسمبر/٢٠١٩م مدى التعقيد الكبير لواقعنا السياسي والاقتصادي .
واليوم، تجني منظومة الصناعات الدفاعية ثماراً عظيمة ، إذ عقدت اتفاقيات تعاون مشترك مع كبريات الشركات الصينية ، تفتح أبواب الأمل أمام مستقبل مشرق للجيش السوداني ، في وقت تتحمل واشنطن أعباء الصراعات المستعرة بالسودان وكراهية السودانيين .
نجاحات منظومة الصناعات الدفاعية رغم الدمار في تقديري رسالة قدرية لكل سوداني ، أن بلادنا يجب أن تستمر وأن مستقبلاً قادماً لا بد أن يأتي، ولو على بقايا البقايا، وأنه قد حان وقت كتابة فصول جديدة.
محبتي واحترامي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

الحرب ستقف عندما يسترد المواطن السوداني بيته وكرامته

من ‏أهم ما قاله حاكم دارفور أركو مناوي في مقابلته في قناة الجزيرة مع أحمد طه قبل أيام ، تقليله من ثأثير ما وصّت به لجنة تقصي الحقائق بنشر قوات محايدة للفصل بين الأطراف المتنازعة في السودان ، الشيء الذي وجد ترحيبا من المليشيا و ذراعها السياسي بأنه الحل الذي يُبقيهم في المشهد في ظل “تعنت” قادة القوات المسلحة و رفضهم للتصالح مع المليشيا و إعادتها كشريكة في حكم البلاد.

محاولة إقناع المواطن أن السلام سيأتي مع القوات الدولية هو مجرد سراب كاذب آخر ، فقد قال مناوي ( أن الأمم المتحدة نشرت 50,000 عسكري في دارفور و لسنوات عدة فيما عُرف ببعثة اليوناميد ، لكنها أخفقت في إيقاف القتال كما عجزت عن حماية المواطن و عن إعادة النازحين من المعسكرات إلى قراهم ).

وإذا نظرنا في تاريخ البعثات الدولية في دارفور فقد بدأت بعد عام واحد من إنفجار حرب دارفور في العام 2003 . حيث نشر الاتحاد الأفريقي بعثة عسكرية في العام 2004 ، و لما عجزت بعثة الاتحاد الأفريقي عن فعل أي شيء تم ترفيعها الى بعثة مشتركة من الأمم المتحدة بداية من 2007 مما عرف “بالهجين” ، حيث بدأت أكبر بعثة للأمم المتحدة في تاريخ الحروب في دارفور في العام 2007 إلى نهاية ديسمبر 2020. و كانت مفوضة بالمبادرة بإطلاق النار لحماية المدنيين. لكن لم يكن لها أثر كبير على الصراع في دارفور . بل قويت قوات الجنجويد وتمت شرعنتها و تدفق لها السلاح و اللوجستيات كما سيطرت على كثير من والأراضي و القرى و مناجم الذهب في دارفور . كانت اليوناميد فشلا واضحا للمجتمع الدولي و خذلاناً لمواطن دارفور الذى عانى من سياسات النظام الحاكم و تحكّمات الحركات المتمردة.

و دخلت البعثة أسوا فصولها عندما من طالبت إدارة ترمب بإنهاء بعثة الأمم المتحدة للسودان في النصف الأول من عام 2017 نسبة لضخامة الميزانية المدفوعة و محاولة الولايات المتحدة تقليل إلتزاماتها الدولية في ولاية ترمب : أمريكا أولاً. و طالبت بتخفيضها وصولا الى سحبها نهائياً في 31 ديسمبر 2020 .

فالمجتمع الدولي شاهد جنين الجنجويد ينمو منذ 2004 وصولا الى ذروة قوته و إنقلابه على البشير في نهاية عام 2020. و خرجت هذه القوات من دارفور فقط ليتم محاولة استدعائها الآن و نشرها في كامل التراب السوداني بعد سنوات قليلة.

و يتم الآن دعوة مجتمع دولي يبدو أكثر إنشغالا و انقساما و تقشفاً من مثيله في 2004 .
إن الذي تسوّق له قحت و تبشر به و تدعو له من نشر القوات الدولية ؛ لن يبدو صعباً و مكررا فقط، بل سيعجز عن تحقيق أهدافه في إيقاف الحرب لصالح حماية أحد أطرافها و تمكينه من لقط الأنفاس و إعلان الدولة أو إدارات مدنية ذات وجود و تأثير على الأرض ، كما دعت قحت و اتفقت في ذلك مع مليشيا الدعم السريع . فالحرب ستقف عندما يسترد المواطن السوداني بيته و كرامته ، و حتى ذاك الوقت ، يجب على السياسيين المعارضين للحرب دعوة المليشيا الى الخروج من بيوت المدنيين بدلاً من إحضار قوات دولية لتمكينها على البقاء فيها .

عمار عباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الصحة العالمية: مستوى الدمار والموت والنزوح بالسودان مأساوي
  • «إيدج» تعرض أحدث الحلول الدفاعية في معرض أذربيجان الدولي للدفاع
  • تركيا تعلن نجاح اختبار إطلاق صاروخ من منظومة سيبر للدفاع الجوي
  • “إيدج” تُعرض أحدث التقنيات والحلول الدفاعية في “معرض أذربيجان للدفاع”
  • الجيش السوداني يسجل تقدماً نوعياً بحساب التكتيك والمبادرة
  • بذرة الكرامة .. حصاد الحرية -(6)
  • مبادرات فردية للدراميين السودانيين لمساعدة المتضررين من الحرب
  • رشان اوشي: بذرة الكرامة .. حصاد الحرية-(5)
  • وثائقي يروي تطلعات السودانيين.. بين أمل الثورة وألم الحرب
  • الحرب ستقف عندما يسترد المواطن السوداني بيته وكرامته