فضل سورة الكهف يوم الجمعة.. تضيء للمسلم طريقه
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
ورد عن فضل سورة الكهف يوم الجمعة، حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال"مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ".
هل يجب قراءة سورة الكهف قبل مغرب يوم الجمعة ؟ هل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة أم ليلتها.. أيهما أعظم؟ فضل سورة الكهفكما ورد عن فضل سورة الكهف عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: " مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ "
ويستحب لكل مسلم، أن يحرص على قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، فهي من السنن الواردة عن النبي الكريم في هذا اليوم المبارك.
ويبدأ وقت قراءتها من غروب شمس يوم الخميس إلى غروب شمس يوم الجمعة، ومن كان أميًّا لا يقرأ، واستمع إليها مبتغيًا الأجر والثواب الوارد في فضلها حصل عليه بإذن الله ؛ لأن الميسور لا يسقط بالمعسور كما نص الفقهاء.
قراءة سورة الكهفأما من كان يحسن القراءة فعليه بقراءتها، ولا يكتفي بالاستماع إليها؛ لأن الأجر ورد على القراءة، وليس على الاستماع.
الدروس والعبر من سورة الكهفولعل الحكمة من ورود الفضل في قراءتها كل أسبوع؛ كونها تعطي العديد من الدروس، وتضم الكثير من العبر التي ينبغي على كل مسلم الوقوف عليها، منها على سبيل المثال لا الحصر
أن الله مع من آمن به، والتزم طاعته، وصار على نهجه، يدافع عنه بطرق ربما يصعب على العقل البشري إدراكها، وهذا ظاهر جلي في قصة أصحاب الكهف، هؤلاء الفتية الذين آمنوا بربهم، وخرجوا من بلادهم فرارًا بدينهم، ولجئوا الى كهف في الجبل، ثم مكثوا فيه نيامًا ثلاثمائة وتسع سنين، ثم بعثهم الله بعد تلك المدة الطويلة.
السورة تصحح فهمًا للمؤمن أن الابتلاء كما يكون بالنقم والبلايا يكون بالنعم والعطايا، {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 35]. وهذا الملمح نتعلمه من سورة الكهف من خلال صاحب الجنتين، الذي كان من الأغنياء؛ ومع ذلك هذه النعمة بدلا من شكرها كفرها، فزالت من بين يده.
تُعَلِّمُنَا السورة أن المعرفة دائما نسبية، وأن الإنسان مهما بلغ من العلم فهو قليل، {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]، وأن الإنسان مهما أوتي من المعرفة، فهناك من هو أكثر معرفة وعلمًا ودراية منه، { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76]. وهذا الملمح نتعلمه من سورة الكهف من خلال قصة سيدنا موسى مع الخضر، وما جرى من الأمور الغيبية التي أطلع الله عليها ذلك العبد الصالح" سيدنا الخضر" الذي لم يكن نبيًا، ولم يعرفها، ولم يحط بها علمًا سيدنا موسى الذي كان نبيًا، حتى أعلمه بها ذلك العبد الصالح.
تُعَلِّمُنَا السورة أن السلطة ابتلاء واختباء فعلى صاحبها حسن استخدامها لخدمة دينه وأمته ومجتمعه من الأخطار التي تحدق بها، وهذا الملمح نتعلمه من سورة الكهف من خلال قصة ذي القرنين هذا الملك الصالح الذي ملك مشارق الأرض ومغاربها، وبسط عدله على المعمورة كلها، وسخر هذه السلطة، وهذا الملك لخدمة البشرية كلها ببناء السد الذي يمنع من خطر يأجوج ومأجوج.
فسورة الكهف تساعد المؤمن عند قراءتها أن يستخرج منها كثيرًا من الدروس والعبر التي تساهم في تشكيل حياته نحو طريق البر؛ لهذا ورد الأمر بقراءتها كل جمعة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: يوم الجمعة سورة الكهف
إقرأ أيضاً:
الشيخ ياسر مدين يكتب: في الصوم
قال سيدُنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدِنا جبريلَ عليه السلام حين سأله عن الإسلام: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيمَ الصلاة، وتُؤتي الزكاة، وتصومَ رمضان، وتحجَّ البيت إن استطعتَ إليه سبيلا». سبقت الإشارة إلى أن قَصْر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام فى هذه الخمس ليس معناه أنّ الإسلام عبادات فقط، فقد سبق أن أشرنا إلى أثر الشهادة والصلاة والزكاة في حياة المسلم، وما تستلزمه منه.
وسوف نشير -إن شاء الله تعالى- إلى أثر الصيام والحج، فالحديث إذن لا يدل على انحصار الإسلام في العبادات فقط، وإنما هو ذِكرٌ للأركان الكبرى التي تُؤصّل لحياة مستقيمة في العبادات والمعاملات. وبدَيهيٌّ أن يبدأ الحديث بشهادة «أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم» لأنها إعلان الإسلام والالتزام به عقيدة وسلوكا.
وقد سبقت الإشارة إلى أنّ الواو العاطفة بين الصلاة والزكاة والصيام والحج تقتضي الجمع بدون ترتيب؛ أي: صار المرء بمجرد إسلامه مطالبا بهذه العبادات كلها، إلا إذا سقطت عنه لعدم القدرة. فالواو إذن لا تقتضي ترتيبا، لكن هذا لا ينفي أن يكون لترتيب هذه الأركان حِكمةٌ، وذلك ليس من حيثُ اقتضاء الواو ترتيبا معينا، ولكن من حيث إن المتكلم بها قدَّم بعضها على بعض وأخّر بعضها عن بعض.
وإذا نظرنا سنجد أنّ الزكاة والصيام لا يفرضان كل عام، بخلاف الصلاة التي تتكرر خمس مرات في اليوم والليلة، فتقديم الصلاة تقديم لما يكثر تكراره، والزكاة والصيام يسقطان عن غير القادر، فالذي لا يملك النِصاب يسقط عنه أداء الزكاة، وغير القادر على الصيام لا يصوم، هذا بخلاف الصلاة التي يؤديها المسلم ولو بالإشارة إن لم يقدر على الركوع والسجود، وهذا داعٍ ثانٍ لتقديمها عليهما.
ثم تأتي الزكاة بعد الصلاة، وهي كذلك في كتاب الله جاءت تالية للصلاة في ستة وعشرين موضعا، ومن الجهة الاجتماعية نجد أن الصلاة شأنها أن تجمع المسلمين خمس مرات فى اليوم والليلة فيقترب بعضُهم من بعض، ويعرف بعضهم بعضا، وهذا يُوقفهم على أصناف مستحقي الزكاة بينَهم، وهنا يأتي دور الزكاة لمساعدة أولئك المحتاجين، وهذا يقتضي أن تأتي الزكاة بعد الصلاة.
ثم إن الزكاة رِفْدٌ بالمال [أي عطاء وصِلة]، وهذا العطاء هو الذي يعين المحتاج على ضروريات حياته، فيقدرُ على شراء الطعام الذي يتسحر به ويُفطر عليه إذا صام، وبعض مصارفه قد يُجعل لحج بعض المحتاجين، فسبق الزكاة للصيام والحج أمر منطقى.
وإذا كانت الزكاة قد عوّدت المسلم الواجد أن يُخرج قدرا من ماله للمحتاجين، فإنّ ما يذوقه في الصيام من سَغَبٍ [أي: جوعٍ] يحمله على مزيد من الجود والإطعام، وكما طهّرته الزكاة من البخل وحب المال والاستئثار به، يأتي الصيام ليرقى به مرتبة أعلى فيجعله يستغني في يومه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس عن الطعام والشراب والشهوة، وهذه الأمور هي أسباب استمرار الحياة، وطغيان شهوتي البطن والفرج سبب لارتكاب الموبقات والاعتداء على الحرمات، فالصيام يجعل الإنسان يستعلى عن أن تسوقه الشهوات، فهو قادر على قمعها وتوجيهها وفق ما أمر الله تعالى به، وباستقامة هذا الشأن يستقيم أمر الإنسان في سائر حياته في العبادات والتعاملات.
والصيام إذن عبادة تؤصّل لاستقامة شأن الحياة في جميع مناحيها، حيثه إنه يرجى من وراءه تحقيق التقوى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، والتقوى هى أن يقي الإنسان نفسه من الوقوع فيما حظره الشرع الشريف، فبها يستقيم شأن الحياة وفق مراد الله تعالى.
ثم بعد ذلك يأتي الحج، فهو عبادة مالية بدنية، يحتاج فيها المرءُ إلى مالٍ كافٍ للذهاب والعودة وترك ما يكفي لأهله حتى عودته، كما يحتاج إلى قوة بدنية يستطيع بها أداء مناسك الحج المختلفة، وهو بهذا لا يتهيأ لكل مسلم، ولذا قيده سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاستطاعة فقال: «وتحجَّ البيت إن استطعتَ إليه سبيلا»، وهذا يقتضي تأخره عما قبله.
ثم إنه عبادة تجب مرةً في العمر، وهذا الوجه أيضا يقتضي تأخره عما قبله.