“لم يقل أحد أن عربا اختطفوا الطائرة”.. هجمات 11 سبتمبر ونظرية المؤامرة والروايات البديلة
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
#سواليف
على الرغم من أن #هجمات_11_سبتمبر، صور بعضها من عدة زوايا وبثت مشاهدها القنوات التلفزيونية، إلا أن الأمر الغريب أن ملايين لا تزال تعتقد أن الأمر ليس كما ظهر.
صبيحة 11 سبتمبر 2001، قامت أربع مجموعات من #الإرهابيين باختطاف أربع طائرات كانت تنفذ رحلات مقررة. اثنتان اصطدمتا ببرجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وثالثة استهدفت مبنى #البنتاغون، والرابعة سقطت في ولاية بنسلفانيا.
هذه الهجمات هزت العالم وصدمت الجميع وتسببت في أحداث دموية قلبت الأوضاع في أكثر من بلد. أصبح تاريخ 11 سبتمبر 2001 مرادفا للرعب والانتقام الأعمى.
مقالات ذات صلة من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. سيمضي الصيف 2024/09/11ردة الفعل الأمريكية العنيفة والهوجاء بغزو أفغانستان واحتلاله لمدة عشرين عاما، وغزو واحتلال العراق، ولم يكن له أي علاقة بتلك الهجمات، ربما أسهمت في ظهور عدد كبير من روايات “المؤامرة” التي يرفض أصحابها وبعضهم من الخبراء والمتخصصين، الرواية الرسمية الأمريكية ولا يصدقون أنها جرت على ذلك النحو.
استطلاع كانت أجرته أنجوس ريد للرأي العام في عام 2010، أظهر أن 15 بالمئة من الأمريكيين يعتقدون أن البرجين التوأمين دمرا وتهاويا سريعا بفعل عبوات ناسفة وليس نتيجة لاصطدام طائرتين كبيرتين.
هذه الرواية وهي الأكثر تداولا، يؤكد أصحابها أن انهيار برجي #مركز_التجارة_العالمي لم يحدث بسبب حريق أو اضرار ناجمة عن اصطدام الطائرات بالمبنيين الشاهقين، ولكن بسبب #تفجير_عبوات ناسفة شديدة كانت مزروعة في المبنى مسبقا.
يجادل عدد من أنصار هذه الرواية ومنهم الفيزيائي ستيفن جونز من جامعة بريغهام يونغ، والمهندس المعماري ريتشارد غيج، ومهندس البرمجيات جيم هوفمان، وعالم اللاهوت ديفيد راي جريفين، بأن الاصطدام بطائرتين والحريق الناجم عن الاصطدام لا يمكن أن يضعف هيكل المبنى إلى درجة انهياره بشكل تام وبتلك السرعة، من دون عامل إضافي يُضعف الهيكل.
اتجاه آخر بين أصحاب نظرية المؤامرة يعتقد أن هجمات 11 سبتمبر الإرهابية جرى التخطيط لها من قبل إدارة الرئيس جورج بوش الابن من أجل تبرير العمليات العسكرية في أفغانستان وغزو العراق، وأيضا بهدف كسب دعم شعبي لـ”عسكرة” الولايات المتحدة.
أصحاب هذه الرواية البديلة يشيرون على أن الولايات المتحدة قبل هذه الهجمات كانت تفاوضت على بناء خط أنابيب غاز كبير يمتد من تركمانستان عبر أفغانستان إلى ميناء جوادر الواقع في مقاطعة بالوشيستان في باكستان على ساحل بحر العرب.
المفاوضات انتهت بالفشل، وربما تكون حركة طالبان حينها قد أدركت، بحسب هؤلاء، أن الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن يخطط للإطاحة بها واحتلال أفغانستان، فما كان من طريقة أفضل من حجة مثل تلك الهجمات الإرهابية.
هذه الرواية يسندها أصحابها بالقول إن الاقتصاد الأمريكي كان في حالة ركود بداية عام 2001، وكانت شعبية الرئيس بوش متواضعة للغاية، وما من مخرج للولايات المتحدة إلا حرب جديدة تنتشلها من أزمتها الاقتصادية، ومن الأفضل أن تكون في منطقة يوجد بها الكثير من النفط وأن تجري بسرعة.
المؤمنون بهذه المؤامرة يذكرون أن نسبة تأييد الأمريكيين للرئيس بوش بحسب نتائج استطلاعات الرأي بعد عشرة أيام من هجمات 11 سبتمبر قفزت إلى 90 بالمئة، ما يعني الحصول على تفويض تام لتمرير أية قوانين ولشن أي حرب.
رواية أخرى خيالية ترى أن الطائرات التي استخدمت في هجمات 11 سبتمبر كان يتم التحكم بها عن بعد، ولم تكن تحمل مسافرين وإرهابيين انتحاريين، وأن السلطات الأمريكية قامت بتنفيذ هذه العملية وتدمير البرجين التوأمين باستخدام طائرات غلوبال هوك العسكرية التي تشبه أجنحتها طائرات بوينغ 737.
عدد من أصحاب النظريات البديلة لما حدث يوم 11 سبتمبر 2001، يرون أن مبنى وزارة الدفاع الأمريكي الخماسي لم تصطدم به طائرة مدنية ضخمة بل استهدف بصاروخ أطلقته طائرة مقاتلة. هؤلاء يزعمون أن الصور التي التقطت في الدقائق الأولى للهجوم على البنتاغون لم تظهر بها أية أجزاء من حطام طائرة الركاب.
الروايات البديلة عن الموقف الرسمي تظهر دائما بعد الأحداث الكبرى. هذه الظاهرة حول هجمات 11 سبتمبر الإرهابية زادت مع الزمن على الرغم من وجود أدلة تنقضها تماما.
مثال ذلك رواية يعتقد أصحابها أن المكالمات الهاتفية المسجلة لركاب الطائرات الأربع المنكوبة مع ذويهم وأصحابهم لم يقل أي من المتصلين أن “عربا اختطفوا الطائرة”. المتصلون من الركاب تحدثوا عن إرهابيين ولم يذكروا هويتهم.
يستند أنصار هذه الرواية على ذلك في تعزيز شكوكهم في أن تنظيم القاعدة الإرهابي هو من كان يقف وراء تلك الهجمات الدموية التي غيرت وجه العالم، وصبغت تاريخ بلدين إلى الأبد بالدم.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف هجمات 11 سبتمبر الإرهابيين البنتاغون مركز التجارة العالمي تفجير عبوات هجمات 11 سبتمبر هذه الروایة
إقرأ أيضاً:
يوسا وأسئلة الرواية
فـي إحدى مقابلاته الصحفـية، التي أجريت معه بُعيد صدور أعماله الروائية الكاملة فـي سلسلة «لا بلياد» الشهيرة، اعتبر الكاتب البيروفـي ماريو بارجاس يوسا، (الذي غيبه الموت قبل أيام)، أن الأمر بالنسبة إليه يساوي جائزة نوبل للآداب، وبخاصة أنه جاء وهو على قيد الحياة، (مثل قلّة قليلة من كتّاب العالم).
فكما هو معروف عن هذه السلسلة التي تصدرها «دار غاليمار»، أنها لا تنشر أعمال أي كاتب إلا بعد رحيله بعقود، معللة ذلك بـ«حكم الزمن»، بمعنى أن الزمن لا بدّ أن يقول كلمته ليبقي الكاتب الحقيقي، وليبعد الكاتب الذي لا يستحق البقاء والتذكر إلى دهاليز النسيان. ناهيك عن أن طباعة هذه السلسلة تكون عادة على الورق التي تطبع عليها الأناجيل والتوراة، وكأنها ترغب فـي ذلك أن تزيد من «هيبة» الكتاب والكاتب.
كلام يوسا عن دخوله هذه السلسلة لم يأت من فراغ، بل له أهمية خاصة جدًا، إذ إنه حافظ دائمًا على علاقة وثيقة بالأدب الفرنسي الذي اكتشفه عبر الترجمات فـي طفولته. وكان فـي السابعة عشرة من عمره، حين أصبح قادرا، بفضل الدورات اللغوية التي تلقاها فـي المركز الثقافـي الفرنسي فـي ليما، على قراءة الأدب الفرنسي بلغته المباشرة.
لكنه فـي باريس الستينيات، فـي عصر الفوران الفكري، تابع عن كثب أسئلته، من الوجودية -(حيث لم يُخف يوما أنه بدأ حياته الفكرية متأثرًا بسارتر، قبل أن يبتعد عنه بعد عقود إلى الأبد)- إلى البنيوية، بما فـي ذلك الرواية الجديدة التي لم تكن تربطه بها أي صلة (ربما باستثناء كلود سيمون وناتالي ساروت)؛ ففـي باريس أدرك حقًا مهنته ككاتب من خلال إكمال روايته «المدينة والكلاب» ومن ثم عمله على كتابة «البيت الأخضر» استنادًا إلى ذكريات المراهقة.
ولكن ما هي الرواية؟ ماذا تعني كتابة الرواية بالنسبة إلى ماريو بارجاس يوسا؟ لا يمكننا أن نفهم فعلا أي شيء عن عمله الأدبي، إن لم نسأل أنفسنا هذا السؤال الأساسي منذ البداية.
فبالنسبة إلى يوسا، ليست الكتابة عملاً عاديًا، أو تحويلاً للعقل، بل هي التزام كامل من جانب الكائن، بجسده، وعواطفه، وأفكاره، ومن المهم أن نلاحظ أنه منذ البداية اتخذ من فلوبير مثالاً له، على الأقل فـيما يتصل بأسلوب عمله. إذ كان الأمر بالنسبة إلى فلوبير بمثابة نوع من الزهد الذي يتطلب، قبل كتابة الرواية، تحضيرات طويلة، وتدوين ملاحظات، والتحقق من الموقع، وصولا إلى أصغر تفاصيل الأماكن التي من المفترض أن تتطور فـيها الحبكة. فكتابة رواية تتطلب عدة سيناريوهات، عدة نسخ يتم تقليصها فـي النهاية إلى نسخة واحدة، تم تقليمها إلى حدّ كبير، وإخضاعها للاختبار الشفهي لـ«الفم» الذي سيخرج منه العمل النهائي.
إلى هذا المستوى من المتطلبات كان يرتقي يوسا بممارساته الكتابية. فمفهومه للأدب يتطلب منه أن يستثمر نفسه بالكامل من خلال عمل طويل و«ضميري». وكما هو الحال مع فلوبير، فهو لا ينتظر الإلهام ليأتي إليه: بل يذهب للبحث عنه، بمزاجه الناري وإحساسه «بالباروكية»، فـي قتال وثيق مع العمل أثناء تطوره. ولكن بينما كان فلوبير يعمل فـي منزله، جالسًا إلى طاولته المستديرة فـي مكتبه، كان يوسا يواصل فـي كثير من الأحيان كتابة نفس الرواية فـي أماكن مختلفة، وأحيانًا فـي بلدان مختلفة. لا يزعجه هذا التنقل الجغرافـي. أينما كان، لديه مكانه: إنها الرواية التي يكتبها، والترحال الذي يعيشه فـي أماكن أخرى لا يمكن إلا أن يثري عمله بجوانب وحكايات جديدة.
تشبه قراءة يوسا دخول نوع من غابات الكتابة فـي الأمازون، زاخرة بكل معنى الكلمة، حيث يتشابك الزمان والمكان فـي شبكة معقدة، أشبه بمتاهة خيط أريان (كما فـي الأسطورة اليونانية) الذي يشكل أسلوب الكاتب. بالنسبة إليه، الرواية هي المكان الذي يتم فـيه التعبير عن كل الاحتمالات، وربما حتى المستحيل. انطلاقًا من الواقع، أو من واقع مفترض، يستطيع الكاتب أن يطلق العنان لخياله، وأن يلعب على العديد من المؤامرات ويكسر الأنواع، وأن يضاعف وجهات النظر والمنظورات، كما علمه قراءة فوكنر، ولكن بحرية أكبر، حرية شبه كاملة.
إذا كان هناك سحر فـي الرواية، فهو فـي قدرتها على التوفـيق بين السرديات والأوصاف والحوارات فـي الكتاب نفسه، لتكون صورة للحياة فـي جوانبها المتعددة، وهذا بالضبط ما يطبقه يوسا فـي كتبه؛ يستمع إلى «شياطينه»، ويستغل الفروق الدقيقة ويستكشف مسارات جديدة، وكل ذلك يحمله أسلوب متوهج هو العلامة التجارية للكاتب. شخصياته هي كائنات من لحم ودم؛ نحن هنا فـي المادة الإنسانية والاجتماعية لعالم لديه خبرة ملموسة فـيه بفضل مهنته السابقة كصحفـي.
ومع ذلك، سيكون من التقييد وحتى الخطأ أن نقول إن رواياته «واقعية»، ورغم أنها تستحضر بالفعل مواقف أو ذكريات حقيقية، فإن المؤلف يعيد اختراعها من خلال الخيال ويعيد بناء واقع آخر، الذي وعلى الرغم من أنه معقول وحيّ، إلا أنه خيال. قد يكون «كذبة» بطريقة ما، إلا أنه يصبح مكانًا للحقيقة التي تكشف، من خلال كثافتها الأدبية، عن الطبيعة الحقيقية للواقع، طبيعة دكتاتورية أودريا، على سبيل المثال، فـي محادثة فـي الكاتدرائية.
تتمتع أعمال يوسا بجاذبية كونية. تُرجم إلى عدة لغات بعد صدور كتاب «المدينة والكلاب». لا يمكن أن يكون الأمر غير ذلك. طبيعته تقوده إلى العالمية. ولنتذكر أنه قضى طفولته فـي بوليفـيا وشمال بيرو، وأن الكتب التي قرأها فـي منزل أجداده وأعمامه كانت تُترجم عمومًا من الفرنسية. وعندما كبر، عاش فـي عدة بلدان يتحدث لغاتها بطلاقة، وبدافع من الفضول الفكري الذي لا يشبع، أصبح مهتمًا فـي وقت مبكر جدًا بالكتاب الأوروبيين والأمريكيين العظماء. ومن خلال هذه الرحلة إلى ثقافات أخرى، فـي نوع من الغرابة الفكرية التي تعود إلى الوراء لتسليط الضوء على أصوله الخاصة، نراه يعيد اختراع رؤيته لوطنه الأصلي وسوف يكتشف حقاً، كما كتب هو نفسه، أمريكا اللاتينية ويبدأ فـي الشعور بأنه أمريكي لاتيني.
تدور أحداث معظم كتبه فـي هذه المادة الوفـيرة الموجودة فـي أمريكا الجنوبية، ومن هنا على وجه التحديد تستمد هذه الكتب عالميتها. ولكن لا أحد يستطيع أن يقول ذلك بشكل أفضل من فارغاس يوسا: «علمتني فرنسا أن العالمية، وهي سمة مميزة للثقافة الفرنسية منذ العصور الوسطى، بعيدة كل البعد عن كونها حصرية لتجذير الكاتب فـي المشاكل الاجتماعية والتاريخية لعالمه الخاص، فـي لغته وتقاليده، بل على العكس من ذلك، فقد تعززت بها، وشحنت بالواقع».