العطا: قضية الحكم للحوار أم باللونة أختبار
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
قال الفريق أول ياسر العطا عضو مجلس السيادة و مساعد القائد العام في زيارته إلي الفرقة الثالثة مشاة في مدينة شندي مخاطبا الضباط و الجنود (أن القائد العام للقوات المسلحة سيكون هو رأس الدولة بصلاحيات سيادية حتى بعد أربعة دورات انتخابية) هذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها ياسر العطا عن قضية الحكم بعد انتهاء الحرب، و في كل مرة يقدم العطا رؤية مختلفة عن الأخرى.
مطالبة القوى السياسية التي سمعت ما قاله العطا أن تقدم رؤاها، إذا كانت متفقة مع رؤية العطا هي غير مطالبة أن تعيد طريقة تفكيرها، لأنها تذهب مع الجيش في ذات السياق، أما الذين يخالفون الرؤية عليهم أن يقدموا رؤاهم التي يعتقدون أنها هي الصحيحة. و نقد الفكرة هو نقد متعلق بشأن الحكم و نوعه و مستقبله. و مطالب الناقد للفكرة إذا كان مؤسسة حزبية أو منظمة أو حتى أفراد أن يقدموا البديل .. حقيقة هو؛ يعد أختبارا للقوى السياسية.. أن عملية الهجوم السياسي على الفكرة دون أن تأتي بالبديل تكشف القصور الفكري و المعرفي للقوى السياسية.. و من هم الذين قد وجهت لهم الفكرة؟ .. هي القوى التي لها فاعلية و وجود حركي في الساحة السياسية.. هؤلاء هم الذين ينشطون في المسرح السياسي " الجيش و القوى المؤيدة له من مستنفرين و مقاومة شعبية و مجموعات سياسية تتواجد في بورتسودان و القاهرة، إلي جانب الإسلاميين بكل تفرعاتهم و "تقدم " بكل تكويناتها و الميليشيا".. أن تقديم الرؤى البديلة تعني الموافقة بتغيير أدوات الصراع، من أدوات العنف المستخدمة الآن في الحرب إلي أدوات الحوار. و الحوار المتعلق بشأن الحكم الداخلي في البلاد، يجب أن لا يسمح فيه بتدخل خارجي .. فالقبول يعني الموافقة لإعادة النظر في منهج التفكير السائد..
البعض يعتقد: أن ما يقوله ياسر العطا هو وليد لحظة حماسية يحاول أن يسجلها لصالح أجندة الجيش.. و هذا صحيح؛ لكن ما هو طبيعة التسجيل، هو يريد أن يعرف من خلاله ردات الفعل المختلفة، إلي أين تتجه مؤشرات أغلبية الشعب، و في نفس الوقت؛ هي رسائل للقوى السياسية، لكي تقدم تصوراتها للشعب من خلال نقدها للحديث.. خاصة هناك طريقة تفكير جديدة قد ظهرت بعد ثورة ديسمبر 2018م. بعض القوى السياسية، و خاصة التي تتواجد في تحالف " تقدم" بأنها ليست مطالبة أن تقدم رؤها للشعب السوداني، فقط هي مطالبة أن تقدمها للدول المتمثلة " أمريكا و الاتحاد الأوروبي و السعودية و الأمارات" التي تعتقد تمثل لها الرافعة للسلطة دون الشعب السوداني. فالحديث عن نظام الحكم بعد الحرب تحدث فيه ياسر العطا كثيرا، بهدف تحريك الساكن.. الجانب الأخر في حديث العطا رسائل تختص بالميليشيا، و أيضا القضايا العسكرية المتعلقة بقضية الإصلاح في القوات المسلحة، رسالة أن أي سلطة سياسية قادمة لا يحق لها أن تتدخل في عملية إصلاح الجيش و تأهيله إذا كان في الفترة الانتقالية أو حتى فترة ما بعد الانتخابات أربعة دورات. و هنا لها مدلولات عديدة.. الأولى عدم تدخل المدنيين في عملية إصلاح الجيش و هذه مسألة تقوم بها المؤسسة.. الثاني ضمان استمرارية الديمقراطية أربعة دورات انتخابية تحت رعاية الجيش، و ترسخ فيها الممارسة و إنتاج الثقافة الديمقراطية..
هناك أيضا؛ الذين يعتقدون أن وجود الجيش في السلطة لأربعة دورات انتخابية، هي شمولية مبطنة، و لا تكون الانتخابات فيها شفافة و نزيهة، لأن ذلك سيكون تحت سلطة أجهزة قمعية، هي التي سوف تحدد من الذي يجب أن يفوز بمقاعد البرلمان.. آهل هذا الاعتقاد عليهم تقديم نقدهم، و في نفس الوقت يوضحوا ما هية رؤيتهم البديلة.. أن تحول التفكير من أدوات الحرب إلي أدوات الحوار مسألة ضرورية، لكن لابد من حسم مسألة قضية الميليشيا التي يجب أن لا يكون لها تواجد لا في الساحة السياسية و لا العسكرية، و على القوى السياسية أن تقدم تصوراتها..
يظل السؤال الذي طرحته من قبل، و أعدت تكراره عدة مرات مازال قائما،، من الذي "يصنع الحدث في السودان" الجيش هو الأن مصدر الحدث، و حتى هو الذي يطرح أسئلة الحكم، و القوى السياسية الأخرى هي التي تعلق عليه دون أن تقدم أفكارا بديلة، وتقف في حد استنكار لخطاب الجيش.. فالفراغات التي تخلفها القوى السياسية تحتم على الآخرين أن يملأوها، و دون أخذ إذن من أحد، فالسياسة تتطلب اليقظة.. أما إذا اعتبرت بعض القوى السياسية أن حديث العطا هي بالونات أختبار ليس في اتجاه القوى السياسية انما لمعرفة الرأي العام و ميوله، أيضا تتطلب حوارا يتطلب شغل ذهني و ليس تقديم فزاعات و شعارات جوفاء ليس بها مضامين.. و هناك عقليات أصابها عطب، و أخرى تكلست، هؤلاء أصبح رهانهم على الخارج، و الذي سوف يجعلهم خارج المسرح السياسي في المستقبل.. الفكرة تقابل بالنقد و أفكار بديلة.. و نسأل الله حسن البصير...
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوى السیاسیة یاسر العطا أن تقدم دون أن
إقرأ أيضاً:
تفاصيل قضية التسريبات في الجيش الإسرائيلي
فجر الإعلان عن اعتقال ضابط إسرائيلي كبير في الجيش في قضية التسريبات، مزيداً من الجدل بشأنها، وحسب ما أفادت وسائل إعلام عبرية، كان الضابط يستجم مع زوجته وولديه في أحد الفنادق بمدينة إيلات الجنوبية، عندما داهمته قوة من رجال الشرطة الملثمين واعتقلته، ونقلته إلى غرفة التحقيق في منطقة تل أبيب، وأبلغوه بأنه مطلوب للتحقيق من دون إعطاء تفاصيل.
وحسب الشرق الأوسط، يتوقع المراقبون أن يكون هذا الضابط أحد عناصر الأمن الذين سربوا وثائق من الجيش وزوروا بعضها، حتى تلائم سياسة نتنياهو، وإصراره على إفشال صفقة تبادل أسرى مع «حماس».
وبهذا الاعتقال الأحدث، يصبح هناك 5 معتقلين، المتهم الرئيسي وهو مدني كان يعمل ناطقاً بلسان نتنياهو، و4 ضباط وموظفين في أجهزة الأمن تعاونوا مع نتنياهو في خططه.
إيلي فيلدشتاين
وكشفت وسائل إعلام عبرية، الاثنين، معطيات جديدة عن المتهم الرئيسي، إيلي فيلدشتاين، وهو الوحيد الذي سمحت المحكمة بنشر اسمه، واتضح منها أنه كان يعمل ناطقاً بلسان وزير الأمن الداخلي، إيتمار بن غفير، وقد أهداه إلى نتنياهو في 7 أكتوبر 2023، ليكون ناطقاً بلسانه في القضايا العسكرية.
وبحسب مقربين من التحقيق، فإن إحدى المهام التي كلف بها فيلدشتاين في مكتب نتنياهو، كانت أن يدس في وسائل الإعلام المختلفة، «معلومات أمنية تخدم السيد (نتنياهو)».
وفيلدشتاين مشتبه به بالتآمر مع ضباط في الجيش، إذ تلقى منهم وثائق سرية ووزعها بتفسير زائف على كل من صحيفة «بيلد» الألمانية، وصحيفة «جويش كرونيكل» البريطانية، التي سارع نتنياهو وزوجته ليستخدماها لأغراضهما السياسية، علماً بأن الصحيفتين معروفتان بقربهما منه.
وبداية تلك الفضيحة تعود إلى ما نشرته صحيفة «بيلد» الألمانية، في 6 سبتمبر الماضي، إذ ادعت وجود وثيقة سرية لحركة «حماس»، تحدِّد استراتيجية التفاوض التي تتبعها الحركة مع إسرائيل.
وزعمت الصحيفة، آنذاك، أن الوثيقة تابعة لمكتب يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» حينها، ويعود تاريخها إلى ربيع 2024، عن «المبادئ التوجيهية لمحادثات وقف إطلاق النار».
وبحسب «الوثيقة المزعومة»، فإن «حماس» لا تسعى إلى نهاية سريعة للصراع، بل «تفضِّل تحسين شروط الاتفاق، حتى لو أدى ذلك إلى إطالة أمد الحرب»، كما أن «استراتيجية (حماس) ترتكز على نقاط أساسية: أولاً، مواصلة الضغط النفسي على عائلات الرهائن لزيادة الضغط الشعبي على الحكومة الإسرائيلية. وثانياً، استنفاد الآليات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، وتكثيف الضغوط الدولية على إسرائيل».
وبالتزامن مع تقرير الصحيفة الألمانية، نقلت صحيفة «جويش كرونيكل»، عن مصادر وصفتها بـ«استخباراتية»، أن «خطة زعيم (حماس) السنوار، كانت تتمثل في الهرب مع قادة الحركة المتبقين، وكذلك مع الرهائن الإسرائيليين، عبر محور فيلادلفيا إلى سيناء في مصر، والطيران من هناك إلى إيران».
وعقب بث تلك المعلومات عبر الصحيفتين أدلى نتنياهو بتصريحات صاخبة، ادعى فيها أنه يسعى لمنع السنوار من الهرب مع الرهائن، وفي مؤتمر صحافي لوسائل الإعلام الأجنبية في القدس، قال إن «(حماس) تخطط لتهريب رهائن إلى خارج غزة عبر محور فيلادلفيا»، واستخدم نتنياهو هذه المسألة لتبرير احتلاله رفح وتمسكه بمحور فيلادلفيا (على الحدود بين مصر وقطاع غزة) ونسفه مفاوضات الصفقة.
أخبار الفضيحة
وسيطرت هذه الفضيحة على الحوار في المجتمع الإسرائيلي، لدرجة أنها تُغطي على أنباء الحرب، وفي حين يهاجم اليمين الجهاز القضائي على تنفيذه الاعتقالات، والجيش على تولي قيادة هذه الحرب ضد نتنياهو، أبرزت وسائل الإعلام المستقلة «الفساد الذي لا يعرف حدوداً» في حكومة نتنياهو.
وكتب يوسي فيرتر في صحيفة «هآرتس»، أن «مجموعة المقربين من نتنياهو عبارة عن تنظيم إجرامي يضعه فوق الدولة ومصالح الأمن الوطني، لكن السمكة فاسدة من الرأس».
وتابع الكاتب الإسرائيلي متحدثاً عن المتهم الرئيسي في القضية: «النجم الجديد فيلدشتاين، جاء من مكتب بن غفير، متحمساً جداً كي يثبت نفسه، وبالفعل اندمج بسرعة في الأجواء الفاسدة وشبه الإجرامية في مكتب رئيس الحكومة، (حيث) الفساد الأخلاقي والقيمي المتفشي هناك، وفي ثقافة الكذب والتلاعب والمعلومات الكاذبة، وقد أغرق ممثلي وسائل الإعلام بالأنباء، هذا مقبول لدينا».
وسائل الإعلام في إسرائيل
وشرح فيرتر أن «وسائل الإعلام في إسرائيل أصلاً تخضع للرقابة، أما وسائل الإعلام الأجنبية، مثل (بيلد) و(جويش كرونيكل) فهي غير مراقبة، وعندما نشرت في هذه الصحف مواد استخبارية حساسة جداً، فقد فهموا في الجيش الإسرائيلي أنهم يتعاملون مع مسرب كبير، ليس فقط خطيراً وعديم المسؤولية والكوابح؛ بل هو أيضاً يعمل على مساعدة رئيس الحكومة في أهدافه السياسية».
ورأى فيرتر أن المتهم الرئيسي فيلدشتاين «خدم نتنياهو في سلوكه الكاذب والمتعمد مع عائلات المخطوفين، إذ استخدم منظومة نشر الأنباء الكاذبة، ليس ضد (حماس)؛ بل ضد الجمهور الإسرائيلي وعائلات المخطوفين، وهذه هي السخرية في أبهى صورها».
وفي صحيفة «معاريف»، استغل شمعون حيفتس، وهو عميد في جيش الاحتياط وعمل سكرتيراً عسكرياً لـ3 رؤساء إسرائيليين، ذكرى مرور 29 عاماً على اغتيال رئيس الوزراء إسحق رابين، لإجراء مقاربة مع الأوضاع الراهنة، وقال: «سيكون إلى الأبد (اغتيال رابين) يوماً صادماً للديمقراطية الإسرائيلية، كما يحدث في مكتب رئيس الحكومة اليوم، ويؤكد كم تحتاج إسرائيل اليوم لزعيم شجاع وأخلاقي ويتحمل المسؤولية ويعمل لصالح الجمهور مثل رابين، وعندما أقف أمام قبره، أتذكر وعده بالسلام ورغبته في إنهاء الحروب، وأنا أنتظر مستقبلاً بالفعل تكون لنا فيه حياة آمنة وسلام حقيقي».