د. صبرى محمد خليل/ أستاذ فلسفة القيم الاسلامية فى جامعة الخرطوم

Sabri.m.khalil@gmail.com

الدلالات المتعددة لمفهوم العقل: يجب التمييز بين الدلالات المتعددة لمفهوم العقل:

الدلالة الأولى: العقل كفاعلية معرفية مشتركة: فالعقل هنا هو إمكانية المعرفة، التى يشترك فيها كل الناس، فى كل زمان ومكان.

الدلالة الثانية:الأنماط' الأشكال' المتعددة للعقل كفاعلية معرفية:وهى تعدد طبقا لمعايير متعددة.



معيار المجالات المعرفية: ومن هذه المعايير المجالات المعرفية المتعددة ، التى تفسر المستويات المتعددة للوجود، ومنها:

ا/ العقل ' التفكير' العلمى: محاولة تفسير الوجود، على مستوى جزئى" يفسر جزء معين من أجزاء الوجود"، عينى "موجود فى زمان ومكان معينين ".

ب/العقل' التفكير ' الفلسفى: محاولة تفسير الوجود ، طبقا لمستوى كلى" يفسر الوجود ككل"، مجرد " نظرى".

ج/العقل ' التفكير ' الدينى: تفسير الوجود ، على مستوى مطلق" ثابت"، غيبى" لايمكن إدراكه بالحواس".

الدلالة الثالثة:محصلة العقل كفاعلية معرفيةبأنماطها المتعددة فى واقع حضارى معين: فهو هنا بنية حضارية- معرفية معينة، ولها مستويين:

ا/ الهيكل الحضارى- المعرفى- الأساسى:القواعد التى تحدد للإنسان ما ينبغى أن يكون، يكتسبها من إنتمائة إلى مجتمع معين.

ب/البنية الحضارية- المعرفية- المكتسبة على هذا الهيكل الحضارى.

تعريف العقل العربى – الإسلامى: إستنادا الى الدلالة الأخيرة لمفهوم العقل- فإن العقل العربى - الإسلامى هو بنية حضارية - معرفية- مكتسبة على الهيكل الحضارى -المعرفي- الأساسي للأمة العربية المسلمة بشعوبها المتعددة .

هوية وبنية العقل العربى- الاسلامى: وإنطلاقا من هذا التعريف فإنه يمكن تحديد هوية وبنية العقل العربى - الإسلامى كالآتى:

اولا: أن الإسلام هو هيكله الحضارى، لأنه هو الذى أوجد الأمة العربية، وقد كانت كانت قبلة شعوب وقبائل متفرقة.

ثانيا: انه ذو بنية حضارية مكتسبة على هذا الهيكل الحضارى:

ا/سنية:
نمطى التدين الشعبى العربى: فللتدين الشعبى العربى- الذى يشكل جزء رئيسى من البنية الحضارية - المعرفية- العربية " العقل العربى - الإسلامى" نمطين:
أولا: نمط رئيسى سائد: سنى طبقا لأحد المذاهب السنية: الفقهية "المالكي او الشافعى او الحنبلى او الحنفي "، أو الإعتقادية ' الكلامية'" الاشعرى اوالماتريدى او الطحاوى او الظاهرى".
أنماط فرعية غير سائدة:هى إمتداد مذهب لأحد المذاهب غير السنية،تحولت فى مراحل متأخره الى طوائف، اى مذاهب مقصورة على جماعات قبلية او شعوبية معينة.

ب/ طبقا للمذهب الأشعري”عقديا”: فهو سنى طبقا للمذهب الاشعرى عقديا ' كلاميا'. لذا ساد التفسير الأشعرى لمفاهيم التدين الشعبى العربى. وترك هذا أثره- الإيجابى او السلبى- على أنماط تفكير او السلوك الشخصيه العربية، والعقل العربى - الإسلامى.

ج/وأحد المذاهب الأربعة”فقهيا”: فهو سنى طبقا لأحد المذاهب الاربعة: الشافعى او المالكى او الحنبلى او الحنفى.

د/ أثر صوفي عملى”سلوكى ”: فقد ساهمت الطرق الصوفية ،فى نشر الإسلام فى العديد من الشعوب العربيه ،فأصبح التصوف وقيمه المعرفية والسلوكية أحد مكونات الشخصيه الحضارية العربية الاسلامية ، موضوعيا وبصرف النظر عن الموقف الذاتى من التصوف ' القبول او الرفض'.

معوقات العقل العربى- الإسلامى ، طبقا لدلالتة الثانية : وهي أنماط التفكير السلبية"المعطلة"الثلاثة :

أولا: نمط التفكير الخرافى: هو محاولة تفسير ظاهرة "جزئية - عينية"، بدون دليل تجريبي" حسى". مرفوض إسلاميا: والإسلام يرفض التفكير الخرافى ، على المستوى العقدى “النظرى” ، لأنه اقر بالحواس كوسيله للمعرفه الوجود المادى ( إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا)،كما نهى عن انماط من التفكير الخرافى، التى سادت عند عرب الجاهلية، كالكهانه والتطير والعرافه .
الإختلاط التاريخى: ما على المستوى العملى”التطبيقى ” ، فقد شاع فى المجتمعات المسلمة ،فى مراحل تاريخية متأخرة، بعض أنماط التفكير الخرافى- أى شيوع جزئي وليس كلى- كمحصلة لتخلف النمو الحضارى فيها، ليصبح العقل العربى- الاسلامى، عقل يختلط فيه نمطي التفكير العلمى والخرافى والعلمى بدرجات متفاوتة ، اى ليصبح شبه خرافى، وليس خرافى مطلقا ، كما إفترض بعض المستشرقين.

ثانيا: نمط التفكير الأسطورى: هو تفسير مفهوم ' كلى - مجرد' ، بدون دليل عقلى ' منطقى'.
مرفوض إسلاميا : و الإسلام يرفض- على المستوى “العقدي” النظرى- التفكير الأسطورى ، لأنه اقر العقل كوسيله لمعرفه المفاهيم النظرية . كما رفض خصائص التفكير الأسطورى كالانشطار بين القبول والرفض المطلقين، وبين نزعتى الشك المطلق أو الحزم بدون دليل قطعى، والتناقض المنطقى...
الإختلاط التاريخى : اما على المستوى العملى فقد شاع فى المجتمعات المسلمة، فى مراحل تاريخية متاخره، بعض أنماط التفكير الأسطورى- اى شيوع جزئي وليس كلى- كمحصله لتخلف النمو الحضاري فيها ، ليصبح العقل العربى- الاسلامى ، عقل يختلط فيه نمطى التفكير العقلانى والاسطورى بدرجات متفاوتة ، اى ليصبح شبه اسطورى، وليس اسطوري مطلقا ، كما افترض بعض المستشرقين.

ثالثا:التفكير البدعى: هو تفسير ماهو غيبى - مطلق، بدون دليل نقلى قاطع. وقد حذرت النصوص من البدع( إياكم ومحدثات الأمور ،فإن كل بدعة ضلالة).
الإختلاط التاريخى : ورغم التحذير النصى، الإ انه قد ظهرت فى عصور تاريخية متأخرة ، بعض انماط البدع ، التى شكلت بمجملها نمط تفكير شبة بدعى، وليس بدعى مطلق - كما يدعى مذهب الغلو فى التكفير - وقد شكل هذا النمط كن أنماط التفكير حاضنه معرفية، لأنماط التفكير شبه الخرافي وشبه الأسطوري التى سبق الاشاره إليها.

معوقات للعقل العربى – الاسلامى. طبقا للدلالة الثالثة لمفهوم العقل: وهنا نجد نمطين للتفكير السلبى " المعطل"وهما:
أولا: نمط التفكير التغريبي: يفترض ان تحقيق التقدم الحضارى للمجتمعات المسلمة، لا يمكن ان يتم الا من خلال اجتثاث جذور الأمه ،والتبنى الكامل لمفاهيم وقيم وقواعد الأمم المعاصره.
نقد : وهى محاوله فاشله،ولكن يلزم منها تشوه حضارى والتبعيه للاخر.

ثانيا: نمط التفكيرالتقليدى: يفترض ان التقدم الحضارى للمجتمعات المسلمة ، يكون بالعزله المطلقه عن الامم المعاصره. ويرتبط بالتقليد ، وهو قبول القول بدون دليل، وهو مرفوض اسلاميا ،ورفضه كل الائمه.

تعطيل العقل العربى - الاسلامى" العقل التكرارى" : هذه المعوقات أدت الى تعطيل العقل العربى - الاسلامى ، ومن ثم تحوله الى عقل تكرارى من مظاهره .
* تحوله الى عقل ذاتى عاطفى، اداته الخيال غير المقيد بالحواس او العقل او الوحى ، فى إدراك المستويات المتعددة للوجود .
* وبالتالي انتاج انماط تفكير”شبه خرافيه / شبه اسطوريه / يختلط فيها الفهم الصحيح للدين بالتفكير البدعى .
* وتعطيل ملكات العقل”الذاكرة والادراك و الخيال ” كفاعليات معرفية، بانتفاء الموضوعية منها.
* ويلزم منه موضوعيا الدوران فى حلقة مفرغة ، وبالتالي عجزه عن حل المشاكل المتعددة المتجددة التى يطرحها الواقع المعاصر.
* وإنتاج نمط تفكير يظل أسير المرحلة الأولى من مراحل المنهج الثلاثة – مرحله المشكلة- ولا يتجاوزها إلى مرحلتي الحل والعمل، وهو نمط التفكير الذي يمكن ان نطلق عليه اسم “التفكير الجنائزي “رغم انه يتناقض مع الاسلام كدين ".
* كما يلزم منه انماط من التفكير والسلوك السلبى، على مستويات الحياة المختلفة.

آليات تفعيل للعقل العربى الاسلامى: وهنا نجد ثلاثة أنماط للتفكير ، تشكل آليات تفعيل للعقل عموما - والعقل العربى -الاسلامى خصوصا، وهي أنماط التفكير' العقول' الثلاثه :

اولا: العقل ' التفكير' العلمى :
الإقرار الاسلامى: اقر الاسلام - على المستوى العقدي النظرى- التفكير العلمي لانه قرر ان حركه الوجود خاضعه لسنن الهيه" قوانين موضوعية" لا تتبدل، ودعى للكشف عنها،واحترام حتميتها .
بين السيادة والضمور : اما على المستوى العملى التطبيقى ، فقد ساد التفكير العلمى فى المجتمعات المسلمة فى فتره تقدمها الحضارى ، لكن اصابه الضمور- النسبى وليس المطلق- فى مراحل تاريخية متاخره ، نتيجه لتخلف النمو الحضاري فيها.
التفكير " العقل" الفلسفى ' العقلانى ':
الإقرار الإسلامى : اقر الاسلام - على المستوى العقدي النظرى- التفكير العقلانى و خصائصه .
بين الإنتاج والضمور : وعلى المستوى العملى ، انتج العقل العربى-الإسلامى ، أنماط من التفكير العقلانى ، الذى لا يتعارض مع الوحى. لكن اصابه فى مراحل تاريخية متأخرة ضمور - نسبى وليس مطلق- للأسباب المذكورة اعلاه.

الفهم الصحيح للدين : كما ساد فى المجتمعات المسلمة – ومنها المجتمع العربى- فى عصورها المتقدمة الفهم الصحيح للدين . الا انه فى عصور تاريخية متأخرة ظهرت بعض أنماط من التفكير البدعى ، ليصبح العقل العربى الاسلامى عقل يختلط فيه الفهم الصحيح للدين والتفكير البدعي- بمظاهره المختلفة بدرجات متفاوته ، كما اشرنا سابقا.

آليات تفعيل العقل العربى - الاسلامى : وهنا نجد نمط تفكير - يتصل بإشكالية كيفية تحقيق التقدم الحضارى للامم المسلمة – ومنها الامة العربية المسلمة – يشكل آلية تفعيل للعقل عموما وللعقل العربى – الاسلامى خصوصا وهو نمط التفكير التجديدى" الإجتهادى ".
هذه الاليات تساهم فى تفعيل العقل العربى – الاسلامى ، ومن ثم تحوله الى عقل تجديدى من مظاهره :
* تحوله الى عقل موضوعى يحدد- ولا يلغى - ما هو ذاتي كالعاطفه والخيال بالحواس او العقل او الوحى ،فى ادراك المستويات المتعددة للوجود.
* وبالتالى ينتج أنماط من التفكير العلمي والعقلاني- غير المتناقض مع الوحي- والديني- القائم على الفهم الصحيح للدين- وتفعيل الملكات العقلية، وتحقيق التقدم الحضاري والاجتماعي للمجتمعات المسلمه، من خلال مساهمته فى حل المشاكل المتعددة المتجددة التي يطرحها الواقع المعاصر.
* ويلزم منه أنماط من التفكير والسلوك الايجابي على مستويات الحياة المختلفة.
* ايضا يلزم منه الارتقاء بالإرادة الشعبية للامة ، من مرحلة التفعيل التلقائى، الى مرحلة التفعيل القصدى.
........  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: بدون دلیل

إقرأ أيضاً:

هل يستطيع الذكاء الاصطناعي التفكير مثلنا؟.. دراسة تكشف المفارقات!

مع التقدم السريع في الذكاء الاصطناعي، أصبح من الواضح أن هذه الأنظمة قادرة على تنفيذ مهام معقدة مثل تحليل البيانات، وإنتاج النصوص، وتقديم استشارات قانونية. ومع ذلك، هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفكر مثل البشر؟.. فنحن نعلم أن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع التفكير بنفس طريقة الإنسان، لكن بحثاً جديداً كشف كيف يمكن لهذا الاختلاف أن يؤثر على عملية اتخاذ القرار لدى الذكاء الاصطناعي، مما يؤدي إلى عواقب واقعية قد لا يكون البشر مستعدين لها.

اقرأ أيضاً.. الذكاء الاصطناعي يحوّل الأفكار إلى كلام في الوقت الحقيقي
 دراسة حديثة نُشرت في مجلة "Transactions on Machine Learning Research"  كشفت أن هناك فجوة جوهرية في كيفية استدلال البشر مقارنة بالنماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) مثل GPT-4. والاستدلال هو عملية استخراج جواب أو نتيجة بناء على معلومات معروفة مسبقاً وقد تكون صحيحة أو خاطئة.
 فالبشر قادرون على التجريد والاستنتاج التناظري، بينما يعتمد الذكاء الاصطناعي بشكل أساسي على مطابقة الأنماط التي تعلمها، مما يؤدي إلى ضعف في قدرته على التكيف مع المواقف الجديدة.وفقاً لموقع "livescience".

بحثت الدراسة في مدى قدرة نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) على تكوين تشبيهات. وتم اختبار قدرة النماذج اللغوية الكبيرة مثل GPT-4 على حل مشكلات التناظر في سلاسل الحروف.وجد الباحثون أنه في كل من تشبيهات سلسلة الأحرف البسيطة ومسائل المصفوفات الرقمية - كانت المهمة إكمال مصفوفة بتحديد الرقم المفقود - كان أداء البشر جيدًا، لكن أداء الذكاء الاصطناعي انخفض بشكل حاد.
لماذا يحدث هذا؟
تشير هذه النتائج إلى أن GPT-4 قد يعتمد بشكل كبير على أنماط محددة في بيانات تدريبه، مما يجعله أقل مرونة في التعامل مع مشكلات تتطلب استدلالاً تناظرياً عاماً. بالمقابل، يظهر البشر قدرة أفضل على تعميم الأنماط وتطبيقها في سياقات جديدة، حتى مع تغييرات في بنية المشكلة أو عند استخدام رموز غير مألوفة.
ما التداعيات؟
تُبرز هذه الفجوة أهمية تطوير نماذج ذكاء اصطناعي تتمتع بقدرات استدلال أكثر مرونة، خاصةً في التطبيقات التي تتطلب فهماً عميقًا وتكيفاً مع سياقات متنوعة. كما تؤكد الدراسة على ضرورة تقييم أداء هذه النماذج ليس فقط بناءً على دقتها، بل أيضاً على مدى قدرتها على التكيف مع تغييرات في المشكلات المطروحة.
لماذا يهمنا أن الذكاء الاصطناعي لا يفكر مثل البشر؟
أوضحت مارثا لويس، الأستاذة المساعدة في الذكاء الاصطناعي العصبي الرمزي بجامعة أمستردام، أن البشر لديهم قدرة فطرية على التجريد من الأنماط المحددة إلى قواعد أكثر عمومية، بينما يفتقر الذكاء الاصطناعي لهذه المهارة.

فالذكاء الاصطناعي بارع في مطابقة الأنماط التي رآها سابقاً لكنه لا يستطيع تعميمها بشكل فعال. على سبيل المثال، إذا درّبنا نموذجاً على عدد هائل من الأمثلة، فسيتمكن من التعرف على الأنماط المتكررة، لكنه لن يتمكن بالضرورة من اكتشاف القاعدة الأساسية وراء هذه الأنماط.
الكمية لا تعني الفهم
تعمل معظم تطبيقات الذكاء الاصطناعي على زيادة كمية البيانات لتصبح أكثر دقة، ولكن كما قالت لويس:
"الأمر لا يتعلق بكمية البيانات، بل بكيفية استخدامها".

أخبار ذات صلة مايكروسوفت".. قصة نجاح من الحوسبة إلى الذكاء الاصطناعي والسحابة شاهد.. روبوتات تمشي بثبات وتفتح آفاق التعاون بين والذكاء الاصطناعي والبشر

 لماذا علينا الاهتمام؟
إذا استمر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي دون تحسين قدراته في التفكير المجرد، فقد يؤدي ذلك إلى مشكلات في: اتخاذ القرارات: قد يتعامل الذكاء الاصطناعي مع الحالات الجديدة بالطريقة  نفسها التي تعامل بها مع حالات سابقة، من دون فهم التغيرات الجوهرية.
الأخلاقيات والتحيز: الذكاء الاصطناعي قد يكرر الأنماط الموجودة في البيانات من دون تحليل أعمق لسياقها وأخلاقياتها.
 التطبيقات المتقدمة: مثل الرعاية الصحية، والقانون، والتعليم، حيث يلعب التجريد والاستدلال البشري دورًا أساسيًا.
ما الحل؟
نحتاج إلى تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر قدرة على التجريد والاستدلال، بحيث لا تكتفي بمقارنة الأنماط، بل تفهم المفاهيم الكامنة خلفها.
هل يمكن الوثوق بالذكاء الاصطناعي في القرارات القانونية؟
مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الأبحاث القانونية، وتحليل السوابق القضائية، وحتى التوصيات في الأحكام، تبرز مشكلة كبيرة بشأن قدرة الذكاء الاصطناعي المحدودة على إجراء المقارنات والاستدلال التناظري.
فعند التعامل مع القضايا القانونية، يعتمد القضاة والمحامون على مقارنة الحالات الجديدة بالسوابق القضائية. لكن بما أن الذكاء الاصطناعي يعتمد على مطابقة الأنماط بدلاً من فهم المبادئ القانونية الأساسية، فقد يفشل في التمييز بين الفروق الدقيقة في القضايا وتطبيق السوابق القانونية بشكل صحيح على حالات جديدة
وتقديم توصيات عادلة ومتسقة.

مثلاً: تخيل أن هناك سابقة قضائية لحالة تتعلق بالاحتيال الإلكتروني، ولكن القضية الجديدة تتضمن تقنيات جديدة لم تكن موجودة وقت صدور السابقة. البشر يمكنهم التفكير بشكل مرن لتطبيق القاعدة العامة، لكن الذكاء الاصطناعي قد يعجز عن الربط بين الحالتين بسبب الاختلافات الظاهرية.
اقرأ أيضاً..الذكاء الاصطناعي يتقن الخداع!
الدراسة أكدت أن تقييم الذكاء الاصطناعي لا يجب أن يقتصر على الدقة فقط، بل يجب أن يشمل قدرته على التكيف والاستدلال العميق. أي أننا بحاجة إلى نماذج أكثر ذكاءً واستقلالية في التفكير، وليس مجرد أدوات لحفظ البيانات واسترجاعها..بحيث لا يمكننا الاعتماد بالكامل على الذكاء الاصطناعي في القرارات القانونية دون تطويره ليكون أكثر قدرة على تحليل القواعد وتطبيقها بمرونة. حتى ذلك الحين، يجب أن يكون دوره داعماً وليس حاسماً.
لمياء الصديق (أبوظبي)


 

مقالات مشابهة

  • التفكير خارج الصندوق.. سرّك الجديد للتعامل مع الضغوط النفسية
  • إنييستا يداعب الأوراق بكتاب عن العقل
  • هل يستطيع الذكاء الاصطناعي التفكير مثلنا؟.. دراسة تكشف المفارقات!
  • مشكلات التفكير والذاكرة والزهايمر.. اختبار جديد يساعد في تحسين الحالات
  • 6 أنماط للمباني.. خطة لتطوير سواحل الدمام والخبر والقطيف ورأس تنورة
  • كيف يحتفل المسلمون في الصين بعيد الفطر؟ طقوس وعادات متنوعة
  • شيخ العقل تلقى اتصالات وبرقيات مهنئة بعيد الفطر وشارك في مناسبات دينية واجتماعية
  • تجار ومستهلكون : العيد محطة تنشط الاقتصاد وتغيّر أنماط الإنفاق
  • شيخ العقل: لتجاوز التجاذبات المذهبية والعائلية والحزبية في الانتخابات البلدية
  • الحب في ألفاظ العربية