الثورة الرقمية في إدارة الثروات: طريق البنوك نحو التوسع والربحية
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
علي نانجي، المدير الإقليمي لشؤون شراكات الأعمال التجارية بشركة باك بيس: هناك العديد من المناطق معروفة عالميًا بمستويات ثرائها المرتفعة، إلا أن البعض قد يُفاجأ بأن قطاع إدارة الثروات في الشرق الأوسط لا يزال غير متطور إلى حد كبير. فعلى الرغم من أن الأفراد ذوي الثروات الكبيرة والشركات العائلية كانوا دائمًا هدفًا للمؤسسات المالية في المنطقة، إلا أن الجزء الأكبر من السكان لا يزال غير مستهدف.
نقطة تحول
ومع ذلك، هناك عوامل سوقية جديدة تلعب دورًا مهمًا في الوقت الحاضر، بالإضافة إلى ذلك، سنشهد على مدى السنوات الخمس إلى العشر المقبلة أكبر عملية انتقال للثروة في تاريخ البشرية، حيث سيتم تمرير أكثر من 60 تريليون دولار أمريكي من الأصول إلى جيل جديد يختلف تمامًا عن الجيل السابق.
وباختصار، لا يمكن توسيع نطاق النهج اليدوي الحالي لإدارة الثروات، الذي يتطلب الكثير من الجهد، من أجل تلبية احتياجات شرائح العملاء الجديدة والمختلفة. فحتى الآن، يتطلب الاستثمار في صندوق استثماري أو فتح حساب استثماري زيارة شخصية لأحد الفروع. وبغض النظر عن الاستثمار الهائل في القوى العاملة اللازم لجذب الآلاف من المستثمرين الأفراد بهذه الطريقة، فهل هذا هو حقاً النهج المفضل؟ ومن هذا المنطلق، يجب على المؤسسات المالية في المنطقة إذا كانت تسعى إلى تحقيق إيرادات جديدة من هذه الشرائح غير المخدومة، إيجاد طرق لخدمتهم بشكل اقتصادي. وهذا ما يتطلب في المقام الأول فهم ما يلزم لتلبية احتياجات إدارة الثروات لمختلف فئات العملاء بفعالية وكفاءة.
تقسيم العملاء
بصفة عامة، يمكن تقسيم العملاء المحتملين إلى ثلاث فئات, أولها شريحة “العملاء الأفراد” الذين يمتلكون أصولًا أقل من 1.5 مليون دولار أمريكي، وهي الأكبر وربما الأكثر استهدافًا. ونظرًا لأهمية الحجم في تحقيق النجاح لهذه الشريحة، فإن تقديم الخدمة لهم مع التحكم في التكاليف يتطلب تمكينهم من خدمة أنفسهم قدر المستطاع. لكن يجب أن نضع في اعتبارنا أيضًا أن العديد من هؤلاء العملاء في بداية رحلتهم الاستثمارية، لذا فإن توفير مواد تعليمية كافية لهم سيكون له الأثر الأكبر، بالإضافة إلى تقديم الدعم الافتراضي من خلال تخصيص العروض بناءً على تحليل سلوكهم الفعال.
أما الشريحة الأعلى، والتي تمتلك أصولًا تتراوح بين 1.5 مليون دولار أمريكي و 5 ملايين دولار أمريكي، فتضم “المستثمرين الأثرياء”. يتميز هؤلاء المستثمرون بوعيهم العميق بالتجارب التي يحصلون عليها وتوقعاتهم بمستوى متميز من الخدمة. وبالرغم من أن الإيرادات العالية لكل عميل تبرر مستوى إضافيًا من التفاعل، إلا أن ذلك لا يعني استثمار ساعات عمل طويلة بلا حدود. ويكمن الحل هنا في الاستثمار المكثف في رقمنة سير العمل وتبسيط العمليات من خلال الأتمتة. ولإضفاء “اللمسة البشرية” دون الاعتماد المفرط على مديري العلاقات، يمكن إنشاء منصة توفر نهجًا “هجينًا”. حيث يتم من خلالها تقديم جميع المعلومات التي يحتاجها العملاء رقميًا، مع توفير قنوات تواصل مثل الدردشة الفورية والمكالمات الافتراضية لتمكينهم من التواصل بسهولة مع مديري العلاقات المخصصين لهم، دون الحاجة إلى عقد اجتماعات شخصية.
وأخيرًا، لنلقِ نظرة على شريحة كبار الأثرياء، وهي الشريحة التي شكلت محور تركيز جهود إدارة الثروات في المنطقة حتى الآن، لنفهم لماذا لا يزال يوجد هناك مجال للتحسين والتطور حتى في هذه الشريحة. ففي حين أن الطبيعة الشخصية لخدمة العملاء ستبقى بلا شك سمة مميزة لهذه الشريحة، إلا أن الرقمنة ستضيف قيمة كبيرة. فعلى سبيل المثال، يمكن تبسيط العديد من المهام الروتينية المتعلقة بالاستثمار – مثل جمع المستندات، و ملء الاستبيانات، وتقديم مقترحات الاستثمار ورقمنتها. فقد يفضل العملاء الاجتماعات الشخصية لمناقشة استثماراتهم وأدائها، لكنهم بالتأكيد لن يحبذوا الحضور الشخصي لمهام بسيطة مثل توقيع اتفاقية أو مسح المستندات ضوئيًا. بوفي هذا السياق تجدر الاشارة إلى أن دور الرقمنة يتعدى مجرد تحسين تجربة العملاء في مختلف الشرائح إلى تمكّين الموظفين وتزيد من كفاءتهم – سواء كان ذلك من خلال الاستجابة بشكل أسرع وأكثر احترافية أو تحديد فرص البيع الإضافي والترقية.
حل المعضلة الرقمية
أدركت بنوك المنطقة أهمية رقمنة عملياتها الأساسية، ويتجلى ذلك في النمو الملحوظ الذي شهده قطاع الخدمات المصرفية الرقمية، والذي بلغ 52% بين عامي 2021 ومنتصف 2023. ومع ذلك، فإن الاكتفاء بهذا القدر يعني تفويت فرصة كبيرة. لذلك، يجب على البنوك، لاغتنام الفرص التي تقدمها إدارة الثروات الرقمية، أن تبحث أولاً عن منصة مصرفية تفاعلية يمكن دمجها مع الاستثمارات الحالية، مما سيمكنها من الاستفادة من نقاط قوتها وإطلاق العنان للإمكانات الكاملة لتلك الاستثمارات.فعلى سبيل المثال، قد تكون معظم البنوك قد استثمرت بالفعل في أنظمة إدارة علاقات العملاء الرائدة في الصناعة، وهي أدوات قوية للخدمات المصرفية للأفراد بحيث يمكن تعزيز هذه الأنظمة بمنصة تفاعلية تُمكن البنوك من اتخاذ الخطوة المنطقية التالية وتقديم عروض مخصصة تستند إلى البيانات الغنية التي تمتلكها بالفعل.
نهج هجين
اضافة إلى ما سبق، على البنوك اعتماد نهج مرن وهجين يلبي احتياجات مختلف شرائح المستثمرين، سواء كانوا أفرادًا أو أثرياء من ذوي الملاءة المالية العالية، ويوازن بين السرعة والقدرة على التكيف. كما أن استخدام المنصات التفاعلية يتيح للبنوك تقديم حلول مبتكرة بسرعة، مع الاحتفاظ بإمكانية تخصيص ميزات معينة لتلبية المتطلبات الفريدة للأسواق المستهدفة. فمثلاً، يمكن للبنوك تنفيذ حلول لإدارة المحافظ المالية الآلية وإعادة التوازن للعملاء الأفراد، أو تقديم أنظمة تداول وإدارة أوامر متقدمة للعملاء الأثرياء. ومما لا شك فيه أن هذا النهج الهجين الذي يجمع بين الشراء والتطوير الداخلي، يمكّن البنوك من تقديم عروض تنافسية بسرعة، مع الحفاظ على المرونة لتطوير وتقديم تجارب مخصصة تتماشى مع تطورات السوق بمرور الوقت.
قيمة مضافة
لطالما كان قطاع إدارة الثروات، عبر تاريخه، مجالًا حصريًا ونخبويًا يخدم شريحة محدودة من أغنى الأغنياء. لكن ومع تزايد عدد الأفراد الأثرياء وتغير مفهوم الثروة، حان الوقت لاتخاذ خطوات كبيرة نحو تحقيق الشمولية. فمن خلال الاستفادة من الحلول البنكية التفاعلية القابلة للتطور وللتوسع، يمكن للبنوك الوصول إلى مصادر دخل جديدة، وبناء علاقات طويلة الأمد مع فئات المستثمرين الناشئة، مع الحفاظ على اللمسة البشرية التي لا غنى عنها في إدارة الثروات. ومما لاشك فيه أن البنوك التي تتكيف مع التغييرات ستتمكن من تعزيز مكانتها كرواد في السوق الذي يتميز بسرعة تطوره، وتقديم قيمة حقيقية للعملاء في جميع شرائح الثروات.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: إدارة الثروات دولار أمریکی فی المنطقة من خلال إلا أن
إقرأ أيضاً:
“سينين العالمية” تعتزم التوسع في الإمارات والمنطقة انطلاقاً من دبي
أعلنت شركة سينين العالمية Senen للذكاء الاصطناعي والتي تنشط في أمريكا الشمالية وأوروبا والمملكة المتحدة، عن نيتها التوسع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا انطلاقاً من إمارة دبي، باعتبارها مركزاً إقليمياً وعالمياً للابتكار في تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة.
وأكدت روني شيث، الرئيس التنفيذي للشركة في حديثها لوكالة أنباء الإمارات “وام” خلال مشاركتها في “مهرجان دبي للذكاء الاصطناعي”، أن اختيار الشركة لدبي جاء انطلاقاً من إدراكها لدور الإمارة الرائد في مجال الابتكار، مشيرة إلى أن الإمارات تقود اليوم المشهد في مجال السياسات والتشريعات المنظمة للذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، بل وتتفوق في بعض الجوانب على دول رائدة مثل الولايات المتحدة وكندا.
وأضافت: نعمل حالياً على استكشاف فرص التوسع من خلال التعاون مع شركاء محليين مثل مركز دبي المالي العالمي DIFC، ونتطلع إلى تقديم قيمة نوعية للنظام البيئي للابتكار في الإمارات، معتبرة أن هذه الخطوة ليست مجرد توسع بل هي رحلة طويلة الأمد سيتم بدأها من دبي.
وقالت شيف: تمثل دبي اليوم بيئة مثالية للتوسع، ونحن فخورون بأن نكون أحد رعاة مهرجان دبي للذكاء الاصطناعي، ونرى أن الإمارات لا تقود منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل تضع بصمتها في آسيا وإفريقيا أيضاً، بفضل نهجها المتقدم في تطوير الإطار التشريعي والتقني المرتبط بالذكاء الاصطناعي.
وأشارت إلى أن الشركة تأمل بافتتاح مكتب لها في دولة الإمارات خلال العام الجاري، مؤكدة أن هذا التوسع يأتي استجابة طبيعية لنضج البيئة التشريعية والبنية التحتية الرقمية في الدولة.
وفيما يتعلق بمستقبل الذكاء الاصطناعي، شددت شيف على أن التقنية قادرة على أن تكون شريكاً استراتيجياً للإنسان في المستقبل القريب، سواء على مستوى الحكومات أو المؤسسات أو حتى الأفراد، إذا ما تم توظيفها بشكل مسؤول وإنساني.
وقالت: الذكاء الاصطناعي لن يكون فقط أداة، بل سيكون شريكاً في اتخاذ القرار وتحقيق الكفاءة، لكننا نحتاج كقادة وحكومات إلى التفكير في كيفية التكيف مع الأتمتة من دون الإخلال بجودة حياة البشر، من خلال برامج إعادة التأهيل المهني وتمكين المهارات الجديدة.وام