السودان في ظل حرب أهلية جديدة: مسار المعارك والموارد الداخلية لتمويل الحرب
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
الحرب الأهلية السودانية مستمرة دون نهاية في الأفق، وذلك منذ انقسام المؤسسة العسكرية في 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني و قوات الدعم السريع التي دعم الجيش نشأتها ونموها حتى باتت من أكبر الجهات المسلحة في السودان، وقد انفجرت المعارك بعد تحرك قوات الدعم في العاصمة الخرطوم وحول البلاد، فيما رآه الجيش تهديدا له، خصوصا بعد سنوات من تعارض المصالح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وخلاف حول كيفية دمجها في المؤسسة العسكرية، والجدير بالذكر أن كلا من قائد الجيش الجنرال عبدالفتاح البرهان ونائبه السابق وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (المشهور بلقب حميدتي) قد سيطرا على السلطة عبر الانقلاب على مجلس السيادة الانتقالي في أكتوبر ٢٠٢١ بعد سنتين من مشاركة الحكم بين مدنيين وعسكريين كمرحلة انتقالية تمت بعد أن أقالت القوات المسلحة السودانية الرئيس عمر البشير في 11 أبريل 2019، وقد قام برهان بحل المجلس الانتقالي بعد انقلاب 2021، ومع استمرار المعارك منذ أبريل 2023 دون حل سياسي في المستقبل القريب، يتحمل كل من الشعب السوداني ومؤسسات الدولة السودانية ومواردها الوزر الأكبر من الأضرار والدمار.
مسار المعارك وخريطة تطور الصراع
في الوقت الذي يسيطر فيه الجيش على معظم المساحات الشمالية والشرقية من البلاد، تسيطر قوات الدعم السريع على معظم محافظات دارفور في الغرب فضلا عن جيوب في محافظات السودان الأخرى خصوصا في وسط البلاد، ولكن يصعب رسم خريطة دقيقة لمناطق سيطرة كل من الجانبين، حيث تنقسم معظم الولايات السودانية الثمانية عشر بين الجانبين، وقد جرت المعارك في أكثر من نصف ولايات السودان التي لا تزال السيطرة عليها مقسومة بين الجيش وقوات الدعم، ففي الوقت الذي دارت معظم المعارك في أيامها الأولى في الخرطوم، امتدت لاحقا لتشمل ولايات أخرى، ففي الولاية الشمالية وصلت المعارك إلى جزيرة مروي التاريخية، وفي إقليم كردفان شملت المعارك ولايات الإقليم الثلاثة: غرب كردفان وشمال كردفان وولاية جنوب كردفان، ففي غرب كردفان شملت المعارك مدن بابنوسا حيث مقر الفرقة 22 التي تعد من القيادات المهمة للجيش السوداني، وكذلك وصولا إلى مدينة الفولة عاصمة الولاية، أما في ولاية شمال كردفان فقد كانت آخر المعارك في شهر مايو الماضي في محورَي مدينة أم روابة و مدينة الأبيض عاصمة الولاية، مع تضارب المعلومات بشأن تقدم الطرفين، حيث يحرص كل طرف على نشر مقاطع مصورة مع زعم تحقيق الانتصارات والتقدم في الميدان، وفي ولاية جنوب كردفان يتعقد المشهد مع دخول الحركة الشعبية لتحرير السودان كطرف ثالث على خط المعارك.
تطور المعارك في إقليم كردفان حتى فبراير 2024وفي إقليم دارفور حيث يتركز معظم نفوذ قوات الدعم السريع دارت المعارك في الولايات الخمسة الممثلة للإقليم ، مع استمرار المعارك حاليا في الفاشر عاصمة شمال دارفور ومقر الفرقة السادسة للجيش السوداني، وذلك بعد أن غيّرت حركة العدل والمساواة، وحركة تحرير السودان، الرئيسيتان في دارفور، موقفهما المحايد في مارس الماضي، وشاركتا في القتال إلى جانب الجيش، ما جعل الدعم السريع تعلن ولاية شمال دارفور هدفا لعملياتها العسكرية، وقد سبق أن سيطرت قوات التدخل السريع على ولايات شرق وجنوب ووسط وغرب دارفور، بعد معارك طاحنة في مدينة زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور، ومدينة نيالا في جنوب دارفور وجنينة في غرب دارفور، حدثت أعمال عنف تشمل القتل الجماعي والاغتصاب خصوصا ضد قبيلة المساليت الأفريقية، ويتضح بعد عام من المعارك أن جرائم الحرب مثل الإبادة والتهجير والاغتصاب واستهداف المدنيين قد استخدمت مرارا وبشكل منهجي.
خريطة مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور وموضع بعض المعارك الأخيرةوفي جبهة أخرى، توسعت المعارك الدائرة في ولاية الجزيرة جنوب الخرطوم منذ ديسمبر الماضي، لتصل مؤخرا إلى ولايتي سنار و القضارف الحدوديتين مع أثيوبيا، مما يهدد الأهالي الذين نزحوا هناك هروبا من مناطق المعارك السابقة خلال العام الأول من الحرب، وقد وصلت المعارك إلى قرية جبل موية ومدينة سنجا عاصمة الولاية، وتناقلت وسائل إعلام الدعم السريع سيطرة قواتها على مقر قيادة فرقة المشاة 17 الواقعة في سنجا.
أما المعارك الحاسمة لمسار هذه الحرب فلا تزال جارية منذ عام في ولاية العاصمة الخرطوم حيث بدأت الحرب، وتنقسم العاصمة إلى الخرطوم والخرطوم بحري شمالا وأم درمان على الضفة المقابلة من النيل، وتدور معارك العاصمة حول معظم مقار الجيش كقاعدة منطقة كرري العسكرية، فضلا عن مؤسسات الدولة، وقد شملت المعارك في مدينة الخرطوم بحري سلاح المهندسين الاستراتيجي وسلاح الإشارة الذي يعتبر من مواقع الإمداد المعلوماتي والعسكري المهم للجيش السوداني ويقع جنوبي الخرطوم بحري وسلاح الأسلحة (المسؤول عن التأمين الفني والصيانة وإصلاح الأسلحة وتطويرها)، وتحتوي الخرطوم على القصر الجمهوري ومقر القيادة العامة للجيش التي تضم وزارة الدفاع والوحدات العسكرية الرئيسية كسلاح المدرعات، ومطار الخرطوم الدولي، وتقع جنوبا منطقة الشجرة العسكرية ومقر التصنيع الحربي ومنطقة جبل الأولياء العسكرية، أما أم درمان فتحتوي على مبنى الإذاعة والتلفزيون الذي استعاد الجيش السيطرة عليه في مارس الماضي، وسلاح المهندسين ومنطقة وادي سيدنا التي تعد من أهم القواعد العسكرية، كونها تضم قيادة سلاح الجو.
ويسيطر الجيش على بعض الولايات على أطراف السودان، والتي لم تشهد أي عمليات عسكرية، مثل ولاية البحر الأحمر، وولاية كسلا في شرق السودان، وولاية النيل الأزرق في الجنوب الشرقي، بجانب ولاية نهر النيل والولاية الشمالية في شمال السودان.
تطور المعارك في الخرطوم حتى فبراير 2024الدعم الداخلي ومصادر الموارد داخليا
يصعب السير نحو حل الأزمة سلميا مع تقارب القدرات القتالية لكل من الطرفين، الأمر الذي يجعل كل منهما يسعى لحسم المعركة عسكريا دون تنازل أو ذهاب إلى المفاوضات، وهو نفس السبب الذي يؤدي إلى تدمير مؤسسات الدولة السودانية واستنزاف موارد البلاد وطاقاتها البشرية والطبيعية، فتوازن القوى بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يتبين في استمرار معارك العاصمة الخرطوم لأكثر من عام دون أن ينجح أي من الطرفين في السيطرة على المدينة، فقوات الدعم السريع كانت أشبه بالقوات الأرضية للجيش، والتي اعتمد عليها بشكل كبير في معارك اقليم دارفور في بداية الألفية الجديدة ضد حركتين مسلحتين في الاقليم هما حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة (واللتين تشاركان حاليا في الحرب الدائرة كأحد الأطراف الأصغر من الجيش وقوات الدعم في هذا النزاع)، وبسبب اعتماد الجيش على قوات الدعم السريع في معاركه سابقا، فقد وجد نفسه محاصرا حاليا في قواعده العسكرية مع اندلاع هذه الحرب، كما حدث مع سلاح المدرعات والقاعدة الجوية في وادي سيدنا في أم درمان، وبالنتيجة احتفظ الجيش بالسيطرة على مناطق محدودة في الخرطوم وبالانتشار والسيطرة على الجو عبر طائراته، لكنه بقي محاصرا في قواعده لعدة أشهر.
وهنالك عوامل داخلية أخرى تساعد على استمرار القتال، منها تسارع الأحداث التي سبقت المواجهة العسكرية وعدم استعداد أو توقع أي من الطرفين لهذه الأحداث، ويتضح هذا الأمر في نقص الخطط العسكرية لخوض حروب المدن أو عدم وجودها أحيانا، فضلا عن الطبيعة الميدانية الصعبة والتي تقتضي المحاربة في شوارع وأزقة العاصمة والأقاليم الأخرى، ولأن الجيش السوداني خسر العديد من قواته الأرضية بانشقاق قوات الدعم السريع عنه، فهو باعتماده على القوة الجوية والطائرات الحربية لا يتمكن من حسم المعركة الأرضية، فضلا عن نوعية الطائرات التي يمتلكها -كأي جيش تقليدي- والتي لا تستعمل عادة لمحاربة جنود يتوزعون على الأحياء والمدن، وقد اتصفت الأشهر الأولى بالتسابق للسيطرة على المؤسسات والمناطق الحيوية والمهمة، دون وجود متسع من الوقت لحصر بنك الأهداف والأولويات وحشد الطاقات للمعارك بطريقة منظمة وتوزيعها بالشكل المطلوب، وقد أرجع المختص في شؤون دارفور، عمر إسحق، تمدد القتال إلى ولايات دارفور إلى الأوضاع الأمنية الهشة هناك، والصراع المجتمعي والقبلي في الإقليم.
ويمول الجيش السوداني نفسه عبر ميزانية الدولة التي تصرف على الدفاع، فضلا عن شبكة من الشركات والمصانع المرتبطة بالقوات المسلحة السودانية، والتي توسعت بعد انقلاب اكتوبر 2021، ففي تحليل لمركز دراسات الدفاع المتقدمة C4ADS تضم قائمة الاملاك مؤسسات خيرية تديرها القوات المسلحة السودانية، كالصندوق الخاص للضمان الاجتماعي للقوات المسلحة SFSSAF والهيئة الخيرية لدعم القوات المسلحة CASAF التي تم حلها في 2019 بعد مزاعم فساد ولكن تم تخصيص أموالها لصندوق آخر يخضع للقوات المسلحة، وصناديق أخرى ترتبط بالقطاعات المالية والزراعية في السودان، فيسيطر صندوق القوات المسلحة على بنك أمدرمان الوطني، أكبر مؤسسة مالية في السودان، وشركة “زادنا” التي تشمل إدارتها ممثلين اثنين عن القوات المسلحة السودانية هما المستشار القانوني والمستشار المالي للقائد العام، ومدير هيئة التصنيع الحربي، وعبد الرحيم دقلو، نائب رئيس قوات الدعم السريع وشقيق حميدتي حسب مراجعة لتسجيل الشركة قبل بدء الحرب، وتشير تحقيقات إلى أن أغلبية المساهمين الجدد في بنك أمدرمان الوطني والذين يبدو ظاهريًا أنهم من القطاع الخاص، هم في الواقع ملك لمؤسسات عسكرية أو خاضعون لها بما في ذلك الصندوق الخاص للضمان الاجتماعي للقوات المسلحة السودانية SFSSAF وهيئة التصنيع الحربي MIC، والشركات التابعة لها.
أما قوات الدعم السريع فتتحكم بمجموعة من مناجم الذهب والمعادن في مناطق نفوذها المنطلقة من دارفور، فضلا عن مؤسسات مالية وزراعية، فمن الشركات التي تقع تحت سيطرة قوات الدعم بنك الخليج، وهو مؤسسة مالية لها علاقات مصرفية دولية ثانوية في الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، تمتلك شبكة حميدتي ما لا يقل عن %28.35 من أسهم بنك الخليج، ولدى احتساب الشركات الأخرى التي تخضع لسيطرة شبكة حميدتي، قد يصل هذا الرقم إلى %58.28، ومن المساهمين في بنك الخليج من ذوي الصلة بأسرة حميدتي شركة الوديان السودانية التي يضم مجلس إدارتها موسى حمدان دقلو وجمعة حمدان دقلو، والجيل القادم الإماراتية التي يملك عبدالرحيم دقلو 49% من أسهمها وهو شقيق حميدتي ونائب رئيس قوات الدعم السريع، وبالنتيجة تمكن هذه الشبكة التابعة لحميدتي من السيطرة على أغلبية الأسهم في البنك بحسب تقرير منظمة سودانية باسم مركز دراسات الدفاع المتقدمة C4ADS، ومن الشركات المالكة للأسهم، شركة أمنية خاصة باسم مور سكيور وتتبع هي الأخرى ملكية الدعم السريع كما تسيطر قوات الدعم على شركة إسناد الهندسية، وهي شركة مملوكة مباشرة لأشخاص من عائلة حميدتي، ولدى شركة إسناد علاقات تجارية مع شركة ميرو غولد، التي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات بسبب ملكيتها من قبل جهات روسية، وحددت منظمة غلوبال ويتنس ثلاث شركات أخرى مرتبطة بقوات الدعم السريع هي: الجنيد، وتريديف للتجارة العامة، وجي إس كي أدفانس التي يتولى منصب مديرها التنفيذي الشقيق الأصغر لحميدتي “القوني حمدان دقلو” وهو أيضا رائد في قوات الدعم السريع.
ملكية بنك أم درمان حتى العام 2019مجالات التسجيل المرتبطة بمحمد حمدان دقلو (حميدتي)ويعقد من خارطة التحالفات المحلية والاصطفافات كون السودان متعددا عرقيا وقبليا، ومن أهم الجماعات العرقية السودانيون العرب (الذين ينقسمون إلى أكثر من مجموعة فيما بينهم) والنوبة والزغاوة المتمركزين في الغرب في دارفور، ولهم امتدادا عبر الحدود إلى داخل تشاد، وشعب البجا الساكنين في ولايات كسلا والبحر الأحمر، فضلا عن شعوب الهوسا و “لو”، وكلهم من الجماعات التي تتجاوز حدود السودان إلى الدول المجاورة مما يعقد المصالح والتحالفات، هذا فضلا عن القبائل والطبقات الاجتماعية في مختلف الولايات، كالجعليين والهواوير والعوادية والفادنية عبر الحدود مع أثيوبيا والشكرية في شرق السودان.
تنعكس هذه الموارد على حجم القوات والأسلحة التي تمتلكها كل من قوات الدعم السريع والجيش السوداني، في بداية تأسيس قوات الدعم رسميا في 2014 قدرت منظمة هيومن رايتس ووتش وجود 5 إلى 6 آلاف جندي تحت إمرتها في دارفور، وفي 2016-2017 قامت القوات بإرسال 40 ألف جندي للمشاركة في الحرب اليمنية، وفي يوليو 2019 قامت القوات بإرسال نحو ألف جندي إلى ليبيا للمشاركة بجانب قوات حفتر المسماة بالجيش الوطني الليبي، وفي 2023 قدرت منظمة رويترز أن عدد قوات التدخل السريع وصل إلى 100 ألف قبل بداية القتال، فضلا عن قدرتها على تجنيد المزيد من القوات في مناطق نفوذها و من المقاتلين الأجانب عبر الحدود مع تشاد، أما الجيش السوداني فقد قدرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA قبل الحرب وجود ما يقارب 200 ألف جندي تحت إمرته، نصفهم تقريبا من قوات الاحتياط، أما المقاتلين الجاهزين فعددهم من 30 إلى 100 ألف، وتتمتع قوات الدعم السريع بأسلحة خفيفة ومتوسطة وتتركز قوتها في ناقلات الجنود والسيارات وقوات المشاة المناسبة لحروب المدن والتي تجعلها أكبر قدرة على المناورة، وهي التي كان يعتمد عليها الجيش السوداني قبل تمردها عليه، أما الجيش فتتركز قوته بالأسلحة الثقيلة والنوعية كسلاح الجو والمدفعية وغيرها من الأسلحة المعتادة في الجيوش النظامية، ويملك هيئة التصنيع الحربي MIC التي تملك مصانع عسكرية في مختلف أنحاء السودان وتنتج أسلحة خفيفة ورشاشات ودبابات ومدافع عبر توريدها من الخارج وتطويرها محليا.
الوسومالجيش السوداني الخرطوم السودان دارفور قوات الدعم السريع كردفانالمصدر: كويت نيوز
كلمات دلالية: الجيش السوداني الخرطوم السودان دارفور قوات الدعم السريع كردفان القوات المسلحة السودانیة قوات الدعم السریع التصنیع الحربی الجیش السودانی وقوات الدعم السیطرة على حمدان دقلو المعارک فی بین الجیش أم درمان فی ولایة فضلا عن
إقرأ أيضاً:
إدارة بايدن تدرس إعلان ما يجري في السودان إبادة جماعية وفرض عقوبات على حميدتي وميليشيا الدعم السريع
قالت صحيفة بوليتيكو الاميركية، ان إدارة بايدن تقوم بجهود في اللحظة الأخيرة لمعالجة الحرب الأهلية المدمرة في السودان، والتي أصبحت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية المستمرة في العالم.
ويدرس المسؤولون في الإدارة خطط لإعلان الفظائع في السودان إبادة جماعية وفرض سلسلة من العقوبات الجديدة على ميليشيا سودانية تسعى للسيطرة في الحرب، وفقًا لأربعة مسؤولين حاليين وسابقين مطلعين على الأمر تحدثوا لصحيفة بوليتيكو الاميركية.
تشمل هذه العقوبات استهداف قائد ما يسمى بميليشيا قوات الدعم السريع، محمد حمدان “حميدتي” دقلو، ومؤسسات أخرى تابعة لهذه القوات.
وقد اتهمت الولايات المتحدة كلًا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب، ووجهت اتهامات لقوات الدعم السريع بتنفيذ تطهير عرقي.
ويدفع مسؤولون وخبراء آخرون من خارج الإدارة فريق بايدن لتعيين مسؤول رفيع من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية للإشراف على استمرار تدفق المساعدات الأميركية والدولية إلى البلاد التي دمرتها الحرب، في ظل استعداد واشنطن لتغيير السلطة بين إدارتَي جو بايدن ودونالد ترامب، وقد مُنح هؤلاء المسؤولون السرية لمناقشة المداولات الداخلية بحرية.
وتأتي هذه الجهود مع توجه وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى نيويورك يوم الخميس لعقد اجتماع رفيع المستوى للأمم المتحدة حول السودان ودفعت الولايات المتحدة قبيل الاجتماع، إلى إنشاء ممرات إنسانية جديدة إلى المناطق الأكثر تضررًا في السودان، بما في ذلك الخرطوم، عاصمة البلاد.
وتشكل هذه الإجراءات مجتمعة محاولة أخيرة من فريق بايدن لدفع تقدم في إنهاء الحرب الأهلية السودانية بعد جولات عدة من محادثات السلام الفاشلة وضغوط متزايدة من المشرعين الأميركيين والجماعات الإنسانية لفعل المزيد خلال الشهر الأخير للإدارة في السلطة.
ورغم أن الصراع في السودان يحصل على جزء بسيط من الاهتمام العام أو تمويل الإغاثة الإنسانية مقارنة بالحروب في الشرق الأوسط أو أوكرانيا، إلا أنه دفع الملايين إلى حافة المجاعة، كما أصبح برميل بارود جيوسياسي، حيث تتنافس قوى أجنبية، بما في ذلك السعودية وإيران ومصر والإمارات وروسيا، على النفوذ بين الأطراف المتحاربة، مما يطيل أمد الحرب ويزيد من حدتها.
وواجهت إدارة بايدن انتقادات حادة من مشرعين مثل السيناتور جيم ريش (جمهوري من ولاية أيداهو)، الرئيس القادم للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، لعدم اتخاذها خطوات كافية لمحاسبة الجهات المحركة للحرب الأهلية السودانية.
كما انتقدت منظمات حقوق الإنسان إدارة بايدن لعدم محاسبتها علنًا للإمارات العربية المتحدة على دورها في النزاع، وقد اتُهمت الإمارات، وهي شريك رئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، على نطاق واسع بتمويل وتسليح قوات الدعم السريع التي تنفذ حملة من القتل الجماعي والاغتصاب في أنحاء السودان.
وقال السيناتور بن كاردين (ديمقراطي من ولاية ماريلاند)، الرئيس المنتهية ولايته للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، لصحيفة بوليتيكو “الولايات المتحدة بحاجة إلى فعل المزيد، وعلى الإمارات أن تتوقف عن تأجيج الصراع هناك”.
وقال كاميرون هادسون، الخبير في العلاقات الأميركية-الأفريقية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن أي خطوات أخيرة تتخذها إدارة بايدن بشأن السودان قد “تعفي ترامب من اتخاذ تلك القرارات” وتمنح المشرعين الذين يركزون على النزاع فرصة “لاستخدام هذا كوقود لمواصلة الضغط على ترامب لمواصلة قيادة الولايات المتحدة بشأن السودان”.
وأضاف: “أي زخم يمكن أن يأتي من هذا يعد أمرًا جيدًا إذا تمكن من الانتقال إلى الإدارة القادمة”.
ويُنظر إلى إعلان الإبادة الجماعية أو الفظائع المتجددة كأداة سياسية مهمة لجذب انتباه المجتمع الدولي إلى الأزمة.
وذكر مسؤولان أن وزارة الخارجية ما زالت تناقش إعلان الإبادة الجماعية، والذي يتطلب مراجعات قانونية وتقنية داخلية مكثفة، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان بلينكن سيؤيد مثل هذا الإجراء.
وقد حذر خبراء الأمم المتحدة بالفعل من أن الصراع في السودان يشبه بشكل متزايد الإبادة الجماعية.
ورفضت وزارة الخارجية التعليق بشكل محدد على الأمر، قائلة إنها لا تناقش علنًا العقوبات أو القرارات الجديدة مسبقًا، وأضافت أنها تدفع من أجل وقف فوري للقتال وفتح ممرات إنسانية في السودان للوصول إلى أكثر المدنيين ضعفًا. كما رفض مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض التعليق.
صحيفة السوداني
إنضم لقناة النيلين على واتساب