الصدمات الجماعية.. اللبناني رهينة لـالتروما النفسية
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
هل يعيش اللبناني "تروما" نفسية، ام انّ هناك مبالغة في توصيف الواقع النفسي ربطا بالازمات التي يعيشها المواطن؟ فترى الجميع يستخدمون "الشماعة" النفسية، لتبرير سلوكيات وافعال معينة تحصل، ام انّ الصدمات الجماعية التي نمر بها تنعكس فعلا جرميا، ينم عن اضطراب نفسي سلوكي جرمي؟
اسئلة مشروعة، تقودنا الى البحث في الحالة النفسية للمواطن اللبناني اليوم، حيث بات من المؤكد انّ الواقع الاجتماعي والنفسي للتركيبة اللبنانية ربطا بالوضع الامني والاقتصادي والسياسي، ربما يحتاج اليوم الى اعادة تقييم، وخصوصا لجهة حالة اللاستقرار النفسي الذي يعيشه المواطن والذي يترجم باكثر من اسلوب بحسب الفئات العمرية والمناطقية.
فمنطق علم النفس يقول انّ الازمات لا تولّد فقط حالة من الغضب المباشر او القلق والاكتئاب، وانما ايضا حالة من العجز النفسي، وهذا العجز يتفرع منه اكثر من ترجمة نفسية، فترتفع الافكار السلبية لدى المواطن وربما ردود الفعل السلبية، وهو ما يعكس اليوم على الارض هذه "الفورة" الغاضبة للمواطنين.
يُضاف اليها مشكلة نفسية اخرى، وهي انّ اللبناني بات احيانا غير قادر على مواكبة التغييرات السلبية التي تحصل في البلد، وبالتالي ما تمثله من تحد كبير على الصحة النفسية للمواطنين، وأكبر دليل على هذا هو ارتفاع معدل استخدام الحبوب المهدئة بشكل كبير في السنوات الاخيرة. فهل وصلنا حد "التروما النفسية"؟ الخوف العميق
علميا، يمكن اعتبار التروما ناتجة عن تكرار الصدمات، نتيجة التعرض لضغط نفسي حاد نتيجة لحدث يهدد الحياة او موقف مؤلم، فيعاني الشخص بعدها من اضطراب ما بعد الصدمة، وقد تستمر هذه المعاناة لسنوات طويلة، ويمكن أن يؤدي ذلك الى الخوف العميق والعجز والرعب والوصول الى عدم قدرة الفرد على التحمل وفقدان التوازن النفسي، فيدخل في حالة من التشتت القادرة على أن تهز حياته بالاكمل وتغير شخصيته بشكل نفسي او عضوي. وهنا يجب التفريق بين التروما النفسية والجسدية، فالجسدية هي حالة من التضرر الفيزيائي للجسم والناجمة عن مؤثر خارجي يتعرض له الجسم كما في الحوادث والكسور.
وإذ يعتبر خبراء واخصائيون انّه لا يمكن ربط ما يحصل مع اللبناني من صدمات متكررة بالتروما، الا انّ للبعض الاخر من المعالجين وجهة نظر اخرى، تتحدث عن صدمات وعن تغير في البنية النفسية للمواطن. فكيف يتخطى المواطن اللبناني هذه الصدمات؟ لا مبالغة
تقول الاختصاصية بالعلاج العقلاني الانفعالي السلوكي، اليزا خليفة، في حديث مع "لبنان 24" إنّ الحديث عن اضطرابات الصدمات وما بعدها في لبنان، يستحق الاهتمام نظرا للتداعيات الكبيرة لهذا الموضوع على حياة المواطنين مع استمرار الصدمات التي نعانيها في البلد. وبحسب خليفة: "تحدث هذه الاضطرابات بعد تعرض الفرد لتجربة صدمة نفسية او حادثة مروعة، وفي لبنان يتأثر المواطنون بكل النزاعات والاحداث والمشاكل في البلد منذ مرحلة انفجار الرابع من اب ولغاية اليوم، بحيث يعاني كُثر من اعراض نفسية وعاطفية مثل القلق والاكتئاب والهلع والخوف اضافة الى التوتر الزائد، وكل ذلك للاسف يؤدي الى الألم الجسدي والاضطرابات في النوم والتركيز والرهاب والخلل في العلاقات الاجتماعية". وبالتالي فانّه لا مبالغة في توصيف سوء الحالة النفسية التي وصل اليها المواطن ومن ضمنها الخلل في العلاقات. وتقول خليفة: "المشكلة الاكبر انّ الاضطرابات تنسحب على مختلف الفئات العمرية، من الطفولة وحتى الكهولة، وتعتبر العدوانية من ابرز النتائج المباشرة التي قد تحصل مع الافراد، وخصوصا انّ بعض الاشخاص للاسف، بدأوا بالتوقف عن التفكير بعقلانية، وليست من فراغ هذه الحالة التي وصل اليها البعض". الشفاء
فهل من الصعب ان يشفى اللبناني ويتأقلم؟ بحسب خليفة: "لا يوجد صعوبة في المطلق، ولكن المشكلة في تقبل الاشخاص لتكرار الصدمات، وكلنا نعرف انّه هناك بعض المواطنين لغاية اليوم لم يتخطوا تروما 4 اب. ولكن نقول العلاج يحتاج الى ارادة، وذلك يتوقف على كل شخص واسلوبه وتربيته وقدرته على التكيف والتأقلم، ونحن نطلب من هؤلاء الاشخاص اولا ان يتوقفوا فقط عن التفكير غير الصحي لانه سيؤدي الى انفعالات غير صحية بالتالي. يجب الاعتراف ان المشكلة وقعت ولكن لا يجب المبالغة في تعظيمها، ونبني على السيء للمستقبل، لنحاول جميعا ان نعيش اليوم فقط، ولا نرفع من سقف التوقعات للمستقبل".
وتتحدث خليفة عن مجوعة من العلاجات التي يمكن اتباعها لمساعدة الفرد في تخطي الازمات، ومنها العلاج السلوكي المعرفي، الذي يستخدم لمعالجة الافكار السلبية، والعلاج الحركي العيني الذي يستخدم لاستهداف الذكريات المؤلمة، اضافة الى العلاج النفسي الواقعي الذي يتعامل مباشرة مع سبب الصدمة، والعلاج الجماعي والعلاج الطبيعي او التحرر العاطفي.
وتقدم خليفة نصيحة قائلة: "لا تنظروا الى الخلف ولا تخافوا من المستقبل". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
اليوم.. العرض العربي الأول لفيلم "غزة التي تطل على البحر"
يشهد اليوم، العرض العربي الأول للفيلم "غزة التي تطل على البحر" ضمن مسابقة آفاق السينما العربية، والتي تقام ضمن فعاليات الدورة الـ 45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
فيلم "غزة التي تطل على البحر" وثائقي، تدور أحداثه في قلب قطاع غزة ينتقل ٤ رجال عبر مسارات متباينة سعيا وراء تعريفاتهم الخاصة بالنجوم وتتشابك مصائرهم وسط تعقيدات الحياة والحب والبقاء وبينما تتكشف أحداث الفيلم ينغمز المشاهدون في الحياة اليومية لهؤلاء الرجال ومراقبة انغماسهم في روتين حياتهم جنبا إلى جنب مع عائلاتهم فب مدينتهم الحبيبة.
ينطلق عرض الفيلم الذي تبلغ مدته 82 دقيقة، في تمام الساعة السادسة مساءً، بالمسرح الصغير في دار الأوبرا المصرية، وهو من إخراج محمود نبيل أحمد.
وتستمر فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي حتى يوم 22 نوفمبر الجاري، بمشاركة 190 فيلمًا من 72 دولة بالإضافة لحلقتين تلفزيونتين، وتشمل الفعاليات 16 عرضًا للسجادة الحمراء، و37 عرضًا عالميًا أول، و8 عروض دولية أولى، و119 عرضًا لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، هو أحد أعرق المهرجانات في العالم العربي وأفريقيا وينفرد بكونه المهرجان الوحيد في المنطقة العربية والأفريقية المسجل ضمن الفئة A في الاتحاد الدولي للمنتجين بباريس "FIAPF".