من ساحات القتال إلى تدمير مقدرات الدولة وثرواتها.. أين وصل الصراع الليبي؟
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
تحولت الحرب الليبية من ساحات القتال إلى حرب في الأروقة المالية والإدارية التي تهز موارد الدولة وثرواتها، بحسب "معهد واشنطن" الأمريكي.
وتواصل بعثة الأمم المتحدة في الحديث حول الفوضى التي يتعرض لها "مصرف ليبيا المركزي"، التي أدت إلى توقف إنتاج النفط، وتنذر بأسوأ أزمة تهدد البلاد منذ سنوات.
الأزمة تسبب في هروب محافظ البنك الصادق الكبير، الذي خدم لفترة طويلة، من البلاد بسبب التهديدات التي تعرض لها هو وموظفيه.
وبحسب المعهد، فقد بدلت الحرب الأهلية بين الجماعات المسلحة، وأصبحت حربا مالية على ثروة ليبيا الكبيرة - وخاصة السيطرة على "مصرف ليبيا المركزي" وإنتاج النفط. وعلى نطاق أوسع، دفعت الطبقة القيادية غير الشرعية في البلاد ليبيا إلى مزيد من الفوضى لتحقيق مكاسبها الخاصة، مما زاد البيئة السياسية في ليبيا تدهوراً.
انفجار الأزمة
وانفجرت أزمة البنك المركزي الليبي عقب قرار من المجلس الرئاسي (مقره طرابلس) يقضي بعزل محافظ البنك المركزي من منصبه، وتعيين بديل عنه، مما أدى إلى رفع فصائل مسلحة من الطرفين جاهزيتها استعدادا لمواجهات مسلحة.
وتلا ذلك إعلان رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب في الشرق (غير معترف بها)، أسامة حماد، حالة القوة على قطاع النفط ووقف إنتاج الخام وتصديره؛ احتجاجا على ما اعتبره اقتحام لجنة تسليم وتسلم مكلفة من المجلس الرئاسي لمقر المصرف المركزي لتمكين الإدارة الجديدة للمصرف.
من أين العطلة؟
تتطلب المبادرة الأخيرة برعاية الأمم المتحدة، والتي أُعلنت في 2 أيلول/سبتمبر، بعض الخلفية حول تطور المؤسسات السياسية في ليبيا. إن الاتفاق المزعوم بشأن مستقبل "المصرف المركزي" هو بين "مجلس النواب" المنتخب في عام 2014 و"المجلس الأعلى للدولة" الذي تم تشكيله كجزء من "الاتفاق السياسي الليبي" في عام 2015 من جهة، و"المجلس الرئاسي" من جهة أخرى. وهذه صيغة غير عادية لأن "مجلس النواب" و"المجلس الأعلى للدولة" لا يتفقان أبداً.
وخلال السنوات الماضية تعمد قائد "الجيش الوطني الليبي" المتمركز في شرق البلاد، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، أو من قبل المفسدين الدوليين إعاقة أي اتفاق ليبي وخلال عدة جولات من المفاوضات حول "الاتفاق السياسي الليبي"، دائماً ما كان حفتر يجد وسيلة لرفض أي اتفاق.
النفط وسيلة ضغط
دعمت مصر حفتر طيلة الفترة الماضية، بينما دعمت تركيا طرابلس في عام 2020. لكن اليوم، إن التحالف الأكثر تهديداً لحفتر هو التحالف مع روسيا، التي لن تدع بالتأكيد معركة الثروة الليبية تمر دون استغلال.
في أوائل آب/أغسطس، أغلق صدام حفتر، حقل "الشرارة" في جنوب غرب ليبيا، مما قلل الإنتاج بمقدار 300,000 برميل يومياً من إجمالي 1.3 مليون برميل يومياً تم الإبلاغ عنها في أواخر تموز/يوليو.
وفي 24 آب/أغسطس، انخفض الإنتاج مجدداً إلى أقل من 600,000 برميل يومياً، وأعلنت "المؤسسة الوطنية للنفط" حالة القوة القاهرة في العديد من الحقول.
النفوذ الدولي
فشلت الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون في ممارسة ضغوط كافية على الأطراف الليبية والدولية التي عرقلت استقرار ليبيا، حيث تمتلك واشنطن الآن نفوذاً كبيراً لمعالجة الأزمة المتعلقة بـ "مصرف ليبيا المركزي".
وعقدت "بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا" منتدى تفاوضي لحل الأزمة المتعلقة بـ "مصرف ليبيا المركزي". ولدعم هذه المفاوضات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة عربية ليبيا الصادق الكبير مصرف ليبيا المركزي حفتر ليبيا حفتر مصرف ليبيا المركزي الصادق الكبير المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مصرف لیبیا المرکزی
إقرأ أيضاً:
صحيفة إيطالية تكشف طرق تهريب النفط الخام في ليبيا.. مقايضة بالسوق السوداء
نشر موقع "شيناري إيكونومتشي" الإيطالي تقريرًا سلّط فيه الضوء على الفوضى الخطيرة الناتجة عن تهريب النفط في ليبيا، والذي يغذي فصائلاً مسلحة ويُبقي البلاد رهينة لاقتصاد أسود يقدر بمليارات الدولارات، موضحًا أن نظام "المقايضة" بين النفط الخام والوقود المكرر يُستخدم كغطاء لعمليات تهريب منظم، حيث تُباع الكميات المدعومة بأسعار زهيدة في السوق السوداء خارج البلاد.
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن مليارات الدولارات من التهريب تُغذّى من خلال مخطط "المقايضة" بين النفط والوقود في ليبيا، وهو بمثابة تدفق مالي يُموّل جميع الفصائل المسلحة ويُبطئ عملية السلام. حتى صحيفة فاينانشال تايمز بدأت تدرك الفوضى التي تسود على حدود إيطاليا، والتي لا يتحدث عنها أحد، لكنها بدأت، أخيرًا، تُكشف.
وتابع قائلا لنأخذ مثالًا: الناقلة النفطية ماردي، التي ترفع علم الكاميرون، اختفت بشكل غامض من أنظمة التتبع البحري في نهاية آذار/مارس 2024، أثناء إبحارها في البحر الأبيض المتوسط شرق مالطا.
وظهرت من جديد بعد شهر، شمال ليبيا، كاشفةً عن تورطها في أنشطة غير قانونية. ويحدّدها تقرير لخبراء من الأمم المتحدة كواحدة من بين 48 سفينة استُخدمت لتهريب أكثر من 13 ألف طن من وقود الديزل من الميناء القديم في بنغازي بين آذار/مارس 2022 ٬ وتشرين الأول/أكتوبر 2024، في انتهاك صارخ للعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على ليبيا. ولا تملك المنظمة البحرية الدولية معلومات عن مالك السفينة ماردي.
وذكر الموقع أن كمية النفط المُهرّب ضخمة: فوفقًا لخدمة التدقيق في الدولة الإفريقية، فإن قيمة الوقود الذي تم تبادله في عام 2023 بلغت 8.5 مليارات دولار، مع أكثر من 8 مليارات دولار من النفط الخام تم تصديره لدفع ثمنه.
مقايضة في السوق السوداء
وأشار الموقع أن عملية التهريب أصبحت ممكنة بفضل مخطط مقايضة مثير للجدل، فليبيا، التي تفتقر إلى القدرة على تكرير النفط على نطاق واسع، تُبادل نفطها الخام بوقود مكرر، متجنبةً الدفع نقدًا.
ويُرسل النفط الخام إلى الخارج، ويصل بدلًا منه الوقود، دون أي تدفقات مالية. كانت هذه المنتجات تُشترى من قِبل شركة النفط الوطنية إن أو سي، ثم تُباع بأسعار مدعومة ومخفضة، أقل بكثير من قيمتها في السوق.
وهنا ينشأ الإشكال: هذا الوقود، الذي يُباع بأسعار مدعومة بشدة في السوق المحلية، لا ينتهي فقط في سيارات ومولدات المواطنين الليبيين، بل يُعاد توجيهه إلى الخارج ويُباع بأسعار السوق السوداء أو باستخدام وثائق مزيفة، ما يولّد تدفقات مالية تُسلّح الميليشيات وتُسهم في الإبقاء على حالة الفوضى.
وبالمقارنة يحصل المواطن الليبي، نظريًا، على 2000 لتر من الوقود سنويًا. وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف متوسط استهلاك مواطن في بلد غربي، وضعف ما يستهلكه المواطن السعودي.
ويبدو من الواضح أن هذا الوقود شبه المجاني لا يبقى في ليبيا، بل يُهرّب إلى وجهات أخرى، من مصر إلى تونس ودول أخرى. هذا التهريب غير القانوني يُولّد "تدفقًا مستمرًا من الإيرادات" للمجموعات المسلحة المرتبطة بالفصائل المتنازعة على السيطرة في البلاد، كما يُغذي أيضًا طبقة من المهربين والوسطاء.
ويشمل هذا التهريب كلا الفصيلين اللذين يزعمان حُكم البلاد، سواء حكومة طرابلس برئاسة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، المعترف بها من قِبل الأمم المتحدة، أو الإدارة المنافسة في الشرق، بقيادة المشير المعلن ذاتيًا خليفة حفتر وميليشياته، الجيش الوطني الليبي.
ولفت الموقع إلى أن هذا التدفق من الأموال غير المشروعة قد ساهم في عرقلة جهود الأمم المتحدة الرامية إلى تعزيز الانتخابات، وتقليل الفساد، وتوحيد البلاد تحت حكومة واحدة، وهو هدف تسعى إليه المنظمة منذ سقوط الديكتاتور معمر القذافي في عام 2011. إلا أن هذه الأموال عززت الإدارات المتنافسة والجماعات المسلحة التي تعتمد عليها، مما كرّس الانقسام في قلب رابع أكبر بلد إفريقي من حيث المساحة، وسابع عضو في منظمة أوبك من حيث احتياطات النفط.
وهذا الوضع المؤسف هو نتيجة مباشرة للسياسة القصيرة النظر والتدخلية التي اعتمدتها فرنسا والولايات المتحدة في عام 2011. فالدعم المُقدَّم لما يُسمى بـ"الثورات العربية"، دون وجود إستراتيجية واضحة لمرحلة ما بعد ذلك، أدى إلى زعزعة استقرار ليبيا، وخلق فراغ في السلطة سمح بصعود الميليشيات وانتشار الأنشطة غير القانونية.
ظهور ألعاب جديدة
وأوضح الموقع أنه على الرغم من الضغوط الدولية والداخلية المتزايدة، أصدر النائب العام الليبي، الصديق الصور، مؤخرًا أمرًا بوقف نظام المقايضة، وذلك بعد تحقيق أجراه ديوان المحاسبة الليبي. وقد أمر الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية، بن قدارة، بإنهاء هذا النظام بعد أن صُدم من حجم الفساد المرتبط بنظام المقايضة، وكذلك نتيجةً للضغوط القادمة من الخارج: فلا أحد يريد مليارات من الأموال السوداء تتنقل دون رقابة وتُغذي كل أنواع التهريب.
ومع ذلك، فإن ظهور شركة جديدة تُدعى أركينو، مرتبطة بجماعات مسلحة في الشرق ومُصرّح لها بتصدير النفط الخام (وهي أول شركة خاصة ليبية تفعل ذلك، في حين أن هذه المهمة كانت حتى الآن حكرًا على المؤسسة الوطنية للنفط)، يثير تساؤلات جدية حول الإرادة الحقيقية في وضع حد للاستغلال غير المشروع للموارد النفطية الليبية.
التهريب، والاستيراد المفرط، والدعم الحكومي، قد غذّت نظامًا فاسدًا يستنزف الاقتصاد الليبي.
وقد كشفت التحقيقات عن تورط شركات أُنشئت حديثًا، تملك خبرة قليلة أو معدومة في قطاع النفط العالمي، مما أثار شكوكًا حول شفافية وكفاءة نظام المقايضة. وتقع الغالبية العظمى من هذه الشركات في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يصعب الحصول على معلومات حول المالكين الفعليين.
واختتم الموقع تقريره بالتأكيد على أن كل هذا يتم سرقته من الموارد المالية للشعب الليبي، التي كان من الممكن استخدامها في نمو البلاد، بينما يُغني مجموعات صغيرة من أصحاب النفوذ الذين يُديرون البلاد والميليشيات المرتبطة بهم.
والحل الحقيقي سيكون في تكرير النفط داخل ليبيا، لكن ذلك يتطلب استقرارًا، وبُنى تحتية، واستثمارات. فلماذا، دون وجود ضغط خارجي قوي، يجب على مجموعات النفوذ المحلية أن تستثمر في أمرٍ من شأنه أن يُقلّص مواردها؟