روبيان السرعوف.. أعجوبة الخلق الذي يرى ما لا يراه البشر
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
يحمل روبيان السرعوف لقب صاحب "أسرع لكمة في مملكة الحيوان"، فرغم أنه بحجم إصبع صغير، فإن ضربات مفصله قوية تكفي لكسر الأصداف البحرية وزجاج الأحواض المائية، لكن ذلك ليس الرقم القياسي الوحيد الذي يحمله هذا الكائن، بل هناك ما هو أغرب، إذ يمتلك أكثر العيون تعقيدا واستثنائية في العالم الحي كله، بحسب علماء في هذا النطاق.
وللمقارنة، تحتوي عيون الإنسان على 3 أنواع من الخلايا التي تستقبل الضوء، يمكننا ذلك من استقبال 3 ألوان رئيسية من طيف الضوء المرئي، وهي الأحمر والأزرق والأخضر، لكن التداخل بين هذه الألوان الثلاثة يمكننا من التفريق بين ملايين الألوان.
لفهم الأمر تخيل أنك ترى أمامك الآن قميصا أصفر، هذا القميص يتسبب في تنشيط المستقبلات الخاصة باللونين الأحمر والأخضر بشكل أكبر مقارنة بمستقبلات اللون الأزرق، ويفسر عقلك هذه الإشارات المتباينة على أنها اللون الأصفر، بشكل يشبه أن تقوم بمزج اللونين الأخضر والأحمر لتحصل على الأصفر، كما كنا نفعل في المدارس صغارا.
نظام بصري مذهلالآن نرجع إلى روبيان أو جمبري السرعوف، ولديه 4 أضعاف المستقبلات الضوئية التي يمتلكها البشر، 12 نوعا من المستقبلات، مما يسمح له باستشعار خصائص للضوء غير مرئية للبشر وللحيوانات الأخرى.
ويعني ذلك أن هذا الكائن الحي يمكنه التفريق بين وإدراك درجات من الألوان لا يمكن للبشر رؤيتها أصلا، أضف لذلك أن قدرات الإدراك البصري عند روبيان السرعوف تتخطى حاجز الضوء المرئي، حيث يتمكن من إدراك الضوء في نطاقات بين 300 إلى 720 نانومتر، في حين يتمكن البشر من إدراك نطاقات 400 إلى 700 نانومتر فقط.
ويبدأ نطاق قدرة روبيان السرعوف على إدراك الإشعاع الكهرومغناطيسي من الأشعة تحت الحمراء، ويمتد عبر الطيف المرئي بالكامل، ويدخل في الأشعة فوق البنفسجية، وهو أمر يمكنه من تمييز تفاصيل ورؤية دقائق لا يمكن لنا نحن البشر إدراكها.
الأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية هي نطاقات من الطيف الكهرومغناطيسي لا يمكن للبشر إدراكها، لأن خلايا استقبال الضوء العصبية في أدمغتنا لم تصمم لاستقبال إشاراتها، بينما يمكن لروبيان السرعوف رصدها بعينيه.
ومن جانب آخر، يمكن لروبيان السرعوف إدراك الضوء المستقطب، وهو نوع من الضوء الذي تتذبذب فيه الموجات الكهرومغناطيسية في اتجاه واحد بدلا من التذبذب في جميع الاتجاهات كما في الضوء العادي.
وأحد الأمثلة على هذه الحالة هي النظارات الشمسية تحتوي على مرشحات تنتج ضوءا مستقطبا فتقلل من الوهج الناتج عن انعكاس الضوء من الأسطح العاكسة مثل الماء أو الزجاج، وبذلك يرى الكائن بوضوح أكبر حتى مع كون الضوء قويا أو كثيفا.
ويعد روبيان السرعوف كائنا عدوانيا وهو آكل للحوم يعيش بشكل أساسي في البحار الاستوائية في المحيط الهادي، ويعيش في جحور الرمل.
في المجموع، هناك أكثر من 450 نوعا من الكائنات الحية في رتبة السرعوف، والتي تعد أقرب إلى السرطانات والكركند، وتتراوح في الحجم من حوالي 10 سنتيمترات إلى أكثر من 30 سنتيمترا، والشيء المشترك بينهم جميعا هو نظام بصري هو الأعقد على الإطلاق.
ولا يعرف العلماء السبب الدقيق وراء امتلاك روبيان السرعوف لهذه القدرات البصرية المتميزة، ويقترح الباحثون أن الأمر ربما يتعلق بتسهيل التعرف على الشريك أو حتى مشاركة رسائل سرية لا تستطيع الأنواع الأخرى التقاطها، يرجح العلماء ذلك لأن هذا الكائن يعيش في الشعاب المرجانية التي تعج بالألوان الزاهية، وبالتالي فإن القدرات البصرية الفائقة تساعده على تمييز الإناث في بيئة كتلك.
وإلى جانب ذلك، يتعلق الأمر بكون هذا الكائن صياد ماهر ونشط للغاية، حيث يقضي وقتا كبيرا من اليوم في مسح محيطه بحثا عن أضعف الحركات، والاستجابة على الفور.
وقد وجدت دراسة صدرت في دورية "جورنال أوف كومباريتف نيورولوجي" في عام 2019 علاقة بين هذا التعقيد البصري وجسم كلوي الشكل عثر عليه لأول مرة في خلفية العيون باللافقاريات منذ أكثر من قرن من الزمان، وكان وجود هذا الجسم ووظيفته في أنواع مختلفة محل اهتمام منذ ذلك الحين.
وقد تتبع الباحثون مسارات الأعصاب التي تربط تلك الأجسام الكلوية في روبيان السرعوف بأجزاء أخرى من الدماغ، مما أدى إلى إنشاء خريطة وظيفية لنظام هذه الكائنات البصري، وتبين أن أحد تلك المسارات يصل إلى وحدة عصبية تسمى "الفصيص"، تأخذ مجموع المعلومات البصرية التي تعالجها أقسام أخرى وتحولها إلى شيء ذي معنى، مثل شكل محدد بوضوح.
وكشفت الدراسة أن هذا التركيب التشريحي في روبيان السرعوف مسؤول عن تخزين معلومات بصرية عالية المستوى، تتم معالجتها وتحويلها إلى صور بواسطة الفصيص، ثم مشاركتها مع جزء من الدماغ يتعامل مع الذكريات والتعلم.
ولا يقف الأمر عند روبيان السرعوف، فهناك كائنات أخرى تمتلك القدرة على رؤية أجزاء من الطيف الكهرومغناطيسي خارج نطاق الضوء المرئي الذي يمثل حدود العينين البشريتين.
وعلى سبيل المثال، تمتلك أفاعي الحفر، مثل الأفاعي الجرسية، أعضاء متخصصة يمكنهما إدراك الأشعة تحت الحمراء، وبالتالي تتمكن من استشعار الحرارة المنبعثة من جسم الفريسة، وبالتالي يمكنها تتبع فرائسها في الظلام الدامس، بشكل يشبه ما يفعله مقراب الرؤية الليلية.
إلى جانب ذلك يمكن للعديد من أنواع الطيور والنحل والفراشات إدراك الأشعة فوق البنفسجية، تساعدها هذه القدرة على اكتشاف أنماط أكثر تفصيلا في ريش الفرائس مثلا، أو في الفواكه، والتي غالبا ما تعكس الأشعة فوق البنفسجية، وبالتالي يمكن لهذه الكائنات رؤية تفاصيل لا يراها البشر أصلا.
وبشكل خاص، تتمتع أنواع من النسور والصقور برؤية رباعية الألوان، أي أن لديها أربعة أنواع من الخلايا المخروطية في شبكية أعينها، وهذا يسمح لها برؤية مجموعة أوسع من الألوان، ما يسهل عليها ايجاد الفرائس من مسافات بعيدة.
وتمتلك بعض أنواع الفراشات، مثل "فراشة ذيل السنونو الصفراء" اليابانية، ما يصل إلى ستة أنواع من المستقبلات الضوئية، مما يسمح لها برؤية مجموعة أوسع بكثير من الألوان، بما في ذلك الأشعة فوق البنفسجية، وهذا يساعدها على تحديد الأزواج والزهور بشكل أكثر فعالية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأشعة فوق البنفسجیة هذا الکائن أنواع من
إقرأ أيضاً:
مؤتمر يناقش دور الذكاء الاصطناعي في علاج الجلطات الدماغية وسرطان الثدي
ناقش المؤتمر الثالث عشر للجمعية العربية الموحدة لجمعيات الأشعة والاجتماع السنوي التاسع لجمعية الإمارات للأشعة بختام فعالياته في دبي دور الذكاء الاصطناعي في علاج الجلطات الدماغية وسرطان الثدي.
وقال الدكتور طالب المنصوري رئيس المؤتمر رئيس شعبة الإمارات للأشعة إن المؤتمر، الذي عقد تحت شعار "ما يهم الأشعة في الطوارئ" واستمر ثلاثة أيام، تضمن 69 محاضرة و16 جلسة علمية ونقاشا تفاعليا و5 ورش عمل علمية و5 ندوات إضافة إلى 21 بحثا علميا تمت خلالها مناقشة وتسليط الضوء على أهم القضايا العلمية والتحديثات التي شهدها طب الأشعة والتصوير بأنواعه كافة خاصة الذكاء الاصطناعي والتي تمكّن من التشخيص المبكّر وتوجيه العلاج النوعي.
وأكد ألمنصوري أن استخدام الذكاء الاصطناعي في مستشفيات الدولة يهدف إلى تسريع وتيرة العمل وتوفير الوقت الذي غالبا ما يحسب بالدقائق للمريض والطبيب، مؤكدا أن الذكاء الاصطناعي له تأثير كبير على تحسين التشخيص والرؤية للأمراض والإصابات وكذلك الأداء العام للأجهزة والأدوات الطبية الشهيرة.
وأوضح أن الذكاء الاصطناعي مكن الأطباء من تحليل الصور الطبية بشكل مستقل وتقديم توصيات لهم فيما يتعلق بالتشخيص وخطة العلاج المناسبة وهو ما يساعدهم على توفير الرعاية الصحية الأمثل للمرضى وتقليل المخاطر المرتبطة بالقرارات الطبية.
من جانبه، ذكر الدكتور أسامة البستكي استشاري ورئيس قسم الأشعة في مستشفى راشد أن الذكاء الاصطناعي في طب الأشعة يمثل ما نسبته 75 بالمائة تقريبا لأنه بفضل تقنياته في الأشعة أصبح الكشف عن الأمراض وتشخيصها أسهل وأسرع ويعطي نتائج دقيقة في تحليل الصور الطبية مثل الجلطات الدماغية مما سهل على الأطباء قراءة الصور وتحديد التشخيص بشكل دقيق وسريع.
وأشار البستكي إلى أن أقسام الأشعة في المستشفيات الحكومية والمستشفيات الخاصة الكبيرة في الدولة قطعت شوطا كبيرا في استخدام الذكاء الاصطناعي في مسح سرطان الثدي المشمول في البرنامج الوطني للكشف المبكر وفحص اللياقة الطبية والكسور وغيرها من الأمراض إلى جانب تحليل كميات ضخمة من البيانات ما يسهل من مهمة طبيب الأشعة عبر تحليل الصور الشخصية للمرضى مما يعزز فرص شفائهم.